السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رفع العقوبات عن إيران.. وأمن الخليج

رفع العقوبات عن إيران.. وأمن الخليج
رفع العقوبات عن إيران.. وأمن الخليج




خالد عبد الخالق  يكتب

المتابع لأغلب التحليلات العربية خلال العشر سنوات الماضية، بشأن المفاوضات الإيرانية مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية، حول البرنامج النووى الإيرانى، كانت أغلبها تركز على احتمال الصراع اكثر من التعاون، لذلك عندما أُعلن عن توقيع الاتفاق النووى بين إيران والقوى الست كانت بمثابة صدمة لدول الخليج العربي، ولما تستطع الوعود الأمريكية والتطمينات فى كامب ديفيد وغيرها من إنهاء القلق الخليجى، لذلك أصبح البحث عن مظلة أمنية تقليدية أو غير تقليدية من جانب دول الخليج العربى خاصة «السعودية والإمارات» حق مشروع طالما سمحت القوى الدولية لإيران بامتلاك برنامج نووى غامض. .لقد أضحى التعاون بين إيران والقوى الغربية أمرًا واقعًا وبصورة رسمية بعد سنوات من العقوبات، سواء الاقتصادية أو السياسية، وهذا يعنى عودة طبيعية للإقتصاد الإيرانى سوف ينعكس بدوره على السياسية الخارجية الايرانية فى المنطقة؛ أى أن إيران كانت فى أوضاع غير طبيعية، وعلى الرغم من ذلك كانت ولازالت تشكل تهديدا ومصدر قلق للدول الخwvليجية خاصة السعودية.
رفع العقوبات عن ايران معناه عودة النفط والغاز والسجاد وكل الصادرات الإيرانية إلى الأسواق العالمية، خاصة أن إيران تمتلك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز، أى أن فرص التعاون والاستثمار وتدفق الأموال إلى إيران كبيرة. أضف إلى ذلك تدفق نحو 100 مليار دولار تقريبًا من الأموال المجمدة إلى الخزانة الإيرانية، وإلغاء كل القيود على القطاع البنكى والتأمينات.
الشركات الغربية اندفعت تجاه إيران بحثا عن فرص استثمارية وعقود فى سوق متعطش لجميع المنتجات الغربية خاصة بعد إعلان الحكومة الإيرانية عن عزمها شراء مختلف انواع المعدات والماكينات والطائرات وغيرها لإحلال وتجديد القطاع الصناعى وقطاع النقل بها، فبعد توقيع الاتفاق بين إيران والدول الست الكبرى، أعلن وزير النقل الإيرانى إن بلاده توصلت لاتفاق مع شركة كونسرتيوم لتصنيع الطائرات «إيرباص» لشراء 114 طائرة ركاب لتحديث اسطولها. . الانتعاش الاقتصادى والنمو الذى ينتظر الاقتصاد الإيرانى من شأنه أن ينعكس على سلوكها مع دول الجوار خاصة دول الخليج العربى بصورة خاصة والدول العربية بصورة عامة، فعلى الرغم من أن إيران كانت تعانى من عقوبات اقتصادية ارهقت كاهل الاقتصاد الإيرانى؛ إلا أنه بالرغم من ذلك كانت تمول الجماعات المتطرفة فى جميع الدول العربية، فقد سيطرت على صنع القرار فى العراق، وتدعم بقواتها العسكرية حليفها بشار الأسد فى سوريا منذ سنوات، كما تدعم وتمول حزب الله فى لبنان، كما أنها تدعم جماعة الحوثى فى اليمن وكادت ان تسيطر على كامل الدولة اليمينة، ولعل هذا ما دفع السعودية إلى إعلان الحرب على الانقلابيين الحوثيين وأنصار على عبدالله صالح، ولا يمكن أن نغفل ما تقوم به من قلاقل فى كل من البحرين والمنطقة الشرقية من السعودية والكويت. كل هذا يحدث وتقوم به إيران فى الوقت الذى كانت تعانى فيه من أوضاع ومشاكل اقتصادية مزرية، فما بالنا كيف سيكون الوضع بعد رفع العقوبات عن إيران؟
الهاجس الخليجى من رفع العقوبات عن إيران انعكس على الاقتصاديات الخليجية، فلقد واكب رفع العقوبات عن إيران انخفاض حاد فى أسعار النفط لم تشهده الأسواق العالمية منذ سنوات، كما هوت البورصات الخليجية فى نهاية تداولات يوم الإعلان عن رفع العقوبات عن طهران، اذ انخفضت سوق الأسهم الخليجية بصورة كبيرة وصل الى 5.5 % فى الكويت وقطر والسعودية والإمارات. أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة العجز فى ميزانيات دول الخليج. واكب هذا كله قطع السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران فى أعقاب حرق السفارة والقنصلية السعودية فى طهران ومشهد. رفع العقوبات عن إيران سيعزز طموحاتها كقوة اقليمية، وسيجعلها لاعبا أقوى من ذى قبل فى منطقة الشرق الأوسط، ولعل هذا يفسر حالة القلق الإقليمى وخاصة الخليجى بصورة عامة والسعودى بصورة خاصة، إذ تخوض الأخيرة حربا مباشرة ضد إيران وحلفائها فى اليمن، وغير مباشرة فى سورية والعراق، ولعل هذا يكون دافعا قويا للإسراع بتشكيل القوة العربية المشتركة. لأن جوهر الصراع فى المنطقة صراع قوميات، قومية فارسية ضد قومية عربية «حرب الخليج الأولى»، صهيونية استعمارية ضد عربية مسالمة «الحروب العربية الإسرائيلية»، وليس صراع دينًا مذهبيًا كما يحلوا للبعض ان يضفى عليه. والغريب أن أول من يحترق بنار الفتنة والصراع الدينى والمذهبى هو من يذكيها. لذلك يبقى مقترح مصر بشأن إنشاء «القوة العربية المشتركة» هو الضامن الوحيد لأمن الدول العربية والأفضل لهذه المنطقة، وليس إدخالها فى أحلاف دينية مذهبية لن يحصد من ورائها سوى الدمار والتفتت للدول العربية.