الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

اجهر بإفطارك VS قاطعوا المفطرين

تراشق إلكترونى بسبب حرية الإفطار فى نهار رمضان

شاب يُدعى «أحمد الديب» نشر عبر حسابه على «فيس بوك» صورة وهو يحمل زجاجة ماء وبسكويت مُعلقا: «صباح الخير من محطة القطر»، ليختتم التعليق بوسم «#اجهر_بإفطارك»، الأمر الذى أثار غضب الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعى على اعتبار أن ذلك الشاب يُحرض على الإفطار فى نهار رمضان ويجهر بالمعصية.



انتشرت الصورة كالنار فى الهشيم، وبدأ التراشق الإلكترونى بين فريقين، أحدهما يرى حرية الإفطار فى نهار رمضان دون إبداء السبب، والآخر يدعو لمقاطعة أى بائع يجهر بالإفطار فى نهار رمضان.

وسرعان ما تحول الأمر إلى «حرب هاشتاجات»، الأول بعنوان «#اجهر_بإفطارك»، ويتبناه الفريق الداعم لحرية الفرد فى الإفطار دون أن يحاسبه أحد، والآخر بعنوان «#قاطعوا_المفطرين»، الذى يدعو لمقاطعة أى شخص مُفطر فى نهار رمضان، سواء كان بائعًا أو سائقًا أو عاملًا.

يُذكر أن شخصيات عامة كانت قد صرحت بأنها لا تصوم رمضان، الأمر الذى يجعلهم فى مرمى نيران الكثيرين، والسؤال: «هل يندرج الجهر بالإفطار فى نهار رمضان تحت باب الحرية الشخصية؟ أم يحتاج إلى عقوبة رادعة أسوة بدول أخرى مثلما ينادى البعض؟».

بالبحث وجدنا أن بعض الدول الإسلامية تفرض بالفعل قوانين وشروطا خاصة خلال شهر رمضان المبارك، تمنع من خلالها المواطنين الأصليين والأجانب من الإفطار العلنى فى النهار خلال شهر رمضان المبارك، بينما فرضت بعض الدول قوانين وغرامات معينة بحال تم الإفطار علنا فى وضح النهار أمام المجتمع والناس، وهناك بعض الدول يمثل ذلك الفعل فى تشريعاتها جريمة وتقود فاعلها للعقاب والبعض الآخر ليس لديه نص يجرم ذلك الفعل. 

دار الإفتاء المصرية أصدرت بيانا حول هذه القضية وصفت فيه المجاهر بالإفطار فى نهار رمضان بأنه «مستهتر وعابث بشعيرة عامة من شعائر المسلمين»، وأكدت أن المجاهرة بالإفطار فى نهار رمضان «لا تدخل ضمن الحرية الشخصية للإنسان، بل هى نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام».

وأضافت أن المفطر، فى نهار رمضان، عمدا من غير عذر شرعى، إذا كان جاحدا لفريضة الصوم منكرا لها، يعد مرتدا عن الإسلام، أما إذا أفطر فى رمضان، عمدا دون عذر شرعى، معتقدا عدم جواز ذلك، كان مسلما عاصيا فاسقا يستحق العقاب شرعا، ويجب عليه قضاء ما فاته من الصوم.

من جانبه أكد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بأن الله -عز وجل- يغفر لجميع الناس إلا المجاهرين بالمعصية.

واستشهد جمعة فى فتوى له، بقول الرسول صلى -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا».

ولفت المفتى السابق، إلى أن المجاهر بالإفطار فى رمضان ارتكب ذنبًا بالليل بأنه لم ينوِ الصيام غدًا، محذرًا من تعمد الإفطار وعدم المجاهرة بالمعصية.

ورفض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر مطالبات البعض بغلق المقاهى والمطاعم فى نهار رمضان أو معاقبة من يجهر بالإفطار قائلا: «لست مع فكرة غلق المقاهى أو عقاب المفطر فى نهار رمضان، نحن فى دولة مدنية وليست دينية».

وتابع «كريمة» فى تصريحات لـ»روزاليوسف»: «صحيح مصر بلد فيه أغلبية مسلمة لكن أيضا فى إخوتنا المسيحيين، والحقيقة أنهم يراعون مشاعر المسلمين أكثر من المسلمين المفطرين فى نهار رمضان».

وتابع أستاذ الفقه المقارن والشريعة: «هناك دول تضرب الناس فى الشوارع للمجاهرة بالإفطار وتغلق المطاعم، أنا ضد كل هذا الكلام وهو ليس من الشرع فى شيء، لكن الشخص المسلم لا يجب عليه الجهر بالإفطار فى الشارع، يفطر فى بيته كيما شاء وعلى الله حسابه».

فيما نبه الشيخ على فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن المجاهر بالفطر عمدًا فى نهار رمضان يرتكب إثمًا عظيمًا ومعصية وينتهك أوامر الله عز وجل.

واستطرد «فخر»: أنه يجوز للأب أن يمنع ابنه البالغ المُجاهر بالفطر عن طريق الزجر واليد والتوبيخ، منوهًا بأن الجار المُجاهر بالفطر ينبغى علينا أن ننصحه بلسان لأنه يفعل معصية فى نهار رمضان، فيجب عليه الاستتار حتى لا يقلده غيره.

وأكمل مدير عام إدارة الحساب الشرعي: «أما الشخص المجاهر بالفطر الذى يسير فى الشارع ولا نستطيع منعه باليد أو بنصيحة فندعو له بالقلب بأن يهديه الله عز وجل».

واستدل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم-: «مَن رَأى مِنكُم مُنكَرًَا فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ».