الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عمار يا مصر «2-2»

عمار يا مصر «2-2»

مع قرب انتهاء شهر رمضان هذا العام، ومن خلال المتابعة لحالة الشارع المصرى فى الماراثون الرمضاني، نستطيع أن نقول مرة أخرى «عمار يا مصر»، فقد تحدثت فى المقال السابق الأسبوع الماضى عن واحدة من الصور الطيبة لهذا الوطن من خلال موائد الرحمن المنتشرة بطول البلاد وعرضها وفى كل محافظات الجمهورية، واحدة من أهم الموائد فى وسط القاهرة، تلك التى يشرف عليها بنفسه مصرى مسيحي، مائدة الأخ شنودة  وإخوته والتى ورثها أبًا عن جد.. العجيب أن الجد قبل وفاته أوصى ابنه رؤفائيل بأن يستمر فى  عمل مائدة رمضان كل عام خدمة لإخوته المسلمين فى المنطقة، وأوصى الأب قبل وفاته ابنه شنودة، بخدمة المائدة مهما كانت ظروفه المادية سنويًا.. هذه الظاهرة الغريبة لا يمكن أن تحدث فى دولة غير فى  مصر.. وهناك مائدة كبرى للأقباط فى مدينة بدر، وفى الأقصر وفى الغردقة وفى العديد من المحافظات.. والأغرب والأعجب من ذلك، الموائد التى ينفق عليها إخوة مسيحيين فى السر.. من هنا  يأتى العمار وتأتى المحبة بين أبناء هذا الوطن إلى يوم الدين، لا يستطيع أحد أن يخترق هذا النسيج الوطنى الذى طالما حاول البعض من المتطرفين والمتشددين اختراقه، وباءت محاولاتهم بالفشل الذريع. 



النقطة الثانية فى هذا الشهر الكريم، والتى بحق تؤكد مقولة «عمار يا مصر» هذا الزخم العجيب الذى شهدته المساجد فى العشر الأواخر من رمضان، وهذا الاقتراب الطيب الجميل من معظم  المصريين، على مساجد آل البيت بصفة خاصة والجامع الأزهر وعموم مساجد مصر فى القرى والنجوع قبل المدن والمراكز الكبرى بالمحافظات. 

الكل يبحث عن ليلة القدر، هنا فى مسجد الإمام الحسين- رضى الله عنه-، لا مكان لموضع قدم داخل المسجد وخارجه، هنا فى ساحة الأزهر الشريف بالجهة المقابلة للمسجد الحسيني، آلاف من طلاب العلم الدارسين بجامعة الأزهر والبعوث الإسلامية، حلقات كبيرة لتلاوة القرآن، من الظهر وحتى أذان المغرب، والإفطار على مائدة الأزهر، والتى يشرف عليها بنفسه فضيلة الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر وبتوجيهات خاصة من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر. 

وفى منطقة الباطنية يقع مسجد السيدة فاطمة النبوية، والتى تشتهر بأنها أم اليتامى والمساكين، يلتف حول مسجدها المئات من المصريين، ويرسل الله لهم يوميًا فى هذا الشهر الكريم، ومن خلال أهل الخير وجبات الإفطار والسحور، ومن هذه الرحاب الطاهرة، إلى مسجد الإمام الرفاعى والسلطان حسن بالقلعة، حيث الهدوء والسكينة، حيث يجتمع أهالى الحى سنويًا بالقرب من شارع محمد على لعمل وجبات الإفطار للصائمين. 

بعد هذا الشعور بالراحة والاطمنان فى مسجد «الإمام الرفاعي» ننطلق إلى إحدى البقاع «المغنطيسية» التى تجذب أهل مصر، والكثيرين من الدول العربية، حيث مركز الانتعاش الروحى والصفاء الجسدي، من البقعة الطاهرة، المنطلقة بقوة  روحية لا حدود لها من مرقد السيدة نفيسة- رضى الله عنها وأرضاها-، مركز دائرة الإصلاح والترميم للإنسانية لكل ألوان البشر، مسلمين ومسيحيين، وزراء ومسئولين، فقراء وأغنياء.. فى الجوار يقع أول مساجد مصر وأكبرها وأقدمها على الإطلاق، مسجد سيدنا عمرو بن العاص- رضى الله عنه-، رحاب طاهرة ودروس دائمة من علماء أجلاء، قدسية هذا المسجد تتمثل فى كونه مدرسة للعلم وساحة عظيمة لتربية أطفال المسلمين، على محبة الوطن ووسطية الإسلام. 

ومن رحاب ابن العاص، إلى رحاب الشوق التى طالما انتظر أهل مصر افتتاح مسجدها بعد التجديدات الأخيرة إلى ساحة الديوان ساحة الحنان، وساحة الأدب والاحترام والقوة والنفوذ، ساحة أم العواجز- رضى الله عنها-، سيدة المجالس السيدة «زينب»، من هنا ينطلق شعاع من النور والسرور، ليغمر هذا الوطن بالحب والحنان، والعزة والرفعة، والحماية والنصر.. رضى الله عنها وعن أبيها وأمها وإخوتها الرجال، وجدّها المصطفى صلى الله عليه وسلم.. رضى الله عن رئيسة الديوان التى غمرتنا بدعوة لن ينقطع أثرها إلى يوم الدين، عندما قالت: «يا أهل مصر آويتمونا أواكم الله، ونصرتمونا نصركم الله» بهذه الدعوة الصالحة من عقيلة بنى هاشم، خرجت مصر من المكائد والشرور التى حاول البعض أن يلحق الأذى والضرر بهذا الوطن وأهله الطيبين.. تحيا مصر.