الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صبحى يحتفظ بروح الجوكر على مسرح مدينة سنبل

«عيلة اتعملها بلوك»

«الجوكر».. يعرف فى أوراق اللعب بالورقة الرابحة متعددة الوظائف والاستخدام، يأتى تصميمه على هيئة رجل مهرج من القرون الوسطى ذى قبعة حمراء، وبسبب هذا التصميم والوجه صاحب «الكاريزما» على ورق اللعب والمعنى من ورائه، جذبت ورقة «الجوكر» الدراما والسينما، صنعوا منها شخصية درامية شديدة الغنى والثراء الفني، فأصبحت شخصية درامية رابحة كل من لعبها نال قدرا كبيرا من المديح والإطراء، ثم رشح لأكبر وأهم جائزة «الأوسكار»، وليس من قبيل المبالغة أن يلقب الفنان محمد صبحى بهذا الوصف، الذى سبق وأن لعب هو نفسه شخصية «الجوكر» فى إحدى أعماله المسرحية الناجحة للمخرج جلال الشرقاوي، ولم تكن شخصية «الجوكر» وحدها صاحبة الاستثناء فى نجاح صبحي، لكنه اتخذ منها سبيلا فى مشواره المسرحى الكبير، ولعب بها دائما على الكوميديا الرابحة.



لم تقتصر كوميديا صبحى على التسلية والترفيه والضحك فقط، بينما يجنح دائما إلى تقديم رسالة اجتماعية وإنسانية متضمنة من خلالها، كانت ولا تزال أعماله تحمل نفس الطابع الفنى فى تقديم كوميديا تعتمد على نبذ ضحك الحناجر والفوز بمخاطبة الوجدان وضحك القلوب، امتلك صبحى الجرأة والقدرة على التحدى الدائم بتقديم تركيبته الاستثنائية فى القطاع الخاص بدءا من تاريخه مع لينين الرملى ونهاية بالأعمال التى يقدمها حاليا بمسرحه بمدينة سنبل، سلك من الترفيه طريقا لينسج بمسرحه فكرا وفلسفة بأنامل الرملى أولا ثم بمن تعاون معهم فيما بعد، واليوم يقدم عرضه الناجح مع الكاتب مصطفى شهيب على خشبة مسرح سنبل «عيلة اتعملها بلوك».

فى «عيلة اتعملها بلوك»..يتناول صبحى بطرح جرىء ومختلف ما وضعناه فى خانة البلوك بحياتنا الإنسانية خاصة فيما يتعلق بالتربية والأخلاق والعلاقات الأسرية، كل ما تربينا عليه وورثناه من قيم ومبادئ أخلاقية عن أجدادنا تم وضعه فى قالب «البلوك» واستبدلناه بالعجز عن إعادة إفراز هذه القيم التى أدت إلى حالة من التفكك الاجتماعى والأسرى خاصة بعد ظهور عالم السوشيال ميديا الذى ساهم بنسبة كبيرة فى التطرف الفكرى والأخلاقى وتحولها من النقيض إلى النقيض، فى دراما متخيلة لعام 2127 يتخيل المؤلف ما قد يتحول عليه الجنس البشرى من عزلة إنسانية وتحول البشر إلى كائنات تشبه الأرقام والآلات يتذكر أحدهم جذور عائلته من زمن مضى والتى يرجع تاريخها إلى عصر الزعيم سعد زغلول وشكل الأسرة المصرية وقتها اجتماعيا وإنسانيا وأخلاقيا وروحيا، ثم يستعرض تطور حال هذه الأسرة وهبوطها التدريجى الذى بدأت تشهده فى عصور مختلفة جمال عبد الناصر، ثم أنور السادات، ثم عصر حسنى مبارك والدخول إلى عالم السوشيال ميديا والتحول التام فى حال هذه الأسرة المصرية على جوانب متعددة.

كما سبق وأن ذكرنا احتفظ صبحى لنفسه بروح «الجوكر» القادر على التلون والتقمص بتغيير جلده وتجسيد شخصيات متعددة فى نفس الوقت، ففى هذا العرض يغير جلده ويتحول من شخصية إلى أخرى بسلاسة ويسر يلعب فى أكثر من عصر وأكثر من عهد ليستعرض حال الأب الذى يشهد تحول أسرته من الأجداد وحتى هذا العصر، ليس من السهل ان يظل النجم محتفظا بحالته على مر السنوات والوقت، ومحمد صبحى أثبت وبجدارة قدرته الكبرى على احتفاظه بنجوميته فى مسار ثابت لا يتغير، سواء من حيث مستوى تقديم الكوميديا والقدرة على صناعة الضحك ثم لياقته البدنية فى الحركة وخفة أدائه على خشبة المسرح مازال الرجل على عهده مع جمهوره الذى اعتاده خفيف طليق يتحرك بلياقة شاب فى الثلاثينات من العمر، نموذج وقدوة فى القدرة على الاحتفاظ ليس بالقيمة الفنية ونوع الكوميديا المقدمة وكذلك بالشكل الخارجى والهيئة الجسدية التى تمكنه دائما من القدرة على القيام بهذا المستوى العالى من التمثيل بالأداء ككوميديان مع أدائه الحركي. 

شاركه البطولة الفنانة وفاء صادق والتى كانت مفاجأة العرض شكلت معه ثنائية فنية استثنائية فى اللعب على انماط اجتماعية مختلفة الزوجة وأحيانا الابنة التى تتغير بمرور الأحداث والزمن فى اشكال عائلية متفرقة، كانت صادق على قدر كبير من الوعى بالكوميديا والشكل المسرحى الذى يقدمه صبحى فى عالمه الخاص بادلته مهارة بمهارة كانت على نفس القدر والمساواة معه فى خفة الروح والحركة وكأنها كوميديانة بالأساس، ثم قدم صبحى فى هذا العرض مجموعة من المواهب الشابة الذين اتقنوا فن التمثيل والغناء على حد سواء لكل منهم شكل ونموذج فنى مختلف عن الآخر خاصة فى خامات الأصوات الغنائية قدم كل منهم على حدة جزءا مغنيا بالعرض وإن كانت أحيانا تخرج بعض المقاطع الغنائية عن السياق ففى بعض المشاهد كانت لا تحتمل التوقف لتقديم مقطع غنائى كامل، لكن يبدو أن الفنان محمد صبحى يريد تقديمهم للجمهور والإفصاح عن مواهبهم المتعددة التى لم تتوقف عن حد التمثيل فقط، وهم أعضاء فريق استوديو الممثل كمال عطية، مصطفى يوسف، محمد يوسف، محمد سعيد، رحاب حسين، داليا حسن، منة طارق، ليلى فوزي، محمود أبو هيبة، محمد شوقى طنطاوي، انجيليكا أيمن، مايكل وليم، لمياء عرابي، حلمى جلال الدين، داليا نبيل، محمد عبد المعطي، وليد هاني، والطفلان عبد الرحمن محمود، ومريم شريف، «عيلة اتعملها بلوك» تأليف مصطفى شهيب، وديكور محمد الغرباوي، تصميم الأزياء مروة عودة، وأشعار عبد الله حسن، ألحان شريف حمدان.