الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مش عايزة أتجوز

لماذا يتمرد الشباب على القفص الذهبى؟

ترددت «هند محمد – 38 عامًا وتعمل طبيبة» كثيرًا فى الموافقة على العريس الذى تقدم لخطبتها، وبعد تفكير طويل وجلسة من «الخد والهات» مع النفس قررت أن تختبره فترة الخطوبة وإذا شعرت بالراحة معه ستكمل المشوار إلى النهاية الطبيعية وهو الزواج، وإن لم تشعر بالراحة فستتركه رافعة شعار «الباب اللى يجى لك منه الريح سده واستريح». هذا لم يكن حال هند بمفردها، لكن “أحمد سعيد – 28 عامًا ويعمل محاميا” تراجع بضع خطوات للخلف بعدما كان مقبلًا على التقدم لخطبة إحدى الفتيات، حيث اكتشف أنه ليس مستعدًا حتى الأن من خوض هذه التجربة التى تعد الأهم فى حياة أى إنسان، ويتمنى أحمد أن يكون جاهزًا “من مجاميعه” قبل أن يدخل من الباب طالبًا من الأب يد ابنته، فهذه هى الرجولة من وجه نظره.



أما ياسمين سليم “37 عامًا وتعمل مدرسة” فقد عانت خلال زيجتها الأولى من العنف البدنى والنفسى وهذا ما دفعها إلى رفع دعوى خلع، وظلت طوال سنوات عديدة تعانى من الخوف السير بمفردها فى الشارع حتى لا تتعرض للضرب مرة أخرى، أما فكرة الزواج للمرة الثانية فهى من رابع المستحيلات بالنسبة لها، ببساطة لأنها ترى أنها “تعقدت من الزواج” على حد وصفها.

“أنا مش عايزة أتجوز” ليس شعارًا رفعه بعض الفتيات والشباب ولكنه عنوان جلسة تصوير للمصورة الفوتوغرافية أسماء خليل صاحبة الـ 28  عامًا” من أجل التوعية بضرورة أن تفكرالفتاة ألف مرة قبل الزواج، ولا تقدم على هذه الخطوة من أجل الزواج والسن فقط”، ففى حالة الاختيار الخاطيء لشريك الحياة تعيش المرأة معاناة نفسية وجسدية.

أسماء أوضحت أن الفكرة كانت لموديل وليست فكرتها، وعندما عُرضت عليها رحبت بها للغاية، لافتة إلى أن جلسة التصوير تتناول الضغط النفسى الذى تتعرض له المرأة أحيانًا من قبل أهلها ومن المجتمع،  بضرورة تزويجها فى سن مبكرة خوفًا من وصولها  الـ30 بدون زواج، لاسيما أن كثيرين يعتقدون أن فرص الفتاة فى الزواج تقل بعد تعديها الثلاثين، لذا يبدأ الضغط النفسى على الفتاة  وأنها تقبل بأى رجل  مقابل كسر خوف السن والفستان والطرحة.

 وأشارت إلى أن الجلسة تركز أيضًا على العنف الجسدى الذى تتعرض له بعض الفتيات نتيجة الاختيار الخاطئ والأفكار المغلوطة مثل أن الرجل من حقه تأديب الزوجة كما يشاء بالضرب أو السب وتبدأ فى معاناة جديدة.

وتابعت: “كانت من أصعب جلسات التصوير التى نفذتها لأننى كنت محتاجة أدمج فكرة العنف مع فستان عروسة أبيض الذى له  دلالة على الفرحة والبداية السعيدة، لذا فكرت فى تنفيذ السيشن كله لعروسة مضروبة يوم فرحها وبالرغم من كم الوجع بداخلها إلا أنها مجبرة تبتسم حتى تقول للناس أنها مبسوطة، وهناك صورة وزوجها يضربها بالحزام وهى ماسكة الموبايل وتتصور سيلفى وكانت فكرة مقبضة جدًا”.

من جانبها ترى دكتورة شيماء عراقي، استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى، أن الزواج لم يعد حلم الشباب كما كان فى الماضي، بل أصبحت لديهم أحلام وتطلعات أخرى، وساهم فى ذلك العديد من الأسباب لعل أبرزها الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكلفة الزواج فى ظل الثقافات المنتشرة التى تفرض على الشاب شراء عدد كبير من الأشياء، وبجانب ذلك فإن ارتفاع نسب الطلاق بشكل مرعب أوجدت حالة من الخوف لدى الشباب والفتيات من الفشل بعد الزواج، إذ أن هناك حالة طلاق كل دقيقتين وفقًا لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فكثيرون يرون ويسمعون تجارب زواج فاشلة حولهم، بدأت بقصة حب وفرحة كبيرة وانتهت بانفصال ومشاكل لا حصر لها فتولد بداخلهم شعور بالخوف وعدم الأمان. 

وأوضحت الاستشارى الأسرى أن السوشيال ميديا ساهمت بشكل كبير فى عزوف الشباب عن الزواج، إذ أنها تغطى جانبًا كبيرًا من احتياجاتهم النفسية والجسدية فى بعض المواقع فى ظل الانفتاح الموجود حاليًا، والشاب أصبح مكتفيًا بذلك ولا يفكر فى الإقدام على الزواج، وكذلك انتشار بعض الأفكار المغلوطة المنتشرة على السوشيال ميديا عن الأسرة والتقليل من قيمة الزواج كرباط مقدس والعبث فى الأفكار والعادات والقيم المجتمعية وأن الفتاة قادرة على أن تكون سنجل طوال الوقت والشاب كذلك مما يؤثر على الرغبة فى قبول فكرة الزواج.