الأحد 20 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع

خبزٌ وهاتف!

الأعمال للفنان: جمال الخشن



يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

 

خبزٌ وهاتف!

 

قصة قصيرة

 

كتبها - أشـــرف غــازى

 

تشققت قدماها بحثًا عن لقمة عيش شريفة تسد بها رمقها، وحتى تستطيع أن تُرضع صغيرها، لكن دون جدوى، وكأن كل الشُرفاء قد غادروا.

التفاتة منها نحو صورة عُلقت على جدار غُرفتها، تذكرت يوم تزوجت «حنفى سبرتو»، ذاك اليوم الذى تكرهه كراهية الدم، كثر الناصحون لها حين تقدم لخطبتها، وقالوا لها: أن ضل راجل ولا ضل حيطة، لكنها الآن على استعداد لأن تُقسم أن ضل الحيطة يكون أحيانا أهم من كثيرٍ من الذكور…

كثر المتحرشون من حولها، وهتكت عرضها الألسن، وبخاصة بعدما حصلت على الطلاق، وأخذت طفلها وعادت إلى حيث بيت أمها المُتهالك، فى تلك المنطقة الشعبية التى لا يكف أهلها عن الثرثرة واللغط.

أخبرتها «نرجس» صديقة عمرها ذات مساء بأنها تمتلك مواهب تستطيع أن تأكل بها الشهد، سلعة لن تكلفها الكثير، هاتف ورصيد وباقة نت، ما زالت كلماتها ترن فى أذنيها، وهى تقول لها:

- صدقينى يا حبيبتى أنا كنت فى الأول زيك، كنت بتكسف من خيالى، بس دلوقتى، أعملى سيرش بنفسك وشوفى نوجا اللهلوبة على «التيك توك» وحنفية فلوس واتفتحت. هى تدرك ما ترمى إليه صديقتها، فهى ليست بالغبية، طريق الغواية، طريق الأموال والشهرة، لكن فى المقابل ستكون الخسائر فادحة.

هى تستطيع أن تتحمل عضة الجوع وأنات الفقر، ولكن رضيعها الذى لم يُكمل عامين، كيف يحتمل..؟

أبواب العمل الذى لا تخسر فيه عفتها تكاد تكون جميعها مُغلقة، الأقارب يتباعدون، والجيران يتنصلون، الدائرة تضيق، وجه الصغير يزداد شحوبًا، تقرر من أجله الوقوف فى الطرقات ومد يدها، لكنها لا تُحسن تلك الصنعة، وكان لحُسن طلعتها - برغم الجوع والفقر- الأثر فى نفوس الطامعين فى افتراس جسدها الغض…

ذات مساء جف صدرها والصغير يتأوه من شدة الجوع، والبيت يكاد يخلو مما يسد جوعهما، خلعت قرطها الذهبى وابتاعت خبزًا وهاتفًا!