الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«مخلص العالم» لـ«دافينشى» تحطم الأرقام القياسية

«مخلص العالم» لـ«دافينشى» تحطم الأرقام القياسية
«مخلص العالم» لـ«دافينشى» تحطم الأرقام القياسية




كتبت – ابتهال مخلوف

لا زال رسام عصر النهضة «ليوناردو دافينشي» (1452- 1519)، يثير دهشة العالم حتى بعد مرور نحو 500 عام على وفاته. ومنذ عدة أيام حطمت لوحة صغيرة له الأرقام القياسية فى سوق الفن حين أعلنت دار «كريستي» للمزادات عن بيع آخر لوحة معروضة لدافينشى برقم يقترب من نص مليار دولار، وسط حيرة العالم بشأن شخصية المشترى وتشكيك خبراء الفن فى أصل اللوحة وهل الرسام الحقيقى لها هو «دافينشى».

اللوحة هى «سالفاتور موندي» أو «مخلص العالم» التى تصور السيد المسيح فى مقطع نصفى يرتدى ثيابًا من عصر النهضة، ترتفع يده اليمنى وتتقاطع أصابعه ويحمل فى يده اليسرى كرة بللورية وهى مرسومة بالزيت على خشب الجوز ويعتقد أن «دافينشى» رسمها منذ خمسة قرون بين عامى 1506 و1516 لملك فرنسا لويس الثانى عشر، حتى وصلت لقصر ملك بريطنيا  تشارلز الأول عام 1763، ويزعم مؤرخى الفن أن تلاميذ دافينشى، إبان عصر النهضة، قلدوا اللوحة لتظهر منها 20 لوحة حتى الأن.
 وظلت اللوحة مختفية زمن طويل فى الفترة من عام 1763 حتى 1900 قبل أن يحصل عليها مقتنى اللوحات الفنية البريطانى «تشارلز روبنسون» الذى اعتقد أن أحد تلاميذ «دافينشى» هو من رسم اللوحة، وبيعت فى مزاد بلندن عام 1958 بحوالى ستين دولارًا على أنها لوحة للرسام الإيطالى «بولترافيو».
 لتعود للظهور مرة أخرى عام 2005 وتم ترميمها ثم شاع أنها  لوحة أصلية من أعمال «دافنشى» عام 2011 وعرضت حينها فى معرض لتسع لوحات ليونارد دافنشى فى المعرض الوطنى بلندن قبل أن يقتنيها الملياردير الروسى «ديمترى ريبولوليف» منذ أربع سنوات بأكثر من 127 مليون دولار.
 «دافينشى» يهزم نساء الجزائر لبيكاسو
حطمت اللوحة التى لاتتجاوز أبعادها نص متر الأرقام القياسية لتصبح أغلى لوحة فى التاريخ، إذ اشتراها مجهول فى مزاد نظمته دار «كريتسى» العالمية للمزادات فى نيويورك الأسبوع الماضى بمبلغ 450 مليون دولار، ولتتفوق على لوحة «نساء الجزائر» للرسام بابلو بيكاسو التى كانت أغلى لوحة فى العالم عندما بيعت بمبلغ 179.4 مليون دولار عام 2015.
ويرجع خبراء سوق الفن التشكيلى هذه القفزة الفلكية فى سوق المزادات لأنها اللوحة الوحيدة المعروضة حاليًا لفنان بأهمية ليوناردو دافينشى، كما أنها واحدة من عدد محدود من أعماله التى وصلت إلينا حتى الأن وهم عشرون لوحة فقط منهم اللوحة الأشهر «الموناليزا» المعروضة فى متحف اللوفر بفرنسا.
 وبدأ المزاد على اللوحة بسعر مائة مليون دولار حتى بلغ 450.3 مليون دولار واشتراها شخص مجهول عبر الهاتف،  وفى أقل من 20 دقيقة ارتفع سعر اللوحة من 100 مليون دولار فى بداية المزاد لتصل إلى 450 مليون دولار حيث اشتراها مجهول عبر الهاتف. وكانت هذه اللوحة قد بيعت عام 1958 فى مزاد بالعاصمة البريطانية لندن مقابل ستين دولارًا فقط .
 ودافينشى هو من أبرز علماء ورسامى عصر النهضة بإيطاليا حيث كان رساماً، مهندساً، فلكيًا وجيولوجياً وموسيقياً ونحاتاً ومعماريًا، وتوجد أغلب لوحاته التى تصل لعشرين لوحة فى متاحف أوروبا خاصة متحف اللوفر بباريس، ومن أشهر لوحاته «الموناليزا» ولوحة «العشاء الأخير» و»مادونا ليتا» و»وجه امرأة مجهولة» ، بينما لا زالت لوحته «معركة انجيارى» مفقودة.

ليست من إبداع الفنان
ورغم ذلك شكك بعض خبراء الفن فى أن اللوحة من إبداع ليوناردو دافينشى وفى تقرير لصحيفة «الجارديان» البريطانية أثار بعض خبراء الفن بعض الحقائق التى قد تشكك فى نسب اللوحة للفنان
وأكد الناقد بمجلة نيويورك «جيرى سالتز» أنه بناء على خبرة 50 عامًا فى سوق الفن يستطيع من النظرة الأولى أن يؤكد أن اللوحة ليست لدافنشى، مشيرًا أنها لوحة تفتقر إلى لمسات الفنان التى تنطق بالحيوية التى نلمسها فى «لوحة الموناليزا» معتبرًا أنها لوحة ميتة ذات سطح خامل تحتوى على طبقات متعددة من الألوان  كما أن فحص اللوحة يبين أنه خضعت لعمليات ترميم عديدة تجعلها تبدو أنها جديدة وقديمة فى ذات الوقت.
وأكد أن أنها من إبداع «جيوفانى بولترافيو» وهو فنان إيطالى من عصر النهضة كان من تلاميذ «دافينشى» فى مرسمه.  ويؤيده «تود ليفين» المستشار الفنى ومنسق المعارض بمجموعة «ليفين» للفنون بنيويورك، قائلًا انه لا يعتقد أنها تنسب لدافينشى.
ونقلت الجارديان عن الخبيرة الإيطالية «كارمن بامباخ» المتخصصة فى فنون عصر النهضة بمتحف الميتروبوليتان بالولايات المتحدة، أن هناك احتمال أن دافينشى اشترك مع تلميذه «بولترافيو» فى رسم اللوحة، وأكدت أن دراسة اللوحة أثناء ترميمها حتى عرضها على الجمهور تثبت أن أغلب سطح اللوحة رسمها التلميذ، بينما من رسم يد «مخلص العالم» اليمنى وحركة الأصابع وأجزاء من كم الثوب الذى يرتديه واليد اليسرى والبللورة الزجاجية التى يمسكها بها هو دافينشى، إذ تشبه يد الموناليزا.
ويعترف فرانك زولنر الخبير الألمانى فى تاريخ الفن فى مؤلفه «ليوناردو – الأعمال الكاملة»، أن نسب اللوحة لدافينشى طالما أثار حالة من الجدال بين مؤرخى الفن، وأشار إلى أن خضوع اللوحة لعمليات ترميم عديدة وباهظة أدى لتشويه العمل الأصلى وصعوبة تحديد الرسام الحقيقى لها
وأضاف «زولنر» أن العلماء يعتقدون أنها رسمت فى الفترة الفاصلة بين لوحة العشاء الأخير، التى أبدعها دافينشى بين عامى 1495 و1498، ولوحة «الموناليزا» التى أنتهى من رسمها عام 1503. بينما يرى أنها رسمت على يد أحد تلاميذه بإشراف الفنان بعد عام 1507.
لا تخرج عن دائرة المليارديرات
وعن هوية مشترى اللوحة المجهول،  ذكرت شبكة «سى إن بى سى» الأمريكية أن هذا الرقم الفلكى الذى بيعت به اللوحة يثير التساؤلات عن هوية المشترى، خاصة أن من يستطيع دفع نص مليار دولار لشراء عمل فنى لابد أن تتجاوز ثروته عشرات المليارات، ولذا تنحصر التكهنات فى دائرة ضيقة هى أغنى رجال العالم  
وكشفت أن هناك روايات ترجح أن المشترى هو ملياردير أمريكى حيث لا تمتلك أمريكا للفنان سوى لوحة واحدة معروضة حاليا فى المعرض الوطنى بواشنطن وهى لوحة «جينفيرا دى بينتشي»- ومن المحتمل أن يتبرع المشترى بها لمتحف فى نيويورك أو لوس أنجلوس، إلا أن بعض خبراء المزادات يرون أن مقتنى اللوحة لابد أن يكون من الصين أو الشرق الأوسط.
«ورفض الرئيس التنفيذى لدار كريستى «جيوم سيروتي» الكشف عن اسم المشترى أو جنسيته واضاف «ان العطاءات جاءت من كل جزء من العالم».
ومن الأسماء المطروحة  الملياردير الأمريكى « كين جريفين»، الذى اشترى أعمال فنية  بمبلغ 500 مليون دولار وقدمها إلى معهد شيكاغو للفنون. وهناك احتمال آخر أن المشترى هو «جيف بيزوس» مؤسس موقع أمازون وأغنى رجل فى العالم لعام 2017، لأنه من محبى الفنون خاصة أن ثروته تصل إلى 95 مليار دولار،  وقد يعلق اللوحة فى مقر الشركة أو يتبرع بها لمتحف أمريكى .
فيما توقع البعض أن المشترى قد يكون «ليو يكيان»، الملياردير الصينى الذى اشترى تمثال للنحات الشهير «موديلياني» بمبلغ 170 مليون جنيه استرلينى عام 2015 لوضعه فى متحفه بمدينة شنغهاى بالصين.
وما يبقى لعشاق الفن فى العالم الأمل أن يتمكنوا من التمتع بالنظر للوحة مرة واحدة فى العمر سواء وهى معلقة على جدران متحف شهير  أو فى معرض يجوب المدن الشهيرة.