الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفهم الصحيح لـ«التعدد» يغلق بابًا يهدد المجتمع

أثارت تصريحات الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الجدل والتى قال فيها إنه على الزوجة إعانة زوجها على الزواج بأخرى بدلًا من ارتكابه الفاحشة، وأن تعتبر هذا العمل قرباً من الله سبحانه وتعالى، قائلاً: المقصود بتصريحاته الزوج المغترب والذى أراد الزواج ليعف نفسه عن الحرام ولا يستطيع أن يتواصل مع زوجته.



وتحدث عن الزوج المغترب قائلاً: “يمكنه الزواج بأخرى حتى لا يرتكب الفاحشة، وإن كان إخبار الزوجة الأولى بالزواج يمكن أن يؤثر على تماسك الأسرة، فالأفضل ألا يخبرها لأن هذا لم يرد نصاً فى الشرع”.

إلا أن الأزهر دخل على خط الفتوى الى أثارت جدلاً، وقال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أن “زوجة واحدة تكفى، ومن يقولون إن الأصل فى الزواج هو التعدد مخطئون، فالمسألة تشهد ظلماً للمرأة وللأبناء فى كثير من الأحيان”، مضيفاً أن “التعدد من الأمور التى شهدت تشويهاً للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية”، مطالباً المسلمين بـ”إعادة قراءة الآية التى وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل وتدبر ما قبلها وما بعدها”.

وأوضح الطيب إن “المسلم ليس حراً فى أن يتزوج على زوجته الأولى، فهذه رخصة (مُقيدة) بقيود وشروط، فالتعدد حق للزوج لكنه (حق مُقيد)”، مضيفاً أن “الرخصة تحتاج إلى سبب، وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة، والتعدد مشروط بالعدل، وإذا لم يوجد يُحرم، والعدل ليس متروكاً للتجربة، إنما بمجرد الخوف من عدم العدل أو الضرر يُحرم التعدد، فالقرآن يقول: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)”. 

من جانبها، أوضحت المحامية والناشطة الحقوقية نهاد أبو القمصان أن الزواج نوعين، الأول إنساني، فالطرفان فيه يكملان بعضهما ، ووجودهما معا هو العودة للنفس الواحدة التى خلقها الله وهما يتحملان مع بعض كل شيء صعب، والثانى هو زواج استهلاكي، كل فرد فيه يبحث عن مصلحته واحتياجاته، ومن يحدث له أزمة مالية أو صحية، الطرف الأخر يتركه ويهتم بأمر نفسه فقط.

وأكدت أن تشجيع الرجل على الزواج بأخرى إذا كان لديه مشكلة ما  فهو بذلك تشجيع على الهروب من المسئولية والاستسهال وينشر فكر الزواج الاستهلاكي، لافتة إلى أنه فى حالة أن سفر الرجل فهو يتعب من أجل بيته والزوجة توافق على هذا الوضع من أجل بيتها، فهو يكون فى غربة المكان خارج مصر، وهى فى غربة الحنين داخل مصر، فهل يعقل أن يكون مطلوب من المرأة أن تساعد الرجل كى يعف نفسه فى غربة المكان، فماذا هى فاعلة فى غربة الحنين؟، فعندما يتحمل الرجل هم الرزق ، فالمرأة تتحمل مسئولية البيت، فتصبح هى الأم والأب فى غياب الأب، فهل يكون استجلاب ضرة هو العرفان والشكر على تحملها؟ 

وتساءلت أبو القمصان لماذا بعض المتحدثين باسم الدين يعلمون الناس أن يبحث كل شخص على مصلحته، وهل يعقل أن تعف المرأة زوجها بأنه يتزوج عليها، فى حين أن الزوجة الثانية تعنى بيتا أخر وطلبات أخرى وبالتأكيد أطفال أخرين، وبالتالى يكون من الأفضل أن يقطع تذكرة كل فترة ويرحم نفسه من غربة المكان ، ويعود للاطمئنان على زوجته وأبنائه أو يأخذهم معه غربة المكان ونلم شمل الأسرة معاً.

فيما قالت ريهام عبد الرحمن، استشارى أسري، أن الله عز وجل شرع التعدد فى الزواج لأسباب معينة مثل مرض الزوجة مرض شديد يمنعها من تقديم الرعاية لأسرتها، أو فى حالة عدم إنجاب الزوجة ولكن من يقولون بأن الأصل فى الزواج هو التعدد مخطئون؛ ذلك لأن الأصل فى القرآن الكريم قوله تعالى:” فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة”،أى أن الأصل فى الزواج هو زوجة واحدة لضمان استقرار الأسرة وحمايتها من التفكك.

ولفتت إلى أن التعدد مشروط بالعدل ومحرم بغيابه والعدل هنا ليس متروكاً للتجربة، وللأسف الكثير من الرجال يفهمون منطق العدل الفهم المغلوط وهو العدل المادى فقط فهناك أيضاً العدل المعنوى وهو العدل الذى لا يستطيع معظم الرجال القيام به خاصة فى حالة إنجاب الكثير من الأبناء ومحاولة الزوجات التفريق بينهم.

وأوضحت أن الزواج من امرأة أخرى بهدف قهر الزوجة أو الانتقام منها ومن دون علمها هو الظلم نفسه فلنحذر، فالتعدد قرار قد تضيع معه الحقوق المعنوية للزوجة والأبناء، وبالتالى فهو قرار يقتضى التعقل والمسئولية وإقامة العدل بين الزوجات حتى فى بشاشة الوجه، وأخيراً التعدد ليس حقا مطلقا ولكنه حق مقيد لا ينبغى أن نخرج عن مبتغاه ومقصده.