الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

هل تخمد قمة المناخ حرارة الأرض؟

مع انطلاق الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف لإتفاقية التغير المناخى «COP27» أو قمة التغير المناخ، التى تستقبلها مصر فى مدينة شرم الشيخ من 6 إلى 18 نوفمبر، تتجه أنظار العالم إلى ما يعده العلماء «طوق النجاة الأخير» فى جعبة البشر لإنقاذ الارض من مصير قاتم بسبب التغير المناخى.



وتأتى قمة COP27 فى لحظة حاسمة فى تاريخ البشرية لاستدراك ضياع جهود عام منذ نسخة العام الماضى من مؤتمر المناخ فى جلاكسو فى المملكة المتحدة «COP26».

إذ يكشف يكشف تقرير عالمى شامل الوضع الحالى؛ لتقييم حالة التحرك الدولى نحو تحقيق هدف إتفاقية باريس بالحد من الاحترار العالمى لأقل من 2 درجات وحصره فى 1.5 درجة مئوية وهو جوهر معالجة أزمة المناخ العالمية

ويتطلب لخفض درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية ثورة جذرية فى جميع أنظمة الحياة على الكوكب بدءًا من كيفية تشغيل اقتصادنا، وبناء مدننا إلى كيفية إطعام عدد متزايد من السكان وإدارة أراضينا.

 

حرارة الكوكب ترتفع 2.8 درجة بنهاية القرن

 

إن كوكبًا ينحدر بسرعة نحو كارثة مناخية لا رجعة فيها يمنح قمة المناخ «COP27» فى مصر ضرورة ملحة، خاصة أن تقرير الأمم المتحدة الأخير الذى يستبق القمة يؤكد أن الأرض تقترب من ارتفاع متوسط الحرارة العالمية بمقدار 2,8 درجة مئوية، متهمًا دول العالم بإضاعة عام ثمين وعدم تقديم تعهدات وتحركات طموحة تجاه الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التى تم التعهد بها فى قمة جلاسكو العام الماضى.

وأظهر التقرير الصادر يوم 25 من أكتوبر لتقييم للمساهمات المحددة وطنيًا لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أن التعهدات الحالية للدول لمواجهة تغير المناخ، تضع الأرض والبشرية بأكملها على مسار احترار 2.8 درجة مئوية بحلول 2100. ويوضح أن التعهدات الوطنية المحدثة منذ قمة جلاكسو، 2021 لم تحدث سوى فرقًا ضئيلًا فى تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة المتوقع وصوله فى 2030 وأن البشر بعيدون عن تحقيق اتفاق قمة باريس «كوب 21» المتمثل فى الحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى عند 1.5 درجة. وهذا الوضع الراهن يكسب أهمية مضاعفة مؤتمر شرم الشيخ ويجعله الفرصة المحورية لإنقاذ البشرية من كارثة المناخ. ويأتى فى لحظة دولية مشحونة بالتوترات والأزمات الاقتصادية فى ظل الحرب فى أوكرانيا، وتكلفة المعيشة وأزمة الطاقة فى دول الشمال التى تهدد بالعودة للوقود الأحفورى.

واعتبرت صحيفة «لوموند الفرنسية» أن محاربة الاحترار استثمار من اجل بقاء الإنسانية، خاصة أن الحرارة التى لا سابق لها تسببت بتزايد وقساوة موجات جفاف، وترافقت مع فيضانات وحرائق وتسببا باختلال المواسم الزراعية، مشيرة إلى أن الامل الوحيد هو فى انحسار انبعاثات ثانى أوكسيد الكاربون بدءا من عام 2025 إذا ما استمر الاستثمار فى الطاقات البديلة.

ومن المهم أن نتذكر أن ما يقرب من 200 دولة - لكل منها شروط وسياقات واحتياجات ومصالح مختلفة - يجب أن تتوافق لإنقاذ الأرض.

علاوة على ذلك، تم تسليط الضوء على أهمية العلم فى توجيه المناقشات والعمل، خاصة خلال COP26 العام الماضى بجلاسكو، مؤكدة أنه قمة شرم الشيخ هذا العام، سيحظى العلم أيضًا بالكثير من الاهتمام حيث ستقدم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) نتائجها بشأن التكيف مع تغير المناخ والتخفيف 

 

الخسائر والأضرار

 

من المؤكد أن أجندة القمة سوف تتضمن مناقشات مثيرة للجدل حول التعويضات التى تعتقد الدول الفقيرة أن الدول الأكثر ثراء يجب أن تدفعها مقابل التخفيف والتكيف مع تأثير تغير المناخ. نتجت ظاهرة الاحتباس الحرارى عن الدول الصناعية التى استخدمت الوقود الأحفورى لجعل نفسها غنية الحجة هى أنه ينبغى عليهم الآن تعويض تلك البلدان التى تعانى من أسوأ تقلبات تغير المناخ. تُعرف هذه المطالبات باسم مطالبات «الخسائر والأضرار» وستكون محور التركيز الرئيسى للقمة.

فدولة مثل باكستان وفقًا للعالم يوهان روكستروم، مدير معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ ستقدم للدول الكبرى فاتورة ضخمة للتعويض عن الفيضانات التى غمرت ثلث آراضيها.

 

تدمير أربعة أنظمة مناخية

 

وتحذر دراسة لعلماء معهد «بوتسدام» لأبحاث تأثير المناخ فى ألمانيا انه حتى عند وصول درجة حرارة الأرض للرقم 1.5 درجة مئوية، سيكون هناك خطر كبير على أربعة أنظمة مناخية رئيسية على خريطة الأرض.  وأوضح يوهان روكستروم، مدير المعهد أنه عند ذوبان الغطاء الجليدى فى جرينلاند والصفائح الجليدية فى غرب أنتاركتيكا القارة القطبية الجنوبية، سترتفع مستوى بحار ومحيطات العالم عدة أمتار 

وستبدأ أنظمة التربة الصقيعية فى كندا وروسيا فى الذوبان وإطلاق مخازنها الهائلة من غاز الميثان، وهو من الغازات الدفيئة الأشد خطورة من ثانى أكسيد الكربون. أخيرًا، عند ارتفاع درجات الحرارة بنحو 1.5 درجة مئوية، ستبدأ جميع أنظمة الشعاب المرجانية الاستوائية على الكوكب فى الانهيار. وأضاف روكستروم، أننا سوف نسلم لأطفالنا ولجميع الأجيال القادمة، كوكب تتراجع فيه بشدة الأماكن المؤهلة للعيش فيها. 

ويصر العلماء على أن إيجاد طرق لخفض الكربون يجب أن يكون أولوية بالنسبة لـمؤتمر COP27. وللوصول إلى هدف صافى انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050، وبالتالى منع تجاوز حد 1.5 درجة مئوية، يجب خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 5٪ إلى 7٪ سنويًا. رغم أن معدل الانبعاثات حاليًا يرتفع بنسبة بين 1٪ و 2٪ سنويًا.

 

تركيز ثانى أكسيد الكربون يصل لذروته.. وغاز الميثان هو الأخطر

 

وكشف تقرير فى مجلة «ديسكفر» العلمية أن غاز ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى وصل لذروته العام الجارى حيث وصل إلى 421 جزءًا فى المليون. متخطيًا أى تركيز فى 800 ألف سنة الماضية من عمر البشرية، ووفقًا لبيتر تانس، كبير العلماء فى مختبر الرصد العالمى التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى (NOAA)، بلغ تركيز ثانى أكسيد الكربون فى مايو الماضى فى الغلاف الجوى ذروته عند مستوى أعلى بنسبة 50 % من متوسط ​​ما قبل الصناعة، قبل أن نبدأ نحن البشر فى حرق الوقود الأحفورى على نطاق واسع.

وأضاف أن غازات الاحتباس الحرارى الناتجة عن البشر فى جعلت الأرض مثل الصوبة التى احتجزت 49٪ من الحرارة فى الغلاف الجوى عام 2021 أكثر مما كان عليه عام 1990، وعلى المدى البعيد سوف تترتفع تركيزات ثانى أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى مثل الميثان فى الغلاف الجوى الأمر الذى يدخل الكوكب فى حلقة مرعبة من ارتفاع درجات الحرارة وظواهر مناخية متطرفة من موجات الحرارة والجفاف الشديد ونشاط حرائق الغابات إلى هطول الأمطار الشديدة والفيضانات.

ولذا تتوقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى إن هناك احتمالا أكبر من 99 % أن يصنف عام 2022 بين السنوات العشر الأكثر دفئًا على الإطلاق.

 

عام الكوارث المناخية

 

حرائق غابات كاليفورنيا

 

بدأت حرائق ديكسى فى ولاية كالفورنيا فى 13 يوليو 2021 واستمرت حتى 25 أكتوبر بعد أن دمرت نحو مليون فدان ليصبح أكبر حريق غابات منفرد فى تاريخ كاليفورنيا.

 

الغابات والتوازن البيئى

 

فقدت البشرية 35% من الغابات فى الـ300 عام الماضية، فمنذ عام 1990، تم فقدان ما يقدر بنحو 178 مليون هكتار من الغابات فى جميع أنحاء العالم. وهكتار واحد يبلغ حوالى مائة ألف قدم مربع، أى مساحة بحجم ليبيا.

 

أشد أيام بريطانيا حرارة

 

تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية فى بريطانيا لأول مرة فى 19 يوليو. محطمة الرقم القياسى السابق وهو 38.7 درجة مئوية الذى تم تسجيله عام 2019. 

 

فيضانات باكستان

 

لقى ما لا يقل عن 1600 شخص حتفهم وغرق ثلث البلاد بسبب الفيضانات العارمة التى أصابت باكستان فى يونيو الماضى وألحقت بالبلاد خسائر نحو 30 مليار دولار فى كارثة قال عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش: «لم أشهد قط مذبحة مناخية بهذا الحجم».

 

جفاف القرن الإفريقى

 

حذرت وكالات الإغاثة من أن قلة الأمطار التى أثرت على الصومال ودول أخرى فى القرن الإفريقى على مدى السنوات الخمس الماضية، أدت إلى جفاف شديد لدرجة أن حياة مئات الآلاف من الناس مهددة الآن.

 

انهيار الكتلة الجليدية

 

فقد العالم نتيجة للاحترار العالمى مساحة من الجليد أكبر بثلاث مرات من ولاية كاليفورنيا، ما يعنى أن مستويات بحار العالم سترتفع عدة أمتار قد تصل لخمسة أمتار، وهو ما يكفى لإغراق العديد من الجزر والمدن الساحلية تمامًا مثل جزر المالديف.