الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

خلال كلمته بمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين

الرئيس: الطريق طويل لتحقيق آمال شعوبنا ويتطلب منّا التكاتف والمسئولية والعمل دون كلل

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة عبر الفيديو كونفرانس خلال الدورة الثالثة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، والتى انطلقت أعمالها تحت عنوان «إفريقيا فى عصر من المخاطر المتتالية وقابلية التأثر المناخى: مسارات لقارة سلمية قادرة على الصمود ومستدامة»، حيث رحب فى بدايتها بالحضور، مضيفًا: «إنه لمن دواعى سرورى أن أرحب بكم فى الدورة الثالثة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، تلك المنصة الإفريقية التى تثبت يومًا بعد يوم، منذ إطلاقها خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى فى عام 2019، أنها محفل إفريقى فعّال وجامع نناقش فيه سويًا مختلف التهديدات والتحديات التى تواجه القارة، ونسعى من خلاله إلى بلورة رؤى مشتركة توثق العلاقة بين السلام والتنمية المستدامة، وتعزز التعاون فيما بيننا ومع مختلف الشركاء الدوليين».  



وأضاف الرئيس:  «ينعقد المنتدى هذا العام فى توقيت بالغ الدقة، يعانى فيه المجتمع الدولى من توترات متزايدة لها عواقب بعيدة المدى على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية، والتى تنعكس آثارها كذلك على بلداننا الإفريقية، لاسيما على الأمن الغذائى وأمن الطاقة، لتضاف بذلك إلى جملة التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، والتى لا تزال دولنا تعانى من آثارها السلبية، الأمر الذى يضع على عاتقنا مسئولية تضافر الجهود المشتركة لمجابهة هذه التحديات وتعزيز قدرتنا على الصمود للعبور بقارتنا إلى بر الأمان».

وتابع: «أود فى هذا السياق، تسليط الضوء بشكل خاص على أزمة الغذاء التى تشهدها القارة الإفريقية حاليًا لما قد تحدثه من تداعيات خطيرة على سلامة واستقرار مجتمعاتنا، الأمر الذى يتطلب اتخاذ حزمة من التدابير العاجلة والفعالة بالتنسيق مع الشركاء الدوليين والمجتمع الدولى لدعم الدول الإفريقية فى احتواء آثارها، وذلك من خلال تنويع مصادر الغذاء وتأمين سلاسل الإمداد لدول القارة، إضافة إلى اتخاذ إجراءات مستدامة للحفاظ على الأمن الغذائى من خلال إتاحة التكنولوجيا المتطورة فى مجال الزراعة للدول الإفريقية، فضلًا عن تكثيف جهودنا من أجل زيادة إنتاجنا من المحاصيل الزراعية سعيًا للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى، موضحًا أن تركيز موضوع هذا العام بالاتحاد الإفريقى على «زيادة القدرة على الصمود فى مجال الغذاء والأمن الغذائي» إنما يعكس مدى الاهتمام الذى توليه دولنا لتحديات الأمن الغذائى، ويضعنا أمام مسئولية توفير الغذاء لسكان قارتنا الإفريقية فى ظل تحديات متصلة بالشح المائي، وارتفاع الأسعار، وهو ما يتطلب منا إيجاد حلول سريعة لتجاوز تلك الأزمة العالمية. 

واستطرد: «إنه من الضرورى كذلك فى خضم تلك الأزمات المتوالية، ألا ننسى التحديات الأخرى التى مازلنا نواجهها فى قارتنا، وفى مقدمتها استقرار حالة السلم والأمن، وتحقيق التنمية المستدامة التى نتطلع إليها، فضلًا عن حماية دولنا ومجتمعاتنا الإفريقية من انتشار الإرهاب وما يرتبط به من ظواهر، لعل أخطرها تهريب وانتشار السلاح وتعاظم الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، مؤكدا أن تلك التحديات تدفعنا لتعزيز التكاتف الإفريقى المشترك عبر عدد من المبادرات التى تهدف إلى إيجاد حلول فعالة ومُبتكرة تُتيح لنا تجاوز صعوبة الظروف الحالية، والتى ينبغى علينا المضى قدمًا نحو وضعها موضع التنفيذ عبر آليات فعالة وأهداف طموحة تحقق تطلعات شعوب القارة.

وأردف: «وفى هذا الإطار، حرصت مصر على إنشاء مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب، وذلك لخدمة شعوب المنطقة لمواجهة التبعات السلبية لهذه الظاهرة، كما تسعى لبناء قدرات المؤسسات الإفريقية فى المناطق المتضررة، خاصة منطقة الساحل من خلال تقديم الدورات التدريبية للقوات المشاركة فى بعثات حفظ السلام الإفريقية، وذلك بالإضافة إلى إطلاق مصر مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات للقيام بدور فعال لإعداد البرامج والأنشطة اللازمة لدعم الدول الخارجة من النزاعات وتكريس الاستقرار والأمن والتنمية بها، والحيلولة دون عودتها لمرحلة الصراع مجددًا».

وأضاف: «يتزامن انعقاد النسخة الثالثة من المنتدى مع قرب استضافة مصر للدورة السابعة والعشرين لقمة المناخ العالمية بشرم الشيخ، حيث ستمثل مناقشاتكم خلال اليومين القادمين فرصة هامة لتسليط الضوء على الدور الذى يضطلع به تغير المناخ فى مضاعفة تحديات السلم والأمن فى إفريقيا، لاسيما أن قارتنا تعد الأكثر عرضة لآثاره السلبية، خاصةً فيما يتعلق بمشكلات التصحر وندرة المياه والموارد الطبيعية، وما يرتبط بذلك من تقويض لجهود التنمية، إضافة إلى العواقب الخاصة باستغلال الجماعات الإرهابية للسيطرة على موارد القارة، الأمر الذى يتطلب الإسراع فى تنفيذ التعهدات والالتزامات الدولية تجاه قارتنا الخاصة بالتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ ومضاعفة التمويل الدولى المخصص له، وتعزيز القدرة على الصمود والتى من شأنها أن تسهم بشكل مباشر وفعال فى جهود بناء السلام وضمان استدامته». 

وأوضح:» لعل انعقاد منتدى أسوان هذا العام يوفر فرصة هامة للاستمرار فى إيصال صوت القارة الإفريقية إلى جميع الشركاء والفاعلين على الصعيد الدولي، والدفع نحو أن تظل قضاياها تحتل مرتبة متقدمة على سلم أولويات المجتمع الدولى فى توقيت دولى بالغ التعقيد تتبدل فيه الأولويات والانشغالات ارتباطًا بالمتغيرات المتلاحقة الذى يشهدها واقعنا اليوم والذى لا ينبغى أن يتراجع فيه الاهتمام بقضايا قارتنا وضرورة التكاتف من أجل أن تظل حاضرة على مختلف الأصعدة الدولية، مستطردًا: «ولا يفوتنى كذلك التأكيد على أن تعزيز دور المرأة فى السلم والأمن فى إفريقيا فضلًا عن الاستفادة من طاقات الشباب ورؤاهم نحو صنع مستقبل دولنا يظل ركيزة أساسية ينبغى التمسك بها فى مجابهة الأزمات المتلاحقة والتحديات المتشابكة، فهم أكثر الفئات تأثرًا بها، والأقدر على دعم استراتيجياتنا للأمن والاستقرار اللازمين لتحقيق التنمية المستدامة».

وفى ختام كلمته قال الرئيس: «على الرغم من الجهد الحقيقى المبذول والإنجازات التى حققناها سويًا فى إفريقيا خلال الفترة الماضية، إلا أن الظروف الاستثنائية التى يشهدها عالمنا اليوم تظل تؤكد أن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق آمال شعوبنا، وهو ما يتطلب منا جميعًا التكاتف، ومواصلة العمل دون كلل مع التحلى بالمسئولية وبعزيمة صلبة لا نحيد بها عن الهدف، وإيمان راسخ بأننا قادرون سويًا على تخطى تلك الصعاب نحو مستقبل أفضل لقارتنا الأفريقية..وإننى على ثقة فى أن مداولاتكم خلال أعمال المنتدى ستشكل إسهامًا رفيعًا ومقدرًا نحو صياغة وبلورة رؤى محددة تعزز جهودنا المشتركة وتضيء الطريق نحو مستقبل أفضل للجميع، معربًا عن تطلعى إلى نتائج تلك المداولات عقب انتهاء أعمال المنتدى».