الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالمستندات والأرقام: أمريكا أنفقت «100 مليون دولار» سنويا على دعم «الحركات الاحتجاجية» بمنطقة «الشرق الأوسط»!

بالمستندات والأرقام:  أمريكا أنفقت «100 مليون دولار» سنويا على دعم «الحركات الاحتجاجية» بمنطقة «الشرق الأوسط»!
بالمستندات والأرقام: أمريكا أنفقت «100 مليون دولار» سنويا على دعم «الحركات الاحتجاجية» بمنطقة «الشرق الأوسط»!




هانى عبدالله  يكتب:


على خلفية ما اصطلح على تسميته إعلاميا بـ«ثورات الربيع العربى»؛ كان أن ظهر - للمرة الأولى - بين وسائل الإعلام الأمريكية مصطلح «القيادة من الخلف» (leading from behind)؛ لتوصيف آليات التعامل الخارجى التى تنتهجها «إدارة أوباما».
إذ يأتى ذلك «المصطلح» فى إطار «السياسة العامة» التى يتبعها محللو «السياسات الأمريكية الخارجية» فى «واشنطن».. وهى سياسة، تستهدف - فى المقام الأول - وضع «نظريات كُلية»؛ لتفسير التحركات الخارجية لكل إدارة من الإدارات المتعاقبة داخل «البيت الأبيض»، على حِدَةٍ.. إذ جرى العُرف - على سبيل المثال - بتوصيف سياسة «كيندي» الخارجية، بأنها سياسة (تحمل العبء).. وسياسة ريجان بـ(الصباح فى أمريكا).. ونيكسون بـ(الوفاق).. وبوش بـ(الضربة الاستباقية).. وهكذا.


رغم تشكك البعض فى وجود «نظرية خارجية» يمكن من خلالها تفسير «التحركات الدولية» لإدارة أوباما.. فإن ذلك «المصطلح» عرف طريقه إلينا - فى بادئ الأمر - عبر المقال الذى كتبه مراسل مجلة «The New Yorker» بواشنطن، ريان ليزا (Ryan Lizza) بالعام 2011م.
لكن.. لم يكن ما ذهب إليه «ريان» - عبر العديد من الشواهد التالية - من وحى تصوراته الشخصية، بشكلٍ خالص.. إذ كان ذلك التوصيف يتردد - حينئذ - بين العديد من مستشارى البيت الأبيض؛ للتدليل - على الأقل - على الدور الذى لعبته «الولايات المتحدة الأمريكية» فى كلٍ من: ليبيا، والثورتين «التونسية، والمصرية» (!)
.. وهو ما أشار إليه، أكثر من مرة، العديد من دراسات معهد بروكينجز (Brookings Institution)، فى وقت تالٍ.
(1)
بالتزامن مع ظهور المصطلح الذى كتبه «ريان ليزا»؛ كان أن أضفت المجلة الأمريكية الأشهر «نيويورك تايمز» (New York Times) بُعدًا أعمق لعبارة «القيادة من الخلف» (leading from behind)، إذ أفردت تقريرًا «خاصًا» حمل عنوان: «جماعات أمريكية دعمت الانتفاضات العربية» (U.S. Groups Helped Nurture Arab Uprisings).
.. وهو تقرير كتبه رون نيكسون (RON NIXON) فى 14 إبريل من العام 2011م، إذ قال فى بدايته:
فى الوقت الذى أنفقت خلاله «الولايات المتحدة» مليارات الدولارات على البرامج العسكرية الخارجية، وحملات مكافحة الإرهاب؛ نجحت «مجموعة صغيرة» من المنظمات التى تمولها «الحكومة الأمريكية» فى تعزيز - ما وصفه - بالديمقراطية فى الدول العربية الاستبدادية (الأوتوقراطية).
فالأموال التى تنفق على مثل هذه البرامج، لا تقارن بالجهود التى تقودها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون).. ومن ثمَّ؛ يرى العديد من المسئولين الأمريكيين، عندما يعيدون تحليل الانتفاضات العربية، أن - ما وصفوه - بـ«حملات بناء الديمقراطية» داخل الولايات المتحدة؛ كانت صاحبة الدور الأكبر فى إثارة تلك «الانتفاضات»، عبر التعاون مع القادة الرئيسيين للحركات الاحتجاجية بـ«العالم العربي»، ممن تم تدريبهم على تنظيم الحملات السياسية، بالاستعانة بوسائل الإعلام «الحديثة»، ومراقبة الانتخابات.
وأضاف التقرير: هناك العدد من تلك الحركات، والمجموعات - والأفراد، أيضًا - تورطوا، بشكل مباشر، فى صناعة تلك الثورات التى تجتاح المنطقة - بما فى ذلك حركة (شباب 6 إبريل) فى مصر، ونشطاء «مركز البحرين لحقوق الإنسان» مثل: «انتصار قاضي»، إلى جانب العديد من القادة الشباب بـ«اليمن» - وهم - جميعهم - ممن تلقوا عمليات التدريب، و(التمويل) من قبل المعهدين: «الجمهورى الدولي»، و«الديمقراطى الوطني».. ومؤسسة فريدوم هاوس (Freedom House)، إذ يتم تمويل أنشطة تلك الجهات - بشكلٍ رئيسى - من قبل «الصندوق الوطنى للديموقراطية».
.. و«الصندوق»، مؤسسة - غير ربحية - أنشئت بالعام 1983م؛ لتوجيه «المنح المالية»؛ لتعزيز - ما تم وصفه - بـ«التحول الديمقراطي» فى الدول النامية، إذ يحصل «الصندوق» على نحو (100 مليون دولار) سنويا من الكونجرس.. كما تحصل «فريدوم هاوس (Freedom House)، نفسها، على الجزء الأكبر من أموالها بمعرفة «الحكومة الأمريكية»، وتحديدًا من قِبل «وزارة الخارجية».
وأشار التقرير - مُستندًا إلى العديد من وثائق «ويكيليكس» - إلى أنّ «البرقيات الدبلوماسية الأمريكية»، أوضحت غضب العديد من قادة «الشرق الأوسط» من جراء طريقة عمل تلك الحركات، والمنظمات، والدعم الأمريكى لها.
.. وانحاز «الكاتب» - وفقًا لنص عباراته - إلى أنه لا أحد يشك فى أن «الانتفاضات العربية»، نابعة - إن لم تكن ناتجة - عن «النفوذ الأجنبي» بالمنطقة، كما يردد بعض قادة الشرق الأوسط (!).. ناقلاً عن ستيفن مكينيرنى (Stephen McInerney) المدير التنفيذى لمشروع الديمقراطية فى الشرق الأوسط (executive director of the Project on Middle East Democracy).. وهى مجموعة بحثية، مقرها واشنطن - قوله:
«لم ندعمهم ماليا لبدء الاحتجاجات.. إذ دعمناهم - فى البداية - لتنمية مهاراتهم.. إلى جانب عملية «التشبيك» الدولي».. لكننا فعلنا ذلك - فى نهاية المطاف - للعب دورهم فيما حدث.. فهى ثورتهم، على كل حال» (!)
ولفت التقرير إلى مشاركة عدد من النشطاء المصريين بـ«اللقاء التكنولوجى لعام 2008م» فى نيويورك.. وهو اللقاء الذى كان يستهدف تدريس استخدام «الشبكات الاجتماعية»، و«تقنيات الهواتف المحمولة»؛ لتعزيز الديمقراطية، تحت رعاية كل من: فيسبوك (Facebook)، وجوجل (Google)، وMTV، وكلية كولومبيا للقانون (Columbia Law School)، ووزارة الخارجية الأمريكية (!)
.. وكان يقصد التقرير هنا اللقاء الذى عُقد تحت مُسمى: «تحالف الحركات الشابية» (Alliance of Youth Movements Summit).. وتم عقده خلال الفترة من 3 إلى 5 ديسمبر من العام 2008م بـ«نيويورك».. وبمشاركة عدد من نشطاء الحركة، على خلفية الاتصال الذى تم بين السفارة الأمريكية بالقاهرة، و«أحمد صلاح».
ونقل «نيكسون» عن باسم فتحي، أحد مؤسسى «الحركة» ممن تم تدريبهم بمعرفة مؤسسة «فريدوم هاوس» (محكوم عليه بالسجن لمدة عام فى قضية التمويل الأجنبي)، قوله:
«لقد تعلمنا، هناك، كيفية تنظيم وبناء التحالفات.. وهى خبرات قادتنا - فى نهاية المطاف - للانتفاضة المصرية.. فقد ساعد كل هذا، بالتأكيد، خلال الثورة» (!)
(2)
فى أعقاب نشر تقرير «نيكسون» - بعد تخلى مبارك عن الحكم بنحو 60 يومًا فقط -؛ كان أن هدد «أحمد ماهر» بمقاضاة مجلة «نيويورك تايمز»؛ لتعمدها - بحسب نص تصريحه - تشويه سمعة حركة «6 إبريل».. لكنه لم يفعل ما وعد به، بأى حال من الأحوال (!)، إذ كان يعلم - يقينًا - أن جميع معلومات التقرير صحيحة، و«موثقة» ببرقيات رسمية صادرة عن السفارة الأمريكية بالقاهرة.
ففى برقية تالية للقاء «التدريبى» الذى تحدث عنه «نيكسون» (Alliance of Youth Movements Summit) - وهى برقية لم يتعرض لها تقرير «نيويورك تايمز» - كان أن احتجزت «السلطات المصرية» أحمد صلاح أثناء عودته يوم 18 ديسمبر، بمطار القاهرة (أى أنه قضى بالولايات المتحدة الأمريكية نحو 15 يومًا).. ووجدت - أى: السلطات المصرية - بحيازته عددًا من الوثائق، والمستندات الخاصة بما تم تدريب نشطاء الحركة عليه فى «نيويورك».. إلى جانب «البرنامج الكامل» للقاءاته مع المسئولين الأمريكيين من أعضاء الفريق الرئاسى لـ«أوباما»، ورجال «الكابيتول هيل» (الكونجرس).
وتحت عنوان «الترحيب البارد أثناء العودة للوطن» (A Cold Welcome Home)، قالت مارجريت سكوبي: إن «صلاح» أخبرها أن أحد ضباط «أمن الدولة» ممن احتجزوه بالمطار، طلب منه تقريرًا عما حدث فى أمريكا (فى «واشنطن»، و«نيويورك»).
وعن لقاءات «صلاح» فى «واشنطن»، ذكرت «سكوبي» أنه أخبرها، بأنّ لقاءاته كانت إيجابية.. وأنه اجتمع مع عضو الكونجرس «إدوارد رويس»، ومجموعة متنوعة من موظفى «الكابيتول هيل»، بما فى ذلك مكاتب النواب: «روس ليتينن»، و«وولف»، واثنين آخرين من مجلس الشيوخ.
وقال صلاح: إن النائب «وولف» دعاه للتحدث فى أواخر يناير (كانون الثاني) داخل الكونجرس، والاستماع لقرار المجلس «رقم 1303»، الخاص بالحريات الدينية، والسياسية فى مصر.. وإنه يهتم بالحضور، والمشاركة إلى حدّ بعيد.. لكنه - أى: صلاح - ليس متأكدًا إذا ما كان سيستطيع تلبية الدعوة من عدمه؛ لأنه فى حاجة إلى المال.. وكيف أنه حاول إقناع محدثيه فى «واشنطن» بضرورة ضغط «الولايات المتحدة الأمريكية» على الحكومة المصرية، وتهديد أعضائها - أى: أعضاء الحكومة المصرية - بفضح حساباتهم البنكية فى الخارج، كما حدث مع رئيس زيمبابوى «موجابى».. وأنه حاول إقناعهم بأن «مبارك» أسوأ من «موجابي».
وبحسب ما ذكرته «سكوبى»؛ فإن صلاح اتهم منظمات المجتمع المدنى «المصرية»، التى تنادى بالإصلاح «السياسي، والاقتصادي» بأنها تعيش فى عالم من الخيال (in a fantasy world).. وأنها - أى: المنظمات - لا تدرك أنه يجب الإطاحة بـ«مبارك» - رأس الأفعى (the head of the snake) - من الحكم أولاً؛ حتى تترسخ الديمقراطية (!).. وادعى - والتوصيف لـ«سكوبي» - أن العديد من عناصر قوى المعارضة، منها: (أحزاب: الوفد، والناصري، والكرامة، والتجمع، والإخوان، وحركة كفاية، والحركات الثورية) لديها خطة «غير مكتوبة» للانتقال الديمقراطي، والإطاحة بـ«مبارك» قبل الانتخابات الرئاسية بالعام 2011م (!)
(3)
رغم أن «سكوبي» علقت على الجزء الأخير من التقرير الخاص بزيارة «صلاح» للولايات المتحدة بعبارة تقول: «ليس لدينا معلومات كافية حول هذا الأمر».. إلا إن نهج الحركة الداعى لإسقاط «النظام» مباشرة، لاقى رواجًا ملحوظًا داخل العديد من الدوائر الأمريكية - خاصة الأمنية منها - إذ تلاقت تلك التوجهات وبرامج تغيير الأنظمة بالمنطقة.. وهى البرامج التى أخذت «إدارة أوباما» على عاتقها أن تنفذها، ومنها برنامج (تصعيد تيار «الإسلام السياسي» على رأس السلطة بالبلاد).
ومن ثمَّ.. أولت الإدارة الأمريكية مزيدًا من الدعم (المالى، والسياسى، والفنى) للحركة الناشئة؛ لتصبح تحركاتها، هى «الركيزة الأساسية» فى تغيير النظام عندما تصبح الظروف أكثر تهيؤًا لهذا الأمر.
وعبر العديد من الشواهد، والمعلومات «التفصيلية»؛ مدت الإدارة الأمريكية للحركة قنوات التواصل - بشكل أعمق - مع الجهات الأجنبية المانحة، عبر كل من: «أحمد ماهر»، و«أحمد صلاح».. على أن تجتهد الحركة - قدر استطاعتها - فى «التمويه» على هذا الأمر.
وهو ما انعكس بدوره على ما سمته الحركة بـ«مشروع بنائها الفكرى»، إذ ذكرت «6 إبريل» تحت عنوان: «فلسفة الحركة»:
تمر مصر الآن بظروف عصيبة ربما تكون الأسوأ فى تاريخها من تدهور فى جميع المجالات.. وأصبح من الصعب - بل ومن المستحيل - الحديث عن أى «محاولات إصلاحية».. خصوصًا مع رفض النظام الحاكم لأى محاولات؛ لتعديل أو تصحيح مساره.
أ - نهدف إلى تغيير الوضع السيئ فى مصر عن طريق تكتل شبابى أو منظمة شبابية ضخمة (من دون تحديد للشريحة العمرية للمجموعة.. لكن القوام الأساسى للشباب) ذات أفكار مبدعة، ومتجددة تسعى للانتشار، والتوعية، وتحريك الأحداث السياسية فى مصر، وخلق أنشطة «مبتكرة»، والضغط «المستمر» فى سبيل تحقيق الهدف.
ب - نوع التغيير الذى تنتهجه المجموعة: التغيير اللاعنفى (بينت الأحداث التالية، أن هذا الأمر لم يكن صحيحًا).
ج - العناصر الرئيسية المكونة للمجموعة: الشباب.. من الجنسين.. مستقل، ومؤدلج.. من دون النظر للانتماءات الفكرية المختلفة للأعضاء (!)
.. وتحت عنوان: «سياسات الحركة»:
1 - أفكار المجموعة: تحرك المجموعة، وعملها؛ يدور فى إطار «الهدف العام».. وهو تحقيق التغيير الجذري.. بشتى الطرق، وبجميع السبل المعضدة، والمسهلة للوصول إلى هذا الهدف.
2 - أساس تحرك المجموعة: تغييرى.. قد يسانده أدوار إصلاحية تراكمية، تخدم أيضًا - فى إطار «هدف التغيير» نفسه.
3 - قرار المجموعة: المجموعة تتبع النظام الديمقراطى فى قراراتها .. فقرارها نابع من اتفاق أغلبية الأعضاء.. وعند الاتفاق يكون على جميع الأعضاء الالتزام بتنفيذ هذا الاتفاق.. وحق التصويت فى الاجتماعات العامة على مستوى الحركة لمنسقى المجموعات الجغرافية.
4 - تمويل المجموعة: لا تتلقى المجموعة أى تمويل خارجى، أو داخلى.. وإنما تمويلها ذاتى (.. وهو ما لم يكن له أى نصيب من الصحة).

.. ونتابع «الأسبوع المقبل».