شهر الرحمة والصفاء (1)
روزاليوسف اليومية
رمضان شهر الصفاء الروحى بلا منازع، فهو شهر الإيمان، وشهر البركات، وشهر الرحمات، وشهر النفحات، من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، فيه ليلة خير من ألف شهر هى ليلة القدر، من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، و من فطّر فيه صائمًا فله مثل أجره من غير أن يُنقَص من الصائم شيء، ومن أدى فيه نافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر البر والصلة، لا مجال فيه للخصام أو الشقاق أو الخلاف أو المشاحنة، يسارع الناس فيه إلى الخيرات بصفة عامة، وإلى صلة الرحم والصلح بين الناس بصفة خاصة، وفى الحديث القدسى: «أَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِى، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قطعته»، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) اقرءوا إن شئتم قول الله تعالى : «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِى الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا».
وهو شهر الجود والسخاء، فقد كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس وكان أجود ما يكون فى رمضان، وهو القائل: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»، ويقول الحق سبحانه وتعالى: «هَا أَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ».
وهو شهر القرآن، وشهر الذكر، وشهر الدعاء، وليس ذلك كله بالأمر اليسير، إنما هو أمر لو تعلمون عظيم، فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، وبالذكر تطمئن القلوب، يقول سبحانه: «الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، ومن رُزق الدعاء رُزق الإجابة، لأن الله عز وجل حييُّ كريم يستحى إذا رفع العبد يديه أن يردها صفراً خائبين، وهو القائل: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».
وهو شهر العمل والإنتاج، إذْ لا ينبغى ولا يجوز أن تتعطل حركة الحياة فى هذا الشهر الكريم، بل ينبغى أن تكون إرادة الصوم حافزاً لمزيد من العمل، وأن تكون مراقبة الله فيه باعثًا لمزيد من المراقبة ومن صحوة الضمير الإنسانى الحى.






