الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رائد المسرح الشعبى عبدالرحمن الشافعى

«السادات» حرص على مشاهدة أهم عروضه «عاشق المداحين»

حزن كبير خيم على الوسط المسرحى خلال الأيام الماضية وتحول موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إلى سرادق عزاء حزنا على رحيل المخرج الراحل عبد الرحمن الشافعى رائد المسرح الشعبى فى مصر بامتياز، وهو والد كل من المخرج المسرحى محمد الشافعى والفنان أحمد الشافعي، للراحل سيرة ومسيرة كبرى فى تاريخ المسرح المصري، أهدى إلينا جزءا من مسيرته الفنية الطويلة الدكتور عمرو دوارة الذى أشار فى إحدى كتاباته عن نشأته وأهم أعماله والمناصب القيادية الكبرى التى تقلدها الشافعى فى وزارة الثقافة.. حيث قال عنه دوارة فى مقال تفصيلى عن رحلة نشأته وإسهاماته فى المسرح..



 المخرج القدير عبد الرحمن الشافعى من مواليد محافظة «الشرقية» 11 أغسطس عام 1939، بدأت هوايته لفنون المسرح أثناء فترة دراسته فى المرحلة الثانوية، كون فرقه شعبية مسرحية كانت تقدم عروضها بالموالد، تخرج فى كلية الحقوق جامعة عين شمس عام 1962، ثم التحق بفرقة المسرح العالمى إحدى فرق التليفزيون المسرحية، مارس عمله بالفرقة ممثلا ومساعدا للإخراج مع كبار المخرجين، تعلم بشكل مباشر أسس وقواعد الإخراج على يد نخبة من الرواد المبدعين الذين ينتمون إلى الجيل الثانى من المخرجين فى المسرح المصرى الحديث وفى مقدمتهم الأساتذة السيد بدير، حمدى غيث، سعد أردش، كمال عيد، حسن عبد السلام، وخلال هذه الفترة تعرف على نصوص المسرح العالمى بشكل نظرى وعملى، وكذلك على التيارات المسرحية ومناهج الإخراج الحديثة، خاصة وأن لكل أستاذ من هؤلاء مدرسته وأسلوبه المتميز، وقد استمر بالعمل فى فرق التليفزيون حتى انتدب عام 1968 للعمل مخرجا بالثقافة الجماهيرية.

 انتدب الفنان عبد الرحمن الشافعى عام 1968 للعمل مخرجا بجهاز الثقافة الجماهيرية بادر بتكوين أول فرقة للحى الشعبى بالغورى بحى الحسين. كانت تلك الفترة هى الفرصة الحقيقية لتأكيد موهبته وإثبات قدراته، ولاستكمال أحلامه التى بدأها فى القرية عندما كان يمارس هوايته للمسرح مع أبناء الريف البسطاء بتقديم نصوص وأفكار تعبر عن همومهم وأحلامهم، كون فرقته المسرحية من أبناء الحى والعاملين به، وقدم أول أعماله مسرحية «ياسين وبهية» لنجيب سرور والتى حققت نجاحا كبيرا ففتحت له المجال فى أن يستمر وأخرج بعدها مجموعة المسرحيات التالية آه ياليل يا قمر، كفر أيوب، أدهم الشرقاوي، سنبلة على قبر جمال (1970).

ونظرا لنجاحه فى إدارة فرقة الغورى تم تعيينه أول مدير لمسرح السامر عام 1971، فكانت بداية نقطة انطلاق جديدة له، صاحبه فيها نخبة من المسرحيين الموهوبين وفى مقدمتهم المبدعين يسرى الجندي، أبوالعلا السلامونى، عبد العزيز عبد الظاهر، على سعد، أمير سلامة، مهدى الحسيني، جمع بينهم الطموح الفنى وحماس الشباب بالبحث عن هوية المسرح المصرى، تلبية لدعوات نخبة من كبار المسرحيين وفى مقدمتهم الأساتذة الكبار: توفيق الحكيم، يوسف إدريس، د.على الراعي، زكريا الحجاوى.

 فأخذوا يتناولون أفكارا مصرية شعبية بكل الجدية والجرأة ويقومون بتقديمها من خلال قوالب مختلفة عن المعتاد، وربما كان السامر مكانا مناسبا مع مخرج اعتاد العمل مع نوعية مختلفة من الممثلين أكثر شعبية وتواصلا مع الحياة العامة بعيدا عن أمراض النجوم وأوهامهم، فقدم من إخراجه لفرقة السامر (الفرقة النموذجية) مسرحيات «شرخ فى جدار الخوف» (1972)، «على الزيبق» (1973)، «هنا القاهرة»، «حكاوى الزمان»، «شفيقة ومتولى»، «شلبية الغازية»، «السيرة الهلالية»، «منين أجيب ناس»، «مولد يا سيد»، «الشحاتين»، «حكاية من وادى الملح»، وغيرها من المسرحيات، وفى تلك الفترة تم اختيار «الشافعى» مشرفا على فرقة النيل للآلات الشعبية عام 1975 ليكتمل النضج الفنى بإخراجه «عاشق المداحين» عام 1978، وهو العرض الذى استمر لمدة عام وشاهده رئيس الجمهورية الأسبق محمد أنور السادات.

فرقة السامر 

ومن أهم أعماله المسرحية الأخرى التى قام بإخراجها لفرقة السامر أمسية عن بيرم التونسي، عرسان هنية، مهاجر برسبان، يا عين صلى على النبي، الليلة الكبيرة، المولد، لعبة الزمن، السيرة الهلالية، سلطان زمانه، ليلة الرؤيا، أيوه جاى، وذلك بالإضافة إلى إخراجه لبعض المسرحيات بفرق مسارح الدولة ومن بينها: ست الحسن (الغنائية الاستعراضية – 1992)، ليلة بنى هلال (الحديث – 1994)، أحلام ياسمين (الغنائية الاستعراضية – 1996)، السنيورة والثلاث ورقات (الغنائية الاستعراضية – 1998)، الخلابيص (الهناجر – 2002)، يا صبر أيوب (السامر – 2004)، السفيرة عزيزة (الحديث – 2005)، مفيش حاجة تضحك (الكوميدى – 2011)، طقاطيق جحا (الكوميدى – 2012).

صاغ الراحل عالما خاصا به، وهو عالم أولاد البلد فكان يحرص على الذهاب بعرضه إلى الجمهور فى أماكن تجمعاته فى المواقع الأثرية والشعبية القديمة والساحات والميادين، حصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1985 عن إخراجه لمسرحية السيرة الهلالية، قدم بعدها عشرات النصوص المسرحية الأصيلة لكبار كتاب المسرح المصرى مثل يوسف إدريس، نعمان عاشور، رشاد رشدي، محمود دياب، سعد الدين وهبة، وغيرهم، عمل على استلهام التراث الشعبى خاصة وسط وجوده مع مجموعة من الشعراء والموسيقيين والمغنيين والمداحين الشعبيين التلقائيين بفرقة النيل، قدم مسرحية «السيرة الهلالية» عام 1985، محاولا فى معظم أعماله تقديم الهوية المصرية وتناول أعمال قومية، وهو ما جعل «الشافعى» مختلفا، قدم خلال مسيرته الفنية 72 عرضا احترافيا ما بين الهيئة العامة لقصور الثقافة، والبيت الفنى للمسرح، والبيت الفنى للفنون الشعبية ومركز الهناجر للفنون. بخلاف العروض الاحتفالية والتى كانت تقدم فى المناسبات القومية أو المشاركة فى المهرجانات الدولية.

لم يكتف «الشافعى» بتناول الأعمال التراثية فحسب بل قدم كذلك ثلاثة أعمال كبار للمسرح الاستعراضى.

 ففى عام 1992 قدم على مسرح البالون «ست الحسن» تأليف محمد أبو العلا السلاموني، وفى عام 1996 قدم للفرقة الغنائية الاستعراضية «أحلام ياسمين»، ثم قدم للفرقة نفسها مسرحية «السنيورة» عام 1997 على مسرح محمد عبدالوهاب. 

تولى المخرج عبد الرحمن الشافعى الإشراف على فرقة «النيل للآلات الشعبية» فى عام 1975، لإخراج برامجها الفنية، وجدير بالذكر أن هذه الفرقة منذ توليه إدارتها نالت شرف تمثيل «مصر» فى عدد كبير من المهرجانات الدولية أمريكا، أستراليا، كندا، فرنسا، إيطاليا، إنجلترا أسبانيا، أيرلندا، الدنمارك، الهند، الصين، وكوريا وغيرهم، وحصلت على العديد من الجوائز، كذلك تجدر الإشارة إلى أن الفنان عبد الرحمن الشافعى كان أول من بادر بتكوين فرقة الواحات للفنون الشعبية، وفرقة الأقصر للفنون الشعبية، وكذلك تأسيس أول مهرجان للتحطيب بمصر، وخلال مسيرته الإبداعية تقلد الشافعى عددا من المناصب الإدارية والقيادية بوزارة الثقافة عضوية لجنة تقييم العروض المسرحية على مستوى الجمهورية 1971، مدير لمديرية ثقافة الجيزة 1977، عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة بمحافظة الجيزة عام 1980، المشرف العام على شئون المسرح بالثقافة الجماهيرية عام 1982، الإشراف على مهرجان المائة ليلة بالثقافة الجماهيرية 1985، مدير عام ثقافة القاهرة 1992، منصب رئيس إقليم القاهرة الكبرى 1993، عضوية المجلس الأعلى للثقافة منذ عام 1993، منصب رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة 1996، رئاسة البيت الفنى للفنون الشعبية 1997، رئاسة الأمانة العامة لأطلس الفلكلور عام 1998، عضوية المكتب الفنى لقطاع الإنتاج الثقافى 2012، عضوية اللجنة الفنية بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية 2014. 

حصل على العديد من الجوائز ومظاهر التكريم ومن بينها جائزة التميز فى الإخراج المسرحى للثقافة الجماهيرية 1980، جائزة مهرجان نيس للفنون بفرنسا 1984، نال جائزة الدولة التشجيعية ونوط الامتياز من الطبقة الأولى فى الفنون عن إخراج سيرة بنى هلال عام 1986، جائزة فارس الثقافة الجماهيرية 1999، كرمه المؤتمر العلمى الأول لمسرح الأقاليم ومنحه درع الهيئة العامة لقصور الثقافة، وشهادة تقدير من وزير الثقافة عام 2006، جائزة الدولة للتفوق 2009، تكريمه بالدورة الثانية عشر بمهرجان المسرح العربى الذى تنظمه الجمعية المصرية لهواة المسرح عام 2014، تكريمه من قبل المجلس الوطنى للثقافة والفنون بدولة الكويت، وأيضا تكريمه من قبل المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية 2016، وكذلك تكريمه من خلال فعاليات المهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته التاسعة 2016، بالإضافة إلى حصوله على العديد من الجوائز التقديرية من عدة جهات علمية وفنية بمصر والوطن العربى، واختياره ضمن شخصيات الموسوعة القومية للشخصيات المصرية البارزة.