الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأمن القومى المصرى

الأمن القومى المصرى
الأمن القومى المصرى




على الشامى  يكتب

الأمن القومى المصرى لا يقف عند حدودها السياسية وإنما يمتد فى جميع الاتجاهات لتأمين محيط البلاد من أى اعتداء محتمل، وامتداد الأمن القومى المصرى جاء نظرا للموقع الاستراتيجى الاستثنائى لمصر، فالأمن القومى لمصر من ناحية الشمال يتقاطع مع القارة الاوروبية ومن الغرب حتى مضيق جبل طارق الذى يتحكم بالبحر المتوسط والذى يمثل واجهة مصر الشمالية والشرق قد يمتد إلى ما خلف بلاد العراق والجنوب إلى منابع النيل وفى حديثى هذا أود التركيز على الأمن القومى لمصر من ناحية الجنوب.
فعلى مر العصور نجد أن ملوك مصر الأقوياء يسيطرون على منابع النيل ونجد البعثات والحملات إلى بلاد بونت(الحبشة القديمة) لتأمين منابع النيل، وفى العصر الحديث أيضا اتجهت أسرة محمد على وبالتحديد الخديو اسماعيل إلى تأمين حوض النيل والسيطرة على أوغندا واثيوبيا والسودان وفطن الرجل إلى أهمية مضيق باب المندب بعد افتتاح قناة السويس فقام بالسيطرة على موانة مصوع وسواكن فى القرن الإفريقى، وفى العهد الناصرى ورغم ضياع السودان وانفصالها عن مصر إلا أن القوة الناعمة المصرية ظلت لها اليد العليا فى القارة السمراء، فساهم الأزهر الشريف وبعثاته فى ربط إفريقيا بمصر، ودعم عبد الناصر حركات التحرر فى البلاد الإفريقية ضد الاستعمار الأوروبى وجعل مقر الحركات فى القاهرة وامدها بالمال والسلاح والتخطيط والتنسيق على الارض وظلت القوة الناعمة المصرية هى الخيط الرفيع الذى يشد مصر إلى محيطها الإفريقى و يشد إفريقيا إلى مصر.
 فالأمن القومى إذن ليست بوارج وطائرات وأسلحة ثقيلة فقط، وإنما هو ثقافة وتأثير دينى وعلم ودعم اقتصادى وتبادل ثقافى وسكانى ودعم صحى أيضا.
فى السودان يعيش المصريون ويستثمرون ويزرعون ويعملون، وتواجد المصريون فى الأراضى السودانية قديم، فقد أقامت أسرة محمد على المدن وأنشأت الموانئ والمدارس والمستشفيات للمصريين وللسودانيين وعم العهد الناصرى هذه الإنجازات بالاهتمام بالسودان، رغم توتر العلاقات سياسيًا فى بعض الأحيان وعلى المستوى الصحى نجد أن مصر تولت مشروعًا مهمًا وهو تخليص شمال السودان من مرض الملاريا لتعلن مصر بعدها أن وادى حلفا بشمال السودان خالٍ تماما من الملاريا.
وأذكر أن الدكتور إيهاب عماد حنفى وكيل وزارة الصحة بأسوان والمسئول عن هذا الملف المهم والحيوى بطبيعة الحال كان قد أكد لى أن مهمة مصر ليست فقط فى إنهاء وجود الملاريا والجامبيا وغيرهما فى شمال السودان بل الحفاظ على استمرارية الأمر ومتابعته بشكل دورى بأخذ عينات من بحيرة ناصر وتحليلها وأخذ عينات دم من المسافرين عبر البلدين والاطمئنان على خلوها من أى آثار للملاريا وغيرها ومؤخرا من الفيروسات المختلفة كفيروس زيكا وغيره. الأمن القومى المصرى يتمثل فى علاقات طيبة بإثيوبيا عبر دعم مشاريع الكهرباء والتنمية بالحبشة والتواصل مع الشعب الإثيوبى ثقافيًا وفنيًا وعلميًا عبر حل مشكلاتهم التنموية، ومساعدتهم فى بناء دولتهم عبر الخبرات المصرية.
الأمن القومى المصرى يأتى عبر هذه الأدوار وليس بأن تدير مصر ظهرها للقارة السمراء كما فعل مبارك بسبب حادث عابر، وتتعالى على أخوة الدم وعلى الإرث الحضارى المشترك لإخوتنا فى حوض النيل، الأمن القومى المصرى ملفات عديدة تحتاج إلى وطنيين غيورين على هذا الوطن.