الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بشهادة مؤسسات دولية كبرى: الجنيه المصرى أكثر عملة عربية مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية

واصل الجنيه المصرى تماسكه أمام الدولار الأمريكى خلال الفترة الأخيرة، برغم التراجعات الكيبرة التى منُنيت بها عملات الأسواق الناشئة فى ظل أزمة كورونا، ويأتى ذلك ليعكس الوضع الاقتصادى الحقيقى للبلاد، وكذلك ليدلل على التأثير الإيجابى الكبير لقرار تحرير سعر الصرف والذى اتخذه البنك المركزى بنهاية عام 2016.



وثمة مؤسسات دولية نشرت تقارير فى الأيام الماضية تؤّكد قوة الجنيه وقدرته على مواصلة الأداء الإيجابى أمام العملات الرئيسية وفى مقدمتها الدولار خلال الفترة المقبلة.

من جانبها نشرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية تقريرًا محدثًا بشأن أكثر العملات فى العالم المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية، حيث تم تصنيف الجنيه المصرى كأكثر عملة عربية مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية أمام الدولار.

وأوضحت المجلة أن الجنيه المصرى مقوّم بأقل من قيمته الحقيقية بـ53.4% أمام الدولار أى أن السعر الحقيقى للدولار أمام الجنيه سيكون فى حدود 7.5 جنيه، فيما حل الريال العمانى فى المركز الثانى مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية بـ 48.6%.

وذكرت المجلة أن الدينار الأردنى مقوم بأقل من قيمته الحقيقية بـ48.5%، كما أن الليرة اللبنانية مقومة بأقل من قيمتها بـ44%.

أما الريال القطرى فهو مقوم بأقل من قيمته الحقيقية أمام الدولار بـ38.5%، تليه عملة البحرين، حيث يقيم الدينار البحرينى بأقل من قيمته بـ31.5%.

ومن جانبه توقع بنك الاسثمار الأمريكى «جولدمان ساكس» استمرار قوة وصمود الجنيه المصرى أمام الدولار والعملات الرئيسية خلال العام الحالى 2022، وعدم حدوث انخفاضات كبيرة للعملة المصرية على المدى القريب رغم التحديات القوية التى تواجهها الاقتصادات الناشئة مع بقاء تداعيات جائحة كورونا.

وذكرت جولدمان ساكس فى تقرير لها حول اقتصادات مناطق وسط أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا أن القلق إزاء العملة المصرية خلال هذا العام، مبالغ فيه لخمسة أسباب، أبرزها  أن الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى كافية للحفاظ على الجنيه عند المستويات الحالية، كما أن التوقعات المستقبلية للقطاع الخارجى تتحسن بشكل مستقل عن أى تغيرات فى أسعار الصرف.

وأضافت أن الفوائد التى قد تعود على الحساب الجارى من أى انخفاض فى العملة ستكون محدودة، بينما التكاليف المحتملة للتقلبات الكبيرة فى أسعار الصرف يمكن أن تكون ضخمة، مؤكدة أن إنخفاض قيمة العملات ليس مرغوبًا فيه ولا حتميًا على المدى القريب، كما أن الفارق بين سعر الجنيه وقيمته العادلة يعد متواضعًا.

وأشارت جولدمان ساكس إلى أن الاقتصاد المصرى فى حاجة كبيرة إلى عوائد السياحة، وتدفقات التحويلات المالية للمصريين العاملين بالخارج، كما يعتمد على التمويل من خلال أدوات الدين قصيرة الأجل، ويعنى هذا الأمر أن معدلات الفائدة بالعملة المحلية ستظل مرتفعة، ما قد يكون له تأثير على الاستثمار ومعدلات النمو والمالية العامة، ويؤكد الحاجة إلى تدخل السلطات لإنجاز تقدم وتطورات فورية فى الإصلاح الهيكلى، وهو البرنامج الذى يجرى تنفيذه بمشاركة صندوق النقد الدولى.

ورأت أن التأخر فى معالجة المشكلات الهيكلية من شأنه أن يزيد الضغوط التى يتعرض لها الجنيه المصرى على المديين المتوسط والطويل، رغم أن ديناميكيات الحساب الجارى تبدو جيدة على المدى القصير، مشيرة فى الوقت نفسه إلى أن هناك حدودًا لحجم الديون، وتدفقات المحافظ الاستثمارية التى يمكن لمصر أن تعتمد عليها فى توفير متطلبات التمويل الخارجى.

ويعد جولدمان ساكس أكبر بنك إستثنمار لرءوس الأموال فى العالم، ويعمل فى مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، وإدارة الأصول والثروات وخدمات الاندماج والاستحواذ والتأمين والوساطة المالية للشركات والحكومات، بما يجعله أكبر مؤسسة خدمات مالية متعددة الجنسيات ويعمل فى أكثر من 40 دولة موظف، ويدير أصولا بأكثر من تريليون دولار.

ونوهت المؤسسة البريطانية بأن الأصول المصرية ذات المخاطر تعرضت لبعض الضغوط منذ الربع الرابع من العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع عائدات السندات المصرية، وحدوث بعض التراجع فى استثمارات المحافظ الأجنبية من نحو 33 مليار دولار فى الصيف الماضي، إلى ما يقرب من 25 مليار دولار فى نهاية العام، ولكن سرعان ما عادت شهية المستثمرين الأجانب تجاه أدوات الدين المصرية وبقوة مع بداية هذا العام 2022، يتزامن ذلك مع قوة الدفع المتوقعة من إدراج الديون المصرية بمؤشر مورجان ستانلى لسندات الأسواق الناشئة فى الربع الأول من هذا العام والتى سيكون له أثر إيجابي على جاذبية الأجانب لأدوات الدين المصرية.

وحول القيمة العادلة للجنيه المصري، قالت جولدمان ساكس: إنه وفقًا لنموذج GSDEER  الذى يستعرض القيم العادلة طويلة الأجل للعملات باستخدام الفروق فى أسعار المستهلك وأحوال التجارة والإنتاجية كمدخلات، فإن الفارق بين سعر الجنيه الحالى وقيمته العادلة يعتبر متواضعًا، خاصة إذا ما قارناه بالأحداث التاريخية التى سبقت تحرير سعر الصرف عام 2016 والتى كان يتداول فيها الجنيه المصرى  بنسبة 40% أعلى من قيمته العادلة.

وذكرت أن التوقعات لفروق التضخم والتى تعد محركًا رئيسيًا لأسعار الصرف، ترجح أنها ستبقى منخفضة، وأن مؤشر أسعار المستهلكين فى مصر سيظل فى نطاق 5- 6% فى عام 2022، مع استقرار الفارق مع مؤشر أسعار المستهلكين العالمى عند حوالى 2% -3%، وهو ما يقل عن المتوسط التاريخي، فضلا عن استمرار توخى الحذر بشأن قوة الدولار الأمريكى والذى يجرى تداوله بأعلى من قيمته بأكثر من 10%، وقد يؤدى إلغاء الدعم الذى يتلقاه الدولار إلى ضغط هبوطى على المدى القريب للعملة الأمريكية.

وأكدت جولدمان ساكس أن قدرة السلطات المصرية فى الحفاظ على العملة المحلية عند المستويات الحالية، يعد أكبر دلالة على مدى قدرة احتياطيات العملات الأجنبية المتاحة لدى مصر على التعامل مع نقص التمويل الخارجى لعجز الحساب الجارى، بل وامتصاص المزيد من النقص المؤقت فى التمويل على المدى القريب، رغم الضغوط التى واجهتها الأصول الأجنبية للقطاع المصرفى المصرى فى العام الماضى.

وقالت المؤسسة البريطانية: إن (إجمالى) احتياطيات البنك المركزى المصرى، على وجه الخصوص يبقى قويًا ومستقرًا، حيث يقدر حاليًا بما يقرب من 60 مليار دولار، يشمل الاحتياطيات الأولية والتى تقدر بنحو 41 مليار دولار، بالإضافة إلى أصول العملات الأجنبية للبنك المركزى المصرى غير المدرجة فى أرقام الاحتياطى الرسمى، مشيرة إلى أن هذا المستوى من الاحتياطيات الدولية يعد جيدًا مقابل إجمالى متطلبات التمويل الخارجى البالغة نحو 31 مليار دولار للسنة المالية الحالية، كما أنها تزيد على ضعف المخزون باستثمارات المحافظ فى السوق المحلية، مما يوفر دعامة قوية أمام أي تدفقات خارجة.