الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بريد روزا

الحرية مبدأها المسئولية

تحية من القلب لبريد روزا وبعد…



قد تبدو مشكلتى تافهة بعض الشىء - لكنها تمثل  المعنى الحقيقى للحرية بالنسبة لى، أنا سيدى الفاضل فتاة فى أوائل العقد الثالث من العمر أعيش بحى راقِ بإحدى محافظات القاهرة الكبرى، تخرجت فى كلية الآداب منذ بضع سنوات، وطوال حياتى كنت منطلقة بدون قيود، لكننى منتبهة فى نفس الوقت لتصرفاتي، والدى موظف كبير بإحدى الهيئات ووالدتى طبيبة، علاقتى بهما طيبة ويثقان بى جيدًا، وبالرغم من أنهما منحانى حق الاختيار فى العديد من الأمور مثل نوع الملابس والأصدقاء والسهر والكلية التى أرغب فى الالتحاق بها، وكذلك أماكن الترفيه التى أهوى الذهاب إليها - إلا أن الوضع اختلف بعدما تقدم لى أحد الخطاب، وهو يعمل بكبرى الشركات وينتظره مستقبل باهر - حيث اكتشفت أنه إنسان معقد إلى حد كبير، يعشق التحكم فى تصرفات من ستصبح شريكة حياته وأم ابناءه، يريدنى أن أبدل عاداتى بشكل جذرى بدءًا من توقفى عن ارتداء ملابسى التى تعودت عليها حسب الموضة، وطريقة التحدث مع الآخرين لأكون أكثر وقارًا من وجهة نظره - مع العلم بأننى لا أرى فى نفسى ما هو فوق الطبيعى أو أى شيء مختلف عن الفتيات بمثل سنى ونفس منطقتى التى أعيش بها.. الأدهى والأمر أننى وبعد أن وافقت على طلباته وأنا مستاءه من بدايته العنيدة معي، تمادى ووضع شروطًا جديدة وزاد سقف طموحه من التحكم فى حياتي، طلب أن يكون الفرح غير مختلط بين الرجال والسيدات ومواصفات معينة لفستان الزفاف، وأنا كما أشرت لكم أكره فى أى رجل أن يكون متزمتًا إلى هذا الحد، الغريب أن والدايَّ وافقا على طلباته ويجدانها فى المتناول، لكن السؤال هنا أستاذ أحمد، هل تستمر حياتى معه بلا صراعات قد تهدد استقرارى فى مهده، لتنتهى مثل قصص الكثير من أصدقائى بالطلاق، لا أنكر أنه إنسان مهذب، خلوق وكريم - لكن الحياة الزوجية لابد أن تتسم بالمرونة، وأن يحترم الزوج قرارات زوجته وينفذ لها طلباتها، لا أن يكون انتهازيًا ويعتبر إرادتها الحرة حقا مكتسبا له، يقتل أحلامها بهذه الطريقة، والحقيقة أننى أحبه، فهو وسيم رقيق لكنه مختلف فى طباعه عنى، باقى من الزمن على حفل الزفاف بضعة أشهر وأنا أبكى ليل نهار من الخوف على مستقبلي، أقرب صديقاتى ينصحوننى برفض تلك الزيجة لأنها مهددة بالفشل، ويقولون إن من حقى أن أفرح، حاولت معه بشتى الطرق لكنه مصمم على قراره بحجة الغيرة ويقول بأنه لا يطلب المستحيل،، فماذا أفعل؟

إمضاء خ. ى

 

عزيزتى خ. ى تحية طيبة وبعد… 

مشكلتك ليست تافهة كما تظنين، بل هى مهمة للغاية، لأن محورها هو إيمان الفرد بمسئوليته تجاه نفسه وعائلته وكذلك المجتمع الكبير الذى يعيش فيه، وهذا ما نتمنى جميعًا أن يكون سائدًا بين الفئات المختلفة، ولاسيما الشباب مثلك، حتى أن «الحرية» التى تحدثتِ عنها، يأتى ضمن تعريفها السائد «أنها شعور أخلاقى يجعل الإنسان يتحمّل نتائج أفعاله، سواء كانت جيّدة أم سيّئة»، وهذا  فى حد ذاته يعد مسئولية يجب أن تشغل بالنا جميعًا، لذا فإن والديك تركاكِ تنطلقين فى حياتك دون قيود، بدافع الثقة المتبادلة بينكما، لكننى أختلف معهما بعض الشيء، لأن هذا الزمان يحتاج متابعة أكثر من أرباب الأسر لأبنائهم، قبل السماح لهم بالحصول على الحرية التى ينشدونها، وللأثر المركب لوسائل التكنولوجيا المستحدثة والتواصل الاجتماعى والمنصات المارقة والخارجة عن السيطرة، التى تبث سمومها تحت شعار مزيف وهو «مصل الحرية»، كما أن شبكة الأصدقاء فى محيطنا أصبحت مصدر شك دائم هى الأخرى، فى ظل تأثر أعضائها بالأسباب والمعطيات سالفة الذكر.. وعلى إثر ما سبق دائمًا أنصح باحتواء الأبناء فى كل شىء والتقرب منهم والتأثير فيهم وثقل خبراتهم الاجتماعية بصفة مستمرة... علاقتك بخطيبك عزيزتى تأثرت بحريتك الجامحة مثل حال كثيرات من جيلك، والدليل على ذلك انك إذا بحثتِ حولك ستجدين العديد من حالات الطلاق المبكر، نتيجة رفض الشباب من الجنسين فكرة الحرية المسئولة، ومن بين أشكالها ما يحدث بعد دخولهم عش الزوجية وتفاجؤهم بأن الوضع أصبح مختلفًا، وهناك طرف آخر له حقوق واجبة هى الحقوق الزوجية، ثم تأتى أطراف أخرى وليدة وهم الصغار، يحتاجون لأن يتحمل الآباء المسئولية المطلوبة تجاههم،، لكنهم لا يفعلون بل يتمادون فى البحث عن استمرار انتفاضتهم  على الواجبات المفروضة عليهم دون قيد أو شرط.. والحياة بسيطة وممتعة إذا اعتبرنا مسئوليتنا الاجتماعية فيها جزءًا من هذه المتعة، وخطيبك هو رجل شرقى غيور، ويبدو أنه شديد التدين - وهذا لا يعيبه طالما أنه فى حدود المقبول، طالبك بارتداء ملابس مناسبة من وجهة نظره كى تسره رؤيتك بها، وأنت استشعرتِ قيمتك عنده فلبيتى النداء بدافع مسئوليتك تجاه الإنسان الذى تحبينه  وتؤمنين بشخصيته التى قمتِ بوصفها فى رسالتك بعظيم الصفات، كما أن هذا التغيير فى مظهرك سيكون فى صالحك بكل تأكيد، وسيضفى عليك المزيد من الأناقة والجمال،، تلك المرونة أرى أنه لا بأس أن تستمر على الدوام فى حياتك، طالما أن أساسها الوئام والحب، والحضور من المدعوين لليلتكم سوف يتفهمون ويحترمون وجهة نظركما، حتى لو اختلفت عن السائد بعزل السيدات عن الرجال، افعليها بنفس المبدأ والدافع وهو الحرية المسئولة التى نسعد بها ولا نضر بها غيرنا، ومبروك مقدمًا. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا خ. ى