السبت 11 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحكومة تحاول الإفلات من فخ النقد الدولى لتفادى غضب المصريين












 
دشنت المباحثات التى أجرتها الرئيسة التنفيذية لصندوق النقد الدولى كريستيان لاجارد مع الرئيس محمد مرسى ورئيس الوزراء المهندس هشام قنديل مرحلة جديدة من التعاون البناء بين الجانبين لتنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية فى مصر، ويأتى هذا وسط مخاوف حول الدعم وسعر الجنيه الأمر الذى ترجمه المتظاهرون أمس أمام مجلس الوزراء اعتراضاً على قرض الصندوق.

 
وأوضح محللون اقتصاديون دوليون أن مصر ستجنى مكاسب عديدة حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى بشأن قرض بقيمة 3.2 مليار دولار لتقليص العجز فى الميزانية، مشيرين إلى أن الاتفاق سيعزز الثقة الدولية فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى، ويتيح لها فرصة الحصول على المزيد من التمويل من الجهات المانحة الدولية.

 
وقال مايكل فورد، كبير الخبراء الاقتصاديين بدويتش بنك: إن الأوضاع الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى تستلزم تسريع المفاوضات مع صندوق النقد الدولى لتنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية. موضحًا أن السلطات المصرية تدرك أن حصول البرنامج على تأييد سياسى واسع النطاق يعزز احتمالات زيادة الثقة ونجاح التنفيذ.

 
وأضاف: إن قرض الصندوق الذى طلبت مصر زيادته إلى 4.8 مليار دولار أو ما يعادل 300 فى المائة من حصة مصر بالصندوق التى تبلغ حوالى 1.5 مليار دولار سوف يعزز العملة المحلية ويجنب الحكومة المصرية خيار خفض الجنيه، وسيدعم احتياطى النقد الأجنبى الذى هبط من 36 مليار دولار فى يناير عام 2011 إلى 14.4 مليار دولار فى نهاية يوليو الماضى نتيجة ضخ المزيد من السيولة الدولارية لدعم العملة المحلية وتدنى عائدات السياحة والتدفقات الرأسمالية الأجنبية المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات.

 
كانت رئيسة صندوق النقد الدولى قد هنأت الرئيس محمد مرسى بفوزه فى الانتخابات الرئاسية مبدية أملها فى تجاوز مصر الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

 
وفى السياق ذاته قال مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولى: إن مصر شهدت تطورات اقتصادية سلبية عقب ثورة يناير تمثلت فى تراجع ثقة المستثمرين وضعف الأوضاع المالية العامة وتصاعُد معدلات البطالة وتزايُد الضغوط التضخمية. لافتًا إلى أن تلك التطورات أضرت بحسابات ميزان المدفوعات والاحتياطى النقدى الأجنبى.

 
وأضاف: إن تدهور الوضع الاقتصادى فى أوروبا - التى لا تزال شريكًا تجاريًّا رئيسيًّا لمصر - فاقم الضغوط الاقتصادية فى مصر. وأوضح أن برنامج الإصلاحات الهيكلية المصرى يهدف إلى إرساء الاستقرار ودعم الثقة، ووضع أسس النمو الشامل المُنشئ لفرص العمل، وحماية الفقراء، مشيرًا إلى أن مصر طلبت من الصندوق دعم هذا البرنامج من خلال المساهمة فى تمويل احتياجات ميزان المدفوعات، ومن ثم الحيلولة دون هبوط الاحتياطيات الأجنبية إلى مستويات حرجة.

 
ومن جانبه قال جون سوليفان، المدير التنفيذى لمركز دعم المشروعات الخاصة بالولايات المتحدة «سايب»: إن الثقة الدولية بشأن قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى ستتزايد حال التوصل إلى اتفاق بين القاهرة وصندوق النقد الدولى بشأن القرض الذى تعثرت المفاوضات بشأنه نتيجة الخلاف بين الحكومة المصرية والكتل الرئيسية، وخاصة الإسلامية بمجلس الشعب عام 2011.

 
وأضاف أنه يوجد تفاهم مشترك بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولى بشأن الحاجة إلى التصدى للتحديات قصيرة الأجل التى تواجه الاقتصاد وتعزيز الإصلاحات التى يمكن أن تساعد على تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً فى الفترة المقبلة.

 
وفى السياق ذاته أوضح تونى شنيدر الخبير المصرفى السابق ببنك «إس إتش إس بى» أن مصر ينبغى عليها توفير البيئة المواتية للاستثمار لجذب المزيد من التدفقات الرأسمالية الآتية من الخارج، موضحًا أن الأزمات المالية بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى توفر فرصة مواتية لمصر لزيادة نصيبها من تلك الاستثمارات الأجنبية الآتية من الأسواق الناشئة.

 
وأشار شنيدر إلى أن صندوق النقد الدولى يتفق مع تقديرات مصر بشأن حاجتها لمساعدات مالية تتراوح بين 10 مليارات و12 مليار دولار، مستبعدًا ممارسة الصندوق ضغوطًا على مصر لإلغاء الدعم وخفض قيمة الجنيه.

 
ونفذت مصر - التى أصبحت عضوًا فى الصندوق فى السابع والعشرين من 1945 منذ الثمانينيات من القرن الماضى وحتى اليوم - أربعة برامج اقتصادية بدعم مالى من الصندوق، وذلك بقيمة إجمالية قدرها 1.1558 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل حوالى 850.1 مليار دولار أمريكى)، إلا أن حوالى خُمس المبلغ المتاح فقط هو الذى تم صرفه بالفعل 263.2 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 421.3 مليون دولار).

 
وانتهى آخر هذه البرامج فى عام 1998، وتم سداد المبالغ المستحقة بالكامل. وفى الفترة من 1987 حتى 1988 اتفقت مصر مع الصندوق على عقد اتفاق للاستعداد الائتمانى بقيمة 250 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 400.2 مليون دولار أمريكى) للمساعدة فى حل مشكلة المدفوعات الخارجية المتأخرة وأوجه الضعف الهيكلى التى انعكست فى شكل تضخم محلى متزايد. وفى ظل هذا البرنامج حصلت مصر على 116 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 185.7 مليون دولار أمريكى)، وفى الفترة من 1991 حتى 1993 توصلت مصر والصندوق لاتفاق استعداد ائتمانى بقيمة 234.4 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 375.2 مليون دولار أمريكى) نظرًا لتزايد عجز الحساب الجارى، وتراجع المنح والتدفقات الرأسمالية الداخلة، إلى جانب قيود التمويل الخارجى، ما أثار القلق بشأن قدرة مصر على تمويل وارداتها من المواد الغذائية والوفاء بالتزامات خدمة الديون.

 
وخلال الفترة من 1993 حتى 1996 وافق الصندوق على مبلغ إضافى قدره 400 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 640.3 مليون دولار) فى إطار «تسهيل الصندوق الممدد» وبلغ إجمالى حجم التمويل المتاح لمصر فى تلك الفترة 634.4 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 1.015 مليار دولار أمريكى)، إلا أن مصر لم تسحب منها سوى 147.2 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 235.6 مليون دولار أمريكى).

 
وأتاح الصندوق لمصر تمويلاً إضافيًّا لمصر بمقتضى اتفاق جديد للاستعداد الائتمانى فى 1996-1998 بقيمة 271.4 مليون وحدة حقوق سحب (تعادل 434.4 مليون دولار أمريكى)، حيث كان إطار البرنامج الموضوع وفق «تسهيل الصندوق الممدد» قد أصبح مُلغى فى ذلك الحين. ولم تسحب مصر أيًّا من الأموال المتاحة لها فى ظل هذا البرنامج. إلا أن ذلك البرنامج والسابق عليه أى «تسهيل الصندوق الممدد» شكلا إطارًا سمح لمصر بالحصول على إلغاء 50% من دينها الرسمى المستحق لبلدان أعضاء فى نادى باريس. ومنذ عام 1993 لم تطلب مصر أى قروض من الصندوق، واقتصر دور الصندوق على المشاورات والمساعدة الفنية.

 
وعقد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء جلسة مباحثات أمس الأربعاء مع وفد صندوق النقد الدولى الذى يزور القاهرة حاليًا برئاسة السيدة كرستين لاجارد رئيس الصندوق.. حضر جلسة المباحثات الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى والدكتور ممتاز السعيد وزير المالية والدكتور عبدالشكور شعلان ممثل المجموعة العربية فى صندوق النقد.

 
تجرى وزارة المالية حاليا تعديلات على البرنامج المصرى الخاص بالتفاوض مع صندوق النقد الدولى حيث إن الحكومة بصدد مراجعة المنظومة الضريبية وإقرار نظام الضريبية التصاعدية من خلال شرائح جديدة للضريبة تستهدف الاكثر دخلا مع تخفيض الضريبة على الشرائح الادنى التى يتراوح دخلها بين 5 و10 الاف جنيه مع الابقاء على الاعفاء الضريبى المحدد فى القانون بـ9 آلاف جنيه.

 
وقال مصدر مسئول بوزارة المالية إن مصر تحتاج إلى زيادة الحصيلة الضريبية وسيتم ذلك من خلال اقرار ضريبة على الثراء دون اعباء ضريبية جديدة على المواطنين مع ضم الاقتصاد غير الرسمى لمنظومة الضرائب من خلال تيسيرات يجرى اعدادها حاليا للمشروعات الصغيرة لضمان جذبهم نحو تسجيل انفسهم فى الضرائب.

 
وفيما يخص المفاوضات مع صندوق النقد الدولى اكد المصدر انه سيبدأ مفاوضاته على اساس طلب اقتراض 3.2 مليار دولار وخلال التفاوض سيتم رفع المطالبة إلى 300% من حصتنا فى رأس المال لتصل إلى 4.8مليار دولار وذلك وفق البرنامج المصرى الاقتصادى والاجتماعى.

 
وكشف أيمن جوهر رئيس قطاع مكتب وزير المالية فى تصريحات خاصة عن أن صندوق النقد الدولى أبدى استعداده من خلال عرض لزيادة قيمة المساعدة التى تحصل عليها مصر فى اطار برنامج المساعدات الذى يبدأ مفاوضاته اعتبارا من اليوم وذلك بزيادة 1.6 مليار دولار لتصل إلى 4.8 مليار دولار.

 
وأرجع ذلك إلى ان الاردن والمغرب الذين انهوا برنامجهم مع الصندوق خلال الفترة الماضية حصلوا على نسبة مساهمة أعلى من النسبة التى حددتها مصر الامر الذى ادى إلى امكانية قبول عرض الصندوق خلال المفاوضات لافتا إلى ان مساهمتنا فى رأسمال الصندوق تمكننا من اقتراض حتى 9مليارات دولار.

 
 أضاف: ان اقصى ما نحتاجه إلى جانب تمويل العجز فى الموازنة هو شهادة الجدارة التى سيمنحها الصندوق إلى مصر بعد اتمام برنامج المساعدات وهو ما قد يؤثر على اتخاذ القرار بشأن قبول الزيادة.

 
اشار جوهر إلى ان البعثة وصلت امس الاول فى التاسعة مساء  وبدأت جولتها باجتماع مع الرئيس ورئيس الوزراء والمجموعة الاقتصادية وستبدأ المشاورات الداخلية اعتبارا من يوم الاحد.