الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الدكتور محمد عبداللاه رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق لـ روزاليوسف

الحوار الوطنى ليس مجرد اجتماع والقوى السياسية عليها أن تعد نفسها جيداً

تصوير: مايسة عزت
تصوير: مايسة عزت

أكد الدكتور محمد عبداللاه رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية الأسبق بمجلس الشعب، أن الحوار الوطنى الذى دعا له الرئيس السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فكرة إيجابية جاءت فى توقيت مهم يشهد فيه العالم موجة كبيرة من الإضطرابات، وهو ما يؤكد أن النظام الوطنى يريد أن يحقق للمواطنين غد أفضل، مشيرا الى أنه لا توجد حياة سياسية دون أحزاب، ويجب أن يكون لدينا كوادر سياسية وهناك فرق كبير بين المعارضة وبين الهدم لأن المعارضة المفروض أنها تدفع لتحقيق النماء وليس الهدم وإلى نص الحوار:



■ بداية كيف ترى فكرة الدعوة للحوار الوطنى؟

الحوار الوطنى فكرة إيجابية، وتوقيته مناسب للغاية، وهو خطوة مهمة تؤكد على أن الدولة المصرية حريصة على سماع نبض المواطنين لتحقيق الأمن والأمان، الأمر الذى يؤكد أن النظام الوطنى يريد أن يحقق للمواطنين غد أفضل، مصر تمر حاليا بفترة مثلها مثل العالم كله الذى يشهد اضطرابات، كما أن منطقة الشرق الأوسط لديها اضطرابات، ومشاكل عديدة، إلى جانب آثار الحرب التى حدثت فى أوروبا وروسيا أو بين حلف شمال الأطلسى وروسيا، ولا يستطيع أحد حاليا أن يجزم وموعد انتهائها بجانب التحديات التى تواجه مصر على جميع حدودها الجنوبية والغربية وأيضا الارهاب الذى يحدث فى سيناء، ولكن رغم كل هذا مصر صامدة وقوية ومتماسكة، الحوار الوطنى هو دعوة الى لغة واحدة وفهم مشترك حول القضايا الرئيسية التى تواجهها مصر، وأرى أنها حققت توازنا فى السياسة الخارجية يشهد به القاصى والدانى كما أنها حريصة على أمنها القومى وكل هذه أمور يجب أن يكون الجميع متفقا عليها، ويجب أن يكون الحوار حول أساليب وسبل مواجهة الازمة الاقتصادية، وكيفية النهوض بالخدمات الأساسية من الصحة والتعليم وغير ذلك، وهذا هو الطبيعى لأنه عندما تكون وجهات النظر المختلفة أمام القيادة فإنها تعطيها فرصة أكثر لأن تطلع على الفكر الممثل بجميع المكونات حول قضايا محددة.

 ■ ما الآليات التى يجب على القوى السياسية وضعها فى اعتبارها لتحقيق أهداف الحوار الوطنى؟

 القوى السياسية يجب عليها أن تعد نفسها جيدا لأن الحوار الوطني ليس مجرد اجتماع ولكن عليهم أن يعدوا ورقة عمل واضحة نخرج منها بالتأكيد على أن مصر دولة حديثة ودولة مدنية - دولة مدنية – يعنى أنها دولة يتساوى فيها الجميع فى الحقوق والواجبات ولا يفرق فيه بين مصرى ومصرى بسبب الدين لأنه لا يوجد لدينا أعراق مختلفة التى تلعب قوى الهدم على إثارتها وعلينا مسئولية تأكيد ذلك فى الحوار الوطني وأتصور أن كل من ينتمى لهذا الوطن يجب أن تكون قضايا الأمن القومى المصرى مقدسة ولا خلاف حولها، وأود أن أوضح أن البعض يعتقد أن كلمة دولة مدنية هى عكس ما يسمى بالدولة العسكرية وهذا ليس المقصود لأن فرنسا حكمها الجنرال «ديغول» وأمريكا حكمها الجنرال «ايزنهاور» هل معنى ذلك انها ليست دولة مدنية، بالتأكيد لا، لكن أسلوب الحكم والدستور واستقلالية القضاء هى الركائز للدولة المدنية، وكل هذه الركائز موجودة فى مصر يحتاج منها البعض إلى تطوير – نعم- ولكنها موجودة ويجب أن يتم تطويرها خلال جلسات الحوار الوطنى.

■   ما  أبرز المحاور التى يجب أن تناقش خلال الحوار الوطنى؟

 المحور الاقتصادى أهم المحاور التى يجب أن يبدأ بها جلسات الحوار الوطنى بجانب التأكيد على أن أمن مصر فوق أى اعتبار وكل هذه الأمور المفترض على أنها محل اتفاق وهناك محاور أخرى مثل الصحة والتعليم والثقافة وكلها تكمل بعضها، وليسوا فى حاجة إلى الفصل بينهم، لأن التعليم مطلوب وأساسى، وكذلك الصحة أما الثقافة فهى التى تخلق الفكر النقدى الرافض للفكر المتطرف وكلها محاور تهم المواطن.

■ فى رأيك كيف ينعكس الحوار الوطني على صورة مصر خارجيا؟

بالتأكيد سيكون له انعكاسات على صورة مصر خارجيا وستكون ضربة قاصمة لجماعة الهدم التى تعمل اَليتها باستمرار للهجوم على مصر، وأعتقد أن الحوار الوطنى فى الأساس موجه لنا فى الداخل ولكن سيصدر صورة للخارج بالتأكيد على أن مصر بها آراء مختلفة تقال بمنتهى الموضوعية والواقعية وهو ما يضيف إلى صورتنا فى الخارج.

 ■ كيف يساهم  الحوار الوطنى فى بناء جبهة داخلية قوية وخلق مناخ سياسى جديد للحياة السياسية والحزبية فى مصر بشكل فعال يستوعب الجميع؟

الحوار الوطنى بالتأكيد سيعمل على تقوية وصلابة الجبهة الداخلية وسيكون له نتائج ايجابية من خلال تشكيل وبناء جبهة داخلية قوية بالاتفاق على المبادئ الأساسية القائمة على مبدأ قبول الاختلاف وان الاختلاف والنقد لا يعد خروجا على الدولة، ولا يعنى ذلك أن المختلف مع الدولة فى خصومة أو عداء معها ولا مع النظام السياسى وإنما هى اختلاف فى الرؤية، ويجب أن يتم الاتفاق بسرعة على مخرجات الحوار الوطنى وهو الأمر الذى سيزيد من صلابة الدولة. 

■ فكرة الحوار الوطنى ليست جديدة كيف تنجح هذه الفكرة رغم تكرارها وما هو الاختلاف بينهم؟

فكرة الحوار الوطنى ليست جديدة على مصر وحدثت مسبقا ونجاحها يكون حسب ظروف كل مرحلة والحوار الوطنى الذى دعا له الرئيس السيسى خلال حفل افطار الاسرة المصرية رمضان الماضى جاء فى توقيت مهم خاصة أن المحيط الذى تعيشه مصر حاليا مختلف عن ستينات القرن الماضى، كما أن الاوضاع مختلفة تماما عما حدث بعد حرب أكتوبر أو بيان 30 مارس بعد نكسة 67، والآن مصر فى مرحلة حققت فيها الاستقرار واستجابت لنداء ضمير ووجدان الشعب الذى انتصر وتحقق هذا بقوة فى 30 يونيو و3 يوليو عندما خرجنا جميعا وهذا كان نداء حقيقيا للشعب الذى استشعر الخوف على دولته ونحاول أن نؤكد على هذا المعنى من خلال جلسات الحوار الوطنى، والذين خرج الشعب ضدهم هم الآن الذين يحاولون اثارة البلبلة وبالتالى نؤكد أن 30 يونيو لم تكن مظاهرة ولكن كانت تعبيرا عن وجدان الشعب.

■ المنطقة العربية بها أيضا حوارات وطنية مثل الجزائر وتونس وهناك محاولات لبناء الدولة فهل هناك تشابه بينهم أم لا؟ 

الحوار الوطنى موجود فى عدة دول عربية ولكن لا يوجد أى أوجه للتشابه والاختلاف بيننا وبينهم كبير، لأن الحياة الحزبية لدينا قديمة وكانت لدينا أحزاب فى الثلاثينات والأربعينات قوية وكان السباق بينهما قوى وهذه التجربة ليست جديدة ولكنها قديمة، ثم إن حجم مصر والتحديات التى تواجهها يفرض عليها حجم تحديات أكبر من الدول الأخرى، تونس وأى دولة تمر بمرحلة بعد سيطرة الإخوان عليها تحتاج الأمور فيها إلى إعادة صياغة داخلها، وبالتالى فكرة من يعيد صياغة فكر محدد لطرحه على الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى يتم من خلال حوار حوله ومن ثم يعبر عن رأى الأغلبية وهو نفس الوضع للجزائر بعد ما عاشت العشرية السوداء جاءت مرحلة حصل فيها نوع من أنواع التراخى أدى إلى إهمال شديد فى كل شيء وبدأت تظهر القوى المستفيدة والمستغلة لهذا الموقف وحدث رد فعل شعبى ضدها وتحاول الآن أن تبلور مطالب الشعب فى ورقة تصور حول كيف يتم تحقيق هذا والتأكيد عليه، وكلها أمور غير متشابهة مع فكرة الدعوة إلى عقد حوار وطنى فى مصر.

 ■ ما دور الأحزاب السياسية  لنجاح الحوار الوطنى؟

 للأسف الأحزاب السياسية ليس لها تواجد، وأن الأوان أن يكون هناك نشاط لها، ولا يكون تواجدها على شكل لافتات فقط، وعليها أن تنزل الى الشارع لتستشعر مطالب الناس، وتكون أداة للرقابة على الأداء التنفيذى، المشكلة ليست فى التوجيهات الرئاسية لأنه عندما تأتى إلى مواقع التنفيذ هنا يحدث الخلل، ومن هنا مسؤولية الأحزاب أن تكون هى العين التى تتابع الأداء حتى يشعر بها المواطن وعلى الأحزاب أن تضع نفسها مكان القائمين على السلطة وترى ما هى مطالب المواطن.

■ ماذا عن دور المعارضة خلال جلسات الحوار الوطنى؟

يجب أن يكون دور المعارضة متابعة تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى وألا يكون معارضا فقط لكونه مخالف لرأى فى سياسة معينة، واقصد بها اَلية من اَليات التنفيذ، مثلا من الممكن أن تكون مشكلة ما فى حاجة إلى إصلاح وهناك بعض الآليات لها رأى مختلف هل معنى ذلك أنها ترفض، بالتأكيد لا، ولكن هذا الاختلاف هو تدعيم لنجاح التجربة، وهناك فرق كبير بين المعارضة وبين الهدم لأن المعارضة المفروض انها تدفع لتحقيق النماء وليس الهدم.