الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عزبة خير الله فيها حاجة حلوة

فى ليلة رمضانية لن ينساها المئات من أهالى عزبة خير الله بمصر القديمة، الذين تجمعوا أمام المسرح الذى أقامته جمعية تواصل بشارع خالد بن الوليد، المطل على جبخانة محمد على التاريخية، التى كانت مخزنا للأسلحة منذ مايقرب من 200 عام، و تزين الشارع بأنوار وزينة رمضان وحولته الجمعية وأهالى العزبة إلى ساحة وممشى مبهج بعد أن كان بحالة يرثى لها قبل شهور قليلة.



مسرح الجبخانة، هو جزء من مشروع لتطوير منطقة الجبخانة وتمكين أهالى عزبة خير الله، الذى تتبناه جمعية تواصل تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، لاستعادة رونق المكان الأثرى وتسليط الضوء عليه، ليكون جاذبا للمهتمين بالتراث، بالتوازى مع أعمال مد طريق صاعد من إسطبل عنتر إلى جبخانة محمد على وتطوير الدولة لمنطقة الجبخانة التاريخية، وبالتعاون مع سكان المنطقة لرفع كفاءة وتطوير منطقتهم التى يعيشون ويعملون بها.

وقالت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى خلال افتتاح الحفل إن الوزارة ستركز خلال الفترة المقبلة على مشروعات التمكين الاقتصادى كى تدر دخلًا على المنطقة، إلى جانب تحسين البيئة وتدعيم الأمن الصناعي، موجهة الشكر لوزير السياحة لتجميله المنطقة وجعلها منطقة سياحية.

وأعربت الوزيرة عن سعادتها ببداية تنمية المنطقة بالأطفال ، مشيرة إلى أن  الوزارة تتبنى مفهوماً متكاملاً للحماية الاجتماعية للأولى بالرعاية يقوم على تقديم الدعم المادى للأسرة الأولى الرعاية، مع استمرار أطفالها فى التعليم الأساسى والحصول على خدمات الرعاية الصحية الأولية والتى تشمل التطعيمات الأساسية للأطفال وخدمات رعاية الأمومة والطفولة، ويشمل أيضاً تطوير الطاقة الإنتاجية للأفراد البالغين فى الأسرة وربطهم بسوق العمل لمعالجة الفقر على المدى البعيد، ومحو الأمية الأبجدية ورفع الوعى لديهم خاصة فيما يتعلق بالقضايا والسلوكيات المجتمعية السلبية التى تعوق جهود التنمية الاقتصادية والبشرية وتضر السلم المجتمعي: مثل التطرف والمشاحنات الطائفية والإدمان وكثرة الإنجاب والعنف ضد المرأة.

وأوضحت الوزيرة أنه تم تحويل وشراء أرض مهملة فى عزبة خيرالله إلى مساحة خضراء لتصبح ملعبا ومساحة آمنة لممارسة الرياضة وتمكين شباب المنطقة لتصبح منفذًا للأطفال والشباب فى إسطبل عنتر وعزبة خيرالله، بالإضافة إلى تطوير وإعداد مركز مجتمعى لتقديم خدمات للأطفال وشباب المنطقة يشمل تعليم الإنجليزية و الكمبيوتر والمهارات الحياتية لتأهيل شباب المنطقة لسوق العمل وكذلك تقديم أنشطة ترفيهية وتنمية المواهب و تقديم مهارات القراءة والكتابة.

جبخانة محمد على 

جبخانة محمد على « الجبَخانة» التى تقع بالمنطقة الجبلية بعزبة خير الله بحى مصر القديمة بالقرب من الطريق الدائرى، أنشئت سنة 1829، لتكون مخزنا  للذخيرة من الكبريت والبارود، بعد أن تكرر اشتعال الحريق فى المخزن الأصلى الذى كان بالقلعة، وكانت منطقة صحراوية بعيدة عن العمران آنذاك، وهى محاطة بسور ناء واسع، يبلغ طوله 180 مترا، وبعرض 115 مترا، وبها غرف تتصل ببعضها عن طريق ممر منخفض عن سطح الأرض، وبها آبار ماء للتبريد ولتقليل درجة حرارة المكان، تجنبا لاشتعال بارود المخزن.

لكن الإهمال الذى طال المنطقة لسنوات طويلة، حول الأثر التاريخى الفريد، إلى مكان لتراكم القمامة، وإلى ومنطقة مهجورة، جذبت الممارسين للأعمال المستنكرة والخارجة عن القانون من خارج المنطقة، وعانى أهالى عزبة خير الله من وقوع بعض أبنائهم ضحية لمثل هذه الممارسات، لذا كانوا على استعداد وتعاون كبير لتغيير هذا الواقع.

شباب العزبة يغيرون شكلها

وتوضح ياسمينة أبو يوسف، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية تواصل: تقدم جمعية تواصل منذ إنشائها عام 2008، العديد من الخدمات لأهالى منطقة عزبة خيرالله،  تحت مظلة وإشراف وزارة التضامن الإجتماعي، مما خلق ثقة كبيرة بين الجمعية وعدد كبير من أهالى المنطقة.

وتتابع: مشاركة أهل المنطقة فى أعمال التطوير بأنفسهم بإشراف الجمعية جعلتهم يحافظون على نظافة الساحة المحيطة بالجبخانة، بعد أن شاركوا فى جمع القمامة، ووافقوا بالتراضى على إزالة البروزات التى كانت ممدودة أمام البيوت، من أجل توسيع الشارع. ويشاركون أيضا فى تجميل البيوت المحيطة بالجبخانة، بدءا بأعمال المحارة وتشطيب الواجهات، والمشاركة فى المسابقة التى نظمتها الجمعية لرسم لوحات على البيوت مستوحاة من عصر محمد على، وزخارف إسلامية ورموز فلكلورية.

وبدأت الجمعية مع وزارة السياحة والآثار رفع كفاءة الجبخانة بالاستعانة بالمتخصصين، وبمساعدة عمال من أهالى المنطقة، وكل هذه المشاركات تفتح أبواب رزق لأهالى المنطقة.

تأكدت جمعية تواصل بأن البيوت المطلة على الجبخانة لن يتم إزالتها ضمن أعمال التطوير التى تقوم بها أجهزة الدولة بالمنطقة، «اعتمدنا على شباب العزبة العاملين فى مجال المعمار، ومنهم 3 مقاولين فى الشارع، تحت إشراف مهندس بناء من الجمعية، وانتهينا من محارة واجهات 27 بيتا، ويساهم كل بيت فى التكلفة بمبلغ رمزى قدره 100 جنيه، وباقى التمويل بدعم من البنك الأهلي، كمساهمة مجتمعية من البنك مخصصة لتوظيف الشباب، وكذلك تم بناء مسرح الشارع بالتعاون مع العاملين فى الفراشة والصوانات من أهالى العزبة».

وخلال رفع أكوام القمامة من الشارع وتبليطه كانت فرق التوعية من الجمعية تلتقى بأهالى العزبة للتوعية بكيفية حماية النشء من المخدرات، وللترويج لخدمات عيادة اكتشاف وعلاج الادمان والمخدرات التى أنشأها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، بالمركز المجتمعى بالجمعية، وكذلك إرشادهم إلى المستشفيات التى تقدم خدمات العلاج والتعافى من الإدمان مجانا، فضلًا عن إعداد مركز لتأهيل  الأشخاص ذوى الإعاقة يقدم خدمات التخاطب والعلاج الطبيعى تشجيعا على دمجهم فى المجتمع، وتقديم الخدمات الصحية و الاجتماعية للأسرة.

ونظمت الجمعية لقاءات جماهيرية لقضايا برنامج وعى للتنمية المجتمعية ، الذى تتبناه وزارة التضامن الاجتماعي، حول خطورة زواج الأطفال وختان الاناث ، وأهمية التربية الأسرية الإيجابية، ومحو الأمية وصحة الأم و الطفل ، والنظافة وفتح مجالات لإقامة مشروعات صغيرة للنساء، كما ساهم الفريق الفنى بالجمعية بعمل مسرحى يتضمن رسائل للتوعية بهذه القضايا، قدمه شباب وسيدات العزبة فى مراكز محافظات الصعيد خلال حملة »بالوعى مصر بتتغير للأفضل» التى نظمتها الوزارة بقرى ومراكز المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» بمحافظات بنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج، قبل شهور قليلة. 

أحلام العزبة وإسطبل عنتر

محمود حماد، صاحب الـ 26 سنة، أحد أهالى شارع خالد بن الوليد المطل على سور جبخانة محمد علي، ويعمل فى مجال المقاولات، وقد تحمس للعمل مع الجمعية لإقناع أهالى الشارع بالعمل لتغيير حاله، «حاجات كثيرة تغيرت فى الشارع، لم تكن هناك أرقام للبيوت، رقمناها، ولم تعد الجبخانة مكانا يجذب البلطجية وتجار المخدرات، بعد أن بدأنا نساهم فى رفع القمامة ووضعنا مع الجمعية خطة، لتجميع القمامة من الأهالي، ونقلها بتروسيكلات متخصصين فى جمعها من أهالى العزبة، لتنقل إلى المكان القريب من تجميع القمامة بحى مصر القديمة، ويعمل معنا فى أعمال المحارة والنقاشة 30 شابا من أهالى المنطقة، هذا بالإضافة إلى أعمال إضاءة الشارع حيث لا توجد كشافات إنارة فى الشارع، وتدفع كل شقة بالبيوت المطلة على سور الجبخانة تدفع 100 جنيه مساهمة فى أعمال التطوير، البيوت هنا من طابقين أو ثلاثة أى شقتين أو ثلاثة فى كل بيت».

شعبان علي،  صاحب الـ 35 سنة، ويعمل نجار موبيليا من أهالى المنطقة، يقول «أهالى العزبة ناس محترمين أصحاب مهن، فى كل بيت هنا صاحب مهنة، مشكلتنا كانت فى إن منطقتنا كانت مهملة وجذبت تجار المخدرات، وده أثر على إحساسنا بالأمن والأمان، عشان كده شاركت فى اجتماعات مع الشباب والأهالى وعرضنا أفكارنا للتخلص من القمامة، هنجمع عدد من الصناديق، من خلال 3 فرق من اللى شغالين فى المهنة دى من الأهالي، كل فرقة شارع أو شارعين، ونجمعها فى مكان أقرب لعربات حى مصر القديمة المخصصة لحمل القمامة وأهل الشارع نفسهم بقوا يحافظوا على نظافة الشارع ومبسوطين إن المنطقة مابقتش مهجورة».

«بقى لنا شنة ورنة وسمعة حلوة»

كانت «سيدة أحمد غنيم» تتابع بشغف الغناء الذى قدمه شباب المنطقة الدارسون فى جمعية تواصل، على المسرح، وهى تغالب مشاعر الألم التى عاشتها مع ابنها الذى وقع ضحية الإدمان، ولازال يتلقى العلاج بأحد المستشفيات، «ابنى كان تاجر بطيخ زى والده، وبعت شبكتى وأخوه صرف 20 ألف جنيه فى 3 شهور عشان نعالجه، وهو وغيره من شباب المنطقة ضحايا للتجار اللى بيجوا للمنطقة عشان كانت مهجورة، قبل ما المسئولين والجمعية يبدأوا ينظفوا الشارع والمنطقة».

تتابع سيدة: العزبة مافيهاش مدارس، لكن فيها جمعيات كثيرة، بتحاول تساعد أهالى العزبة وإسطبل عنتر، لكن جمعية تواصل هى الوحيدة اللى فيها مدرسة مجتمعية بتعلم عيالنا وكمان بتعلمهم صنعة وكمان الغناء والتمثيل، وخدمات طبية وعيادة لعلاج الإدمان وبتساعدنا نغير طريقتنا فى التعامل مع أولادنا عشان نبعدهم عن المخدرات اللى خلت شباب كثيرة تتوفى، وكمان الجمعية بتساعد أى حد عنده مشكلة».

وتقول أم صالح، «نبيهة عبد الرحمن» صاحبة الـ58 سنة:» أسكن أمام السور، كان عندى دكانتين  أمام البيت، الجمعية قالت هنشيل الدكاكين عشان نوسع الشارع، وقالوا إنها زيادة فى الشارع،  قلت لهم ابنى بياخد ايجار الدكاكين ويدفعها فى الإيجار اللى ساكن فيه، ووافقت إنهم يشيلوها وطلبت منهم يعملوا لى سقف للشقة، بدل السقف الخشب، ووعدونى يعملوا السقف والسباكة وابنى يعيش فيها، واستفدت إن الشارع وسع وبقى حاجة حضارية، إحنا عشنا هنا من 30 سنة، كان فيه ذئاب وكنا ننام من المغرب من الخوف، لغاية ما عمرت المنطقة».