الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حناجر ذهبية

محمد الصيفى

القرآن الكريم نزل بمكة وكُتب فى العراق وقُرئ فى مصر، لذا استحقت المحروسة أن تكون بحق «دولة التلاوة»، التى هادت العالم بحناجر ذهبية صدحت بأصواتها فأطربت المسامع، وتجلّت بمقامات تقشعر لنغمها الأبدان، لذا ترصد لكم جريدة «روزاليوسف» يوميًا فى رمضان، قصص أصحاب الحناجر الذهبية من القُراء المصريين الذين جابت أصواتهم العالم ولا تزال.



القراءة المطلوبة يجب أن يشترك فى ترتيلها اللسان والعقل والقلب.. جملة مر عليها أكثر من نصف قرن، وضعها الشيخ محمد الصيفى نصب عينيه، الشيخ محمد الصيفى، الذى تفرد بالتلاوة فى زمنه، وكان قبلة الشعب والملوك، ورغم أنه تفوق على الكثيرين من أبناء جيله، إلا أنه بعد الرحيل لم يكن الأشهر من بينهم.

ولد الشيخ «الصيفى» عام 1885 بمحافظة القليوبية وقرية تحمل اسم البرادعة، نال من الألقاب الكثير، جميعها تأكد أنه الأكثر تمكنا فى زمنه فى قراءة القرآن الكريم، فأطلق عليه القارىء العالم، ولُقب أيضًا بـ«أبو القراء والتلاوة»، فجمع من القراءات العشر الكبرى، وعلى يده تخرج أعلام التلاوة فى مصر فى القرن العشرين، وتحديدا فى منتصفه.

كان الشيخ عبدالعزيز السحار، صاحب مدرسة شهيرة فى قاهرة المعز، يقبل عليه الطلاب ليتتلمذوا على يده، فكان الشيخ الصيفى تلميذًا نجيبًا له، تلقى منه العلم، وترجمه فى قراءة القرآن، ثم أثقل التلاوات بالدراسة فى الأزهر الشريف، فتخرج فى كلية الشريعة والقانون عام 1910.

كانت بداية ابن قرية البرادعة فى حى العباسية، وهناك تأثر برئيس جمهورية التلاوة الشيخ أحمد ندا، وبدأ حياته مع الشيخ طه الفشنى، وصادق الشيخ على محمود، بينما كان الشيخ محمد رفعت هو الأقرب إلى قلبه، والأكثر جلوسًا معًا، فكان يقرأ القرآن فى الإذاعة المصرية بالتناوب مع الشيخ محمد رفعت.

ورغم أن الشيخ «الصيفى» كان يحصل على نفس المبلغ الذى يتقاضاه الشيخ محمد رفعت وقتها «50 قرشًا» ووصل بعد ذلك إلى 10 جنيهات، إلا أنه لم يحظ بشهرته بعد الرحيل، ربما لتشابه الأصوات بينهما، ولكن عندما سُئل الشيخ الصيفى عن أعظم قارئ فى وقته، لم يختر الشيخ محمد رفعت، فتعجب الجلوس، وقال أحدهم فأين الشيخ رفعت، فرد الصيفى:

«الشيخ رفعت ليس كباقى الناس، نُجرى عليهم الأحكام، لأنه هبة من السماء» واصفًا الشيخ عبدالعظيم زاهر، بأنه الصوت الباكى، والشيخ على محمود صاحب الانقلاب فى التواشيح والمدح، مثلما ذكر الواقعة الكاتب محمود السعدنى فى كتابه «ألحان من السماء».

قرأ الشيخ محمد الصيفى، فى عزاء الزعيم سعد زغلول، وعزاء الملك فؤاد، ورغم ذلك رفض القراءة فى القصر الملكى، عندما طلب الملك فاروق أن يحضر الشيخ إلى القصر للاستماع للقرآن منه، فكان رده يستطيع جلالة الملك أن يستمع إلى عبر الإذاعة، أما أنا فلا أستطيع الذهاب إليه، صحتى لا تساعدنى على ذلك.