السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر منارة الحضارة الإسلامية

الرئيس يفتتح مركز مصر الثقافى الإسلامى بالعاصمة الإدارية

حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى، فجر أمس الخميس على مشاركة المهندسين والعاملين فى العاصمة الإدارية الجديدة، سحور أولى ليالى شهر رمضان الكريم، معربا عن شكره لمجهوداتهم فى تحويل «الصحراء» إلى صرح حضارى، كما افتتح الرئيس، مركز مصر الثقافى الإسلامى، بالعاصمة الإدارية.



واستهل الرئيس السيسى، نشاطه بالمشاركة فى مائدة السحور بأولى ليالى شهر رمضان الكريم، مع المهندسين والعاملين فى العاصمة الإدارية، كما استمع الرئيس إلى عزف موسيقى وفنى، قدمته مجموعة من الشباب المشاركين فى مسابقة (الدوم). 

وانشد مصطفى ذكرى، الفائز بـ(الدوم) عن فئة الغناء، أغنية «لأجل النبي»، فى حين قدم أحمد الشواف، من مشاركى برنامج (الدوم)، الشكر للرئيس السيسى، حاملا التحية من مسقط رأسه فى حلايب، معربا عن فخره بالإنجازات التى جرى تشييدها بالعاصمة الإدارية، كما قدمت الشابة أمانى سمير، من فائزى (الدوم) عن فئة الغناء، مقطعا موسيقيا من أغنية أم كلثوم (برضاك).

وبعد ذلك، توجه الرئيس إلى العاملين بالعاصمة الإدارية، قبيل تناول وجبة السحور، قائلا «أرجو آلا نكون أثقلنا عليكم جميعا، وألا نحرم الأسر من سحور أول يوم للشهر الكريم، لكن كان من المهم أن نكون معا فى هذه المناسبة المهمة».

وأعرب الرئيس السيسى، عن شكره لهم، قائلا: أشكر الشباب و«الأيدى العفية» التى تبنى وتعمل بالعاصمة، على مدار الأعوام الماضية، مضيفًا أن هذه القطعة من الأرض، كانت صحراء قبل فترة، وأضحت الآن صرحا معماريا حضاريا، بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل العاملين فيها، الذين قاموا بمجهودات وأعمال رائعة، متمنيًا أن تشهد مصر «أياما طيبة وجميلة، وفيها كرم ربنا سبحانه وتعالى».

وفى أعقاب ذلك، أدى الرئيس السيسى، صلاة فجر أول أيام شهر رمضان المبارك، فى مسجد مصر، بالعاصمة الإدارية، كما أدى الصلاة بالمسجد، فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، والفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة، ووزير الخارجية سامح شكرى، وعدد من المسئولين وكبار رجال الدولة. عقب ذلك، توجه الرئيس السيسى إلى مركز مصر الثقافى الإسلامى، حيث شهد إزاحة ستار افتتاحه رسميا، واستمع إلى شرح تفصيلى من إحدى قيادات التابعة القوات المسلحة، القائمة على المشروع، لتصميم مركز مصر الثقافى الإسلامى، قائلا: «إن المشروع يقع على محور بن زايد الشمالى والمرتفع له 24 مترا عن مستوى سطح المنطقة الشمالية، وسور 1200 متر مسطح، وتوجد فى الناحية الجنوبية، بوابتان بـ 460 مترا مسطحا، كما يوجد ممر المراسم بإجمالى 8280 مترا مسطحا».

وأوضح أن المركز الثقافى يتكون من مركز إعلام ومكتبة عامة، وأماكن لتحفيظ القرآن، علاوة على الخدمات، التى تخدم المسطح العلوى أو الساحة العلوية للمسجد، وهى عبارة عن 81 «دورة مياه»، ويوجد 10 أبواب، وهي: 4 من الجانب الشرقى و4 من الجانب الغربى واثنان من الجانب الشمالى وتخدم المصلين والمركز الإسلامي.

كما يحتوى المركز الثقافى على 160 محلا تجاريا تخدم المصلين.. كما توجد ساحة علوية تتسع لـ 55 ألف مصل، فى حين يسع المسجد نفسه لنحو 12 ألف مصل، والساحة الشمالية والسفلية تسع إلى 61 ألف مصل، بالإضافة إلى ألفى مصل داخل المسجد الثقافى الإسلامى، بإجمالى 130 ألف مصل للمسجد بالكامل.

ويحتوى المركز على مبنيين، الأول طوله 147 مترا من منسوب سطح الساحة العلوية، كما يوجد مجمع للقاعات وهو عبارة عن 3 قاعات، 2500 متر فى المنطقة الشرقية، ومساحة مماثلة فى المنطقة الغربية، ويسع كل مبنى لنحو 300 فرد.

ويوجد «دار القرآن»، وهى عبارة عن 6800 متر مسطح، مقسمة إلى 30 ديوانا، كل ديوان خاص بجزء من القرآن الكريم، خلاف المناطق الداخلية للأبحاث والندوات التى تتم داخله، وقال: «يوجد لدينا مصحف سيدنا عثمان - رضى الله عنه - وهو عبارة عن 1087 صحفة، وهو أكبر مصحف لسيدنا عثمان، كما يوجد مصحف آخر مكون من حوالى 400 صفحة فقط». وقد حصل المسجد على ثلاث شهادات عالمية فى المقاسات المختلفة من «موسوعة جينيس»، أول شهادة حصل عليها المسجد من المنبر الداخلى لارتفاعه 16 مترا و45 سم، ويعد أكبر منبرا فى العالم يتم تنفيذه فى العالم الإسلامى من أجود أنواع الأخشاب ويدوى و«بالتعشيق»، بالإضافة إلى «النجفة» الموجودة فى المسجد حاصلة على شهادتين من «موسوعة جينيس»، الأولى منها قطر النجف 22 مترا، وعبارة عن أربعة «أدوار»، وهى أكبر نجفة فى العالم، والثانية من حيث الوزن، الذى يصل إلى 50 طنا، وحصلت بموجبه على شهادة أثقل وزن «نجفة» فى العالم، مضيفا أن المجمع بالكامل دليل قوى على تسامح الإسلام والتكامل بين الأديان السماوية.

عقب ذلك، تفقد الرئيس السيسى، دار القرآن الكريم بمركز مصر الثقافى الإسلامى، بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث جال فى أروقته، واستمع إلى شرح تفصيلى من الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية.

وقدم الأزهرى، شرحا مفصلا للرئيس، قائلا إن الدار تتكون من 30 ديوانا، وكل ديوان جرى «نقش» جزء من أجزاء القرآن الكريم كاملا به، لكى يعيش من يزور كل ديوان، فى قلب هذا الجزء من القرآن الكريم.

وأشار إلى أن المكان يحيطه الزخارف الراقية المنحوته فى الحجر بصبر وتفان وحب، موضحا أن الجزء الأول من القرآن الكريم يبدأ بزخارف صورة الفاتحة، وكل ديوان يشتمل على 20 صفحة ليست مصورة، بل منقوشة نقشا على الحجر، بهدف إعادة إحياء وتدريب همة المصرى القديم، الذى كان ينقش العلوم والمعارف على الحجر.

وأضاف أن كل جزء فى المكان ناطق بآيات القرآن الكريم والزخارف البديعة التى تملأ وعى الإنسان، والجو المحيط به بجلال العظمة، لافتا إلى أن الجزء الأول من القرآن الكريم من القيم التى نرسلها للبشرية من خلاله (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ)، وهى أول رسالة العلم التى نتوجه بها من الدار إلى العالم بأكمله.

وأكمل الأزهرى، شرحه فى غرفة أخرى، حيث يظهر الجزء الأول من القرآن الكريم مكون من 21 صفحة، على لوح منقوشة على الحجر، أما الجزء الأخير يحتوى على 23 صفحة، لوجود فواصل فى قصارى سور القرآن الكريم، وبين أن الزخارف الموجودة على جدران الدار هى نمط أبدع فيه المسلمون عبر التاريخ.

وبعد ذلك، اصطحب الأزهرى، الرئيس السيسى، الى ديوان آخر فى دار القرآن الكريم، به «سورة يوسف»، كما انتقلا إلى ممر مقابل يشتمل على 16 ديوانا، يكمل 16 جزءا من القرآن الكريم، وكل جزء يحمل معنى الجمال.. وقال الأزهري: «نقدم هدية للناس.. رسالة من دار القرآن الكريم من مسجد مصر من أرض الكنانة مصر لكل إنسان على وجه الأرض.. فالقرآن يعلم الناس إكرام كل إنسان، والإنسان خلق ليكرم، والأم خلقت لتبر، والوطن خلق ليحب». وتابع الرئيس مع الأزهرى أجزاء أخرى من القرآن الكريم، ومنه الجزء 26، حيث توجد سورتا الفتح والحجرات، وقال الأزهري: من سورة الحجرات نأخد للناس قيمة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» بينما تنطلق نظريات وفلسفات مغلوطة تدعى أن علاقة الشعوب والأمم والحضارات هى الصدام والصراع، فإذا بالقرآن الكريم يقول (ليتعارفوا) فنتسطيع تقديم نظرية إلى العالم عن (تعارف الحضارات)».

وأضاف الأزهرى أن هناك ثلاثة مواضع فى القرآن الكريم وصفها الله بالآمان، الأول، جنات النعيم، ﴿إنَّ المُتَّقِينَ في جَنّاتٍ وعُيُونٍ﴾ ﴿ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ﴾، والموضع الثانى، المسجد الحرام، (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) أما عن الموضع الثالث فكان عن مصر(ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)، وأخذنا كلمة (آمنين) من الآيات الثلاث وتم تثبيتها وتكبيرها فى الموضع المذكور بكل آية.

وأشار إلى أن مصر ذكرت فى التوارة والإنجيل والقرآن الكريم، كما ذكرت سيناء أيضا، فى إشارة إلى ما تحظى به مصر من تقدير فى سائر الكتب السماوية وفى الوحى الآلهى على تعاقد أدواره، ولفت إلى أن بعد صناعة هذا الإبداع فى دار القرآن الكريم، جرى تحويله إلى هوية بصرية عبر النحت فى الرخام.ومسك الختام المصحف الشريف العثمانى، الذى تفقده الرئيس السيسى ومرافقوه، والذى يعد أثمن ما أهدى إلى «دار القرآن» وهو مصحف سيدنا عثمان بن عفان»، حيث يزن المصحف 80 كيلو جراما، ويشتمل على 1087 صفحة وهو بالخط الكوفى القديم غير منقوط أو مشكل أو مقسم إلى أحزاب وأرباع.وقال الأزهرى أن هذا المصحف ظل محفوظا فى مسجد عمرو بن العاص على مدى 400 عام، ثم انتقل إلى المدرسة الفاضيلية، وصاحبها اشترى المصحف الشريف بـ 30 ألف دينار ذهب؛ تقديرا وتعظيما للمصحف، ثم أنشأ له السلطان الغورى قبته الخاصة؛ ليودع فيه المصحف الشريف، ووثق أنه مصحف عثمانى، ثم نقل على يد أسرة محمد على باشا إلى قلعة صلاح الدين (مقر حكم مصر)؛ اعتزازا عبر التاريخ بهذه النسخة الشديدة الندرة من المصحف الشريف، ثم نقل إلى مسجد سيدنا الحسين ثم مسجد السيدة زينب فى مركز المخطوطات فى الأوقاف ثم جرى إيداعه فى «دار القرآن» بالعاصمة الإدارية.

وبين أن السلطان الغورى صنع لهذا المصحف الشريف، حافظة من الجلد مدهبة فى غاية النفاثة، وبسبب «الزخارف النفيسة الموجودة عليها»، جرى وضع مرآة ترى من خلالها الزخارف.

واختتم مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية شرحه بالقول إن دار القرآن ستكون مقصدا للزائرين من أنحاء العالم، وهدية مصر ومنارة للعالم بأكمله.

ويعد مركز مصر الثقافى الإسلامى فى العاصمة الإدارية الجديدة إنجازًا كبيرًا ومن أهم المشروعات التى تم إنشاؤها فى العاصمة الإدارية الجديدة، وتم إنشاء المركز الثقافى الإسلامى بأحدث الإمكانيات العالمية ليكون مركزا بمستوى عالمى يهدف إلى النمو الفكرى والثقافى والدينى والاجتماعى، كما يعد المركز من المراكز الثقافية المهمة فى مصر وإفريقيا.