الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بريد روزا

تدخلات محبطة وآفاق غامضة 

تحية طيبة لبريد روزا وبعد...



أنا سيدى الفاضل محاسب بأحد البنوك أبلغ من العمر ٢٤ عامًا، طبيعة وظيفتى تحتاج مهارات اتصالية خاصة لخدمة العملاء، لكننى إنسان خجول غير واثق فى نفسى، أحتاج الكثير من الوقت لاتخاذ قرارت مهنية بعملى  وأسأل زملائى كثيرًا خوفًا من الخطأ.. طفولتى شهدت تفوقا دراسيا ملحوظا، وقدرات فائقة فى الرياضيات أهلتنى لكلية الهندسة -  إلا أننى التحقت بالتجارة فى النهاية، ثم فضلت العمل بأحد البنوك على ترشيحى معيدًا بالكلية، لا أعرف لماذا أخطو خطوات عكسية فى حياتى تضر بى - حتى على مستوى جمال الشكل فأنا غير وسيم، متلعثم قليلًا فى كلامى ومتردد أيضًا، هذه المشكلة على وجه التحديد تعد أحد أهم أسباب تعنيفى لفظيًا وجسدًيا فى الصغر من قبل والدى، وهو يعمل محاميًا، كان يتمنى التحاقى بكلية الحقوق حتى أُصبح قاضيًا، لكننى لم أوافق، لشعورى بفقدان الثقة فى الحكم على نفسى، فما بالكم بالناس!، تلك مسئولية كبيرة.. لى ثلاثة أشقاء غيرى أنا أكبرهم، اثنان منهم توءم بكلية الصيدلة، وشقيقة بالمرحلة الإعدادية تعودت على إهانتى، ومعاملتى بندية وعدم احترام لا يطاق، لا أستطيع توبيخها بالشكل الذى يردعها ويثنيها عن إهانتها لى، لأن والدتى لن تقف مكتوفة الأيدى أمام رد فعلى، ولن تتراجع عن نصرتها ضدى كالعادة، اختلافى عن أشقائى وبنيتى النفسية الهشة قادتنى للفشل بخطبتين، والحقيقة أستاذ أحمد أننى أريد الزواج الآن قبل أى وقت مضى لأننى أصبحت موظفًا وتلك هى الخطوة الثانية، بترتيب اهتمامات أى شاب بمثل سنى  أو لأن والدى يضغط علىِّ طمعًا فى تطوير قدراتى حسبما أعلن أمام الجميع، بطريقة مستفزة لرجولتى - لكنه ربما هو عوز لا إرادى  للهروب من هذا المنزل الكئيب، والأهل المولعين بالثأر من رهاب أبنهم الاجتماعى المبالغ فيه، يقينى بأننى إنسان غير قابل للصرف بلغة الأرقام، وتدخل أبى وأمى فى كل شيء يخصنى كان سببًا مباشرًا فى إعادة ذهب «شبكتى» الأولى، والفتاة الثانية كانت متبجحة سليطة ومباشرة فى نقدها لشخصيتى، قالت لى ذات يوم «أنت بنى آدم تافه، لا تستطيع اتخاذ قرار بمفردك»، لم أشعر حينها إلا واننى أصفعها على وجهها، تركت لها كل الهدايا قبل خطبتنا الرسمية بأيام، تلك الصفعة التى فرح بها أبى كرد فعل لم يكن يتخيله منى  أصبحت مكتئبا من حياتى بوجه عام وأحيانًا أفكر فى الانتحار،، فبماذا تنصحنى؟ 

إمضاء ه. ل

عزيزى ه. ل تحية طيبة وبعد...

أكثر ما لفت نظرى برسالتك هو إلمامك الجيد بأدواتك وقدراتك الشخصية،، الدليل على ذلك هو تأكيد تفوقك فى الرياضيات وتأهلك لكلية الهندسة، لولا تفضيلك لدراسة التجارة والعمل كمحاسب بنكى  على التدريس الجامعى  كل تلك القرارات ليست عكسية كما تظن - بل هى قناعات تدل على الثقة بالنفس وقوة الشخصية والقدرة على انتقاء الأفضل، فلا تشكك فى ذاتك، واستمد دوافعك وتصميمك على النجاح من قصة عالم الفيزياء الشهير «ألبرت آينشتاين»، رمز العبقرية والإرادة، برغم المعوقات الاجتماعية التى قابلته فى حياته، إلا أنه لم يتأثر بها،، بدءًا من تأخره فى الكلام، وعدم معرفته بالقراءة حتى سن السابعة، مرورًا برأى أساتذته بأنه معاق ذهنيًا وليس لديه أى إمكانات أو مواهب، ثم طرده من المدرسة وهو مراهق، ورسوبه فى اختبار القبول بجامعة زيورخ وانسحابه منها، قبل تلقيه التدريب المطلوب خارجها، والعودة إليها مجددًا واجتيازها، إلى أن صعد على منصة التكريم لاستلام جائزة نوبل فى الفيزياء،، نظرياته أصبحت تدرس بأعرق جامعات العالم، ولا يزال يبهر العلماء يوميًا بنظرياته وتطبيقاتها، من أشهر أقواله الفلسفية التى لا تقل عبقرية عن علمه ، فى سردها وإقناعها، «إن الفشل هو فى الواقع مجرد نجاح بالتقدم، وإذا كنت تفضل عدم الفشل فربما لن تنجح أبدًا»،،، تلك الكلمات مفادها أننا يجب أن نحاول استكشاف المزيد عن أنفسنا، وعن الآخرين، لتحقيق المعرفة المطلوبة، ومن الوارد التعثر فى الطريق، والنهوض بعزيمة أقوى ودافع أكبر - لا يهم شكل السقوط أو مظهره، بل الأهم هو جوهره المتحدى لبلوغ الهدف، كذلك لا تهم عدد الكلمات التى انطق بها أو سرعتها ودقة نظمها، قدر تأثيرها وفائدتها ونفعها لى وللآخرين، لذا ركز فقط فى الاستمرار بحياتك بدلًا من الهروب منها، اثقل مواهبك الكامنة، تقرب من الله واطلب منه الدعم وثق فيه، كن على يقين بأن مشاريع الزواج التى لم يكتب لك فيها النجاح، كانت لأسباب تحدث مع الجميع، مفادها هو النصيب والقدر، وتأكد بأن القادم سيكون أفضل بمشيئة الله وحكمته، مع إنسانة تستحق قلبك الكبير وهدفك النبيل فى الاستقرار، استمر فى البحث عنها حتى تصل إليها،، وأخيرًا إذا احتجت دعمًا إضافيًا من صديق أو إنسان مؤهل لتقديم النصيحة، وأهلًا لها، فليكن طبيبًا نفسيًا تذهب إليه - حتى وإن كان سرًا، وهو بعلمه قادر على تحويل طاقاتك السلبية لإيجابية تقويك على مواجهة أعبائك وعثراتك،،، ولكل رب أسرة أنصحه فى سياق قضية هذا العدد، بضرورة معرفة طبيعة الطفل الانطوائى  وبأنه ليس له دخل فى انطوائيته بتلك المرحلة، لأنها تشهد العديد من الأسباب الخارجة عن إرادته، مثل غياب دعم الأهل لهشاشة بنيتيه النفسية والاجتماعية، وافتقاد التعرض لتجارب حياتية كافية لتطوير خبراته، أو مروره بممارسات محبطة كالتنمر، بأى شكل من أشكاله، دون توجيهه لكيفية التغلب عليه، سواء داخل البيت أو خارجه،، وحتى الوراثة نفسها قد تكون حاضرة بشكل مستتر، خلف اللاوعى بوجودها، كأحد أهم المسببات، عندما يرفض الأب أو الأم  تذكر معاناة أحدهما أو كليهما منها بالصغر، وتفرغهما فقط للنقد اللاذع، ودحض محاولات وآمال أطفالهم فى هزيمة هذا الغول، وخلق  مولود جديد مشوه نفسيًا بسلبيتهم، شب على الضعف والحقد والإسقاط على الآخرين، تلك الحالات المشوشة تظل عرضة للإبتزاز والشذوذ والانتحار، فلا يجب أن نتركهم دون مساعدة على كسب الثقة، وحب الحياة والأمل فى تحقيق النجاحات ورفض الفشل، ومن الثوابت العلمية أن الإنسان الذى يميل للانعزالية هو خلاق ومبدع فى الغالب الأعم - لكنه يحتاج فقط لاكتشاف أدوات تفرده، والعمل على تطويرها واستغلالها فى تحقيق أمانيه وأحلامه. 

دمت سعيدًا وموفقًا ه. ل