السبت 1 أبريل 2023
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

من البيض إلى أسلحة السوق السوداء

بسبب الفساد.. زلزال الاستقالات يهز أوكرانيا

تتوالى الاستقالات فى القيادة الأوكرانية، ففى أقل من 24 ساعة استقال 4 مسئولين فى نظام كييف وإدارة الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى.



 حيث قدم نائب وزير تنمية المجتمعات والأراضى والبنية التحتية فى أوكرانيا فاسيلى لوزينسكى استقالته اليوم.

ويأتى ذلك عقب إعلان مكتب المدعى العام الأوكرانى المتخصص فى مكافحة الفساد مؤخرا عن ضبط نائب وزير المجتمعات والأقاليم وتطوير البنية التحتية وأعضاء آخرين فى المجموعة فى رشوة قدرها 400 ألف دولار، والتى أشارت إلى تورط لوزينسكى.

وفى وقت سابق من يوم أمس قدم نائب وزير الدفاع الأوكرانى فياتشيسلاف شابوفالوف، استقالته، والذى كان مسئولا عن الخدمات اللوجستية للقوات المسلحة الأوكرانية بعد فضيحة تضخم أسعار شراء المواد الغذائية للوحدات العسكرية الأوكرانية.

وقبل ساعات أقال زيلينسكى، كيريلو تيموشينكو من منصب نائب رئيس مكتبه، دون توضيح الأسباب.

إلا أن وسائل إعلام أوكرانية ذكرت فى تقارير نشرتها سابقا تفيد بأن تيموشينكو يستخدم سيارة دفع رباعى فى رحلات عمل تبرعت بها شركة جنرال موتورز الأمريكية للاحتياجات الإنسانية، كما ذكرت أنه يقطن فى قرية النخبة بالقرب من كييف، والتى أطلق عليها فى المنشور «المنطقة الرئيسية لأصحاب الملايين الأوكرانيين».

هذا ولم تمض ساعات حتى استقال أوليكسى سيمونينكو من منصب نائب المدعى العام، وأكد مكتب المدعى العام لأوكرانيا المعلومات المتعلقة بإقالة سيمونينكو من منصبه بناء على طلبه. 

يذكر أن مستشار رئيس الديوان الرئاسى الأوكرانى أليكسى أريستوفيتش قدم استقالته قبل أيام بعد أن تعرض لحملة انتقادات لتصريحه بأن الدفاعات الجوية الأوكرانية تسببت بانفجار مبنى سكنى فى دنيبروبيتروفسك.

التربح من عقود المشتريات الغذائية

وأثار تقرير أوكرانى فضيحة كبرى، حيث اتهم مسئولين بوزارة الدفاع بالتربح من عقود المشتريات الغذائية الخاصة بالجيش، بينما يُقتل الجنود بالعشرات يوميًا على خط المواجهة. ونفت الوزارة هذه الاتهامات.

وبحسب صحيفة «كييف إندبندنت»، فإن وزارة الدفاع، سعت إلى شراء المواد الغذائية بأسعار أعلى مرتين إلى ثلاث مرات من أسعارها فى المتاجر، مما قد يشير إلى وجود مخطط فساد.

وتقول التقارير إن وزارة الدفاع الأوكرانية وقعت عقداً بقيمة 13 مليار هريفنا (عملة أوكرانيا)، (360 مليون دولار) لشراء الأغذية الخاصة بالجيش فى 2023.. ولاحقًا، استدعت اللجنة البرلمانية الأوكرانية للأمن القومى والدفاع والاستخبارات كبار مسئولى الوزارة لبحث القضية.

بدوره، نفى وزير الدفاع أوليكسى ريزنيكوف وجود مخطط فساد، زاعمًا أن التسريب كان تلاعبًا تم توقيته خصوصًا لإفشال اجتماع رامشتاين فى 20 يناير حيث ناقش حلفاء أوكرانيا دعمها بمزيد من الأسلحة.

وبرر ريزنيكوف التناقض فى أسعار المواد الغذائية المتداول، بأنه مجرد خطأ فنى، ووفقًا لتقرير استقصائى، فإن وزارة الدفاع الأوكرانية وافقت على دفع 17 هريفنا مقابل بيضة واحدة، بينما يبلغ سعرها فى متاجر كييف حوالى 7 هريفنا.. وادعى ريزنيكوف، أن المورد قصد كتابة 17 هريفنا لكل كيلوجرام، وليس للبيضة الواحدة.

وأثار التحقيق فضيحة كبرى، ومنع مجلس الأمن القومى والدفاع أمس مسئولى الدولة من مغادرة أوكرانيا، باستثناء رحلات العمل.

 كما تم اتهام سيمونينكو بعرقلة قضايا الفساد وملاحقة السياسيين المعارضين لكسب ود السلطات الحالية.

وتعهد الرئيس فولوديمير زيلينسكى بإجراء تغييرات فى المناصب العليا بالحكومة وفى الأقاليم ستتم خلال الـ24 ساعة المقبلة.

يقول السياسى والإعلامى البولندى كاميل جيل كاتى، خلال تصريحاته لموقع «سكاى نيوز عربية»، إن توقيت فتح ملفات الفساد سيؤثر بالسلب على الدعم المقدم من الغرب إلى كييف، بالأخص فى مجال الإعمار والبنية التحتية.

ويؤكد كاميل جيل كاتى، أن تلك القضايا سيكون لها رد فعل غربى قريب فى أكثر من اتجاه، حيث إن الشارع الغربى سيدفع باتجاه تقليل الدعم بل ومنعه نظرًا للفساد.

كما أن انتشار الفساد سيعطل أى محاولات لإعادة إعمار أوكرانيا.

مشيرا إلى أن مستويات الفساد والرشاوى انتقلت من الدوائر الصغرى وصغار المسئولين مع طول شهور الحرب حتى وصلت لمستويات غير مسبوقة وهذا ما توضحه جميع المعلومات والأرقام عن نشاط تجارة السوق السوداء للسلاح.

ويعتبر الفساد مشكلة واسعة الانتشار فى أوكرانيا، كما هو الحال فى العديد من دول الاتحاد السوفياتى.

يذكر أنه على مدار الأشهر الماضية، توالت التحذيرات من نشاط السوق السوداء للسلاح داخل أوكرانيا. وهنا يقول الباحث الروسى فى تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، إن الغرب لديه الأدلة على ذلك والدليل التراجع فى دعم أوكرانيا بأنواع معينة من الأسلحة خشية بيعها.

ويعود تاريخ أوكرانيا كمركز لتهريب الأسلحة إلى تفكك الاتحاد السوفياتى، إذ ترك الجيش السوفياتى وراءه كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة فى أوكرانيا، من دون الاحتفاظ بالسجلات الكافية ومراقبة مخزوناته من السلاح.

ووفقًا لمنظمة مسح ودراسة الأسلحة الصغيرة، وهى منظمة بحثية مقرها جنيف، فإن جزءاً من مخزون الأسلحة الصغيرة للجيش الأوكرانى الذى بلغ عام 1992 نحو 7.1 مليون قطعة، وصل إلى مناطق النزاع حول العالم، مما يؤكد خطر تسرب الأسلحة إلى السوق السوداء المحلية.

انتشار عبر الاقتصاد الخفى

كما حذر رئيس منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول)، يورجن ستوك، من وصول الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا إلى أيدى المجرمين، ولهذا، حثّ الدول الأعضاء على التعاون فى تعقب الأسلحة النارية الصغيرة والأسلحة الثقيلة التى يمكن أن تنتشر عبر الاقتصاد الخفى عند انتهاء الحرب.