الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مفتاح الطاعة وعلامة الصلة بالله

كيف يستجيب الله دعاءنا فى العشر الأواخر؟

يجتهد المسلمون فى أداء العبادات خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، ويرفع العباد أكف الضراعة إلى الله- عز وجل- بلا حجاب، آملين أن يستجيب دعائهم ويقضى حاجاتهم ويشفى مرضاهم ويرحم موتاهم، ولكن قد يتساءل البعض: لماذا لا يقبل الله دعاءنا ونحن رُكعا سُجدًا، صوامون قوامون؟



سؤال قد يتبادر إلى أذهان الكثيرين دون إجابة واضحة، وهنا نستعرض لكم شروط استجابة الدعاء كما اجتهد فى توضحيها العلماء ودار الإفتاء المصرية.

من المعروف أن وقت الإفطار من أنسب الأوقات للدعاء، وعن ذلك قالت دار الإفتاء المصرية، إن الدعاء مستجاب فى هذا الوقت؛ فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ» أخرجه ابن ماجه فى «سننه». 

كما استدلت فى بيانها هل الدعاء وقت الإفطار للصائم مستجاب؟ بما ثبت عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ» أخرجه أبو داود فى «سننه»، مؤكدة أن الدعاء وقت الإفطار مستحبٌّ ومستجاب بإذن الله.

وقد كان من دعاء النبى - صلى الله عليه وآله وسلم عند فطره: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى» .

كما قالت دار الإفتاء، إنه فيما ورد عن عبدالله بن عمر -رضى الله عنه- قال: (كانَ النَّبيُّ - صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ - إذا أفطرَ قال: ذهبَ الظَّمأُ وابتلَت العروقُ و ثبُتَ الأجرُ إن شاءَ اللهُ)، و(ذهب الظمأ) أي: انتهى الشعور بالعطش، و(وابتلت العروق) أي: رطبت بزوال اليبوسة الحاصلة من العطش، أما (وثبت الأجر) أى: زال التعب وحصل الثواب؛ وهذا حث على العبادات؛ فإن التعب يسير لذهابه وزواله، والأجر كثير لثباته وبقائه، فيما أن قوله: (إن شاء الله) قول متعلق بالأجر؛ لئلا يجزم كل أحد؛ فإن ثبوت أجر الأفراد تحت المشيئة الإلهية. 

كما كان النبى - صلى الله عليه وسلم- يقول أيضًا: « اللهم إنّى أسألُكَ برحمتِكَ التى وسِعَتْ كلَّ شيءٍ أن تغفِرَ لي»، رواه ابن ماجه من دعاء عبد الله بن عمرو بن العاص، وحسّنه ابن حجر فى تخريج الأذكار.

كما كشف الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، عن شروط استجابة الدعاء من الله عز وجل.

وقال «هاشم» إن «غفران الله ورحمته تشمل جميع العباد وتشملنا فى كل الأحوال المهم أن نؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبسيدنا محمد نبيًا ورسولًا».

وأضاف «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثمًا عظيمًا لا بد من توحيد الله ويغفر ما دون ذلك ما يشاء، وهذا يعنى أن أهل الكبائر لا يكونون مخلدون فى النار لأنه قال ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء».

وتابع «إشارة إلى الشرك إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك أى يقصد جميع الذنوب التى منها كبائر وصغائر فهو يغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهذا يجعل الإنسان المؤمن حريصًا على إيمانه متمسكًا بعقيدته يكره أن يقذف فى النار وأن يعود فى النار بمن يدرك حلاوة الإيمان».

واستطرد «ولذلك فمن شروط الدعاء المستجاب أن يكره أن يعود إلى الكفر يبعد عن الشرك ويؤمن بالله وحده لا شريك له بشرط الندم والعزم على عدم العودة ورد الحقوق لأصحابها إذا ما كان ذلك فإن الله يقبل توبته».

الدكتور أحمد موافى، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم فى جامعة القاهرة، يقول فى ذلك: «الله - سبحانه وتعالى - فرض العبادات حتى يكتسب العبد الأخلاق من خلال ممارساته له، وينبغى أن يخاف المتعبد من عدم ظهور أثر عباداته فى نفسه، ويعلم أنه فى خطر، فقد يلقى الله يوم القيامة ويجد نفسه فى موقف صعب، رغم صلاته وقيامه وصيامه فى الدنيا، فقط لأن أثر تلك العبادات لم ينعكس على سلوكياته»، ويتابع: «المسلم الممارس للعبادات ولكنه بعيد عن المنظومة الأخلاقية التى ارتبطت بتلك العبادات لا يجب أن يأمن لقاءه بالله حينما يجد - لسوء حظه - كل عباداته فى الدنيا غير مقبولة».

يؤكد أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم، أن الهدف الأساسى من العبادات هو تهذيب النفس، فلم يفرض الله الصوم -على سبيل المثال - حتى يجوع الناس ويتألمون ظمأ، فكما قال الله فى كتابه الحكيم: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، وتظهر التقوى من خلال التعاملات، وليس بكثرة أداء العبادات، مستشهدا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، ومعنى ذلك أن الصائم ليس له من صيامه سوى الامتناع عن الطعام والشراب، طالما أن سلوكياته تنافى تماما النتيجة المنطقية لصيامه أو صلاته.

وقال الدكتور محمود شلبى، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن البعض يشكو من عدم استجابة الله لدعائه، رغم طاعته، مضيفا: «كل إنسان عليه أن يوكل أمره كله لله، ويعلم أن الله هو القادر على كل شىء».

وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء،: «قد يكون الإنسان بيدعى بأمر يعتبره خير له وهو شر عند الله سبحانه وتعالى»، مستشهدا بقول الله سبحانه وتعالى: «وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا».

واستكمل أمين الفتوى بدار الإفتاء، حديثه: «سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم قال، أيها الناس ما دام الدعاء فيه إخلاص وطاعة لله، فإنه يستجاب، لكن هذه الاستجابة ليست قاصرة على شكل معين، وأيضا قطع صلة الرحم أو الإثم والمعاصى تعطل استجابة الدعاء، ولا يرد القضاء إلا الدعاء.. الإنسان يدعو ويتوكل على الله ويترك الأمر لله سبحانه وتعالى».