الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.محمد بدران: لن أهدم ما تم بنائه ولا وقت للخلافات

د.محمد بدران: لن أهدم ما تم بنائه ولا وقت للخلافات
د.محمد بدران: لن أهدم ما تم بنائه ولا وقت للخلافات




حوار- محمد خضير
تصوير - مايكل أسعد
صاحب ترشيح الدكتور محمد ابوالفضل بدران أستاذ النقد الأدبى وعميد كلية الآداب بقنا سابقا ضجة كبيرة فى الأوساط الثقافية قبل أن يتولى منصبه الجديد كأمين عام المجلس الأعلى للثقافة، «جريدة روز اليوسف»  التقت «أبوالفضل» وواجهته بالعديد من الأسئلة والاستفسارات وتعرفت منه على خطته وأفكاره لتطوير أداء العمل بالمجلس وما يمر به المجلس من تغيرات وما يدور به من أحداث وما يقدمه من أنشطة وعن رأيه فى عمل الشعب واللجان المتخصصة فى المجلس.

■ نود فى البداية أن تعرف نفسك للقارئ؟
- ولدت فى قرية العويضات بمركز قفط بقنا وتعلمت فى مدارس قنا ثم انتقلت إلى جامعة أسيوط فى كلية الآداب معيدا بها عام 1981 ثم نلت درجة الماجستير عن دور الشعراء فى تطور النقد الأدبى وعينت مدرسا مساعدا فى 1985، وسافرت بعد ذلك إلى ألمانيا بجامعة بون لنيل درجة الدكتوراه حول «قضايا النقد والبلاغة فى تراث أبى العلاء المعري» ثم عدت بعد ذلك وأصر أستاذى الألمانى أن أعمل فى جامعة بون فى كلية الآداب ومكثت فترة بها وثم حالت جامعة أسيوط أن أستمر هناك لأنها  رأت أنه لابد حسب القانون أن أعود فامتثلت للقوانين والتعهدات التى كنت قد كتبتها ولذلك جئت،ولكن جامعة بخم فى ألمانيا استدعتنى لكى اعمل بها وعملت هناك عاما ثم عدت إلى مصر،ثم دعتنى كلية الآداب بجامعة بون أستاذا زائرا وكنت قد حصلت على منحة همبولت وهى أهم منحة فى ألمانيا ويسمونها همبولت نوبل ولذلك سافرت وعملت أستاذا زائرا لمدة عامين ثم عدت وعينت عميدا لكلية الآداب لفترتين ثم سافرت قبلها إلى جامعة الإمارات العربية وجبت بلادا وبلادا وهانئذا على ضفاف نهر النيل لكى أكون واحدا من جمهرة المثقفين واتولى أمانة المجلس الأعلى للثقافة.
■ تكليف وزير الثقافة لك بأمانة المجلس الأعلى للثقافة وأنت ابن الصعيد، فسره البعض أنه تقليد جديد لتولى المناصب القيادية بالوزارة من الأقاليم.. كيف ترى ذلك؟
- أنا شاعر وأحسب نفسى واحدا من المثقفين ولى دواوين وقد كنت عضوا بلجنة الدراسات الأدبية بالمجلس كما أننى كنت عضوا وما أزال بلجنة ترقيات الأساتذة على مستوى الجامعات المصرية ومحكم دولى بالعديد من الجوائز العالمية وكنت عضو باللجنة العلمية.
■ ماذا عن خطتك الاستراتيجية التى تعتزم العمل بها وما تحمله من أفكار وطموحات لعملك بالمجلس؟
- أولا المجلس منوط به عدة أشياء على حسب القرار الوزارى القريب رقم 180 لعام 1980 وإنما إنشاء قبل ذلك فى 1956 تحت مسميات أخرى حتى وصلنا إلى هذا المسمى وهدفه الأول هو رسم السياسة المصرية فى الثقافة والهدف الثانى هو توصيل الثقافة للناس وهذا كما قلت يتماس مع جميع المؤسسات الثقافية فى مصر ولذلك قلت شعارا للزملاء من القيادات بوزارة الثقافة «نحن نتكامل ولا نتنافس»وما بيننا تكامل وفريق عمل والعمل بتكامل مع هيئة قصور الثقافة  من الممكن أن نصل من خلالها إلى القرى والنجوع والمدن ولذلك قلت سوف نعطى القاهرة الكبرى 50% من الأنشطة  و50% يجب أن تذهب إلى الدلتا وإلى الصعيد ومطروح وسيناء.
■ لكن هناك أنشطة ثقافية موجودة بالمجلس لا يسمع عنها احد ولا يحضرها سوى القليل، فكيف ستغير ذلك؟
- بالتأكيد هناك أنشطة ثقافية فى المجلس محدودة الحضور ولكن توجهى أن اخرج بأنشطة المجلس الثقافية إلى الناس،واحيى الأمناء السابقين للمجلس الاعلى للثقافة لما وضعوه من خطط وأنشطة وسوف أكمل ما بدأوه بداية من يوسف السباعى وعبد الرحمن الشرقاوى حتى اليوم لكى نتكامل وسوف آخذ الأفكار الجيدة وابنى عليها ولكن لا اهدم ما بنى من قبل،ولكن سنخرج بالفعاليات الكبرى للمجلس إلى الجمهور مثل مؤتمر تطوير القرية المصرية فمن الممكن أن يقام بقرية مصرية وكذلك مؤتمر الشعر فإذا خرجنا بمؤتمرنا بقاماته الأدبية من أسماء عظيمة وأقيم فى رحاب جامعة القاهرة أو جامعة دمنهور أو جنوب الوادى أو أسوان فالشباب فى الجامعات سوف يتعرف عن قرب على هذه القامات الأدبية العظيمة وسوف يتحاور معها ونحن كمثقفين مطلوب أن نتحاور مع الشباب لكى نحول الشباب من مستقبل سلبى إلى مستقبل ايجابى وفعال.
■ هل ترى أن قرارات وتوصيات المجلس التى يخرج بها ملزمة وفعالة لهيئات وقطاعات ومؤسسات الدولة وتلقى جدوى أم ماذا؟
- أتمنى أن تكون ملزمة لأنها تكون للصالح العام كذلك نأمل إلى تطوير آلية العمل فى المجلس وتطوير اللوائح والقوانين التى تنظم عملها وهذا ما نسعى إليه ولكن هذا لن يكون إلا بعد حوار مجتمعى ولا ننفرد بهذا الطرح الجديد وإنما سوف نطرحه على جميع المجتمع المصرى.
■ ما أفكارك للوصول إلى قطاع الشباب والنشء بالجامعات والمدارس فى المحافظات؟
- سوف نقوم بإعطاء الطلاب والمكتبات العامة والصالونات الأدبية والمؤسسات الثقافية 50% تخفيضا على جميع مطبوعات المجلس وكتبت إلى رؤساء الجامعات وعمداء الكليات أن مندوبهم  وان هذه قائمة ما لدينا واختاروا ما تشاءون وسوف تدفعون نصف الثمن لان هذا هو دورنا وأتمنى أن تنضم مراكز الشباب معنا، ونحاول ان نخفض السعر الأصلى فى المطبوعات الجديدة للكتب مع التجويد فى الأوراق والطباعة والأغلفة وهو ما نعمل على انجازه الفترة المقبلة.
■ وماذا عن مشاركة المجلس فى مبادرة «الثقافة فى مواجهة الإرهاب» ومبادرة «صيف ولادنا»؟
-  أولا هذه أول فعالية متزامنة فى 30 موقعا على مستوى الجمهورية بدأ من حلايب وشلاتين إلى سيناء ومطروح إلى كل المحافظات والدلتا والصعيد وما شابه ذلك، وهذا فى وجهة نظرى صيحة المثقفين لأن القضية ليست قضية الجيش والشرطة فقط إنما أرى أنها قضية ثقافية فى المقام الأول هذه القضية الثقافية التى تركنا شبابنا عرضة للأفكار الهدامة، وهى عبارة عن وقفة للمثقفين لأنهم ليسوا بمنأى عن أيدى هؤلاء المتطرفين ولو لا قدر الله أن يقتلوا المثقفين فسيقتلونهم وقد رأينا بدءا من نجيب محفوظ الذى حاول أن يغتاله واحد لم يقرأ له حرفا لأنهم يعرفون أن المثقف الحقيقى هو الذى يقوم بالتنوير، والتنوير هو إعمال العقل وهو أى المتطرف لا يؤمن بالعقل وإنما يؤمن بما يعتقد انه هو الصواب المطلق والمقدس ولكننا نحن نؤمن بالكتب المقدسة والوسطية وبأدب الاختلاف وبالتسامح وهو ما نعرفه، وستضمن فعاليات «الثقافة فى مواجهة الإرهاب» لقاء مفتوحا مع المواطنين والشباب بشكل مباشر يلتقون فيه مع مفكر وإعلامى ورجل دين وأديب «شاعر أو قاص أو روائى» ثم مع فنان وفرقة فنية ثم يدور حوار بمنتهى الشفافية والحرية ؛وهنا اود أن اقول ان المثقفين ليسوا بمعزل عن ما يحدث فى هذا الوطن وأنهم قادرون على ان يلتحموا فى يوما واحد ضد هذا التشدد والأفكار الهدامة.
■ ما خطتكم الفترة المقبلة بالوصول بالخدمة الثقافية الى المناطق الحدودية؟
- هناك مؤتمرات تعقد فى المجلس ولكننا سنحول هذه المؤتمرات والندوات والأمسيات والعروض الفنية الى الشباب والى الناس، فماذا لا نذهب الى جامعة أسوان او جامعة بنها، يعنى نفس الفعالية وهؤلاء الرواد الذين يأتون الى المجلس بالقاهرة لماذا لا يعبرون الشارع الى أحد الأندية الموجودة هناك ونلتقى مع الناس والشباب، ولا بد أن نكسر الهوة ما بين المؤسسات الثقافية وبين الجمهور، هذه الهوة موجودة ونعترف بها، بحيث يتحول المتلقى من الجماهير من متلقى سلبى إلى متلقى فاعل وإيجابى ومشارك.
■ لكن يرى البعض أن تشكيل اللجان والشعب قائم على الشللية.. ويلومون على المجلس الاعتماد على كوادر غير شبابية.. متى نرى دماء جديدة فى أعضاء اللجان؟
- أولا ليس لى شلة ولا احسب على احد وانا صديق للجميع،وهو ما يجعلنى أكثر حرية فى اتخاذ القرار، وهنالك بعض الشللية فى بعض اللجان بالطبع، ولكن انتظروا التشكيل الجديد وستجدون اختفاء لهذه الشللية فى تشكيل اللجان، وأدعو الشباب إلى أن يعتبروا ان هذا هو «بيت المثقفين» وبيت الشباب من المثقفين وانا ضيف عندهم، وعليهم يجب ان يأتوا وسيتم تمثيلهم قريبا فى جميع لجان المجلس تمثيلا عادلا وللمرأة أيضا سيتم تمثيلها قريبا تمثيل يليق بها.
■ هل من الممكن تقديم مشروع قانون جديد للمجلس يتيح تجديد أعضاء المجلس للثقافة بدلا من مكوثهم مدى الحياة؟
- مصر تحتاج الى حماس الشباب وحكمة الكهول، ولا استطيع ان تقول ان هؤلاء يبتعدو عن المشهد الثقافى ونحن كما قلت نتكامل ونحن فى حاجة الى رأيهم ويكتمل بهم الجسد الثقافى المصرى وبالتالى فندفع بالشباب فى اللجان والشعب لان الشباب هو الذى سوف يقود الحراك الثقافى المنتظر،ونتكامل كلنا بعضنا البعض لنصل بالثقافة الى النجوع والقرى والمدن.
■ كثر اللغط حول منح التفرغ الفترة الماضية نريد ان نعرف منك معايير اختيار من يقع عليهم منح التفرغ فى كل من مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.. وآليات ضبطها الفترة المقبلة؟
- هنالك لجنة شكلت قبل أن أتولى هذا المنصب برئاسة الأديب الكبير يوسف القعيد، وقد التقينا وسوف نلتقى معا الفترة المقبلة ونحاول أن نضع الضوابط «العادلة» بحيث لا تتحول هذه المنح إلى مجاملات ولا إلى إعانات، وإنما من لديه مشروع ثقافى حقيقى ولا يستطيع أن يجمع بين عمله وبين التفرغ لإبداعه فنحن نعينه على أن يأخذ أجازة من عمله وأن يتفرغ لهذا المشروع الثقافى المفتوح.
■ لكن كيف ستستطيع السيطرة على تمرد البعض من المثقفين فى العاصمة على السياسات الثقافية الخاصة بالوزارة وقطاعاتها؟
- المثقفون زملاء أعزاء، ولأنهم مبدعون فهم يتميزون بالاعتداد بالنفس، والكبرياء، وهذا شيء جميل، لكن علينا أن نعرف أن اللحظة التى تمر بها مصر، هى لحظة تاريخية فارقة، لحظة تآلف وتكاتف جميع المثقفين، والمبدعين، على اختلاف مشاربهم، ورؤاهم، وتطلعاتهم، وانتماءاتهم الفكرية، يجب أن يتوحدوا الآن، لأن الخطر المحدق بِنَا، لن ينجو منه أحد، وكما رأينا فى السنوات الماضية كيف كان حال المثقفين، من التشتت والاختلاف، ولكنهم فى لحظة الخطر يتوحدون، كما قال الشاعر الكبير أمل دنقل: «ساعة أن تخاذل الرماة والفرسان.. أنا الذى دُعِيتُ للميدان»، لذا فالشعراء، والكتاب، والفنانون - المثقفون بوجه عام - مدعوون لأن يكونوا يدًا واحدة ضد الاٍرهاب بألوانه، وضد القتل أيضًا، فلا مجال، ولا وقت للاختلاف والنزاع، لان المقابل، وهو العدو، لن يرحم أحدًا، سواء الليبرالي، أو اليسارى، أو غيرهما، فلنضع أيدينا بأيد بعضنا البعض لنحاول أن نوجد العقل المفكر المثقف لدى الناشئة، وشباب مصر العظيم، الذى نأمل منه الكثير والكثير، ومازال بخير.
■ لماذا لا تعقد اجتماعًا بالمثقفين للاقتراب من قضاياهم وشكواهم وأفكارهم؟
- هذا كان توجيه الوزير فى أول اجتماعه بى، وهو أن نتكاتف جميعًا، ونعامل كمنظومة ثقافية واحدة متكاملة، بجميع أجهزة وزارة الثقافة، كما وجه بضرورة الاجتماع بالمثقفين، على اختلاف مشاربهم، لذا فكما قلت سابقًا أنا أدعوهم كلهم فى بيتهم، وهو المجلس، وسوف أكون ضيفًا عليهم، ونناقش معًا كل قضايا وهموم الثقافة على مائدة واحدة.
■ ماذا عن تطوير لوائح جوائز الدولة، وهو الموضوع الذى أثار جدلًا كثيرًا منذ سنوات، وليس الوقت الراهن فقط؟
- هذا الموضوع مطروح الآن للمناقشة، وسوف يعرض على جموع المثقفي، لأننا لن نستأثر، ولن نهيمن، ولن نفرض رأيًا معينًا، وإنما مختلف الآراء مطروحة للنقاش، والاختلاف، وأيضًا للتطوير، و«الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها».
■ وهل تساعد اللوائح الحالية على أن تذهب الجوائز لمستحقيها من المبدعين؟
- اللوائح عمل بشرى، قابل للتطوير، إذا ماظهر بها نواقص، أو سلبيات، تستوجب الإضافة، أو التعديل، ولن نتوانى عن فعل هذا، وبالتأكيد سيكون مفيدًا للبلد، ولجموع المثقفين، لأن تلك الجوائز تحمل اسم مصر، ولابد أن تليق بذلك الاسم العالى الغالى، ومكانتها الرائدة عربيًا، وعالميًا، ومن هنا سيكون تطوير اللوائح بما يخدم ريادة مصر، وتكريم أولادها النوابغ، أمرًا مهما يَصْب فى الصالح العام.
■ أخيرا .. ماذا عن قضية تجديد الخطاب الدينى ماهى إستراتيجية المجلس الفترة المقبلة لتحقيق نقاش مجتمعى واسع مع المثقفين ورجال الدين والمواطنين فى هذا الصدد؟
- الخطاب الدينى يجدده رجال الدين، وأنا كأديمى وكباحث أؤمن بالتخصص، أما ما يحتاج إلى تجديد هو الخطاب الثقافي، فأحوج ما يكون إلى التجديد هو الخطاب الثقافى، لأن الخطاب الثقافى فى الأعوام الماضية هو الذى أنتج لنا «الدواعش»، ولذلك القضية كما قلت هى قضية ثقافية فى المقام الأول.