الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر تؤمن «صحة إفريقيا»

تأكيدًا على دور مصر الفاعل والمؤثر فى مجال الصحة والرعاية الطبية بالقارة الإفريقية، استضافت القاهرة خلال هذا الأسبوع، فعاليات المؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى الأول، كأول مؤتمر طبى متخصص فى إفريقيا، شارك فيه ممثلو أكثر من 102 دولة، وممثلو الأنظمة الصحية فى القارة الإفريقة.



المؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى الذى نظمته الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبى، أقيم برعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، ويكتسب المؤتمر أهمية كبرى على المستويين القارى والعالمى حيث يعد بوابة القارة الإفريقية والدولة المصرية نحو الابتكار والتجارة، فى المجال الطبى، ليكون بمثابة ملتقى بين الشركات العالمية العاملة بالمجال الطبى والجانب الإفريقى بشكل سنوى، تقوم من خلاله الشركات العالمية بعرض أحدث التقنيات التكنولوجية بالمجالات الطبية المختلفة.

واكتسب المؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى الأول فى القاهرة، أهمية مضاعفة، ذلك أنه يأتى فى توقيت حرج، لا تزال تعانى فيه القارة الإفريقية من انتشار عدة أمراض وأوبئة وتسبب مئات الوفيات سنويًا، فضلًا عن تأثيرات جائحة كورونا على القارة الإفريقية التى عانت من ضعف  توافر اللقاحات والأدوية الخاصة بعلاج هذا الفيروس.

من هذا المنطلق جاء المؤتمر الطبى الإفريقى الأول، يستهدف المساعدة على وضع حلول للمشاكل الصحية على مستوى القارة، وتتفق محاوره مع الهدف العالمى 3 «الصحة الجيدة والرفاه» لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وأيضًا مع الأجندة الإفريقية 2063 التى تركز على زيادة الاستثمارات فى الرعاية الصحية لتعزيز الصحة فى القارة، لضمان الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية الجيدة والوصول إلى أدوية ولقاحات أساسية آمنة وفعالة وعالية الجودة وبأسعار مقبولة للجميع بالإضافة إلى توطين صناعة الأدوية فى القارة. 

رسالة مصر

الرسالة المصرية من استضافة وتنظيم المؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى الأول، لخصها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته بافتتاح المؤتمر، بأن المستقبل لإفريقيا، والسوق الإفريقى واعد، واستدل الرئيس على ذلك بأن عدد سكان القارة حاليًا حوالى مليار و300 مليون نسمة، وخلال 20 عامًا سيتجاوز العدد 2 مليار نسمة، كما أن حوالى 65% من سكان القارة من الشباب، وهذا يعنى أن هناك فرصًا كثيرة فى القارة الإفريقية.

وأوضح الرئيس السيسى أن قلة الموارد فى إفريقيا ليست عائقًا لتحقيق الأهداف، وإنما فرصة لتحقيقها، مشيرًا فى هذا الإطار للتجربة المصرية فى قطاعات كثيرة، ذلك أن مصر كدولة إفريقية ليست لديها موارد كافية ولديها زيادة سكانية كبيرة، ولكن فى نفس الوقت تعامل مع تحدياتها بطرح مبادرات وأفكار جديدة وبإرادة قوية لتجاوز تلك التحديات، مثلما حدث فى مبادرة علاج فيروس سى، وغيرها من المبادرات الصحية الكبيرة مثل إنهاء قوائم الانتظار التى نجحت فى إجراء 1.3 مليون عملية كبيرة فى 3 سنوات وهو زمن قياسى قد لا تستطيع دول لديها موارد أفضل من مصر تحقيقه.

واعتبر الرئيس السيسى فى هذا الصدد أن مصر جاهزة لتقديم تجربتها ونقل خبراتها للأشقاء فى إفريقيا فى مختلف المجالات، سواء كانت طبية أو تعليمية أو فى توفير الدواء، مؤكدًا أن كل الإمكانيات الموجودة فى مصر متاحة للأشقاء فى إفريقيا، ولتبادل الخبرات فى مختلف المجالات، مشيرًا إلى أن لدينا فى مصر تجربة فى كل قطاع يمكن الاستفادة منه، ومن بينها تجربة الشراء الموحد، التى استطاعت توفير الدواء والمستلزمات الطبية المطلوبة لمبادرات الدولة بتكلفة أقل ما بين 30% إلى 50% من تكلفتها.

وأشار الرئيس فى هذا الصدد أيضًا لتجربة مصر فى تعظيم الاستفادة  من مواردها المائية، ففى ظل قلة الموارد المائية ومع الزيادة السكانية، اتجهت الدولة المصرية لتعظيم مواردها ببرامج معالجة المياه الثلاثية، لتكون بذلك أول أو ثانى دولة فى العالم تحقق استفادة من معالجات المياه لصالح شعبها.

 إنقاذ إفريقيا من الأوبئة

فى نفس السياق، أكد الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية، أن القارة الإفريقية تعانى ولا تزال من انتشار أمراض وأوبئة تسبب مئات الوفيات سنويًا، واستشهد على ذلك بانتشار أمراض مثل الدرن، الذى يقتل نحو 500 ألف إنسان إفريقى سنويًا، رغم أن هذا المرض يمكن علاجه وتوفير علاجه والشفاء منه.

نفس الأمر بالنسبة لمرض الملاريا، حيث إن 95% من إصابات الملاريا فى العالم من القارة الإفريقية، و96% من وفيات العالم من الملاريا من القارة الإفريقية، رغم أن هذا المرض يمكن علاجه والشفاء منه، مشيرًا إلى الدور المصرى الفاعل فى هذا الأمر، بوجود «سفينة أنس الوجود»، فى بحيرة ناصر التى تحمل وقاية من هذا المرض فى شمال السودان ولمصر أيضًا.

وأشاد مستشار الرئيس، بالرؤية الاستراتجية للدولة المصرية بإنشاء مدينة الدواء المصرية، التى تستهدف توطين صناعة الأدوية الحديثة فى مصر وإفريقيا، مشيرًا إلى أن المدينة بدأت تضخ إنتاجها لسوق الدواء، وهناك تعاقدات مع كبرى الشركات العالمية لإنتاج الأدوية الحديثة، كالتعاقد مع إحدى الشركات السويسرية لإنتاج أدوية الأورام الحديثة.

وقال إن القارة الإفريقية بما تعانيه من نقص فى مجال الدواء، والرعاية الطبية، فى حاجة للتحرك بشكل عاجل لإنقاذها، خصوصًا وأن مصر لديها إمكانيات يمكن الاستفادة منها. وفى إطار الاستفادة من الخبرة المصرية  فى المجال الطبى والدوائى، أشار د. أحمد أوما، القائم بأعمال مدير الوكالة الإفريقية لمكافحة الأمراض والأوبئة، أن هناك فرصًا مهمة فى أربعة مجالات بإفريقيا، أولها تعزيز الهيئات والمؤسسات التى تعالج أمور الصحة العامة على مستوى البلدان الإفريقية، وكذلك تعزيز قدرات جميع الهياكل العاملة وتدريب كل طواقم العمل، وتعزيز قدرات الدول الإفريقية فى التصنيع الطبى، والاستفادة من خبرة  مصر فى التعامل مع فيروس سى.

مشاركة واسعة

المؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى، أقيم تحت شعار «بوابتك نحو الابتكار والتجارة»، شارك فيه نحو 2000 عضو من أعضاء الوفود الممثلة للهيئات الطبية الحكومية، وكذلك الشخصيات البارزة والرواد فى القطاع الصناعى على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط، كما شارك أكثر من 350 شركة عالمية عارضة قادمة من أكثر من 102 دولة، بجانب مشاركة من وزراء الصحة الأفارقة.

وقدم المؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى فرصة تعليمية من خلال جلسات محاضرات علمية وجلسات تدريبية وورش عمل، حيث قامت لجنة فنية تضم 29 مختصًا فى مختلف القطاعات والمؤسسات الطبية، فى إعداد 24 مؤتمرًا طبيًا علميًا يتضمن ما يزيد على 280 جلسة و20 ورشة عمل، بمشاركة 800 متحدث لمناقشة دعم قطاع الدواء فى القارة الإفريقية، ووصل عدد المسجلين بمنصة المؤتمر والمعرض 35 ألفًا.

مبادرات مصرية لإفريقيا

بخصوص المبادرات الطبية التى يقدمها المؤتمر للقارة الإفريقية، قال الدكتور عادل العدوى رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر والمعرض الطبى الإفريقى الأول، إنه تم إطلاق مبادرة للقضاء على روماتيزم قلب الأطفال فى القارة الإفريقية بمساعدة مصرية، خاصة أن مرض الحمى الروماتيزمية تم القضاء عليه فى دول الغرب.

وأشار إلى أنه خلال المؤتمر تم الاحتفال بمئوية الجمعية الطبية المصرية التى أعدت البرنامج العلمى للمؤتمر، وأعدت أجندة علمية غير مسبوقة لحل مشاكل القطاع الصحى فى القارة الإفريقية.

 

من فيروس سى لكورونا لمساعدات طبية

المبادرات الطبية المصرية لدعم القطاعات الصحية بالقارة الإفريقية

 

تحتفظ الدولة المصرية برصيد كبير فى تقديم الدعم الطبى والصحى واللوجستى لغالبية دول القارة، وتعددت قوافل المساعدات والدعم من مصر خلال السنوات الأخيرة لجميع دول القارة دعمًا للأنظمة الصحية بها، خصوصًا فى فترة الإغلاق الدولى المصاحبة لجائحة كورونا.

وقدمت الدولة المصرية فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى مجموعة من المبادرات الصحية والطبية لصالح الأشقاء فى الدول الإفريقية، فى مقدمتها مبادرة دعم القطاع الصحى بإفريقيا، والتى تستهدف تقديم مساعدات للقطاعات الصحية بدول القارة بإجمالى تكلفة ١١,٧٢٦ مليون جنيه، تشمل ٥٧٢ ألف دولار.

ومن بين المبادرات أيضًا كانت مبادرة علاج مليون إفريقى من فيروس سى، التى أطلقها الرئيس بالتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، حيث تم تنفيذ المبادرة فى عدد من الدول الإفريقية، وشهدت المبادرة إقبالًا كبيرًا من المواطنين الأفارقة فى عيادات الفحص والتى حملت شعار «تحيا مصر إفريقيا».

ومن بين برامج الدعم المصرى لإفريقيا، كانت المساعدات المصرية للأفارقة فى مواجهة جائحة  كورونا، حيث كانت القاهرة داعمًا أساسيًا لدول القارة فى ظل انشغال معظم دول العالم بوضعها الصحى الداخلى، حيث قامت الدولة المصرية ومؤسساتها بإرسال مساعدات عاجلة لدول القارة الإفريقية، فقد تم إرسال مساعدات إلى 30 دولة إفريقية.

وجاءت قيمة المساعدات حوالى 4 ملايين دولار فى شكل مساعدات عينية طبية، لمساعدة الدول الافريقية فى جهودها لاحتواء التحديات الناجمة عن انتشار جائحة كورونا، وجاءت هذه المساعدات على ثلاث مراحل حيث شملت المرحلة الأولى 10 دول إفريقية، بقيمة تقارب 1.6 مليون دولار، ثم الشريحتين الثانية والثالثة استهدفت 20 دولة إفريقية.

وجاءت أحدث برامج الدعم للقارة الإفريقية ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى افتتاح المؤتمر الطبى الإفريقى الأول بالقاهرة، عن توفير 30 مليون جرعة لقاح كورونا للدول الإفريقية، يتم توزيعها بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقى.