الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حناجر ذهبية

حمدى الزامل

القرآن الكريم نزل بمكة وكُتب فى العراق وقُرئ فى مصر، لذا استحقت المحروسة أن تكون بحق «دولة التلاوة»، التى هادت العالم بحناجر ذهبية صدحت بأصواتها فأطربت المسامع، وتجلّت بمقامات تقشعر لنغمها الأبدان، لذا ترصد لكم جريدة «روزاليوسف» يوميًا فى رمضان، قصص أصحاب الحناجر الذهبية من القُراء المصريين الذين جابت أصواتهم العالم ولا تزال.



جمع القارئ حمدى الزامل بين حلاوة الصوت وحسن الخلق، وكان مثالًا يحتذى به لحامل كتاب الله.

ونال الشيخ الزامل احتفاء أهل محافظته الدقهلية شمالى مصر حيًا وميتًا، فكان يصل الرحم ويعطف على الفقير ويعين المحتاج، وعندما توفى شيع جثمانه فى مشهد جنائزى مهيب.

وينتمى «الزامل» إلى قراء الجيل الذهبي، وتأثر أكثر ما تأثر بالقارئ الشيخ مصطفى إسماعيل حتى استقل بشخصيته القرآنية التى أعجبت الجميع بمن فيهم أهل الفن وعلى رأسهم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.

ولد الشيخ حمدى محمود الزامل فى 22 ديسمبر 1929 بقرية منية محلة دمنة فى محافظة الدقهلية، وأتم حفظ القرآن الكريم وتجويده فى عمر العاشرة، قبل أن يلتحق بالمعهد الأزهرى فى الزقازيق.

وفى عاصمة محافظة الشرقية، انفجرت موهبة «الزامل» وانبهر بصوته زملاؤه الطلاب ومعلموه، وذاع صيته فى أرجاء الدقهلية والشرقية ومنها إلى بقية مدن الدلتا التى جابها لإحياء الليالى والمناسبات الدينية والمآتم.

وفى عام 1960، كان عملاق التلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل يقرأ فى مأتم بمدينة المنصورة، وتعرف لأول مرة إلى الشيخ الزامل، وأثنى عليه كثيرًا باعتباره موهبة قرآنية وأفضل قراء الوجه البحرى آنذاك.

يقول الكاتب المصرى شكرى القاضى فى كتابه «عباقرة التلاوة فى القرن العشرين»، إن الشيخ الزامل لم يدرس الموسيقى لكنه حظى بثقة وتقدير كبار الموسيقيين بحلاوة صوته والتزامه الشديد بأحكام التلاوة.

وظل «الزامل» فى قمة دولة التلاوة حتى هاجمه مرض السكرى وتمكن منه وتوفى فى مستشفى المقاولون العرب بالقاهرة فى 12 مايو 1982، وشيع جثمانه فى جنازة مهيبة حضرها الآلاف من أبناء محافظته.

ويقول «القاضي»: إن الشيخ الزامل لم يسافر خارج مصر لقراءة القرآن، ولم يشارك كذلك فى بعثات وزارة الأوقاف لإحياء الليالى الدينية والرمضانية فى دول الخارج، وسافر مرة واحدة لأداء فريضة الحج.

ولم يحظ «الزامل» بأى تكريم رسمى فى حياته، ويقول «القاضي»: «تلقى شيخنا وسامين، الأول منحة المولى سبحانه وتعالى له بموهبة قراءة القرآن، والثانى حب جارف وتقدير عميق من ملايين المستمعين».

رغم اشتهار الشيخ الزامل فى محافظات الوجه البحري، وإحيائه الليالى والمناسبات الدينية منذ منتصف الأربعينيات إلا أنه لم يلتحق بالإذاعة المصرية سوى عام 1976 وظل قارئًا معتمدًا لمدة 6 سنوات حتى وفاته.

وارتبط اعتماد الشيخ الزامل بالإذاعة بكوكب الشرق الفنانة أم كلثوم، حين دُعى للمشاركة بقراءة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم فى مأتمها، وحينها انبهر الموسيقار محمد عبدالوهاب بصوته ودعاه للانضمام للإذاعة.

ولم يتأخر «الزامل» عن تلبية دعوة موسيقار الأجيال، وتقدم بأوراقه إلى الإذاعة واجتاز اختبارات لجنة القراء، واعتمد رسميًا فى الراديو والتليفزيون عام 1976، ووضع اسمه على خريطة البرامج وقراءة صلاة الفجر.

ولم يسعف الوقت الشيخ «الزامل» لإثراء الإذاعة المصرية بتسجيلاته للقرآن الكريم، ولم يترك من مسيرته الطويلة العامرة بالقرآن سوى النزر اليسير من التسجيلات النادرة التى لا تتناسب مع مكانته فى دولة التلاوة.