الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ذكرى ميلاد نيرودا شاعر الحياة

إن كان لا شيء سيُنقذنا من الموت فليُنقذنا الحُب من الحياة على الأقل

تمر بنا هذه الايام ذكرى ميلاد الشاعر التشيلى ريكاردو اليسير نيفتالى رييس باسولاتو بابلو نيرود المعروف ب بابلو نيرودا وهو‏ شاعر تشيلى الجنسية ويعتبر من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيراً فى عصره، ولد فى تشيلي، بقرية بارال بوسط تشيلى فى 12 يوليو عام 1904. 



كان ذا توجه شيوعي، كما يعد من أبرز النشطاء السياسين، كان عضواً بمجلس الشيوخ وباللجنة المركزية للحزب الشيوعى ومرشح سابق للرئاسة فى بلاده. نال العديد من الجوائز التقديرية أبرزها جائزة نوبل فى الآداب عام 1971، ووفقا لموقع جائزة النوبل الرسمى فقد حصل عليها:

وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة أوكسفورد. وكتب عنه الناقد الأدبى (هارولد بلووم):

«لايمكن مقارنة أى من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذى سبق عصره». توفى فى 23 سبتمبر عام 1973.

حياته

والدته «روسا باسولاتو» وافتها المنية بعد شهر من ولادته نتيجة إصابتها بمرض الدرن، ووالده خوسيه ديل كارمن رييس الذى ترك الريف ليعمل عاملاً فى ميناء تلكوانو، حتى استطاع الحصول على عمل فى السكة الحديد فى تيموكو. تعلم نيرودا حب الطبيعة منذ الصغر خلال رحلاته بالقطار بين الأشجار الخضراء إلى بوروا. كانت هذه المنطقة فى الماضى ساحة للمعارك بين المستعمرين الأسبان والاروكانوس الذين وبمرور الوقت جُردوا من أراضيهم ودمرت فى وقت لاحق من قبل الزعماء المستوطنين (منطقة الاروكانا). هذه الأراضى الجنوبية المليئة بالبرد والرطوبة يحدها واحد من أنقى المحيطات هو المحيط الهادى تظهر شاعرية الإحساس باليأس وشعور الإنسان بالوحدة والحب والتى ظهرت فى ديوان قصائده الشهيرة المسماة (عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة) وهو الكتاب الذى أوصل صاحبه إلى المحافل العالمية والدولية ومنحه شهرة واسعة مثل شهرة الكاتب الكبير روبن داريو إذ استحق جائزة نوبل عام (1971) كما نشرت الصفحة الخاصة بمعهد ثربانتس على الإنترنت فى الصفحة الخاصة بمسيرة الكاتب.

السنوات الأولى من حياته

انتقلت عائلته عام 1906 إلى تيموكو وهناك تزوج والده للمرة الثانية من «ترينيداد كانديا ماربيردي» التى كانت بالنسبة لنيرودا بمثابة أمه أو الملاك الحامي. دخل نيرودا المدرسة الخاصة بالصبية حيث تابع دراسته حتى أنهى الصف السادس فى دراسة العلوم الإنسانية عام 1920. البيئة الطبيعية المذهلة لمدينة تيموكو والغابات والبحيرات والأنهار والجبال شكلوا وللأبد العالم الشعرى لبابلو نيرودا.

كتب بابلو نيرودا قصائد عندما كان فى العشرين من العمر قُدر لها أن تنتشر أولا فى أنحاء تشيلى ولتنتقل بعدها إلى كافة أرجاء العالم لتجعل منه الشاعر الأكثر شهرة فى القرن العشرين من أمريكا اللاتينية. من أشهر دواوينه «عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة» التى ترجمت أكثر من مرة إلى اللغة العربية. «فى هذه الليلة، أنا قادر على كتابة أكثر القصائد حزناً» كتب سيرته الذاتية بعنوان«أشهد أننى قد عشت» ترجمت إلى العربية منذ سبعينيات القرن الماضي. عندما أطاح الجنرال بينوشيه بالحكومة الاشتراكية المنتخبة ديمقراطياً وقتلوا الرئيس سلفادور أليندي، هجم الجنود على بيت الشاعر وعندما سألهم ماذا يريدون أجابوه بأنهم يبحثون عن السلاح فأجابهم الشاعر أن الشعر هو سلاحه الوحيد.

مسيرته الابداعية

بدأت إبداعاته الشعرية بالظهور قبل أن يكمل بابلو عامه الخامس عشر وتحديدا عام 1917، وفى عام 1920 اختار لنفسه اسما جديدا هو بابلو نيرودا، فى مارس عام 1921 قرر السفر إلى سانتياغو حيث استقر هناك فى بيت الطلبة لإستكمال دراسته فى اللغة الفرنسية التى كان يجيدها مثل مواطنيها، وفى نفس هذا العام اشترك فى المظاهرت الثورية التى اندلعت فى البلاد آنذاك وفى عام 1924 يهجر نيرودا دراسة الفرنسية ويتخصص فى الأدب ويكتب ثلاثة أعمال تجريبية وذلك قبل أن يبدأ رحلة تعيينه سفيراً فى العديد من البلدان تنتهى بسفارته فى الأرجنتين عام 1933 أى بعد زواجه من الهولندية الجميلة> ماريكا> بثلاث سنوات والتى انتهى زواجه منها بإنجاب طفلته مارفا مارينا التى ولدت فى مدريد فى الرابع من أكتوبر عام 1934، 

وفى نفس العام وتحديدا بعد شهرين تزوج نيرودا من زوجته الثانية ديليا ديل كاريل الأرجنتينية الشيوعية والتى تكبره بعشرين عاما، ورغم كونه عمل سفيرا فى العديد من الدول الأوروبية إلا أن ذلك لم يزده إلا إصرارا على أن الشيوعية -التى اندلعت شرارتها فى روسيا- ليست سوى المنقذ الحقيقى والحل السحرى لكل المشكلات ورغم المتاعب التى سببها له هذا الاتجاه السياسى إلا أنه ظل متمسكا به إلى حد استقالته من عمله الدبلوماسي. توفى والده عام 1938 وزوجته الأولى عام 1942 ثم يأتى عام 1968 ويمرض الكاتب بمرض يقعده عن الحركة، 

وفى 21 أكتوبر 1971 يفوز نيرودا بجائزة نوبل فى الأدب، وعندما يعود إلى شيلى يستقبله الجميع باحتفال هائل فى استاد سانتياغو ويكون على رأس الاحتفال الرئيس سلفادور الليندى الذى لقى مصرعه بعد ذلك خلال الانقلاب الذى قاده بينوشيه. وعندما قتل الانقلابيون الرئيس أليندى جاء جنود بينوشيه إلى بيت بابلو نيرودا وعندما سألهم الشاعر ماذا يريدون قالوا له: جئنا نبحث عن السلاح فى بيتك، فرد قائلا: إن الشعر هو سلاحى الوحيد. وبعدها بأيام توفى نيرودا فى 23 سبتمبر 1973 متأثرا بمرضه وبإحباطه من الانقلابيين، حتى إن آخر الجمل ولعلها آخر جملة فى كتاب سيرته الذاتية: «أعترف أننى قد عشت».