الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التشخيص له ناسه!

التشخيص له ناسه!
التشخيص له ناسه!




كتب - وليد طوغان

لما تكلم الرئيس السيسى عن حال الدراما المصرية، تكلم كمشاهد- وله حق. الدراما المصرية فى خبر كان، مسلسلاتنا فى الباى الباى. علاقات مشوهة بالكوم، ورغبات غير مشروعة بالزوفة، مزيد من التشوية ومزيد من التعقيد تحت مسمى فن وتشخيص وإبداع، مع أنه لا هو فن ولا إبداع.
نماذج أكثر من سيئة، بنت تقتل ابوها، وأم عايشة فى الحرام مع صديق ابنها، وأخت تلعب على خالتها، ثم كل هؤلاء يشّمون الهيروين، ويتدرمغون آخر الليل فى الحشيش، والخمور والمليطة، بلا معنى ولا هدف.
هتقولى: فن؟ هتقولى الفن ينقل الواقع؟ وانها رسالة الممثلين؟ كلام فارغ، كلام لا معنى له، كلام قديم مر عليه زمن قديم، كلام انكشف وبان عليه الامان، كلام للاستهلاك، والاسترزاق، دفاع عن السبوبة، والمكسب، والرزق يحب الخفية.
ما الذى يفيد لو نقلنا أوسخ ما فى الواقع واقذره؟ هل انصلح الواقع، وزالت الوساخة، ثم ابيضت القذارات؟ أكيد لأ.
ما الذى ينفعنا يا سيدى الفاضل، لو ركزت الدراما تبعنا على اسوأ نماذج، واحط درجات السلوكيات؟ هل هكذا تساهم فى تغيير الواقع؟ هل كما يزعم صناع الدراما، انهم بهذه الطريقة يدفعون الى الأمام، ويضعون خطوطا حمراء تحت نقاط ضعف المجتمع، وعقده؟ برضه اكيد لأ.
بالعكس. كل هؤلاء ساهموا فى مزيد من النتوءات، والجروح. دراما رمضان، هذا العام، والذى قبله، بألفاظ رقيعة، ونماذج لعبية، وحبكات اجرامية ساهموا فى ان اللى لا يعرف الإدمان عرف، وان الذى يعرف الهلس وحياة الليل عرف، وأن الاجيال الجديدة، وجدت بدلا من المواقع الإباحية على الانترنت عشرات من شركات الإنتاج المحلية، وضعت لهم خلطة معتبرة تحت مخدات نومهم، وفى صالونات بيوتهم، باسم الفن والإبداع.
لمّا تكلم الرئيس، قال بعضهم: مال الرئاسة بالفنون؟ يا سلام، طيب ما دخل ما يعرض على الشاشات بالفنون؟
تكلم الرئيس بأسى، وعنده حق، البلد مشغول فى مليون قضية، وألوف من البلاوى، بينما الممثلون، والممثلات يلبسون افخر الثياب، ويجلسون مجعوصين فى استديوهات الفضائيات، يحللون الاموال التى اخذوها، مدافعون عن انفسهم وصورتهم، بكلام لا معنى له ولا مضمون، محاولات لحفظ ماء الوجه، تحليلا للقمة العيش.
لو فى بلد متحضرة، نصف مسلسلاتنا لم تكن لتعرض على محطات التليفزيون، النصف الآخر، كان سيثير لغطا بين القانونيين، حول ما يجب أن تحاط به تلك المسلسلات بضوابط واحتياطات، وتحذيرات، من مشاهدات الاطفال، أو اطلاع المراهقين.
لكن تقول لمين؟ من يسمع؟ لا أحد، كل جملة منك، يخرج مليون «فنان» فى المقابل يقول لك انك لا تفهم فى الفن، ولا فى حريات الإبداع، ولا فى الحاجات والمحتاجات، وابوك السقا مات.
ألست معى ان هناك فرقا بين الإبداع الانسانى، وبين المليطة؟
المليطة لفظ دارج فى الشارع، معناه غث الكلام، وقلة الادب. معلوم ان قلة الأدب لا تصنع فنا، وان الفن الهادف لا تصنعه قلة الادب، حتى لو طلع مليون ممثل، وألوف الفنانين يتهمونك «بالرجعية» واللولبية، وكلام اغلبهم لا يفهمه.
هم لا يعرفون الا الدفاع باستماتة، اذ انه دون الدفاع، سننقل اغلبهم من خانة «التشخيص»، الى خانة تستبدل فيها حرفى الشين والخاء، بحرفى: العين والراء.
صحيح، «التشخيص» له ناسه!