الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المركزية والتهميش سلاحا وزارة الثقافة ضد الأقاليم




قامت الثورة الثقافية فقط فى بعض محافظات مصر وليس كلها، ومن أبرز هذه المحافظات محافظة أسيوط، التى أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير بثورة ثقافية، قامت فى حدود إمكانياتها البسيطة بمباردات شبابية بعيدة عن المؤسسات الحكومية، ولكن هل تستمر فى نهوضها أم ستتراجع بسبب مشكلة المركزية، وقلة الإمكانيات، ونقص فرص تعاونها مع هيئات قصور الثقافة؟ هذا ما حاولنا تقصيه من أبناء محافظة أسيوط من الكتاب والمثقفين، من خلال ملف أدباء الأقاليم بمحافظات مصر: 
المدونة والقاصة آيات مختار: نصنع ثقافتنا
لسنوات طويلة كانت الثقافة بالنسبة لأبناء الصعيد من الرفاهيات التى يصعب الحصول عليها، حيث انحصر دورها فقط داخل جدران القصور الثقافية المتهالكة شكلاً وموضوعاً، التى تفتقر فى الأساس للكوادر الحقيقة التى تمتلك رؤية ومنظومة ثقافية واضحة، مما جعل الكثير من أبناء الصعيد يبحث عن الثقافة خارج أسوار المحافظة.
ففى الصعيد لم يعد هناك شباب ينتظر أن تقدم إليه الثقافة على طبق من فضة، بل أصبح هناك من يصنعها بنفسه، ويسعى لثقيف نفسه بنفسه ولا ينقصه سوى الإمكانيات المادية.
الكاتب محمد عبدالظاهر: بحاجة للإعلان عن الأنشطة الثقافية
بالنسبة لمحافظة أسيوط، أعرف أخبار الثقافة وأنشطتها الجديدة بمجهود شخصي، أوعن طريق جهود دعائية فردية من أصحاب هذه الأنشطة، على موقع التواصل الاجتماعي، ومن أمثلة الكيانات التى تقوم بذلك: «صالون آفاق الثقافي» و«مجتمع معرفة»، وهنالك من زاد على هذه الطريقة بتعليق بضع لافتات فى الشارع مثل «المعرض الدائم للكتاب».

ومن المثير للعجب أنه حتى الأنشطة الثقافية الرسمية لقصور الثقافة بالمحافظة، لا نعرف مستجداتها إلا من خلال متابعة صفحاتها على «الفيس بوك»، فماذا عن أولئك الذين يسعون لينهلوا من ينابيع الثقافة فى أسيوط ولكنهم لا يملكون قاربا للإبحار بين جزر الصفحات الإلكترونية، أو يملكون القارب ولا يعرفون الطريق؟
وأرى الحل فى تخصيص أماكن إعلانية ثابتة فى أحد الميادين عن الأنشطة الثقافية بالمحافظة، وكذلك إفراد صفحات الأدب والثقافة بالجرائد القومية والخاصة جانبا مختصا بذكر أخبار الأنشطة الثقافية المزمع إقامتها فى كل محافظة، وقبل ذلك كله إدراك القائمين على وسائل النشر والإعلام بأن نشر الثقافة رسالة جليلة، وأمانة يُحمّلها لهم المثقفون فى كل مكان.

الشاعر حمدى سعيد: إعادة الحياة للمواقع الثقافية بالمحافظة
الثقافة الرسمية فى أسيوط أصابها ما أصاب كل المواقع الثقافية من ترد وضعف، على مدار الـ20 عاما، فقصر ثقافة مدينة أسيوط يجرى ترميمه منذ أكثر من 6 سنوات، ولا يوجد بالمحافظة سواه هو و3 مواقع أخرى بمساكن شعبية، لا تتسع للموظفين فقط، ولا حديث عن رواد فيها من الأصل، وقيادات هذه المواقع فى أماكنها لفترة تجاوز 10 سنوات رغم تردى الأوضاع، فأحد القصور كان به فرقة فنون شعبية وفرقة آلات شعبية للكبار وأخرى للصغار وفرقة موسيقى عربية تحصد كل عام الجوائز لتميزها، والآن لا يوجد فرقة للآلات وفرقة الفنون تعمل بالطلب، بخلاف جيش العاملين الجدد الذين أضيفوا على مدار السنوات الأخيرة، ومعظمهم بالوراثة من أبناء العاملين

بارقة الأمل فى عدد من الفنانين والأدباء الشباب كونوا تجمعات مستقلة صغيرة تمارس نشاطاتها بالشوارع والميادين والمناطق الخلاء، يحصلون على دعم أحيانا من رئيس هيئة قصور الثقافة، وأحيانا من محبى الفنون والثقافات، وكثيرا من جيوبهم هم.
الكاتب مصطفى كمال: الهجرة للقاهرة سبيل التحقق الأدبي
أعمل على نشر ثقافة القراءة وحب الكتاب من خلال تنظيم معارض كتاب وتنسيق أحداث ثقافية فى محافظات الصعيد ويعتبر الصعيد وبسبب بعده عن مركز الثقافة بالقاهرة بعيد جداً عن الاهتمام من قبل المؤسسات الثقافية بل ومن المثقفين أنفسهم فكثيراً ما أقدم الدعوة لكتاب لكى يحضروا إلى أسيوط لإقامة ندوة أو حفل توقيع ويكون الرد أن المسافة طويلة ويصعب علينا قطعها، وفضلاً عن عدم وجود دور نشر فمعظم المكتبات الخاصة فى محافظة أسيوط هى مكتبات إسلامية فقط ولهذا السبب أقمت معرضاً دائماً للكتاب أوفر فيه إصدارات لأكثر من 30 دار نشر لا تصل إصداراتها للصعيد

هناك كثير من الموهوبين فى مجالات متنوعة فى أسيوط ولكن لم يجدوا فرصة لاحتوائهم ولا لدعهم ومنهم من يكافح ويذهب ليستقر فى القاهرة ليصل إلى حلمه ومنهم من يتمسك بأسيوط ويظل يحاول أن يثبت نفسه فى مجتمع فرصة تكاد تكون منعدمة ووزارة الثقافة إلى الآن وبعد الثورة لم أر لها وجهة أو خطة أو رؤية لرعاية المواهب الشابة ودعمها وكل ما أراه هو مبادرات شخصية ومستقلة من المبدعين والموهوبين الشباب ففى أسيوط عدد من التجمعات الثقافية والفنية الشبابية، والغريب أن هؤلاء لا يجدوا دعماً من الدولة كتوفير أماكن مجانية مناسبة ليقيموا فيها أحداثهم الثقافية أو مساعدتهم بأى طريقة مادية أو حتى معنوية ولكن ما يقابلونه هو تعجيز فقط مثل ما حدث معى ذات مره عندما نظمت معرضاً للكتاب وعلى هامشه ندوات وحفلات توقيع وأمسية شعرية وكل هذا على حسابى الشخصى وإذ بى أجد الدعاية الخاصة بالمعرض قد مزقت من الشوارع لأنى لم أدفع رسوم تعليقها.

التشكيلى عماد أبوجرين: أين المؤسسة الثقافية الرسمية؟

أولا الحديث عن وزارة الثقافة فى أسيوط وحضورها كمؤسسات لا يوجد الا من خلال مؤسسة واحدة هى هيئة قصور الثقافة والتى تحتكر تقديم الانشطة الفنية والثقافية ليس فى اسيوط بل فى غالبية اقاليم مصر التى ظلمت كثيرا على مدار العقود الماضية، فأين مؤسسات وقطاعات وزارة الثقافة من أقاليم مصر؟ أين قطاع الفنون التشكيلية وأنشطته التى توجه للمحافظات؟ لا توجد، وأين صندوف التنمية الثقافية ودعمه للمشاريع الثقافية والفنية التى تقدم بأسيوط؟ لا توجد، وكأن هذه المؤسسات وجدت فقط من أجل العاصمة، وعلى مبدعى الأقاليم أن يذهبوا إليها للمشاركة فى المسابقات والملتقيات.

وها نحن ندفع الثمن الآن لأننا وضعنا التنمية الثقافية فى ذيل الأولويات وكان لها أن تقود التنمية فى جميع المجالات، من القضية فنحن كمبدعين نقدم أنشطة ثقافية وفنية على أرض بلدتنا من أجل الناس وتفاعلهم والارتقاء بثقافتهم وذوقهم.

الشاعر وليد الأسيوطى: نحتاج تواصل مع قصور الثقافة
 
رغم تعدد قصور الثقافة بمحافظة أسيوط ومدنها، فإنها بالتأكيد لا تلعب الدور الذى ينبغى عليها أن تؤديه، فمن البديهى أن تكون هى المكان الأول الذى يقصده كل مثقف، لكن غالبية مثقفى المحافظة، يعزفون عن المشاركة فيها وفى أنشطتها، إما لأنها غير معلن عنها أو لأنهم فضلوا الحصول على مرادهم من الثقافة والفنون عن طريق الكمبيوتر والإنترنت.
 
المشكلة هنا، أن معظم الشباب لا يحاولون حتى الذهاب لقصور الثقافة، اعتقادا منهم أنهم لن يجدوا إلا موظفى حكومة هدفهم الوحيد هو إنهاء عملهم والذهاب إلى منازلهم.

وحل المشكلة بسيط جدا، وهو أن تعلن قصور الثقافة عن الأنشطة والفاعليات لجذب المهتمين، ولإعلامهم أن هناك من يهتم بموهبتهم وبتثقيفهم.