الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

خطيبى و«المواسم» المهدرة

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل فتاة فى العقد الثالث من العمر، حاصلة على مؤهل متوسط، أعيش بإحدى قرى محافظات الوجه البحري،، مثل كثيرات تمثل فترة الخطوبة بالنسبة لى الكثير من المشاعر الجياشة وإثقال الخبرات، حالة من الحب والعواطف لا توصف خلال تلك المرحلة الجميلة من العمر، يُكَوِّنُ كل طرف إلى حد كبير رأيه وانطباعاته عن الآخر - ليس هذا وحسب، بل وكل المحيطين من الأهل والأصدقاء، يسجلون ملاحظاتهم عن تلك العلاقة وهى فى مهدها ومدى نجاحها.. خطيبى من قرية مجاورة لقريتنا، حاصل على مؤهل فوق المتوسط، يعمل محاسبًا بأحد المطاعم بالمدينة، وهو إنسان طيب القلب، محبوبًا من الجميع ومتدين، تقدم لى منذ ٤ أشهر بعد أن رشحتنى له إحدى صديقاتى وهى قريبته، بسؤال أهلى جيدًا عن أخلاقه عرفوا عنه كل خير، لم يصلهم أى مردود سلبى عن شخصيته يدفعنا للتراجع عن الموافقة عليه، من بين تلك الصفات أنه كريم ومتدين ومعطاء،  لكن لا أجد تفسيرًا واضحًا لما يحدث معى ويمثل لغزًا يلح بالسؤال - أين “مواسمي” كما جرت العادة!؟، وكيف لا يدرك أهميتها كعرف سائد بين كل الناس، حيث تنتظر العروس بعض من الهدايا فى مواسم مثل عيد الفطر والأضحى والمولد النبوى... إلخ، على شكل سلع غذائية وما شابه، يرسلها العريس فتتباهى عروسه بها أمام أهلها، وهى تمثل تقديرًا  رمزيًّا لإعجابه وتقديره لها، لذا تتدافع أسئلة أخرى بخاطرى أستاذ أحمد مثل - لماذا لم تنبهه شقيقاته ووالدته لهذا الحق المهدر، أم هو تصرف مقصود تجاهي!، فى حين أن أهلى يتساءلون عن الأسباب بتعجب وعدم رضا.. قبل عيد الأم الأخير فاجأته بتقديم هدية لحماتى على سبيل إنعاش ذاكرته لهذا الأمر، فوجدته يقوم بالمثل، اشترى هدية هو الآخر وقدمها لوالدتي، وهى أخذتها منه بترحاب شديد، رغم عدم امتنانها فيما بيننا لغضه الطرف عن تقديم “المواسم”، شقيقتى الكبرى تطالبنى بسؤاله ومعاتبته على هذا التجاهل، وتقول لى بأنه لابد من وضع النقاط على الحروف قبل الوصول لكتب الكتاب بعد عام ونصف العام من الآن، حسب الاتفاق بين العائلتين، وأنا إنسانة قليلة الخبرة ومندفعة، أخشى أن أخسره عند مواجهته بهذا التقصير، إلا أننى بدأت أتغير معه فى معاملتى أثناء زياراته الأخيرة، أجلس غير فرحة بقدومه وهو يتعجب لذلك، ويسألنى وكأنه لا يدرك تصرفاته، أتحجج بأى شيء بعيدًا عن ضيقى منه شخصيًا، مما يضطره للانصراف سريعًا على غير عادته بأيام الخطوبة الأولى، العلاقة بيننا فى طريقها لنسج خيوط الملل والرتابة حولنا، وأنا يومًا بعد يوم أشعر بالضيق تجاهه بعد أن أصبح مادة للسخرية من شقيقاتي، وبأنه لا يمتلك خبرات فى قراءة المواقف المحيطة به ويتسم بالبرود والبلادة، بل ويصرحون أمامى بأنهم يخشون عليَّ بعد الزواج أن تصبح حياتى صعبة معه،، لا أعرف ماذا أفعل، هل أصارحه بما يدور بداخلى وأسباب حزنى الحقيقية وتغيرى معه، أم أتركه الآن ونحن لانزال على البر، خوفًا من مستقبل غامض مع إنسان يبدو قليل الحيلة، أو ربما بخيل هو وأهله، فبماذا تنصحنى؟ 

إمضاء خ. ق

عزيزتى خ. ق تحية طيبة وبعد...

ذكرتى ضمن تفاصيل رسالتك أن أهلك سألوا جيدًا عن خطيبك، وجاءت انطباعاتهم إيجابية والحمدلله، من بينها أنه إنسان كريم، معطاء وملتزم، وجميعها صفات تدعو للتفاؤل.. وصفة مثل الكرم على وجه التحديد لا تلتصق بصاحبها مصادفةً - بل لها دلالات على أرض الواقع، مثل أن يكون الرجل ترك أثرًا من السخاء جعل الناس تتذكره به، ومواقف مَيَّزَتْهُ بالعطاء وعدم الحرص المفرط،، ومن الواضح أيضًا أنه نجح فى الفوز برضاكِ وقبولك، خلال فترة زمنية قصيرة من الخطوبة حتى الآن، مما دفعك لوصف تلك المرحلة بأنها تتميز بالعواطف الجياشة وتدفق الحب، وهذا أيضًا شيء رائع، أن تشعر العروس بمشاعر دافئة وحميمية تتولد فطريًا تجاه خطيبها، بسبب انطباعها الأول عنه، مما يجعلها تعيش حالة من الرضا. ومع كل ما سبق دعينا نتفق أن بضعة أشهر لا تعد كافية للاستدلال الكامل عن طباع وميل كل طرف تجاه الآخر، لذا أدعوكِ ألا تتعجلى فى الحكم عليه، وألا تركزى كثيرًا مع آراء شقيقاتك حول شخصيته، فأنتِ من تجلسين معه فى زياراته لكِ، وأنت المسئولة الأولى والأخيرة عن تكوين رؤية واضحة تجاهه، تساعدك على اتخاذ القرار المناسب،، وربما أجدها فرصة جيدة من خلال مشكلتك، لتسليط الضوء على ضرورة أن يتسم الطرفان خلال الخطوبة، أو حتى بعد الزواج وبداية حياة جديدة، بالهدوء والتوازن فى تقييم كل منهما للآخر، وعدم الانخراط فى سماع أطروحات أو تكهنات الآخرين والتركيز معها، لأن هذا الأمر من شأنه ضرب الثقة بينهما وتشكك كل منهما فى إخلاص الآخر، سواءً مع إفصاحهما عن تلك المشاعر الداخلية المركبة، والناتجة عن تسليم الأذنين للغير دون وعي، أو تخزينها ثم البوح بها بشكل صادم أوعشوائى فيما بعد،،، لذا أنصحكِ ببناء استراتيجية من التواصل المثمر والمؤثر، غير المحبط مع خطيبك، تُلمِّينَ خلالها بظروفه المادية جيدًا وبشكل غير مباشر، حتى يتثنى لكِ تحديد ما إذا كان يتجاهلك عن قصد كما تظنين، أو نظرًا لضيق ذات اليد وعدم استطاعته مؤقتًا - أما وإن كان ميسورًا فلا بأس من أن تشرحى له بلطف وود، عن طبيعة تلك العادة المسماة بتقديم “المواسم” للعروس، فى مناسبات مختلفة وتبادلها مثل عيد الأم، استغلى تلك اللفتة الذكية التى بدأتِ أنتِ بها، فى شحذ همم العطاء لديه، وكم كان واقع هديته رائعًا على والدتك، وأنكِ لا تؤمنين بأهمية تلك العادة - إلا من باب جبران الخواطر فقط، وتعرفين جيدًا أن قدرك عنده أكبر من رمزية تلك الهدايا مهما كانت، ثم اخبريه بأنك تنقلين له واقعًا متوارثًا  ومتداولًا بين العائلات، كما تؤمنين بأنكما تكملان بعضكما البعض فى كل شىء، حتى فى المعرفة وتبادل الآراء، وأكدى بأنه غير مطالب بما هو فوق طاقته عند كل مناسبة، بل فقط ما فى استطاعته.. وإذا فضفض لك وأزاح الستار عن ظروفٍ  مادية صعبة يعيشها فى الوقت الحالى، وتجعله يقصر بعض الشىء، فلكِ أن تختارى بين قيمته كرجل فى حياتك، يستحق التضحية من أجله والصبر عليه، عطفًا على سمعته الطيبة التى سبقته إليكم، أو الاعتذار عن تكملة المشوار من الآن وليس بعد الزواج، لأنكِ إذا لم تصبرى الآن عن طيب خاطر، فلن تستطيعى أن تكتسبى تلك الصفة بعد الزواج.. وتبقى نصيحتى الأخيرة لكِ عزيزتى، بأن تستغلى تلك الفترة الجميلة من العمر، فى تحقيق التجانس وثقل الخبرات، لا مثلما نصحتك شقيقتك، بضرورة وضع النقاط فوق الحروف قبل كتب الكتاب بمادية زائلة- لأن النقاط الحقيقية التى تصبغ الحياة الزوجية بقدسيتها المعهودة، هى تلك التى نرى بها الخوف فى عيون كل طرف على مشاعر الآخر. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا خ. ق