الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكاتبة سارة سعد هجرس فى حوار لـ«روزاليوسف»: «الكوميديا تموت بالعالم».. ولا أخشى الجرأة فى تناول الموضوعات دون ابتذال

لم تعهد الساحة الفنية كثيرًا كاتبة فى فن الكوميديا، غالبًا ما كان هذا الفن حكرًا على الرجال خاصة فى مجال التأليف والكتابة، ويبدو أن سارة هجرس قررت كسر هذه القاعدة المعتادة وخوض مجال الكتابة بجرأة وقوة واحتراف، شاركت مؤخرًا فى كتابة بعض حلقات مسلسل «الكبير أوى» فى ورشة تحت إشراف محمد عز الدين ومصطفى صقر، وكتبت بعض المسرحيات المصورة مع الفنان أحمد أمين بجانب إعدادها للبرنامج الكوميدى الأكثر شهرة «البلاتوه» حيث شكلت فيه ثنائيًا فنيًا مع أمين، عن خوضها مجال الكتابة للكوميديا قالت سارة فى هذا الحوار:



■ كيف كان التحول من الفنون الجميلة إلى التأليف؟

- لم يكن مخططًا فى حياتى احتراف مهنة الكتابة، التحقت بكلية الفنون الجميلة مارست الفن التشكيلى اشتغلت فى تصميم الكتب لم تكن لى علاقة بالكتابة إلا مجموعة محاولات بسيطة للتسلية والمتعة، البداية جاءت فى الأساس من تأثرى بوالدى الكاتب الكبير سعد هجرس، هو محلل اقتصادى وسياسى كبير، نشأت فى منزل استثنائى كان من حسن حظى أن لدينا دائمًا صالونات شبه دورية, معظم الفنانين والأدباء والشعراء والسياسيين مثل, نجم والشيخ إمام وسيد حجاب، كانوا من بين أصدقاء والدى يعتادون زياراتنا بالمنزل، اعتبرها بيئة استثنائية خاصة أننى كنت شديدة الالتصاق بوالدى وبطبيعة الحال هيأت لى هذه الأجواء حالة خاصة نمت حبى للقراءة وتركت فى أثرًا كبيرًا لا يمحى فأصبحت أجيد الكتابة حتى ولو مجرد خواطر فى البداية. 

■ كيف بدأت ممارسة الكتابة للكوميديا؟

- بدأت على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بمجموعة كتابات أو يوميات شخصية مثل «سيرة ذاتية» عن زوجى وأبنائى أطلقت عليها اسم «حدث بالفعل» ثم جمعتهم فى كتاب بعنوان «أخبار سارة»، والدى لفت نظرى أن لدى حسًا فنيًا فى الكتابة لكننى عادة ما كنت اتخذ المسألة على سبيل المزاح، ولم تتطور إلى شكل جاد إلا فيما بعد، دراستى فى الفنون الجميلة جمعتنى بالفنان أحمد أمين ومجموعة صناع برنامج «البلاتوه»، كنت وقتها أكتب الشعر ونجلس معًا فى جلسات سمر على المقهى، وكان أمين يحرضنى على الكتابة لكننى كنت أرفض بشدة.

■ لماذا؟

- لأننى كنت أرى أن جلساتنا مجرد قعدات مضحكة نتبادل النكات فيما بيننا لأننا فى إطار ضيق مع الأصدقاء، لا أظن أنها مثيرة للضحك إذا خرجت للجمهور، كما أننى كنت أرى كتابًا مهمين فى مجال الكوميديا, لذلك رفضت أكثر من مرة لعدم اقتناعى بصلاحية ما أكتبه للعرض العام، ثم التقيت مع أحمد أمين فى أحد الأيام, وقال إنه سيقدم عملًا جديدًا بالتواصل الاجتماعى بعنوان «ازاى تعمل أى حاجة فى 30 ثانية».. على اليوتيوب كتبت معه ونجحت الحلقات ثم قرر فيما بعد عمل ديجيتال قدمنا برنامج «البريك» كانت مجموعة حلقات لطيفة، أحدثت صدى كبيرًا نجح جدًا, حلقة «أنواع الطنطات» كان لها أثر كبير.

■ وماذا بعد «البريك»؟

- فوجئت أن أحمد أمين يطلب منى ترك عملى فى تصميم الديكور والتفرغ للعمل معه ووقتها بدأنا فى إطلاق برنامج «البلاتوه»، كان عملًا متواصلًا، والحقيقة أن زوجى دفعنى وبشدة للتفرغ لهذا البرنامج، أعتقد أننا قدمنا من خلاله نوعًا جديدًا من الكوميديا، كان شكلًا يحمل حالة من التحدى والتمرد على السائد والمألوف، كان التحضير عبارة عن ورشة كتابة بدأنا ورشة كتابة مع شريف عبد الفتاح وتمت زيادة عناصر فى كل موسم،  كنا نجلس جلسات ممنهجة حتى خرج المنتج النهائى بهذا الشكل، نبدأ بتحديد الموضوع ثم طريقة وأسلوب تناوله، قدمنا أفكارًا كثيرة غطت كل جوانب البيت المصرى.

■ كيف كان العمل فى هذه الورشة الممنهجة؟

 - كما ذكرت نحدد الموضوعات ثم التيمات ثم الفرضيات، هناك ثلاثة أنواع بالبرنامج اسكتشات، مونولوج، وأغانى، كل منا كان مسئولًا عن جزء هناك من يكتب الاسكتش، حيث اعتمد البرنامج بالأساس على تقديم حلقات تعتمد على الفن الساخر، فكرته أنه يتمرد على السائد هذه طريقته فى التعبير “التمرد”، ليس بمعنى التنمر فنحن نفكك الأفكار ثم نعيد تركيبها من جديد، هذا سر قوة الكوميديا أنها تحرض الجمهور على التفكير.

■ إذن كيف جاءت تجربة المسرح؟

- قرر أحمد أمين خوض تجربة المسرح لكن فى البداية خشيت من التجربة ورفضت المشاركة بها لأن ما سبق أن قدمناه كانت فورمات جديدة اخترعنا طريقة المونولوج والبرنامج الساخر لتناول أوضاع اجتماعية سائدة، والموضوع سهل وبسيط واعتدنا عليه جميعًا، لكن المسرح شيء آخر، وله تكنيك مختلف فى الكتابة درست مسرحيات لينين الرملى والفريد فرج حتى أتعلم كيف تكتب المسرحية كانت تجربة جيدة فى “ أمين وشركاه”, كتبت من5 أو6 إلى 10 مسرحيات.

■ ما الفرق بين الشكل الكوميدى فى برنامج البلاتوه والمسرح؟

- لا أستطيع تحديد الفرق فى تكنيك الكتابة بشكل تفصيلى, لكن على سيبل المثال هناك إفيهات فى التليفزيون أثناء إلقائها بالبرنامج إذا تم وضعها على المسرح قد لا ينتبه لها الجمهور، وكأنها لم تسمع، المسرح يحتاج أشياءً واضحة صارخة للضحك بشكل أقوى الإفيهات الذكية للتليفزيون يكون لها شكل آخر فى الصياغة بجانب أداء الممثلين فى التليفزيون يختلف عن المسرح تمامًا.

■ هل الكاتب الكوميدى المثقف قد يكون ثقيل الظل؟

- الكوميديا بالتحديد سواء كان كاتبًا أو ممثلًا لأنه فى النهاية صانع محتوى يحتاج أن تكون لديه خلفية يستند عليها، بدون هذه الخلفية قد يصبح مجرد مضحكاتي، الضحك فى حد ذاته رسالة عظيمة، وأصحاب الخلفية الثقافية يصنعون الضحك بذكاء وقوة، لأنه يعى تماما «يعنى ايه ضحك».. الكوميديا بالتحديد تحتاج ذكاء شديد خاصة والعالم أصبح مفتوح والناس متنوعة والمنصات.

■ هل هذا التنوع يصعب المسألة على المؤلفين؟

- التنوع يمنحنا حالة من الثراء وبالطبع يعلى مستوى المنافسة لكن أحيانًا هناك فئة من الشباب قد لا أفهم منطق ضحكهم, بمعنى هناك أشياء بالنسبة لى قد لا تكون مثيرة للضحك بينما أجد لها صدى كبيرًا لدى شباب فى سن المراهقة.

■ هل اختلاف الأجيال يشكل لكم تحديًا كبيرًا؟

- بالتأكيد لذلك أثناء صناعة برنامج «البلاتوه»، حرصنا على تقديم كوميديا بلا توجه واضح، كان تركيزنا على الكوميديا المحايدة، وأهم شىء المتابعة الدائمة والانفتاح حتى لا نكون معزولين عن الواقع وما يحدث حولنا، لأن الكوميديا أصعب كثيرًا, شارلى شابلن كان يقول دائمًا ..»إذا قلت لك نكتة سوف تضحك جدًا أول مرة، وفى المرة الثانية ستضحك بينما سوف تبتسم فقط فى المرة الثالثة، لكن فى الحزن من الممكن أن أبكيك بنفس القوة فى كل مرة», وبالتالى الضحك صعب وفترة الاحتفاظ به قصيرة.

■ فى رأيك لماذا تمكنت الأعمال القديمة من الاحتفاظ بضحك الجمهور حتى ذلك اليوم؟

أظن المسألة لها علاقة بأن الموضوع يلمسنا بقوة، مثلًا مسرحية «العيال كبرت» مشاكل الأبناء مع الأب موجودة ولم تتغير حتى اليوم، وكذلك مدرسة المشاغبين، الفكرة مازالت قائمة حتى ولو تغيرت مفرداتها اجتماعيًا, فنحن نرتبط بهذه الأعمال لأننا نرى أشياء منا بها.

■ لماذا هناك حالة تراجع فى ممارسة المرأة لفن الكوميديا سواء على مستوى الكتابة أو التمثيل؟

لا أعلم لكن هناك مقولة سائدة أن «النساء لا يضحكن والرجال أخف ظلًا» .. ليس لدى سبب واضح لكن قد يكون بسبب تراجع الإنتاج.

■ هل الأزمة تتعلق بأن قيم المجتمع قد تمنع المرأة من الجرأة فى إلقاء الإفيهات والإضحاك؟

أحيانًا يقال أن المرأة لا تستطيع أن تكون جريئة، لكن أعتقد أننا لدينا حدود بشكل عام بطبيعة الحال فى موضوعات محددة سواء فيما يتعلق بالرجال أو النساء، نحن محددون حتى بسبب اختراع مصطلح الصوابية السياسية الذى أصبح يضيق الخناق علينا جميعًا، لكننى لا أخشى التمرد والجرأة، ولدى حدود أضعها لنفسى لأن الكتابة مسئولية كبيرة لا أحب أن يكتب اسمى على عمل يحمل ابتذالًا لأننى لدى تحفظ على الفن الهابط، لكن ليس هناك فروق لها علاقة بالجنس عند الرجل والمرأة، وقد لا تأخذ المرأة نفس المساحة لعدم جرأة بعضهن على التخلى عن جمالهن فى مقابل عمل كوميدى لذلك قد لا تحظى النساء بنفس المساحة.

■ بعد انتشار مصطلح الصوابية السياسية هل هناك ردة بالمجتمع فى استقبال الضحك؟

ليس المجتمع المصرى على وجه الخصوص هناك توجه فى العالم اليوم، هناك أشياء لا يصح التحدث عنها كل شيء أصبح ممنوعًا ومصنفًا لأشكال محدددة، الناس أصبح لديها خط جديد، فكرة الصوابية السياسية اتخذت أبعاد صعبة عندما نتحدث عن رفض العنصرية أو التنمر على الأشخاص شيء، وتحديد شكل السخرية أو تناول موضوعات فى عمل فنى شىء آخر كيف يتم منع الفن من مناقشة هذه القضايا كيف سنتحدث عن شخصية سلبية أصبح العالم كله، كل الناس ضد الإساءة بشكل مفتعل.

■ هل المساحات تضيق؟

اليوم أصبحت هناك مقولة شائعة أن «الكوميديا تموت».. بسبب التضييق وتحجيم تناول بعض الموضوعات، لابد أن يكون هناك نوع من الوعى والإدراك للكتابة هل ما نقدمه يروج لعنف أو اضطهاد فئة بعينها هذا لم يحدث على الإطلاق، هذه الأشياء أصبحت تنسحب على الفن وهذا مقيد للغاية غير الرقابة الرسمية هناك رقابة اجتماعية أصبحت مزايدات.