السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خبراء الاقتصاد: استمرار المشروعات الكبرى وتوسيع مشاركة القطاع الخاص على رأس الأولويات

روشتة الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية «2»



 مع توالى الأزمات العالمية، من جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”،  وما تلاها من الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها،  أصبح الاقتصاد المصرى يعانى من موجة تضخم عالمية أسوة بجميع دول العالم، من جراء ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وأصبحت هناك ضرورة لوضع روشتة وخطة عمل لتعافى مصر من انعكاسات الأزمة العالمية.

«روزاليوسف» رصدت مقترحات عدد من خبراء الاقتصاد للإجراءات والأساليب الواجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة للتعافى  من آثار الأزمة العالمية وتقليل تداعياتها، والتى تبلورت فى، تبنى إصلاحات مؤسسية كلية دفعة واحدة، وتبنى نظام اقتصادى مختلط يتيح للقطاع الخاص العمل، وتحقيق العدالة الاجتماعية وإصلاح السياسة النقدية وإصلاح أسعار الإقراض وتبنى استراتيجية النهوض بالصناعة والزراعة والثروة المعدنية والطاقة والعمل على جذب الاستثمارات.  

حسن عمر: التوسع فى التصنيع والإنتاج وإطـلاق خطـة لإحـلال الــواردات

 أكد الدكتور أحمد حسن عمر، الخبير الاقتصادى، وعضو مجلس إدارة كلية الدراسات العليا للبحوث الإحصائية، ووكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية سابقًا، أن الانعكاسات العالمية للحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها فيروس كورونا، وما تبعه من  تباطؤ فى  حركة الاقتصاد العالمى، كان لا بد أن يمثل تحديات كبيرة على الاقتصاد المصرى.  وأشار د.حسن، إلى أن ذلك كله يتطلب  تبنى حزمة سياسات للخروج من الأزمة من بينها:

إعادة الاقتصاد المصرى إلى طريق النمو وخفض معدلات الفقر والبطالة وتخليق الطلب الفعال.

وضع برنامج إصلاح اقتصادى مصرى خالص بأياد وعقول مصرية بعيدًا عن صندوق النقد الدولى ليأخذ فى اعتباراته مراعاة أحوال المواطنين الواقعية آخذين فى الاعتبار أن أى إصلاح  دائمًا تراعى الدولة  ألا يأتى على حساب الطبقات الاجتماعية الأكثر احتياجًا. وضرورة التوقف عن الاقتراض، وتكون القروض لحالات الضرورة من أجل الإنتاج وبناء المصانع الإنتاجية.

العمل على تقليل العجز الكبير فى ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة للدولة.

السعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من احتياجات السوق المصرية، بزيادة مساحة الرقعة الزراعية للمحاصيل الرئيسية كالقمح، مع التوجه نحو الإنتاج وتعميق الصناعة المحلية. وإعادة النظر فى منظومة الضرائب بحيث تهدف السياسة الضريبية إلى تحفيز النشاط الاقتصادى وليس تحجيمه. وتبنى لاستراتيجية إحلال الواردات و الحد من الاستيراد وتشجيع التصدير بكل الحوافز التى تسمح له بالمنافسة فى السوق العالمية.

محمود هويدى: تشجيع الإنتاج المحلى لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية وترشيد الاستهلاك الترفى 

قال الدكتور محمود هويدى، الخبير الاقتصادى ومستشار رئيس جامعة الفيوم للجودة، والمستشار فى جودة وسلامة الأغذية، عميد ومؤسس كلية السياحة بجامعة الفيوم، إن هناك تداعيات ملحوظة من الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاديات كافة الدول ومنها الاقتصاد المصرى وتأتى فى مقدمتها التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية من جراء ارتفاع أسعار الوقود عالميا. وأشار إلى أن هناك حاجة إلى اتخاذ عدد من الأساليب لتقليل حدة تلك الانعكاسات ومنها، البحث عن مصادر اقتصادية للسلع الغذائية الاستراتيجية مثل القمح، السكر، الزيت وغيرها،  من خلال فتح أسواق جديدة للاستيراد من ناحية، والناحية الأخرى العمل على تشجيع الإنتاج المحلى خاصة المزارع لتوفير جزء كبير من احتياجات السلع الاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتى، مع تقديم حوافز للمستثمرين والشباب لتشجيعهم على استصلاح الأراضى الزراعية مع تحديد انواع زراعات معينة فى مقدمتها محصول القمح لتقليل الاعتماد على الاستيراد. وشدد د. هويدى على أهمية توعية المستهلك بحسن وكفاءة استخدام المواد الغذائية المتاحة وتقليل الإسراف، مع ترشيد الاستهلاك فى السلع الاستهلاكية غير الضرورية أو ما يسمى بالاستهلاك الترفى،  وعلى الإعلام دور كبير فى تبنى حملات للتوعية لاستغلال الموارد المتاحة. وأشار محمود هويدى، إلى أهمية الارتقاء بجودة المنتج المحلى لزيادة فرص لاستخدام بديل للمستورد والقدرة على التصدير للخارج. واختتم حديثه، مشيرا إلى زيادة الحملات الترويجية للقطاع السياحى خاصة السياحة غير التقليدية واستغلال المناطق الأثرية فى مصر، لجذب السائحين وتوفير العملة الصعبة للبلاد.

رشاد عبده: وقف تصدير جميع السلع الغذائية لزيادة المعروض ومواجهة التضخم

قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، والخبير الاقتصادى: إن الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، حيث تهدف روسيا السيطرة على الجنوب وجميع الموانئ التى تطل على المياه، حتى تقطع على أوكرانيا أى وسيلة للتصدير. وأشار إلى أن أوكرانيا تعتبر سلة غذاء العالم من حيث تصدير القمح وأيضًا الصلب، مما يعنى تعميق المشكلة فى ارتفاع أسعار الغذاء نتيجة ذلك. وقال د.رشاد: إن هناك  عددًا من الإجراءات من الواجب اتخاذها لمواجهة تداعيات الأزمة على الاقتصاد المصرى وتتمثل أولًا فى اتخاذ قرار حكومى بمنع تصدير المواد الغذائية وعدم الاقتصار على عدد من السلع فقط.

ثانيا: الإسراع فى عقد اجتماع لجنة السياسات بالبنك المركزى، وذلك لمواجهة قرار البنك الفيدرالى الأمريكى الذى رفع سعر الفائدة، مما يتطلب زيادة الفائدة فى مصر للقضاء على التعاملات غير الرسمية للدولا الأمريكى ، والعمل على  السيطرة على التضخم الذى تأثرت به مصر والعالم خلال الفترة الماضية, وبالتالى السيطرة على زيادة الأسعار المبالغ فيها, ومنها أسعار الذهب، الذى أصبح سوقًا موازية تنافس سوق المال والبورصة خلال الفترة الماضية.

ثالثا: إعادة النظر فى الزيادة الأخيرة للدولار الجمركى والتى ستؤثر سلبًا على استيراد المواد الخام والسلع الاستهلاكية الأساسية، وفى المقابل التوسع فى سياسات دعم المصدرين.

 رابعًا: الاستمرار فى خطة عمل الدولة نحو التوسع فى خدمات الضمان الاجتماعى والمشروع القومى حياة كريمة، والتى اتخذ من بينها زيادة الأجور والمعاشات.

خامسا: تكثيف العمل على الحد من البيروقراطية والروتين والفساد.

سادسا: توفير آلية سريعة للتنسيق الكامل بين السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، ولا تعمل كل جهة فى جزر متباعدة عن الأخرى.

 إيمان عيد: الاستمرار فى إقامة المشروعات التنموية العملاقة وعدم توقفها أو تأجيلها 

قالت الدكتورة إيمان عيد، الخبير الاقتصادى، وأستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة المنوفية إن الدولة اتخذت ولا زالت مستمرة فى تطبيق العديد من السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتقليل تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة. 

وأوضحت أنه مع الركود الذى يجتاح الاقتصاد العالمى، واستمرار الأزمة وخاصة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، أصبح هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لخروج الاقتصاد المصرى من نفق الأزمة وتقليل تداعياتها. 

وأشارت د. إيمان، إلى أن قطاع المقاولات والبناء والتشييد، دائما يمثل عاملا مهما فى تنشيط حركة الاقتصاد وتوفير فرص عمل كثيرة إلى جانب الطلب على صناعات ومنتجات عديدة ومنها مواد البناء وغيرها من مواد التشطيبات بمختلف أنواعها،  وفى إطار ذلك فهناك توصية بضرورة الاستمرار فى إقامة المشروعات التنموية العملاقة وعدم توقفها أو تأجيلها حيث يرتبط بقطاع المقاولات نحو 90 سلعة أخرى من طوب ورمل وأسمنت وحديد وسيراميك وأدوات صحية وغيرها مما يحرك الاقتصاد كليا ويحافظ على العمالة فى تلك القطاعات الصناعية.

وأضافت أن الاستمرار فى تنفيذ تلك المشروعات يمثل أهمية كبيرة لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية، حيث إن غالبية المشروعات القومية تمثل البنية التحتية من طرق وكبارى وغيرها وهى من عوامل الجذب المهمة للمستثمر.

وأشارت د.إيمان، إلى أن الاهتمام بجذب الاستثمارات الخارجية الى جانب المحلية، لضخ استثمارات أجنبية مباشرة، يعد من الإجراءات المهمة المرحلة المقبلة، من خلال  تحديث   الخريطة الاستثمارية الحالية والتى تحتوى على نحو 3 آلاف فرصة فى مختلف القطاعات، والعمل على تحديد القطاعات  التى تحتاج إلى ضخ استثمار بها، مع تحسين مناخ الاستثمار، وتقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين لإنشاء مصانع جديدة  على مستوى جميع المحافظات لتوفير فرص العمل   وتخفيف الضغط على العملة المحلية.

وأضافت، أن الدولة لا بد أن تستغل شهادات الثقة الدولية فى الاقتصاد المصرى من خلال  تثبيت تصنيف مصر الائتمانى  للمرة الرابعة، من وكالة  «فيتش»،  يعنى   الثقة فى جدارة مصر  ودرجة الملاءة العالية، إلى جانب إعلان الدولة عن برنامج مشاركة القطاع الخاص فى الأصول المملوكة للدولة، كل ذلك يمثل عنصر جذب للمستثمر الخارجى. 

وأكدت د. إيمان عيد، فى مقترحاتها، على الاهتمام بالقاعدة الصناعية المصرية الكبيرة والمتوسطة، وتدخل الدولة لإعادة تعويم المشروعات المتعثرة، حيث إن النهضة الصناعية المطلوبة تمثل طوق نجاة من الأزمة الراهنة للاقتصاد من خلال توفير المنتج المحلى وتقليل الاعتماد على السوق الخارجية مع زيادة فرص العمل المتاحة. 

سحر الطحلاوى: تبنى استـراتيجية وطنيـة تهـدف إلى توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص 

 قالت سحر الطحلاوى، باحثة دكتوراة اقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس: إن الاقتصاد المصرى يتمتع بمرونة كبيرة  فى مواجهة انعكاسات التحديات العالمية، وذلك من خلال الإجراءات التى يتخذها لمواجهة تلك التحديات.

وأوضحت أن أسعار المواد الغذائية والطاقة يمثلان  أكبر التهديدات للنمو العالمى فى الفترة الحالية نظرًا للأزمتين العالميتين (وباء كوفيد-19، الحرب الروسية/الأوكرانية)

 وهنا لا بد مواجهة حقيقة مهمة، إنه من المتوقع أن تظل الأسعار مرتفعة على مدار العام وحتى عام 2023 بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى على الإطلاق الشهر الماضى- وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولى- فعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار القمح بنحو 20٪ الشهر الماضى لتعطل  الصادرات من المصدرين الرئيسيين روسيا وأوكرانيا حيث تعتبر روسيا موردًا رئيسيًا للبترول والغاز والمعادن والسلع الأساسية الأخرى.

واستجابة للتطورات العالمية اتخذت مصر إجراءات عدة حيث سمح البنك المركزى المصرى بتخفيض سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس للحد من التضخم، كما قدمت الحكومة حزمة تخفيفية بقيمة 130 مليار جنيه (1.6٪ من إجمالى الناتج المحلى للسنة المالية 2022/2023).

  وأشارت سحر الطحلاوى،  إلى  أنه  وفقًا للتوجيهات الرئاسية للتخفيف من تداعيات الأزمة الأوكرانية على الأفراد والقطاعات الاقتصادية قامت برفع أجور ومعاشات القطاع العام، والإجراءات الضريبية، وتوسيع تغطية برامج التحويلات النقدية، مؤكدة أنه إلى الآن أثبت الاقتصاد المصرى مرونته فى التعامل مع التحديات الدولية المتتالية منذ تفشى جائحة فيروس كورونا ونشوب الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضافت الطحلاوى: إن مواجهة تلك التحديات المستمرة، تتطلب اتخاذ برنامج عمل يضم  العديد من الخطوات، فى مقدمتها،  زيادة  توجه الدولة  نحو الإصلاحات الهيكلية للقطاع الخاص والأنشطة ذات القيمة المضافة لخلق فرص العمل وتحسين مستويات معيشة الأفراد، وذلك  من خلال  تبنى استراتيجية وطنية تهدف إلى توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص وتمكينه استمرارًا للإصلاحات الحكومية.

 وأوضحت، أن زيادة فرص مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد تمثل رسالة طمأنة للمستثمر المحلى وعنصر جذب للاستثمار العربى والأجنبى وتعزيز ثقة المؤسسات الدولية.

وأكدت أن خطوة  الإصلاحات لتعزيز الاستثمار الخاص والصادرات والاستثمار الأجنبى المباشر أمر حاسم بالنسبة لمرونة الاقتصاد المصرى وقدرته التنافسية حيث تم وضع مصر على المسار الصحيح بتحقيق نمو بنسبة 5.5٪ فى السنة المالية 2021/2022.

وطالبت، بالمزيد من  تعزيز كفاءة الإنفاق العام وتعبئة الإيرادات لإنجاز المشروعات القومية وتطوير البنية التحتية والتى تم دعمها  بقيمه400 مليار دولار خلال السنوات السبع الماضية مع انخفاض إجمالى عجز الدولة خلال الأشهر التسعة الماضية (يوليو 2021 - مارس 2022) إلى 4.9٪ مع الحفاظ على فائض أولى. 

 وأضافت سحر: إن برنامج العمل، يتطلب أيضًا، سرعة تبنى سياسات وإجراءات مختلفة تضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية وتوفر السلع الأساسية للمواطنين, بالإضافة إلى تقديم الدعم الكافى للقطاعات الاقتصادية والفئات الأكثر تضررًا من الصدمات الخارجية.

وأضافت: إن برنامج العمل، يتطلب أيضًا استكمال الخطوات لدمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى. 

وأكدت أهمية استكمال مراحل مبادرة حياة كريمة لتطوير الريف المصرى فى مختلف المحافظات والذى تم له تخصيص مبلغ  80 مليار جنيه لتنفيذ المبادرة، إلى جانب مبادرة تكافل وكرامة والتى خصص لها  16 مليار جنيه للدعم النقدى، مع استمرار دعم المواد الغذائية والتى خصص لها  مبلغ 50 مليار جنيه، حيث يمثل ذلك الدعم الحكومى دورًا كبيرًا فى تقليل تداعيات التحديات الخارجية على المواطن المصرى.