الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«السوشيال ميديا» تشعل أزمة الإجهار بالإفطار.. و«الأزهر» يرفض فرض عقوبات

فى بلد يحظى بأغلبية مسلمة يبقى مشهد تناول الطعام أو الشراب فى نهار رمضان مثيرًا للانتقادات والجدل والافتراضات حول ماهية من يفعل ذلك، هل هو مسيحى يمارس حياته الطبيعية أم هو مسلم مريض وله رخصة الإفطار؟ أو ربما يكون مسلمًا قرر الجهر بالإفطار بدون عذر.



جدل مستمر يحيط دائمًا بهذا المشهد فى مصر، وقد سبق وأن انتقل إلى ساحات «السوشيال ميديا» حينما صرحت شخصيات عامة بأنها لا تصوم رمضان، الأمر الذى يجعلهم فى مرمى نيران الكثيرين، والسؤال: «هل يندرج الجهر بالإفطار فى نهار رمضان تحت باب الحرية الشخصية؟ أم يحتاج إلى عقوبة رادعة أسوة بدول أخرى مثلما ينادى البعض؟».

بالبحث وجدنا أن بعض الدول الإسلامية تفرض بالفعل قوانين وشروطا خاصة خلال شهر رمضان المبارك، تمنع من خلالها المواطنين الأصليين والأجانب من الإفطار العلنى فى النهار خلال شهر رمضان المبارك، بينما فرضت بعض الدول قوانين وغرامات معينة بحال تم الإفطار علنيا فى وضح النهار أمام المجتمع والناس، وهناك بعض الدول يمثل ذلك الفعل فى تشريعاتها جريمة وتقود فاعلها للعقاب والبعض الآخر ليس لديه نص يجرم ذلك الفعل. 

دار الإفتاء المصرية أصدرت بيانا حول هذه القضية وصفت فيه المجاهر بالإفطار فى نهار رمضان بأنه «مستهتر وعابث بشعيرة عامة من شعائر المسلمين»، وأكدت أن المجاهرة بالإفطار فى نهار رمضان «لا تدخل ضمن الحرية الشخصية للإنسان، بل هى نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام».

وأضافت أن المفطر، فى نهار رمضان، عمدًا من غير عذر شرعى، إذا كان جاحدًا لفريضة الصوم منكرًا لها، يعد مرتدًا عن الإسلام، أما إذا أفطر فى رمضان، عمدا دون عذر شرعى، معتقدًا عدم جواز ذلك، كان مسلمًا عاصيًا فاسقًا يستحق العقاب شرعًا، ويجب عليه قضاء ما فاته من الصوم.

ورفض أعضاء اللجنة الدينية بمجلس النواب فى دور الانعقاد السابق «سن قانون بتجريم الجهر بالإفطار فى نهار رمضان»، بعد مطالبة بعض السلفيين غلق المقاهى والمطاعم فى نهار الشهر المبارك، لأن هناك غير المسلمين، يرتادون هذه الأماكن.

من جانبه أكد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بأن الله -عز وجل- يغفر لجميع الناس إلا المجاهرين بالمعصية.

واستشهد جمعة فى فتوى له، بقول الرسول صلى -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا».

ورفض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر مطالبات البعض بغلق المقاهى والمطاعم فى نهار رمضان أو معاقبة من يجهر بالإفطار قائلا: «لست مع فكرة غلق المقاهى أو عقاب المفطر فى نهار رمضان، نحن فى دولة مدنية وليست دينية».

وتابع «كريمة» فى تصريحات لـ»روزاليوسف»: «صحيح مصر بلد فيه أغلبية مسلمة لكن أيضا فى أخوتنا المسيحيين، والحقيقة أنهم يراعون مشاعر المسلمين أكثر من المسلمين المفطرين فى نهار رمضان».

وتابع أستاذ الفقه المقارن والشريعة: «هناك دول تضرب الناس فى الشوارع للمجاهرة بالإفطار وتغلق المطاعم، أنا ضد كل هذا الكلام وهو ليس من الشرع فى شيء، لكن الشخص المسلم لا يجب عليه الجهر بالإفطار فى الشارع، يفطر فى بيته كيما شاء وعلى الله حسابه».

وأكمل مدير عام إدارة الحساب الشرعي: «أما الشخص المجاهر بالفطر الذى يسير فى الشارع ولا نستطيع منعه باليد أو بنصيحة فندعو له بالقلب بأن يهديه الله عز وجل».

واستدل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم-: «مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَا فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ».

وفيما يخص تقديم الطعام والمشروبات فى المطاعم خلال نهار رمضان، أكد الشيخ أحمد تركى أحد علماء الأوقاف، أنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حرّم أو حظر البيع والشراء للطعام فى نهار رمضان لا على المسلمين ولا على غيرهم، وكان فى المدينة المنورة اليهود والمسلمين، والمنافقين الذين يفطرون رمضان سرًا، وبعض الوثنيين عباد الأصنام.

وأضاف الشيخ «تركى» أن أحكام الإسلام أنزلها الله وفرضها على المسلمين فقط ولم يفرضها على غير المسلمين، بدليل خطاب التكليف فى القرآن غالبًا ما  يسبقه نداء  «يا أيها الذين آمنوا..».