الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر وإفريقيا 2022: «شراكة ودعم» مستمر فى عام «المعاناة»

لم تغب شواغل وقضايا دول القارة الإفريقية خلال عام 2022،  الملىء بالتحديات وآثار أزمات عالمية، عن اهتمامات القيادة المصرية والمسئولين بالدولة المصرية، ففى إطار سياسة الانفتاح المصرى تجاه إفريقيا، تبنت القاهرة شواغل القارة، فى أكثر من قضية وتحدٍ، وتحدثت بصوت القارة الإفريقية دفاعًا عن مصالحها، خصوصًا فيما يتعلق بتداعيات الأزمة الاقتصادية وسبل التعاطى معها قاريًا ودعم الدول الإفريقية لتجاوزها والتقليل من آثارها، وقضايا التغير المناخى.



ولم تكن القارة الإفريقية، بعيدة عن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التى تتزايد تداعياتها يومًا بعد يوم فى قطاعات عديدة، بسبب آثار الحرب الروسية الأوكرانية، لتضاف لسلسلة من التحديات والأزمات الأخرى التى فاقمت من الأوضاع الاقتصادية فى القارة خلال السنوات الأخيرة، والتى كان من أبرزها جائحة كورونا، بل إن معظم التقديرات تؤكد أن القارة الإفريقية من أكثر المناطق تضررًا من الحرب الأوكرانية الروسية، بحكم الأوضاع الهيكلية الهشة لاقتصاديات كثير من الدول الإفريقية، ومع تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الغذائية، بالإضافة إلى موجة التضخم العالمية وارتفاع أسعار البناء وتأثير ذلك على سلاسل الإمداد عالميًا.

وفى ظل هذه التداعيات الصعبة التى طالت جميع دول العالم، فى عام «المعاناة» الاقتصادية، وتأثيراتها على الأمن الغذائى والطاقة والظروف المعيشية، كانت تلك القضايا حاضرة على أجندة الدعم المصرى لدول القارة، وخلال هذا العام كان هذا الحضور والدعم حاضرًا فى صور مختلفة من الدول المصرية للدول الإفريقية.. مشروعات التعاون تؤكد «رسالة القاهرة» بدعم الأشقاء والشعوب الإفريقية.

تحقيق الأمن الغذائي:

المحور الأول، هو سبل تحقيق الأمن الغذائى للقارة، وذلك بالعمل على مسارات متعددة، أهمها: تنويع مصادر واردات الغذاء، وتأمين سلاسل الإمداد لدول القارة، بما فى ذلك السيطرة على ارتفاع الأسعار، هذا بجانب العمل على ضرورة التنسيق المشترك من أجل النهوض بالسياسات الوطنية الزراعية الإفريقية، والتوسع فى الزراعة واستصلاح الأراضى الصالحة للزراعة والاستفادة من قدرات الدول الإفريقية فى الزراعة، وذلك سعيًا للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى، خصوصًا فى ظل التأثير المباشر للأزمة الغذائية على أوضاع السلم والأمن فى إفريقيا، وهو الأمر الذى يستدعى دعم الدول الإفريقية، عبر تقديم حزم تحفيزية لاقتصاداتها.. وما يعكس حجم الأزمة، ما أشارت إليه منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، بأن ما يقرب من نصف دول إفريقيا البالغ عددها 54 دولة تعتمد على روسيا وأوكرانيا فى استيراد القمح، كما تمثل روسيا وأوكرانيا أكثر من 40% من واردات إفريقيا من القمح، ويرتفع الرقم فى بلدان مثل رواندا وتنزانيا والسنغال إلى أكثر من 60%.

تخفيف أعباء ديون الدول الأفريقية:

المحور الثانى هو تأكيد مصر على ضرورة حل أزمة الديون الإفريقية، خصوصًا أن التداعيات الاقتصادية العالمية ساهمت فى رفع قيمة ديون الدول الإفريقية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وسعر الدولار، وهو أمر أكدت عليه مصر خلال قمة التيكاد الثامنة، وخلال القمة الأمريكية الإفريقية.

وطالبت مصر بضرورة إيلاء أولوية خاصة لتخفيف أعباء الديون عن كاهل دول القارة خاصة فى ظل ما نواجهه من تحديات دولية قاسية، من خلال التركيز على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ونظرا لحجم التحدى الذى تمثله تلك القضية، بادرت الصين منتصف شهر أغسطس بإلغاء بعض مستحقاتها من الديون على 17 دولة إفريقية، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الصينى وانغ يى فى خطاب ألقاه أمام وزراء وممثلين عن دول إفريقية خلال منتدى التعاون الصينى الإفريقى.

تفعيل منطقة التجارة الحرة:

المحور الثالث، هو سبل تعزيز التجارة البينية على مستوى القارة الإفريقية، من خلال العمل على تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، باعتبارها حجر الزاوية فى الوصول إلى التكامل الاقتصادى المنشود بقارتنا الإفريقية؛ سعيًا لتحسين مناخ الاستثمار والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وذلك لإيمان الدولة المصرية بأهمية تكامل العمل الإقليمى والقارى لدعم الجهود الوطنية القائمة لتنفيذ أهداف «أجندة 2063» سعيًا للوصول إلى مرحلة التكامل الاقتصادى واستدامة السلام وتحقيق تطلعات دول القارة.

الرؤية المصرية  للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية فى القارة الإفريقية، تنطلق من يقين بأن القارة الإفريقية سوق واعد فى مختلف القطاعات، ذلك أن نسبة الشباب فى القارة تصل إلى 65% من تعداد سكانها، وهى نسبة لا تتوافر فى باقى قارات العالم، ومن ثم فإن احتياجات السوق الإفريقية تتزايد فى مختلف القطاعات.

ولعبت مصر دورًا مؤثرًا لتوقيع الدول الإفريقية على اتفاقية منطقة التجارة الحرة، خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى عام 2019، حيث تم اعتماد الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ.

تأثير التغيرات المناخية:

المحور الرابع، هو قضية تغير المناخ وتداعياتها على القارة الإفريقية، وتحدثت مصر خلال رئاستها لمؤتمر الدول أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخى (COP27) بصوت إفريقيا، لزيادة التمويل الدولى المتاح لدولنا الإفريقية، وقدمت مصر خلال المؤتمر عددًا من المبادرات لدعم القارة الإفريقية فى قضية التغير المناخى، وكانت أبرز تلك المبادرات، إطلاق التحالف من أجل البنية التحتية الخضراء فى إفريقيا

هذا بجانب إطلاق مبادرة حياة كريمة لإفريقيا، لتحسين جودة الحياة فى 30% من القرى والمناطق الريفية بالقارة، وإطلاق مبادرة أسواق الكربون فى إفريقيا، لخلق فرص عمل ودعم أسواق الكربون بالقارة، ومبادرة خفض تكلفة الاقتراض الأخضر بإفريقيا، ومبادرة المؤسسات المصرفية brain trust إفريقيا.

تعزيز السلم الإفريقي ومواجهة الصراعات:

من القضايا المهمة التى اهتمت بها مصر، هو ملف الأمن والاستقرار بالدول الإفريقية، حيث تتبنى مصر رؤية للتنمية الاقتصادية، تتطلب تعزيز مناخ السلم والأمن داخل القارة الإفريقية، واعتماد مقاربة شاملة تحول دون العودة للصراعات.

واستضافة القاهرة فى هذا الإطار خلال شهر يونيو الماضى، النسخة الثالثة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، والذى ناقش جهود مواجهة الصراعات فى إفريقيا، والعمل على بناء السلام، كما تستضيف مصر مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية على التواصل مع الشركاء الدوليين والإقليميين، لدعم خطط دول القارة فى هذا المسار لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة.

القمة الأوروبية الإفريقية في بروكسل:

فى النصف الثانى من شهر فبراير، استضافة العاصمة البلجيكية بروكسل، القمة الأوروبية الإفريقية السادسة، والتى انتهت لتأسيس شراكة «متجددة»، حيث انتهت القمة إلى مساعدة الاتحاد الأوروبى لإفريقيا، لإنتاج لقاحات ضد كوفيد19 فى إفريقيا، مع جمع الاتحاد الأوروبى 425 مليون يورو لتسريع حملات التطعيم ودعم توزيع الجرعات وتدريب الفرق الطبية، بجانب دفع استثمارات بقيمة 150 مليار يورو، على سبع سنوات، مع إعطاء الأولوية للبنية التحتية للنقل والشبكات الرقمية والطاقة، بحسب الإعلان النهائى للقاء.

قمة التيكاد الثامنة بتونس:

فى شهر أغسطس، استضافة تونس، مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية فى إفريقيا «تيكاد8»، الذى عقد هذا الأسبوع فى العاصمة التونسية، بمشاركة 66 وفدًا من دول إفريقية واليابان ومنظمات إقليمية ودولية، حيث تناولت القمة أولويات التنمية فى إفريقيا ما بعد جائحة كورونا، بجانب التحديات التى فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى رأسها تحدى الأمن الغذائى. وخلال المؤتمر أعلن رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، إن بلاده عازمة على التنمية فى إفريقيا وتتعهد بتقديم 30 مليار دولار كمساعدات للتنمية فى إفريقيا.

الشراكة الصينية مع إفريقيا:

فى شهر نوفمبر 2022، استضافت السنغال منتدى التعاون الصينى – الإفريقى، والذى يعقد كل ثلاث سنوات، بحضور الرئيس الصينى، شى جين بينج، افتراضيًا، حيث تعهد الرئيس الصينى بتقديم تمويل للدول الإفريقية بقيمة 40 مليار دولار أمريكى، مع وعده بزيادة قيمة الواردات من إفريقيا إلى 300 مليار دولار أمريكى خلال الثلاث سنوات، وجاء المؤتمر ليؤكد العلاقات الوثيقة بين الصين وإفريقيا خلال السنوات الأخيرة، حيث تعد الصين أكبر شريك تجارى لإفريقيا.

القمة الأمريكية الإفريقية بواشنطن:

فى منتصف ديسمبر، استضافة العاصمة الأمريكية واشنطن، القمة الأمريكية الإفريقية، التى دعا لها الرئيس الأمريكى جو بايدن، بحضور 49 من رؤساء دول وحكومات الدول الإفريقية، لبحث تعزيز التعاون الأمريكى مع دول القارة.

وخلال القمة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، عن تخصيص 55 مليار دولار فى مشروعات على مدى السنوات الثلاث المقبلة بما فى ذلك الاستثمار فى الطاقة الخضراء وتدريب العاملين فى مجال الصحة وتحديث شبكات الإنترنت، كما تعهدت بدعم القطاع الخاص الإفريقى بقيمة 15 مليار دولار، إلى جانب تقديم 75 مليون دولار لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان بإفريقيا، و100 مليون دولار لدعم الأمن بالقارة، ودعم عضوية الاتحاد الإفريقى فى قمة العشرين.

مؤتمر المناخ cop27 بشرم الشيخ:

فى نوفمبر، استضافة مدينة شرم الشيخ، مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالتغيرات المناخية  cop27، والذى تحدثت فيه مصر بصوت القارة الإفريقية، فيما يتعلق بتحدى التغير المناخى وتأثيراته على دول القارة، باعتبارها من أكثر المناطق تضررًا من التغيرات المناخية، وخرج المؤتمر بمجموعة من المبادرات لدعم إفريقيا على التكيف مع أثار التغيرات المناخية.