الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بعد ورشة استمرت أربعة أشهر

«حاول تفتكرنى».. أول عرض مسرح عرائس لكبار السن

أشكال استثنائية لعرائس شديدة الخصوصية فى أسلوب التصنيع وتكنيك التحريك والعرض أمام الجمهور؛ منهج جديد ينتهجه المخرج محمد فوزى فى فن صناعة وتقديم عروض مسرح العرائس؛ أقام مؤخرا ورشة بمسرح مركز الهناجر للفنون؛ للتدريب على تصنيع أشكال ومستويات متنوعة وخلال عيد الفطر قدم عرض نتاج لهذه الورشة ويستعد الفريق لتقديم عرض كبير بعنوان «حاول تفتكرنى» بهذه العرائس الجديدة التى تفتح أفق آخر فى شكل تقديم عروض العرائس بمصر؛ ليحتوى هذا الفن جميع الفئات العمرية بعد أن كان قاصرا على الصغار فقط؛ صنع فوزى بهذه الورشة مساحة أخرى لتقديم عروض مختلفة ربما لم نعهدها بمصر من قبل عن الورشة ومراحل تصنيع العروسة المحمولة قال محمد فوزى:



بدأت الورشة عندما كان لدىَّ تصور للعمل على فكرة العرائس المحمولة؛ سبق وأن قدمت هذه المدرسة عام 2007 فى عرض «اشتعال مؤقت» بمسرح الهناجر ثم تجربة مع وليد عونى صممت عروسة تجريدية فى عرض «قصة تحول حديقة الحيوان»؛ عروسة محمولة كبيرة لها ابعاد خارجية حركتها توازى حركة الممثل فى هيئته الجسدية حسب الدراما.

ويضيف: عندما جاءت الفرصة اقترحت على مدير مسرح الهناجر الفنان شادى سرور أن لدىَّ فكرة لتقديم ورشة عروسة للدراما سألنى هل هناك فارق بين مسرح العرائس الذى اعتدنا عليه وبين العرائس التى سيتم تقديمها فى هذه الورشة.. أكدت له أن هناك اختلافا كبيرا؛ لأن العرائس فى هذه الورشة تكون أقرب إلى الممثل أو الإنسان البشرى بتفاصيله ومشاعره وأحاسيسه وإيماءاته؛ كل ما له علاقة بالجسد البشرى يتم تأهيل الفنان للتعرف والتعامل مع هذا النوع من العرائس؛ لأن العروسة فى بنائها إما أن تكون نحتا كاملا فى هيئة جسد؛ أو نصف عروسة تعتمد على جسد الممثل الذى يرتدى نصفها العلوي؛ كأنها خارجه من جسمه؛ لأننا نصنع عرائس تحمل تفاصيل جسمانية لتنافس الفعل البشري؛ حتى يصبح الممثل متوحدا تماما مع الشخصية؛ أو قد تحتمل الدراما أن يؤدى الممثل شخصيتين فى نفس التوقيت ليحدث بينهما صراع؛ وهذا النوع صعب جدا فى التدريب؛ لأن الفنانين لابد أن يتدربوا كيف تصبح يد الفنان يدا لإنسان آخر؛ يوازى انفعالات وجه العروسة التى يلعب بها وكأنهما شخصان يدور بينهما صراع؛ لأن اليد تحمل رأس الممثل فكل ادوات التعبير بها؛ وبالتالى الصوت يتغير؛ كل هذه التفاصيل شرحتها وتقدمت بورقة عمل للورشة بالهناجر لمدة أربعة أشهر؛ برنامج متكامل؛ كان بيننا 32 لقاء بواقع 140 ساعة.

ويتابع: تضمنت الورشة مرحلتين الأولى مرحلة التدريب والتصنيع؛ وهى الفترة التى يتم فيها تأهيل الفنان كى يصبح فنان عرائس؛ لابد أن يتعرف على عدد من التدريبات المتخصصة جدا فى فنون العرائس؛ بدءا من تمرين الأصابع على التحرك بكيفية معينة حتى يصبح قادرا على التحكم بشكل معين أثناء تحريك العروسة؛ التدريب يحتاج فترة لأن هذا التمرين يمنح توافقا عضليا عصبيا حسيا؛ فهناك ثلاثة أشياء مسئولة عن العروسة الجهاز العصبى للجسد الذى سوف يتحكم بالجهاز العضلى القادر على حمل جسم العروسة ثم الجهاز الحسى الذى يتفاعل مع النص الدرامي؛ تمكن الفنانون المشاركون أيضا من التدريب بشكل جيد على صناعة الأقنعة والعرائس وهم من ليس لديهم خبرة كبيرة فى الصناعة؛ معظهم صنعوا هذه الأقنعة بأيديهم.

يواصل: لابد أن يتعرف الفنانون فى البداية على أدوات هذه الصناعة؛ اكتشفت خامات بسيطة التكلفة مثل الخيش والسفينج وهى أشياء صنعنا منها كل شيء يخص سينوغرافيا العرض المسرحى حتى الشعر؛ التفاصيل كلها من شىء واحد بلا شيء دخيل عليها الخيش؛ الكولة البيضاء؛ القماش الخفيف؛ ومن الممكن استخدام ملعقة الشاى أو قلم أو أصابع اليد فى تشكيل ملامح وجه العروسة.

وعن الفرق بين العرائس الخشب وهذا النوع من فن العرائس قال: هذا الشكل من التصنيع أعتقد يقدم لأول مرة فى قارة افريقيا؛ باستثناء تونس هذا التيار موجود وبقوة هم يسيرون معانا فى هذا الخط؛ فى البداية كنت أجرب باللعب مع نفسى فى ورش خاصة بى وحدى حتى صنعت عروسة ضخمة مجردة رقصت معها وكسرت الصورة التقليدية عن فن العرائس كانت من أكثر الأشياء ابهارا عندما قدمتها فى عرض وليد عوني؛ كانت أول فرصة لتقديم هذا الشكل؛ كنت أبحث عن ممثل آخر ينافسنى وجدت العروسة تحمل هذه المقومات لديها عنصر جذب وسحر من نوع خاص؛ أصبح لدىَّ تحد أنا والعروسة حتى أتمكن من دراسة اليد؛ كيف تتحول إلى شخصيات أخرى تكون لها الصفات؛ لدينا عدد من التدريبات؛ أعاد فيها المتدربون اكتشاف أنفسهم فى فنون الحكى والتمثيل والموسيقى التصويرية ثم حركة البطل كيف يمسك العروسة وتتحول إلى كائن بشرى فى يديه؛ لأن كف اليد قد يقدم دراما لمدة خمس دقائق؛ اليد فى حركتها تمنح الكثير من المعاني؛ الفم نفسه لا يمنحنا مساحة للكلام فى القناع لأن الأداء التمثيل معتمد على الصمت والمايم تلقى الشخصية والأفكار والفعل الكلام مكثف جدا فى حدود بسيطة للغاية الجسد فى حالة تمثيل مستمر أخدوا فترة إعداد الممثل والغناء والتمثيل.

ويضيف: كنت ابحث عن مدرسة فنية يسيرة بلا عراقيل أو مشاكل؛ لأن مسرح العرائس الخشب أصبح من الصعب توفره؛ فالخشب المستخدم فى صناعة عروض «الليلة الكبيرة»؛ «حمار شهاب الدين» والشاطر حسن» اسمه خشب الحور توقف استيراده اصبح غير موجود؛ واصبحنا نستخدم آلات مختلفة فى النحت مثل خشب «الموسيكى المطابخ» انحت فيه بالشنيور وبآلات حادة كبيرة هو كتلة تاخد وقت حتى يتم تصنيعها يتطلب مراحل كبيرة حتى نستخدمه فى النحت لا يمكن إخرج منه بتفاصيل وبالتالى نلجأ معه إلى الفن التجريدى فقط؛ وزن العروسة الخشب يبدأ من كيلو وكيلو ونص وأحيانا تصل إلى 3 كيلو أثناء اللعب بها؛ فى حصان الليلة الكبيرة يبلغ 3 كيلو وقد يصل وزنه فى الدقيقة من 10 إلى 15 كيلو أحيانا كان يحركه ثلاثة فنانين.

 ويتابع: أما على مستوى الدراما هذا النوع فى تصميم العرائس المحمولة أو القناع أو القفاز؛ يقدم للفئات العمرية الكبيرة؛ تخاطب الكبار؛ ولأول مرة عرض للكبار ومن الكبار؛ فى نتاج الورشة سنقدم النسخة الأولى من عرض «حاول تفتكرنى» وهو عمل مسرحى عن العجائز؛ يناقش التحديات التى يواجهها كبار السن مع الإصابة بمرض الزهايمر؛ كل مدرسة لها تكنيك فى فن التحريك هناك مدارس فنية فى صناعة العرائس مثل الماريونت؛ القفاز؛ المحمولة أو العملاقة أو عرائس الترابيزة؛ نحاول وضع هذه المدراس معا فى قالب درامى واحد دون الاحتياج لخشبة مسرح؛ فهذا النوع مرن يتواءم مع كل الفضاءات الفنية سبق وأن قدمت إحدى التجارب فى الطائرة وفى محطة قطار لأن العروسة لا تحتاج مسرحا تحتاج جمهورا؛ كما أن عروضنا تعتمد على الدراما المستدامة بمعنى أنها مجموعة من القصص والحواديت وليس عرضا مسرحيا له بداية ووسط ونهاية؛ هى عروض تفاعلية مع الجمهور من بداية العمل وحتى نهايته؛ عملنا عروسة للدكتور محمد مشالى هو إحدى الشخصيات بالعرض؛ طبيب الفقراء تميمة الورشة؛ لأن هذا الرجل لم ينس أحدا ولم يحصل على مقابل ولم يبخل على الناس بطبه أو علمه فى شىء العروسة الماريونت والقناع مشالى بالبالطو والسماعة يسير بين الناس ليعالجهم طوال العرض ولم يصب بالزهايمر فى رأيى لأنه حتى آخر وقت كان حنونا وطيبا لم ينس شيئا مما كان يفعله من قبل.