الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المعادلة الظالمة

بالأرقام.. كيف تدفع القارة الإفريقية فاتورة التغيرات المناخية رغم أنها الأقل مساهمة فى ظاهرة الاحتباس الحرارى؟

أضافت سلسلة الظواهر المناخية التى تعانى منها، ومازالت  كثير من دول العالم فى مناطق وقارات مختلفة، أهمية مضاعفة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، فى دورته السابعة والعشرين COP27، والذى سيعقد نوفمبر المقبل فى مدينة شرم الشيخ.



فما بين تعدد موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة فى دول أوروبية وفى إفريقيا، وسيول وفيضانات فى دول أخرى، عانى الآلاف حول العالم من تلك الظواهر خلال الأشهر الماضية، ولم تعد آثار تلك التغيرات ببعيدة عن أى منطقة فى العالم، وهو ما جعل قضية المناخ قضية أساسية وليست هامشية كما كان التعامل معها من قبل.

من هذا المنطلق، تتصدر القارة الإفريقية أكثر مناطق العالم تأثرا بالتغيرات المناخية، رغم أنها الأقل مساهمة فى ظاهرة الاحتباس الحراري، تلك حقيقة لا يمكن إغفالها أو طمسها، ذلك أن نسبة مساهمة دول إفريقيا فى الاحتباس الحرارى لا تتخطى 3.8%، وفى نفس الوقت لا يمكن أن نغض أبصارنا عن أن القارة السمراء هى أكثر ضحايا، تلك هى «المعادلة الصعبة» أو الظالمة، التى تعيشها القارة الإفريقية.

 

 أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما 

 

تأثيرات عديدة تواجهها مناطق مختلفة بالقارة الإفريقية، حيث تشهد مناطق فى شرق القارة أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما، ويعانى الملايين بمن فيهم الأطفال فى كينيا والصومال من الجوع ‏والعطش، وهو ما حذر منه برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة، من أن خطر المجاعة يهدد نحو 22 مليون شخص فى منطقة القرن الإفريقى التى اجتاحها الجفاف. وفى هذا الإطار حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن المناطق المنكوبة بالجفاف فى القرن الأفريقى تستعد لاحتجاب موسم الأمطار للعام الخامس على التوالي، حيث تُظهر التوقعات أن تشهد المناطق المتضررة من الجفاف فى إثيوبيا وكينيا والصومال، معدلات هطول أمطار أقل بكثير من المعتاد حتى نهاية العام، ما يعنى أننا أمام كارثة إنسانية غير مسبوقة فى هذه الدول، ذلك أن ضعف هطول الأمطار فى هذه المنطقة على مدار 4 مواسم تسبب فى نفوق ملايين الماشية وتدمير محاصيل وإجبار نحو 1.1 مليون شخص على النزوح من منازلهم بحثا عن الطعام والماء.

وفى بداية عام 2022، حذر برنامج الأغذية العالمى من أن 13 مليون شخص فى إثيوبيا وكينيا والصومال يواجهون المجاعة، وضاعف من تلك الأزمة تداعيات الحرب الأوكرانية.. هذا التحذير تحدثت عنه أيضا منظمة الأمم المتحدة فى إبريل الماضي، وقالت إن نحو 6 ملايين فى الصومال، أى نحو 40% السكان، يواجهون انعداما للأمن الغذائي، أمَا فى كينيا، فتهدّد المجاعة نصف مليون شخص، وارتفع عدد الكينيين الذين يحتاجون إلى مساعدات إلى أكثر من 4 أضعاف فى أقل من عامين.

كما قال البنك الإفريقى للتنمية إن القارة السمراء تخسر ما بين 15.5% من نصيب الفرد من النمو الاقتصادى بسبب تداعيات تغير المناخ وتواجه نقصا كبيرا فى التمويل المناخي، حيث تواجه القارة فجوة تقارب 1.3 تريليون دولار فى تمويل المناخ للفترة من 2020 إلى 2030.

وحذرت المؤسسات الإنسانية من مخاطر الجفاف فى شرق إفريقيا، حيث أشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيجاد» إلى انعدام الأمن الغذائى الحاد فى عام 2022 فى منطقة القرن الإفريقى الكبرى، ويتجاوز عدد المتضررين من الجفاف نحو 50 مليونا بتلك المنطقة.

 

40 مليون طفل فى خطر

 

فى نفس الوقت حذرت «منظمة اليونيسيف» التابعة للأمم المتحدة، من تأثير موجة الجفاف طويلة الأمد فى إفريقيا، فى انعدام الأمن الغذائى والمائى لنحو 40 مليون طفل، وحذرت المنظمة فى تقرير لها بشهر أغسطس الماضي، من أن الأطفال فى القرن الإفريقى والساحل قد يموتون بأعداد كبيرة مالم يتم توفير الدعم العاجل لهم.

وأشار التقرير إلى أن عدد الأشخاص المتضررين من الجفاف فى إثيوبيا وكينيا والصومال والذين لا يستطيعون الحصول على المياه الصالحة للشرب قد ارتفع من 9.5 مليون إلى 16.2 مليون فى غضون خمسة أشهر، فى الوقت الذى يواجه فيه الأطفال فى منطقة الساحل أيضا مستويات عالية للغاية من ضعف المياه.

ولفتت المنظمة الدولية إلى أن أكثر من 2.8 مليون طفل فى منطقة القرن الإفريقى والساحل يعانون بالفعل من سوء التغذية الحاد، مما يعنى أنهم أكثر عرضة بنسبة 11 مرة للوفاة من الأمراض المنقولة بالمياه مقارنة بالأطفال الذين يحصلون على تغذية جيدة، ونوهت بأنه تم الإبلاغ عن تفشى الكوليرا والإسهال المائى الحاد فى جميع المناطق المتضررة من الجفاف فى الصومال تقريبا، حيث تم الإبلاغ عن حوالى 8200 حالة بين شهرى يناير ويونيو أى أكثر من ضعف عدد الحالات المبلغ عنها فى نفس الفترة من العام الماضى. وقال التقرير إن توافر المياه انخفض أيضا عبر منطقة الساحل الإفريقى بأكثر من 40 % فى السنوات العشرين الماضية، بسبب تغير المناخ والعوامل المعقدة مثل الصراع، مما يعرض ملايين الأطفال والأسر لخطر متزايد من الأمراض المنقولة بالمياه، مشيرا إلى أن غرب ووسط إفريقيا شهدا العام الماضى فقط أسوأ تفش للكوليرا فى المنطقة على مدار ست سنوات، بما فى ذلك 5610 إصابات و170 حالة وفاة فى وسط الساحل.

وتفيد «اليونيسف» بأنه فى غضون 5 أشهر، ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجفاف فى إثيوبيا وكينيا والصومال، الذين لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب بنسبة 70% إلى ما مجموعه 16.2 مليون شخص (بين فبراير ويوليو)، مما يعرض الأطفال وعائلاتهم لخطر الإصابة بأمراض مثل الكوليرا والإسهال، بصورة متزايدة.

 

جهود مصرية لدعم إفريقيا

 

من هذا المنطلق تأتى الأهمية القصوى لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، فى شرم الشيخ، نيابة عن القارة الإفريقية، حيث تتحدث مصر بصوت القارة لإعلاء تطلاعاتها فى مواجهة التأثيرات المناخية.

من هذا المنطلق عبر الرئيس عبد الفتاح السيسى عن شواغل القارة الإفريقية فى هذا الملف، خلال مشاركته فى منتدى مصر للتعاون الدولى بداية سبتمبر، حيث أشار الرئيس إلى مجموعة من الأرقام والإحصائيات المهمة فى هذه القضية، حيث أشار الرئيس إلى أن 20 دولة مسئولة عن 80% من آثار التغيرات المناخية، والعدالة تقتضى زيادة مساهمة تلك الدول فى جهود التكيف مع تغيرات المناخ.

وطالب الرئيس السيسى، أيضا بضرورة دعم جهود إفريقيا للتكيف مع التغيرات المناخية باعتبارها الأقل تسببا فى تلك التغيرات رغم كونها الأكثر تأثرا، مشيرا إلى أننا نحتاج إلى 800 مليار دولار حتى عام 2025 لمواجهة تداعيات تغير المناخ، مشيرا فى نفس الوقت إلى مجموعة من المشروعات والاستثمارات تنفذها الدولة المصرية بهدف التحول للطاقة النظيفة، حيث تصل نسبة الاستثمارات الخضراء فى مصر حوالى 40% من إجمالى الاستثمارات العامة.

ويأتى ذلك فى سبيل تكثف الدولة المصرية من جهودها الدبلوماسية، للحشد الدولى للمشاركة فى المؤتمر، تحرص مؤسسات الدولة المصرية على الترويج لهذا المؤتمر بكل فعالية أو حدث دولى تشارك فيه مصر، وتتنوع الاستعدادات المصرية لقمة المناخ، ما بين خارجية تستهدف الحشد الدولى للمشاركة، وما بين داخلية بتقديم نماذج مصرية للتعامل مع التغيرات المناخية مثل مدينة شرم الشيخ التى ستقدم كنموذج للمدن التى تعمل بالطاقة الخضراء، والتحضير لبرنامج عمل القمة، فضلا عن الحشد الأفريقى للمشاركة فى القمة والتحدث باسم تطلاعات وتحديات القارة فى هذا الملف.

 

 

 

 

7 مبادرات تقدمها مصر فى مؤتمر  المناخ COP27 لدعم إفريقيا

 

فى إطار الجهود المصرية للتحضير لمؤتمر المناخ فى شرم الشيخ COP27، شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة والمنسق الوزارى ومبعوث مؤتمر المناخ cop27، فى اجتماعات المؤتمر الوزارى الإفريقى للبيئة الذى عقد بالسنغال.

وخلال مشاركتها، ولقاءاتها الثنائية أشارت وزيرة البيئة إلى أن رئاسة مصر تهدف إلى استعادة التوازن بين التكيف والتخفيف بالإضافة إلى تعزيز المناقشات لدعم التوجه نحو الهدف العالمى بشأن التكيف ومضاعفة تمويله حتى يمكن الوصول إلى نتيجة مرضية فى مؤتمر المناخ cop28.

وشاركت وزيرة البيئة بعض المقترحات والأفكار مع زملائها الوزراء والمفاوضين الأفارقة حول احتياجات وأولويات القارة الإفريقية، حيث يأتى التكيف كأولوية قصوى للقارة ولمؤتمر المناخ COP27 القادم، إذ يجب أن يقوم جدول الأعمال على أساس العلم وسد الفجوة بين احتياجات القارة الإفريقية والتزامات الدول المتقدمة. 

 

7 مبادرات مصرية

 

وعرضت وزيرة البيئة، عددا من المبادرات التى سيتم إطلاقها فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، والتى تركز على الدول النامية وخاصة إفريقيا وهذه المبادرات هى:

- الانتقال العادل للطاقة، والذى سيشمل البلدان الإفريقية ويضمن تسريع انتقال الطاقة بطريقة عادلة ومنصفة.

- حياة كريمة لإفريقيا للتصدى لآثار تغير المناخ، وهى مستمدة من مبادرة «حياة كريمة» التى تهدف إلى تحسين حياة المجتمعات الريفية من خلال قدرة تكيفية أفضل.

- مبادرة المرأة والتكيف، والتى تهدف إلى تعزيز قدرات المرأة نحو بيئة أكثر مرونة وتوفير المزيد من فرص العمل الخضراء فى هذا الصدد.

- مبادرة الزراعة ونظم الغذاء التى تهدف إلى النظر فى الممارسات الزراعية والنظم الغذائية فى إفريقيا.

- مبادرة AWARE وهى مبادرة خاصة بالمياه تهدف إلى وضع نظام إنذار مبكر وحماية المياه من تأثير تغير المناخ.

- مبادرة التنوع البيولوجى التى تهتم بحماية الحياة البحرية، والنظام البيئى القائم على حلول الطبيعة لربط تغير المناخ والتنوع البيولوجى، خاصة أن قمة التنوع البيولوجي COP15 ستعقد فى مونتريال فى ديسمبر القادم من أجل اعتماد إطار التنوع البيولوجى لما بعد عام ٢٠٢٠.

- مبادرة المخلفات ٥٠ بحلول عام ٢٠٥٠ لإفريقيا، حيث تهدف هذه المبادرة إلى التعامل مع جميع أنواع المخلفات من أجل الوصول إلى هدف ٥٠ % لإعادة تدوير المخلفات فى إفريقيا بحلول عام ٢٠٥٠، وينبغى أن يشمل ذلك دعم جميع البلدان الإفريقية.. ومن المتوقع إطلاق المبادرة خلال مؤتمر COP27 وسيخوض الوزراء الأفارقة مناقشة مكثفة لهذه المبادرة فى الأسابيع المقبلة.