الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

روزاليـوسف تواصلـت مع جميـع أطراف الأزمـة

كواليس استعادة لوحة «الجزار» المفقودة بعد50 عامًًا من اختفائها

ظهور اللوحات المفقودة، ربما أصبح أمرًا طبيعيًا خصوصا فى السنوات الأخيرة، ولكى نكون موضوعيين لدينا تفسير بسيط لأسباب ظهور اللوحات، أولا: أن قيادات الماضى كان ليس لديهم تخوفات من سرقات اللوحات ولا توقعات بالتزييف والتقليد ولا انتابهم تشكيك أو قلق فى طول فترة الإعارات سواء الخارجية أو الداخلية، وسبب آخر لظهور اللوحات المفقودة للرواد مرتبط بدخول اللوحات الفنية عالم الاستثمار وعالم المزادات العالمية، وهنا يجب أن نثنى على أهم وأبرز قرار اتخذته وزيرة الثقافة دكتور إيناس عبدالدايم بمنع الإعارات إلا بقرار وزارى، وأيضا قطاع الفنون التشكيلية فى مراجعاته الدائمة للأعمال المتحفية ولتصحيح تراكمات أخطاء الماضى. 



تابعنا باهتمام فى الساعات الأخيرة، ظهور لوحة «من وحى فنارات البحر الأحمر «للفنان الرائد» عبدالهادى الجزار (1925 - 1966) إنتاجها عام 1964، تم إعارتها داخليا عام 1971 لمكتب وزير الثقافة الأسبق «بدر الدين أبو غازى». وغير معلوم تحديدًا زمن فقد اللوحة، وتاريخ إعارتها عام 1971 لا يعنى أنها فقدت منذ 50 عاما، وبين بيان التحذير ومنع بيعها واستعادتها 72 ساعة، فماذا حدث خلال الـ72 ساعة، كيف عرفت عائلة الجزار بوجود اللوحة؟ من وراء استعادتها بهذه السرعة، وأين كانت طوال هذه السنوات؟ تفاصيل وكواليس نسردها لكم.

 

تحذير بمنع البيع 

 

وردت إلى وزارة الثقافة وقطاع الفنون التشكيلية، معلومات باحتمالية حدوث عملية بيع لوحة للفنان «عبدالهادى الجزار»، وتكشف أن العمل يُعد مفقودًا منذ اكثر من 50 عاما، وأصدر دكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية ووزارة الثقافة بيانًا تحذيريًا بمنع التعامل بالبيع أو الشراء مع هذا العمل، ومحتفظون بالحق فى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية للحفاظ على التراث الفنى الوطنى. 

 ومن جانب السيدة الدكتور «فيروز الجزار» ابنة الفنان «عبدالهادى الجزار»، نشرت صورة العمل بصفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى وأرفقته بالبيان، أن اللوحة للجزار بعنوان «من وحى فنارات البحر الأحمر»، وقدمت الشكر لوزيرة الثقافة الدكتورة ايناس عبدالدايم والكاتب الكبير محمد سلماوى لسرعة الاستجابة. 

 

من وراء استعادتها للوزارة 

 

حين نشرت الدكتور «فيروز الجزار» على صفحتها الشخصية شكرًا خاصًا للأستاذ «نبيل أبوالحسن» مدير قاعة «إبداع» أدركنا أن القصة بتفاصيلها تبدأ من عنده.

تحدثنا مع الجندى الرئيسى فى استعادة اللوحة رغم حالته المرضية، نتمنى له الشفاء العاجل إلا أنه تحدث معنا بتصريحات خاصة لـ«روز اليوسيف اليومية» الأستاذ «نبيل أبو الحسن» حكى لنا الآتى: القصة بدأت بأن اتصل بى تاجر أنتيكات أثق فى نزاهته أستاذ «سيد زينهم» يجب أولا أقدم له الشكر، أبلغنى أن «هشام عبدالملك» وهو أحد أفراد شركة مقالات شهيرة يقوم بشراء مخالفات وهدد جهات خاصة وحكومية وغيرها، وأن من حوالى عشرين عاما أو أقل، قام «عبدالملك» بشراء أشياء وأنتيكات من مزاد علنى، ووضعوا هذه الأشياء فى مخازن خاصة بهم، وحين فتحوا محلًا جديدًا «كافيه» اختاروا من المخرن بعض الأشياء لوضعها فى المحل، ومن بينهم لوحة «عبدالهادى الجزار» كل هذا وهم لا يعرفون أنها لوحة مهمة، ولها قيمة مادية كبيرة.

وتابع، بالمحل الجديد وبالصدفة، شاهد اللوحة أحد زوار المكان ولفت نظر «عبدالملك» أن هذه اللوحة لفنان شهير، ثم أتى نفس الشخص فى يوم آخر ومعه مقتنٍ يريد شراءها بنحو مليون رغم أن اللوحة اليوم تقدر 15 مليون جنيه. 

عرض على الأستاذ «زينهم» شراء اللوحة باعتبارى مقتنيًا، وعلى الفور وفى لحظتها اتصلت بالدكتور «فيروز الجزار» ابنة الفنان وأبلغتها بالموضوع وبالتفاصيل، وتواصلت السيدة «فيروز» مع أكثر من وسيط من الاشخاص العامة وقاموا بإبلاغ وزيرة الثقافة وقطاع الفنون بأن اللوحة موجودة، وعلى هذا الأساس صدر بيان التحذير بمنع بيعها.

ومن جانب الدكتورة «فيروز الجزار» ذكرت لنا: أن منذ أن علمت بوجود اللوحة لم تنم الأسرة بالكامل، وهل سوف تستطيع استعادتها أم فقط علمنا بوجودها بمصر كأنها فرحة ناقصة، قمت بالاتصال مع الاستاذ المحترم «نبيل أبو الحسن» ووعد بأنه سوف يستمر فى المحاولات مع من فى حوزته اللوحة من أجل إقناعه لاستعادتها للدولة، وفى نفس التوقيت كنت من خلال أشخاص أصحاب ضمائر حية كل هدفهم الحفاظ على تراث مصر وثرواتها الفنية طالبت مقابلة وزيرة الثقافة، وتم تحديد موعد مقابلة الوزيرة، أبلغت الأستاذ «أبوالحسن» أنه سأكون الساعة 2 ظهرًا بمكتب الوزيرة.

وأكملنا الحديث مع الاستاذ «نبيل أبو الحسن»: تحدثت مع «هشام عبدالملك» من فى حوزته اللوحة وأبلغته أنها من مقتنيات وزارة الثقافة، وأنها ثروة قومية وتاريخية، وأن بيان تحذير بمنع بيعها صدر من قطاع الفنون التشكيلية، وأى بيع يعد جريمة حتى لو ربحت من بيعها الملايين، وأبلغنى أنه لا يعرف أى معلومات عن اللوحة وأنه اشتراها من مزاد مخلفات هَدد من حوالى عشرين سنة وجايز أكثر من عشرين سنة، ومن وقتها مركونة فى المخزن مع باقى انتيكات، لولا من شاهدها بالصدفة ولفت نظره بأهميتها ما كانت سوف نعرف أين اللوحة.

 أضاف «أبو الحسن»: استجاب ورحب جدًا «عبدالملك» أن يعيد اللوحة، لكنه لا يعرف أين مبنى وزارة الثقافة، وكيف يصل إليها ومع من يتحدث لكى يعيد اللوحة، وقد وصفت له كل التفاصيل، ولأنى علمت من السيدة الدكتورة «فيروز الجزار» أنها على موعد الساعة 2 ظهرًا للقاء الوزيرة، طلبت من «عبدالملك» أن يذهب فورًا للوزارة وطمأنته بموقفه الوطنى والشهامة المصرية والجدعنة، وبالفعل نفذ وعده بكل أمانة وشرف وذهب لتسليمها، أوجه كل الشكر الى الاخ «هشام الهوارى»، والأستاذ «سيد زينهم» لتفهمهم الوضع، وأتمنى يكون فى منهم كثير وتعود الأعمال المفقودة من سنوات.

وعن لحظة استعادة اللوحة قالت «فيروز الجزار»: ذهبت لموعد مع الوزيرة وأنا غير واثقة أن حائز اللوحة سوف يعيدها، اتصل بى الأستاذ أنسى عمار المحامى بالنقد والدستورية العليا عن أسرة «محمد عبدالمالك»، وأبلغنى أنهم قادمون للتسليم اللوحة، وحين رأيت اللوحة صعب أوصف شعورى، صراحة شباب محترمون وأمناء على تراث الوطن أولاد أصول، اللوحة حالتها جيدة جدًا كأنها لم تمر عليها كل هذه السنوات، وبالكشف عليها وجدنا فى خلف اللوحة رقم القيد وتاريخ إعارتها كما هو مسجل بسجلات المتحف طبق الأصل.

 وأكملت: معقول الأحلام تحقق «الحمد لله» بالتأكيد فرحة وبهجة وسعادة ليس فقط لأسرة الجزار بل للفنانين عاشق أعمال الجزار، والسيدة المحترمة وزيرة الثقافة واستقبلها استقبالًا معطرًا بالاحترام والمحبة واحترام قيمة العمل الفنى، أوجه لها الشكر والاحترام لسيادتها على متابعتها المستمرة، والشكر واجب إلى الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، والأستاذ أحمد عبدالفتاح، فقد كشفوا على اللوحة لتأكد من أنها أصلية ووشكر لمجهود الدكتورة سمر، وإلى كل من دعم وتواصل شكرا للجميع. 

أما الفنان الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية تصريح خاص لروزاليوسف: سعادتى كبيرة لا توصف بالكلام بعودتها اللوحة، كفنان اعتبر نفسى محظوظًا جدًا أنى رأيتها لأول مرة، لأنها نادرة وغير منتشرة بالكتب، وحالتها جيدة جدا وكقيادى بالوزارة استعادتها لمكانها بالمتحف قيمة كبيرة فنية وتاريخية.

 

أولاد «عبدالملك» وتكريم الوزارة

 

 فى بيان صدر من وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم، عن أن استرداد كنوز مصر المفقودة هو أحد محاور عمل وزارة الثقافة، ذكر أن اللوحة لم يستدل عليها منذ صدور إذن صرف عام 1971 لمبنى وزارة الثقافة فى جاردن سيتى.

سعدت الوزارة حين علمت أن حائز اللوحة مبديًا رغبته فى تسليم اللوحة إلى وزارة الثقافة، شكلت وزيرة الثقافة لجنة فنية لفحص العمل والتأكد من أصلية ونسب اللوحة لعبدالهادى الجزار، وتبينَ بعد فحص اللوحة من خلال أجهزة الفحص التكنولوجية الحديثة لقطاع الفنون التشكيلية أن العمل أصلى ويعود تاريخه إلى عام 1964 وفقدت عام 1971.

تسلمت وزيرة الثقافة اللوحة، فى حضور السيدة فيروز الجزار والأستاذ أنسى عمار المحامى بالنقد والدستورية العليا من ورثة وأنباء صاحب شركة محمد عبدالمالك للمقاولات وهم هشام وإبراهيم ومحمود محمد عبدالمالك والدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية والأستاذ أحمد عبدالفتاح رئيس الإدارة المركزية للمتاحف بالقطاع.

قررت وزيرة الثقافة، وضع اللوحة فى متحف الفن الحديث لتكون إضافة إلى مقتنياته الثمينة ووجهت الشكر للسيدة فيروز الجزار لإصرارها على أن تعود اللوحة مرة ثانية لوزارة الثقافة وأن تكون متاحة للجمهور فى مصر والعالم.

وكذلك وجهت التحية لأولاد «محمد عبدالملك»، للمقاولات لسرعة مبادرتهم بتسليم اللوحة إلى ملاكها فور علمهم به وعدم تفريطهم فى أحد كنور الثقافة المصرية، وأهدتهم درع وزارة الثقافة تكريمًا لهم ولأسرتهم فى الحفاظ على اللوحة كل هذه الفترة، وأكدت أن أحد محاور استراتيجية عمل الوزارة هى الحفاظ على ما تملكه مصر من مفردات الهوية المصرية، وكذلك العمل على استرداد كنوز مصر المفقودة فى الداخل والخارج، وأثنت على رغبة حائز اللوحة فى أن تسليمها إلى وزارة الثقافة.