الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السعودية وإيران صفحة جديدة برعاية صينية

فى خطوة قد تنطوى على تغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى وتتنافس القوتان الإقليميتان الكبيرتان على زعامة المنطقة منذ عقود، أعلنت السعودية وإيران، عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتى البلدين وممثلياتهما خلال شهرين، برعاية صينية.



وصدر بيان ثلاثى مشترك عن البلدين ودولة الوساطة، الصين، تضمن تأكيد البلدين، احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، واتفقا على أن يعقد وزيرا الخارجية فى البلدين اجتماعًا لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء.

كما أكد البيان تفعيل جميع الاتفاقيات المشتركة بين الدولتين، ومنها اتفاقية التعاون الأمني، واتفاقية التعاون فى مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب.

وشدد البيان على أن قرار استئناف العلاقات بين البلدين، جاء نتاج استجابة لمبادرة من الرئيس الصينى شى جينبينج، ورغبة قيادتى البلدين فى حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية.

وتأتى الخطوة السعودية - الإيرانية، بعد 7 سنوات من قطع الرياض العلاقات الدبلوماسية بطهران، إثر الهجوم على السفارة السعودية وملحقياتها فى العاصمة الإيرانية فى يناير  2016.

وعلى قدر ما كان الإعلان عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران مفاجئا، بقدر ما توقف الكثير عند نقطة معينة، ألا وهى رعاية الصين لهذا الاتفاق التاريخى الذى أنهى سبعة أعوام من القطيعة. 

وأفردت الكثير من الصحف الأمريكية مساحات لهذه الجزئية وما تحمله من دلالات، فى مقدمتها تعاظم الدور الصينى اقتصاديا وسياسيا فى الشرق الأوسط، على حساب ضعف النفوذ الأمريكى فى تلك المنطقة، حسبما رأت صحيفة نيويورك تايمز.

ففى بيان الإعلان، أبرزت السعودية الدور الذى اضطلعت به الصين وبمبادرة من الرئيس شى جينبينج «لتطوير علاقات حسن الجوار» واستضافة بلاده مباحثات بين الطرفين خلال الفترة من (6 - 10 مارس) برئاسة مساعد بن محمد العيبان مستشار الأمن الوطنى فى المملكة، وعلى شمخانى أمين المجلس الأعلى للأمن القومى الإيراني.

كما ركزت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية على تفعيل اتفاقية التعاون الأمنى الموقعة بينهما عام 2001، وكذلك اتفاقية اقتصادية موقعة عام 1998 .

ووصفت الصحيفة هذا التطور بأنه «اختراق كبير لتنافس مرير لطالما قسم الشرق الأوسط»، ولفتت إلى فشل محاولات إدارة الرئيس باراك أوباما إصلاح العلاقات بين السعودية وإيران، الذى كان يرى أن الصراع بينهما يمثل «مصدرًا للتوتر الطائفى فى المنطقة».

ونقلت الصحيفة عن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكي، ترحيب الولايات المتحدة بالاتفاق، مع التأكيد أن واشنطن «لم تكن طرفًا مباشرًا» فيه، واعتبر كيربى أنه ما زال مبكرا الحكم على صمود هذا الاتفاق.

وأشارت الصحيفة إلى تمتع اليمن بـ«توقف نادر» للقتال منذ أبريل الماضى بعد تطبيق هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة، على الرغم من انتهاء سريانها فى أكتوبر الماضي، وتحدثت الصحيفة كذلك عن استئناف «قنوات الحوار الخلفية» بين الحوثيين والجانب السعودي.

وأشارت واشنطن بوست إلى تقارب سعودى إيرانى منذ عام 2021، من خلال جولات محادثات استضافها العراق وسلطنة عمان.

ورأت الصحيفة أن التركيز على الدور الذى قامت به الصين فى هذا الاتفاق ربما يستهدف توجيه رسالة للقوى العظمى، ومن بينها الولايات المتحدة، «مفادها أن محور الشرق الأوسط يتغير».

واستشهدت الصحيفة بوصف إدارة الرئيس جو بايدن لتعاظم دور الصين بأنه «أكبر تحد جيوسياسى للقرن الـ21».

بكين لطالما تجنبت التدخل سياسيا فى الشرق الأوسط، مع التركيز بدلا من ذلك على العلاقات الاقتصادية، مشيرة إلى أن الاتفاق يبعث برسالة رمزية «قوية جدا» نظرا لتوقيعها قبل أيام فقط من الذكرى العشرين للغزو الأمريكى للعراق، إن الصين حلت حقا كـ«لاعب استراتيجى فى الخليج».

وبعيدا عن حسابات الصين والولايات المتحدة ومصالحهما، يرى مراقبون أن الاتفاق السعودى الإيرانى ربما يضع نهاية لسنوات من الخلافات بين قوتين لهما ثقلهما فى المنطقة، الأمر الذى قد يخمد نار صراعات لم تعد دول الإقليم تتحمل تبعاتها فى ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وذلك ما لم يكن لقوى عظمى أخرى رأى مغاير.

وانقطعت العلاقات بين الرياض وطهران عام 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية فى إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين شيعي معارض يُدعى نمر النمر.

ومنذ أبريل 2021، استضاف العراق سلسلة اجتماعات بين مسئولين أمنيين من البلدين الخصمين لتقريب وجهات النظر.

واعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن الصفقة بمثابة «هزة فى الجغرافيا السياسية» للشرق الأوسط، حيث إنها تشير إلى زيادة حادة فى نفوذ بكين فى منطقة تخلت الولايات المتحدة عنها بشكل كبير وجعلت تركيزها منصبًا فقط على صراع نفوذ مع الصين وروسيا.

وذكرت الصحيفة أن الصفقة تعتبر «منطقية» إلى حد كبير، حيث أقامت الصين فى السنوات الأخيرة علاقات اقتصادية أوثق مع المملكة العربية السعودية وإيران، وكلاهما مورد مهم للنفط لدى بكين، مشيرة إلى أن ذلك جعل الأخيرة «شريكاً موثوقاً فيه» لدى الرياض وطهران وأسهم فى تقاربهما.

وفى السياق ذاته، وصفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الاتفاقية بأنها «انتصار كبير لجهود خفض التصعيد الإقليمية».

وأضافت «الاتفاق السعودى الإيرانى هو علامة واضحة على استعداد البلدين لطى الصفحة بعد سنوات من الاضطراب. وستكون هناك حاجة لمزيد من الحوار وتدابير بناء الثقة، لكن هذه بداية رائعة». الدول المتأثرة بالاتفاق 

- اليمن: يسعى الدبلوماسيون إلى إيجاد طريقة لإنهاء الصراع الذى تسبب فى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية فى العالم وتحول إلى حرب بالوكالة بين الرياض وطهران. قد يوفر الاتفاق السعودى الإيرانى دفعة للجهود المبذولة لإنهاء الصراع.

- لبنان: لطالما دعمت إيران حزب الله الشيعى اللبنانى القوى، بينما دعمت السعودية السياسيين السنة فى البلاد. قد يؤدى تخفيف التوترات بين الرياض وطهران إلى دفع الطرفين نحو مصالحة سياسية فى لبنان ، الذى يواجه انهيارًا ماليًا غير مسبوق.

- سوريا: دعمت إيران الرئيس السورى بشار الأسد بينما دعمت السعودية المعارضة. قد يجعل الاتفاق الدبلوماسى من المقبول بالنسبة للرياض التفاعل مع الأسد.

الولايات المتحدة: تصر إدارة بايدن على أنها كانت دائمًا تؤيد أى ترتيب يمكن أن يساعد فى تقليل التوترات فى الشرق الأوسط ، بما فى ذلك استعادة العلاقات الإيرانية السعودية. قد يكون دور الصين فى التوسط فى التقارب مصدر قلق من حيث صلته بالمعركة بين واشنطن وبكين على النفوذ فى المنطقة وخارجها.