الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بين الله اتخذ القرار وإنه يوم حزين

حكم تاريخى يزلزل المجتمع الأمريكى

دعم حق الإجهاض بشدة فألغته أعلى محكمة أمريكية، وعلق آمالا على إصدار قانون لضبط السلاح المنفلت، فكان أقل كثيرًا من مستوى توقعاته.



هزائم متزامنة تطارد الرئيس الأمريكى جو بايدن، لترفع منسوب الضغوط على إدارة تواجه ولايتها شتى أنواع الأحداث المروعة وانهيار المؤشرات الداخلية.

فبايدن الذى كان يأمل أن تشهد ولايته قانونًا تاريخيًا ينظم السلاح المنتشر، منى بخيبة أمل بعد أن أقر الكونجرس نصًا تشريعيًا لم يرق لطموحاته، وإن يعتبر الأهم منذ 30 عامًا.

لم يفق بايدن من خيبة أمله من قانون الأسلحة حتى واجه خسارة أمرّ بإنهاء المحكمة الأمريكية العليا، حق الإجهاض بقرار يقضى على نصف قرن من الحماية الدستورية لهذا الحق.

وتعتبر مسألة الإجهاض من أكثر القضايا إثارة للانقسام فى المشهد السياسى الأمريكى، وأى قانون يشملها يكون فى الغالب من بين محددات الاصطفافات والانتخابات أيضًا.

وألغت المحكمة القرار التاريخى المعروف باسم «رو ضد واد» والذى صدر عام 1973 ليكرس حق المرأة فى الإجهاض.

وبحسب المحكمة، فإنه بإمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيده كما ترى، أى كما كان سائدًا قبل سبعينيات القرن الماضى.

وكما كان متوقعًا، أثار القانون غضب بايدن الذى وصفه بأنه «خطأ مأساوي» نابع من «أيديولوجيا متطرفة»، معتبرًا أنه «يوم حزين للمحكمة والبلد».

وقال بايدن: إن «صحة وحياة النساء فى هذه الأمة فى خطر الآن»، محذرًا من أن حقوقاً أخرى قد تتعرض للتهديد مستقبلًا، مثل الزواج المثلى ووسائل منع الحمل».

وحضّ الرئيس الديمقراطى الكونجرس على سنّ قانون فيدرالى يحمى حق الإجهاض، وقال: إن المسألة ستكون فى صلب الانتخابات النصفية المقررة فى نوفمبر المقبل.

باليوم نفسه، تبنى الكونجرس قانونًا يهدف إلى تنظيم السيطرة على الأسلحة ويُعتبر الأهمّ منذ نحو 30 عامًا، لكنه يظل أقل بكثير ممّا كان يأمل به بايدن.

فمع أن القانون نال دعم أعضاء من الحزبَين الجمهورى والديمقراطي، إلا أنه بدا أقل بكثير من سقف توقعات الرئيس الذى كان يأمل بتشريع أكثر صرامة فى بلد يُعانى جراء عمليّات إطلاق النار.

وبإقرار القانون، خسر بايدن نقاطًا سياسية كان يمكن أن تضيف الكثير لرصيده المتآكل، خصوصًا أنه كان يأمل بتحقيق مكاسب فى مسألة لم تشهد منذ عقود الزخم الذى تعرفه بالآونة الأخيرة، سواء على المستوى التشريعى أو الشعبي.

ويوفّر القانون على وجه الخصوص دعمًا لقوانين فى كل ولاية على حدة تُتيح للسلطات أن تنزع من كلّ شخص تعتبره خطِرًا الأسلحة النارية التى بحوزته.

كذلك يفرض النصّ التحقّق من السجلّين الجنائى والنفسى لكلّ شاب يراوح عمره بين 18 و21 عامًا ويرغب بشراء سلاح نارى وكذلك تمويل برامج مخصصة للصحة العقلية.

فى سياق متصل، من المتوقع أن يؤثر قرار المحكمة العليا على حق نحو 36 مليون امرأة فى سن الإنجاب فى الإجهاض، وفقًا لبحث من «منظمة الأمومة المخططة»، وهى منظمة رعاية صحية ترعى عمليات الإجهاض.

وأثار القرار ردود الفعل الحزينة والغاضبة للكثير من الشخصيات الليبرالية، من أبرزهم ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأسبق للولايات المتحدة باراك أوباما.

وعن رد فعلها من قرار المحكمة العليا كتبت «أوباما» على تويتر: «أشعر بالحزن على الأشخاص فى جميع أنحاء هذا البلد الذين فقدوا للتو الحق الأساسى فى اتخاذ قرارات واعية بشأن أجسادهم». بينما قالت مجموعة منظمة الأبوة المخططة، وهى منظمة غير ربحية كانت المزود الرئيسى لعمليات الإجهاض للعديد من النساء، أيضًا فى تغريدة على تويتر: «نحن نعلم أنك قد تشعرين بالكثير من الأشياء فى الوقت الحالى - الأذى والغضب والارتباك. كل ما تشعرين به طبيعي، نحن هنا معكِ - ولن نتوقف عن القتال من أجلك».

وعلقت المدعية العامة لنيويورك، ليتيتيا جيمس: «إن قرار المحكمة العليا الشرير بإلغاء قضية «رو ضد وايد» هو أحد أحلك اللحظات فى تاريخ هذه الأمة».

وأضافت: «لا تخطئوا: بينما تجرد الولايات الأخرى الحق الأساسى فى الاختيار، ستظل نيويورك دائمًا ملجأً آمنًا لأى شخص يسعى إلى الإجهاض».

ووصفت الوزيرة الأولى فى اسكتلندا، نيكولا ستورجون، القرار قائلة: «أحد أحلك الأيام بالنسبة لحقوق المرأة فى حياتي».

وقالت نائبة الكونجرس الأمريكى أيانا بريسلي: «اليوم هو يوم مظلم فى تاريخ أمتنا، وهذا القرار هو تأكيد مدمر لما دأب منظمو العدالة الإنجابية للسود والبنى على دق ناقوس الخطر بشأنه لسنوات: لن تتوقف هذه المحكمة عند أى شيء لتجريدنا من حريتنا الإنجابية وإنساننا الأساسى الحق فى الاستقلال الجسدي».

وكرد فعل عن إلغاء حكم «رو ضد ويد»، أكدت شركة آبل أنه يمكن لموظفيها استخدام مزايا شركتهم للسفر خارج الولاية لتلقى الرعاية الطبية.

وبهذا تنضم آبل إلى شركات أخرى بما فى شركة ألفابت الأمريكية وميتا  التى التزمت بالدفع للموظفين للسفر لتلقى الرعاية الإنجابية إذا كانوا فى الولايات التى تم حظرها فيها.

يذكر أن المحكمة العليا الأمريكية، قررت إلغاء قانون الحق فى الإجهاض الذى تم سنه منذ نحو نصف قرن مضى «حكم رو ضد ويد» إذ قضت بأنه لم يعد هناك وجود لحق دستورى للمرأة بعمليات الإجهاض.

ويعود القرار المعروف باسم «رو ضد ويد» إلى قضية عام 1971 قدمتها نورما ماكورفى والتى يُطلق عليها فى وثائق المحكمة «جاين رو»، ضد هنرى وايد، وأصدر حينها المدعى العام فى دالاس قرارًا يمنع الإجهاض إلا فى حالة إنقاذ حياة المرأة.

 وفى عام 1973 أصدرت المحكمة العليا قرارًا يؤكد شرعية حق المرأة بالإجهاض تحت المادة الـ14 من الدستور وأثر القانون على 46 ولاية.

وفور إصدار حكم المحكمة العليا، مررت 13 ولاية بالفعل قوانين تقضى بحظر الإجهاض تلقائيًا، ومن المحتمل أن يقضى عدد آخر من الولايات بفرض قيود على الإجهاض.

«يوم أسود فى أميركا»، بهذه العبارة عارضت الولايات الديمقراطية من لوس أنجلوس إلى نيويورك قرار المحكمة العليا، والذى ينصّ على الحق فى حمل الأسلحة فى الأماكن العامة.

وانتقد حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، القرار، واصفًا إياه بالمعيب والخطير. 

وقال عبر موقع «تويتر»: «إنّ قرار أعلى هيئة قضائية أميركية يخاطر فى التشجيع على برنامج إيديولوجى متطرف، ويقيّد حقوق الولاية فى حماية مواطنيها من خطر التعرّض للقتل فى الشارع والمدرسة والكنيسة».

بدورها، اعترضت حاكمة ولاية نيويورك كاثى هوشول، على قرار المحكمة العليا، الذى قالت: إنه «مشين».

وينصّ قانون نيويورك منذ العام 1913 على إثبات وجود حاجة مشروعة أو سبب مناسب للحصول على تصريح لحمل مسدّس فى الأماكن العامة.

من جانبه، حذر رئيس إدارة شرطة مدينة نيويورك، كيشانت سيويل، من أنّ أيّ شخص «يحمل بندقية بشكل غير قانونى فى مدينة نيويورك سيتمّ اعتقاله».

وفى العام 2017 جرى تداول ما يقرب من 400 مليون بندقية بين المدنيين فى الولايات المتحدة، أى 120 بندقية لكلّ 100 شخص.. ولفت أرشيف عنف الأسلحة إلى مقتل أكثر من 45 ألف شخص فى العام 2020 بالأسلحة النارية، نصفهم تقريبًا عبر الانتحار.