الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مسرح الشمس بين عهدين

عهد جديد كانت قد بدأته الفنانة وفاء الحكيم منذ اطلاق القرار الوزارى بإنشاء فرقة مسرح الشمس لذوى الاحتياجات الخاصة بالحديقة الدولية، فى ٢٢/٣/٢٠١٨ بمدينة نصر.. فتح هذا الفريق عالما أرحب وأوسع أمام هؤلاء الأطفال لاحتواء مواهبهم الفنية وتدريبهم على كيفية تجاوز محنة الإعاقة واعتيادها فى الحياة اليومية، كان أروع وأذكى ما قدم فى هذا المجال فكرة الدمج بين هؤلاء الأطفال من ذوى الهمم مع الأصحاء بدنيا وبالتالى أحدث هذا الدمج حالة من الانسجام والاتحاد فى شكل واحد، حتى أن جمهور مسرح الشمس عندما يدخل لمشاهدة عروضه وهو لا يعلم أبطاله يفاجأ على حد قول مديرته السابقة وفاء الحكيم أن هؤلاء الأطفال من اصحاب الإعاقات المختلفة تم تدريبهم على التعايش وكأن ليس هناك عائقا يحد من حركتهم بالحياة عن هذا المشروع الإنسانى الضخم قالت الفنانة وفاء الحكيم عن مراحل تطوره وإنشائه منذ توليها الفرقة وحتى تركها المنصب مع بقائها مستشارا لهم..حيث قالت فى تصريحات خاصة..



تتبع فرقة الشمس منذ تأسيسها استراتيجية خاصة فى كل أعمالها إعلاء قيمة العلم تشكيل وبناء العقول بتطبيق أحدث الأساليب والتقنيات فى التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة بهدف تسهيل دمجهم مع اقرانهم الاسوياء تحقيقا لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص،     الاهتمام بالتخاطب والتفاعل الاجتماعى والعلاج بالطاقة والتأملات والعلاج بالرسم وذلك بتقديم مجموعة من عروض السيكودراما، والتى تلعب دورا محوريا فى إعادة بناء الحواس الالقائية والعقلية وتعديل سلوك الفرد ذوى الاحتياجات تنمية قدرات اعضاء الفرقة فى مجالات الفنون التشكيلية وتصنيع ولعب العرائس                                                                                وتشكيل واعادة صياغة المعادن كالنحاس واعادة تشكيل الخامات كالسيراميك، التنمية المجتمعية لأعضاء الفرقة وتتحقق بمشاركتهم همومهم ومشكلاتهم الحياتية والمجتمعية، وعمل ملف كامل عن كل عضو يتضمن، تواجد   كادر طبى للإشراف ومتابعة الملف الطبى لكل  عضو من اعضاء الفرقة وتم الاتفاق بالفعل مع استاذ للمخ والاعصاب بجامعة عين شمس لمتابعة الاعضاء اثناء البروفات والعروض ربط اعضاء الفرقة بتراثهم الفنى العريق من خلال تقديم التراث الموسيقى الغنائى العربي.

وتقول.. كان الفنان اسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح قد رشحنى لتولى هذا المنصب، بعد نجاحى فى إدارة مسرح بالفضاءات المفتوحة من خلال مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابي، كما أننى كنت قد حصلت من قبل على دبلومة فى لغة الإشارة من أيام مشاركتى بفيلم الصرخة مع الفنان نور الشريف، كما شاركت فى أحد الأعمال الدرامية وقدمت دور مدرسة موسيقى مكفوفة، كان يتطلب منى وقتها دراسة شخصية المكفوفين بشكل عميق درست الموضوع بقوة لغتهم وطريقة تعاملهم فى الحياة لأن لغة اليد لها معنى فى كل حركة، من هنا أصبحت مؤهلة من وجهة نظرهم لإدارة هذا الكيان الجديد، بجانب تعاملى مع مسرح الشارع أطفال الشوارع فى مؤسسة وطن، وبالتالى أظن أننى كنت قد القيت بنفسى فى خبرات متعددة تراكمت لكننى لم أفكر يوما أنها سوف تتجمع معا لتصب فيما بعد فى قالب واحد.

وتضيف.. عندما أصبحت مسئولة عن تأسيس مسرح الشمس قبل تولى هذه الإدارة قررت دراسة وعمل بحث عن متلازمة داون ساندروم مع أطباء متخصصين، حتى أقدم رؤية متكاملة ومشروعا يخص هذا المكان ودراسته بشكل تفصيلي، وكان عنوان الرؤية العامة التى تجمع هذا المسرح هو دمج ذوى الاحيتاجات الخاصة كمسرح محترف بمعنى كيفية تأهيل هؤلاء الأطفال للاحتراف الفني، بالطبع الموضوع تطلب وقتا طويلا قدمنا خلاله 12 ورشة ورشة إعداد الممثل ذوى الاحيتاجات الخاصة، ورشة العلاج بالرسم والفنون التشكيلية، قدمنا ورشة أخرى تحت عنوان ورشة لتدريب هؤلاء الأطفال على الإمساك بالخشب والطين والحديد حتى يشعروا بأطرافهم، لأن بعضهم لا يشعر بأطرافه بسهولة، ويحتاج إلى تمارين عديدة، تعلموا كيفية تحويل الورق إلى عرائس من عجين الورق، مثل الشغل اليابانى كيفية خلق ابداع جديد، ثم أقمنا داخل المسرح معرضا فى مكان تحت مسمى مسرح القهوة داخل حرم المسرح كان هناك كافتيريا لذلك اطلقنا عليه هذا الإسم، كيف ندمج ونضع هذه العرائس داخل مسرح القهوة، ثم منحناهم تمارين فى تنمية مهارات التركيز، إحدى وسائل تعلية القدرات، ورشة الفن التشكيلى  كان يحاضر فيها الدكتور أحمد عبد الكريم عميد كلية تربية فنية، من خلالها صمم الأطفال والدكتور معهم سجادة كبيرة على الأرض رسم عليها الشمس النوبية، كانت دائما فى ساحة الاستقبال، والدكتورة منى غريب كانت فى ورشة الجص من جامعة الإسكندرية كانت تعلمهم مهارات الشعور بأطراف اليد عن طريق لمس الجص، والدكتور عادل مصطفى من جامعة الإسكندرية دمج ما بين الولاد فى رسم جدارية كبيرة موضوعها كان عن محمد خضر شاعر من ذوى الاحتياجات الخاصة هو شاعر مقفى كل شعره يتحدث عن نفى الإعاقة عن نفسه وعن زملائه أخذنا قصيدته وكتبت حوله القصيدة باللوحة والولد الطبيعى اختار معه نوعا معينا من احلامه ورسمها كانت احلام الطبيعى أقل قيمة مقارنة بالولد المعاق كانت الجدارية للمقارنة بينهما فى تحديد فكرة الأحلام.

وتستأنف الحكيم الحديث عن مشروع الشمس.. ورشة حاتم مصطفى قدمنا ورشة لرسم موضوعات مع الأولاد بالألوان المائية كانت صعبة للغاية لكن وصلنا فيها إلى نتائج مذهلة، ثم خرجت بهم منى عبد اللطيف إلى الحديقة حتى تقيم علاقة بينهم وبين الطبيعة عن طريق لمس الأرض والرؤية البصرية للجناين لتنشيط الذاكرة مثلا قدمنا من خلال هذا الشكل عرضا مسرحيا يتحدث عن الشجر، ومحمد كمال قدم معهم ورشة التراسل عن طريق الفن كان عرضا مسرحيا أشبه بمحاضرة نظرية كل واحد منهم رسم لوحة وأخذنا 50 لوحة حتى نقدم بها عرضا، كل منهم يقف خلاله ويحكى عن لوحته وتفاصيلها حتى يتوحد كل فرد مع انتاجه، وورشة فسيفساء الفن عن طريق العلاج بالموسيقى والغناء مع دكتور متخصص فى العلاج بالموسيقى للأطفال تعلم الولاد العزف الموسيقى والغناء بشكل أكاديمى عن طريق النوتة الموسيقية، مثلا أقمنا نوعا من الربط بين هؤلاء الأطفال والتراث الموسيقى الذى يطلعون عليه للمرة الأولى، من خلال تعريفهم بأغانى سيد درويش، حفظوا كل اغانيه وكذلك بليغ حمدى فهم يعانون من ذاكرة قصيرة الأمد، لديهم ما يسمى بذاكرة السمك أغلبهم لا يتذكر الأمس هو مرتبط فقط باللحظة الحالية، وبالتالى من خلال الرسم والموسيقى نصنع لهم ذاكرة بالفن التشكيلى والغناء والتمثيل.

وعن الرقص المعاصر.. دخلنا فى مجال الرقص المعاصر مع كريمة بدير منحت الولاد ورشة بالرقص قدمنا معها اوبريت “انتيكا” جاءت فكرته بناء على فكرة فى ذهن إحدى الفتيات عن نفسها، كانت ترى نفسها مثل الأنتيكا تعانى من تأخر ذهنى فكانت ترى أن الناس تخشى التعامل معها وملامستها يرونها بلا مشاعر عبارة عن انتيكا عملنا العرض حول هذه الفكرة تناولنا فيه مجموعة مختلفة من الإعاقات، كما قدمنا عرض “الحكاية روح” عن رواد كانت لديهم اعاقات مختلفة مثل سيد مكاوى وطه حسين وعمار الشريعى وكل منهم أصبح رائدا فى مكانه، ثم قدمنا عرضا ايقاعيا “ست الدنيا” فى قالب اوبريت عن شخصية نجفة هذه السيدة وجدت اشخاصا يبحثون فى الأرض للبحث عن آثار نسمع عن شخصيات هذه الحارة وحواديتهم وكلهم من ضعاف السمع والكلام.

وتواصل..أما فى ورش التمثيل والإخراج حاولنا عمل فريق من مساعدى الإخراج من خلال تدريب هؤلاء الأولاد ايضا على العمل فى الكواليس وليس على المسرح فقط لأنه مسرح نوعى للغاية وكان يحتاج شكلا خاصا جدا فى التعامل معهم أخذوا ورشة إدارة مسرحية تعلموا الإخراج ثم أصبحت فكرة احتواء هذا المكان لجميع العاجزين فى مجالات مختلفة بمعنى أن قماشته أصبحت تحتوى الكثير من الأمراض التى تصنف إعاقات بأشكال مختلفة مثل السكر والسرطان وغيرها، فلم يقتصر على الإعاقات الذهنية فقط، قدمنا معهم ليالى غناء وأصبحنا نفتح حفلات غناء للجمهور وحكاوى الأراجوز صنع الولاد بأيديهم 36 اراجوزا وبالتالى اصبح يصنف المسرح الوحيد بالعالم لدمج ذوى الإحتياجات الخاصة احترافيا صنفنا تانى فرقة احترافية بعد فريق النور والأمل وتم تكريمنا فى بلجيكا.