لا تنزعجى مـن شجـار أطفــالك.. راقبـى وتدخلى فى الوقت المناسب

لا يوجد بيت يخلو من مشاجرات الأخوات ذات الفئة العمرية الأولى، وهذا ما يشعر الأم بالقلق على أولادها اعتقادًا منها أن كثرة المشاكل قد تجعلهم لا يحبون بعضهم فيما بعد، وهناك أمهات تقف عاجزة عن التصرف فى بعض الأحيان.

ويؤكد أحمد عبد الفتاح، استشارى أسرى وتربوي، أن كثرة المشاجرات قد تكون مرهقة نفسيًا للأم وكذلك للأب، إلا أنها تلعب دور غاية فى الأهمية إذا ما تمت إدارتها بشكل صحيح فى تشكيل وعى الطفل، وإكسابه مهارات التفاوض، والبحث عن الحلول، والتعود على تقديم تنازلات مقبولة لحسم الموقف.

لماذا يحدث الشجار؟؟ يقول عبدالفتاح نندهش كثيرًا عندما نجد أطفالنا فى حالة من اللهو والمرح، وبسرعة البرق تشتعل المعارك ويعلو صوت البكاء، ومع ذلك يجب علينا أن نعتبر هذا الأمر طبيعيًا، لأن الأطفال فى هذه المرحلة يُستثارون بسرعة أكبر منا نحن الكبار، ونُرجع ذلك إلى أن عقولهم ما زالت فى مرحلة النمو، أو لأنهم لم يتعلموا كيف يدعون الأشياء الصغيرة تمر، وهو ما يسمى «ضبط النفس» أثناء حدوث الخلافات.

كيف يحدث الشجار؟

ولفت إلى أن الشجار ينشئ عندما يجد الطفل نفسه أمام موقف غير عادل، أو عندما يرى أنه على حق فى موقف معين، أو عندما يُنظر إلى موقف واحد بأكثر من زاوية، ويحدث هذا غالبًا، كمحاولة منهم لجذب انتباه الوالدين، لإحساسهم بعدم إشباع حاجتهم إلى الاهتمام، كذلك عندما نجد أحد الوالدين يقوم بتفضيل طفل على الآخر مما يؤدى إلى حدوث الغيرة، وطلب مُمارسة القيادة من الطفل الأكبر بأن يعتنى بأخيه الأصغر دون تَعليمه طُرقًا محددةً للقيام بذلك، والعُنف الأسرى، سواء فى تعامل الزوجين مع بعضهما أو مع الأبناء الأمر الذى ينعكس على سلوكهم بالسلب إذ يجعلهم يتسمون بالعنف تارة وبالخوف والتوتر تارة أخرى.

نصائح مهمة للحد من خلافات أطفالك:

- يجب على الأم أن تبث الحب وروح الأخوة بين أطفالها ليشعروا أنهم فريق متعاون لا أطرافًا متنازعة، افعلى ذلك بكلمات بسيطة جدًا، فبدلًا من قول: (اعطِ فلانا اللعبة من فضلك)، قولي: (اعطِ أخيك اللعبة)، وهكذا.. 

- كذلك المساواة بين أطفالك أمر ضرورى وحتمى حتى لا يشعر أحدهم بتفضيل الأخر فمثلاً عند شراء لعبة لابد أن تضعى فى حسبانك الطفل الآخر، وألا تكونى أسستِ نزاعا بينهما للشعور بالغيرة.

- علمى طفلك الأكبر كيفية الاعتناء بأخيه الأصغر، مثلًا، يمكنك أن تقولي: (ساعد أخيك فى تركيب قطع المكعبات).. (لا تترك أخيك يقترب من مفتاح الكهرباء)، وأثنى عليه عندما يتحلى بالصبر.

- لا تطلبى من طفلك الأكبر بأن يشارك أخيه الأصغر ألعابه، بل علميه أن يحافظ على متعلقاته فى مكان آمن، كرف أو درج مخصص لذلك، وأن يطلب الأخ من أخيه الشىء بطريقة مؤدبة، مثلاً: (بعد إذنك ممكن تعطينى الكرة).. (من فضلك ممكن نلعب سويًا).

- كونى قدوة لهم، لا تتحدثى بصوت عالٍ، انتقى مفرداتك أثناء الحديث لأنهم سيتأثرون بمفرداتك اللغوية، والتى ستكون مفرداتهم فيما بعد.

- احرصى كل الحرص من الخلافات التى تقع بينك وبين زوجك أمام أطفالك، لأنها سوف تؤثر عليهم بنسبة كبيرة فى طريقة تعاملهم مع الخلافات.

كيف تديرى شجار أطفالك؟

- وقت المشاجرة لا تتدخلى إلا إذا تطور الأمر إلى التطاول فيما بينهم، لنوضح لهم إن استخدام قوتنا بالضرب شيء غير مقبول.

- لا تنصفى الصغير على الطفل الأكبر سنًا، ولكن حاولى أن تقدمى النصائح لهم حتى لا يتكرر الخطأ مرة أخرى، لأن هناك من يلوم الطفل الأكبر وهذا يجعله غاضبًا ويشعره بالظلم ورغبة فى الانتقام من أخيه.

- إذا ما قدر الله تم إصابة أي من أطفالك أثناء المشاجرة، وبالطبع هذه الإصابة ستكون بغير عمد، يجب عليكِ أن تتماسكى جيدًا، وتسرعى فى عمل الإسعافات لطفلك بإشراك المتسبب فى المساعدة، مثلًا تقولى له: (أحضر لى المطهر.. قطعة الثلج أو المياه)، ولا تلومى عليه أو تقومى بتوبيخه لأنه من هول الموقف يكون خائفا جدًا، وبعد عمل اللازم للطفل المصاب، وجهى أمرا بحزم للمتسبب ألا يكرر ما فعله مرة أخري، وبعد ذلك يعتذر لأخيه.

- أما إذا كان الخلاف بينهم عاديًا، بمعنى لا يوجد سمة تطاول من أحدهما، فالطبيعى أن تتدخلى لتتحكمى بمجريات الموقف، وتستمعى إليهم جيدًا لتوجيهم، وأن تبدى تعاطفك الكامل مع كل طفل أثناء شرحه لكِ عن سبب الخلاف لأن هذا ما سيجعلك تكتشفين أطفالك من مشاعر وأفكار تدور فى أذهانهم، وعن حقيقة ما يتعرضون إليه أثناء عدم وجودك معهم، كالمدرسة مثلًا، وما يشعرهم بالضيق ولا يستطيعون التعبير عنه.

- العبى مع أطفالك واضفى روح المرح والبهجة حتى يشعروا بالطمأنينة، كى يعوا جيدًا أن المشاجرة أمر عارض فى حياتهم، والأهم بث الحب فى نفوسهم.

- انتقى الكلمات التى تعمل على تهدأت الخلاف، وتشعرهم بأنهم جميعاً يتلقون منكِ نفس المعاملة دون تميز، مثلا: (يا أولادى.. يا أحبائى).

- ما يتسبب لطفلك من ألام نفسيه يعانى منها مستقبلًا، مثلًا عندما تقولى لأحدهم: (أنت أشطر من أخيك أو أختك).. (أنا بحبك أكتر لأنك بتسمع الكلام عن أخواتك)، هذه الكلمات تعقد الأمور كثيرًا لأنها تزد من الغيرة.

فى النهاية يجب أن تعلمى عزيزتى الأم، أن ما قدمته لن يمنع من شجار أطفالك مطلقًا لأنها سنة الحياة، ولكن تكمن مسئوليتك فى أن تحافظى على هدوئك عند التعامل مع شجار أطفالك، ما سيجعل هناك فرصة كبيرة فى تغيير سلوكهم للأفضل.