الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إسرائيل تعلن «الحرب الباردة» على الإسلام




من شاهد المقطع المذاع من فيلم "سذاجة المسلمين" المسىء للإسلام، يعى جيدا أن هناك رابطاً بين العداء للإسلاميين، وبين إسرائيل، حيث حاول الفيلم بشتى الطرق إظهار الشعب الإسرائيلى بملامح التسامح، والمضطهدين الذين عانوا من ظلم الإسلام وقسوته عند انتشار الدعوة، وظهر بشكل لا يقبله العقل ليفترى على المعاملة الحسنة التى تمتع بها المسلمون مع باقى الديانات . ففى لقطة من الفيديو المسرب على موقع "اليوتيوب" ظهر فيه أحد اليهود وهو يخاطب الممثل الذى قام بدور النبى المختار، ليقارن بين سماحة اليهودية التى ظلت لأكثر من أربعة قرون تدعو المدن الفلسطينية للسلم والوفاق ثم اضطروا "آسفين" لاستخدام العنف معهم، فى حين إفتروا على النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) بأنه قام بتعذيب كل من يعارضه ويعاديه، نافيه التاريخ القمعى والوحشى الذى ارتكبته قبائل الإسرائيلين تجاه الشعب الكنعانى، وإبادة شعب "أريحا"، وقتل شيوخها ونسائها وأطفالها .
 
 أيضا مشاهد تعذيب اليهود، ونلاحظ فى السياق تركيزاً على معاناة اليهود دون غيرهم من باقى الأمم، فنرى ظهور اليهود معذبين فى أكثر من لقطة خلال المقطع الذى لا يتجاوز 15 دقيقة، حيث نرى فى أحدى اللقطات مظهر يهودى يقوم الممثل، المؤدى لدور النبى، بتعذيبه، فى الوقت الذى يظهر فيه اليهوى بأنه محافظ على دينه ومؤمن بعقيدته لآخر لحظات حياته، ويوصى زوجته بذكره لأولاده وتذكيرهم بما عانى منه، ليؤكد بهذا المشهد استمرار الكراهية فى قلب اليهود تجاه المسلمين حتى آخر الزمان، وهى وصية اليهودى لزوجته قبل أن يقوم أحد المسلمين بقتله، بأن لا يتركوا ثأرهم .
 
وموهوم كل الوهم من يصدق المزاعم الإسرائيلية، من المتحدث بإسم مكتب نتنياهو، بأنه لا توجد صلة بين مخرج الفيلم "اليهودي" وبين إسرائيل، إسرائيل الدولة الدينية التى قامت فى أساسها على اعتقاد دينى، الدولة التى يخدم فيها التيار العلمانى على التيارات الدينية، من يعانى فيها غير اليهودى من التمييز والاضطهاد والعنصرية .
 
وأثناء تتبعى للتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، توصلت لأحد المواقع الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، يختلف هذا الموقع عن بقية المواقع، حيث يدس السم فى العسل، يهاجى المسلمين فى دينهم ، يحاول زعزعة رواسخ القومية العربية، يشكك فى تاريخ المنطقة ومصداقية موروثنا .
 
تشن إسرائيل موجه من الهجمات المتلاحقة على الدين الإسلامى وعلى العرب، ولكن هذه المرة بشكل مختلف، بدون نيران مدفعية أو طلقات رصاص أو قذائف طائرات، أنها الحرب الثقافية، تشن حربا ضروسا تحت شعار "حرية إبداء الرأي"، موقع إسرائيلى جديد يخاطب طبقة من متصفحى المواقع الإلكترونية بشكل يبدوا ظاهريا منطقياً ومحايد، إلا أنه فى الأساس زعزع العقيدة ويدحض حقائق بنى عليها تاريخ شعوب وثقافات أمم .
 
موقع "إسرائيل بالعربية " Israel in Arabic، موقع إسرائيلى ناطق باللغة العربية، يحمل بين طياته مزاعم وزيف إسرائيلية لتشويه صورة العرب والمسلمين، ففى مقال يحمل عنوان "تأثيرات الحضارة الإسرائيلية فى الدين الإسلامي" فقد لفت المقال إلى قدم ما أسماه "الحضارة الإسرائيلية" – الخواية من أية معالم تاريخية تذكر . بل وزعم قائلا أن أى متمعن فى الحضارة الإسرائيلية والحضارة الإسلامية يلحظ مدى تأثر الدين المحمدى بالثقافة العبرية من خلال عدة ظواهر، نلحظ هنا لفظ "الدين المحمدى" وليس "الدين الإسلامي" بما يوحى أن وحى الشريعة الإسلامية قادم من النبى وليس من السماء، هذا التأثر وفقا للمقال هو "اعتماد شخصيات سياسية إسرائيلية تاريخية ودينية كأنبياء فى الدين الإسلامي" – وفقا للنص .
 
هذا السرد يؤكد على أن هذا التوجه يرغب فى تعزيز الرؤية اليهودية بأنها أصل الديانات، غافلا اعتراف الإسلام بالأنبياء جمعيا وتقديس المسلمين لهم سواء . ويرى أن أكثر الشخصيات التى يعتبرها المسلمون أنبياء ورسل فى "الدين المحمدى" كانوا فى الأساس إسرائيلى الهوية، واصفا إياهم بـ: "رموز إسرائيلية ظهرت فى الديانة الإسلامية على أنهم أنبياء الدين المحمدى، تعرف عليها الإسلام من اليهود المنفيين الذين سكنوا شبه الجزيرة العربية ومن النصارى " – بحد وصفه .
 
لن نخوض فى تفاصيل الديانة اليهودية، لكنهم لا يعتبرون العديد من أنبيائنا كأنبياء ولكنهم يرونهم ملوكا وقيادات، مثل سيدنا يوسف، ونبى الله موسى، والرسول داوود، وسيدنا سليمان .
 
مقال آخر بعنوان "الوجه الآخر للرسالة المحمدية" لكاتب يدعى "جمال مزراحى"، استمر بوصف الدين الإسلامى بـ"الرسالة المحمدية"، بل وتطاول عليها قائلا أن "الرسالة تكاد تقترب من المفهوم الدعائى أكثر من كونها رسالة إلهية مقدسة، كما يزعم الكثيرون، ويتضح هذا من محتوى ومضمون الدعوة المحمدية "، وأسلوب سافر يبدأ الزاعم "مزراحي" فى التعرض للدين الإسلامى، حيث قال إن النبى محمد استخدم أسلوب اللين لمخاطبة أبناء عشيرته من الوثنيين لكسب تأييدهم، ووصف هذا بأنها خطوة ذكية منه، زاعما أنه أتجه للفقراء والبائسين بعد أن يأس من الحديث إلى أشراف وكبار قبيلته، متغاضيا –سواء بجهل أو بعمد - عن الحقيقية بأن ما حدث كان العكس، فالبنى الكريم بدأ بالفقراء ثم توجه للأغنياء . وهو ما وظفه فى مقاله بأن الرسول الكريم شرع أساليب دعاية وحرب نفسية، وبناء على الخطاب التعبوى للرسول دخل الكثير من العرب للإسلام – بحد زعمه .
 
وتابع "مزراحي" تطاوله على نبى الله بأنه "تلاعب بالرسالة الإلهية"، واستغل "المكانة النبوية" التى أتيحت له وأستحوذ على كافة الحريات الموجودة فى كل الأديان السماوية، وأصدر قرارات الحرب على الأقوام الغير مسلمة – لمجرد عدم قبولها الدخول فى الإسلام !! ليعيد الجاهل نفس خطأه فى تجاهل الحقائق، ويتناسى مبدأ الشورى فى الإسلام .
 
ويثنى على اليهود، والمسيحيين أيضا، بأنهم لم يثقوا فى محمد، لذا لم يدخلوا فى دينه، لانه عرف أنهم أذكى من أبناء ملته من العرب الوثنيين! لذلك أمر "محمد" بتغيير وجهة الصلاة من القدس "أورشاليم" - التى وصفها بأنها قبلة الرب الموحدة – نحو مكة .
 
ويعود، الموقع المحرض، لمسألة القدس من خلال مقال بعنوان "لماذا كانت القدس القبلة الأولى للمسلمين؟ "، قال كاتبه أن القدس كانت اول قبلة للمسلمين حتى أمرهم "محمد" بتغيير القبلة صوب الكعبة، متسائلا عن سبب اتخاذ القدس فى البداية كقبلة للصلاة رغم ابتعادها أكثر من 1200 كم من الحجاز ووقوعها تحت الاحتلال البيزنطى . إفترى المقال على الإسلام الحنيف بأنه اتخذ من القدس قبلة لجذب اليهود للإسلام، كما زعم أن النبى نهى عن العمل يوم السبت فى بدايات الإسلام، كما اتخذ خطوة للتقرب من اليهود بصيام عيد الكيبرو، أو "الغفران"، تحت مسمى يوم عاشوراء، ويظهر مرة أخرى الجهل بالإسلام بالتاريخ حيث إن عيد الغفران هو العاشر من الشهر الأول وفقا للتقويم العبرى، فى حين أن عاشوراء يأتى فى شهر محرم العربى، وطلب النبى صيام يومين وليس يوما واحداً .
 
ووصف أن "أسوار" القرآن الكريم – أى "السور"- كتبت بطابع من الكتاب المقدس العبرى، وتميز بالمسالمة تجاه اليهود، واستعرض عدداً من آيات الذكر الحكيم لتدعيم هذه المزاعم والإفتراءات، ومنها : قال تعالى: «يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين (121)» من سورة البقرة، وقوله تعالى: «وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وأتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين (19) يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (20)» من سورة المائدة، وغيرها من الآيات الكريمة التى تذكر بنى إسرائيل .
 
ليس الإسلام فقط، بل وجهه الموقع الصهيونى سهامه نحو "العروبة "، فتحت عنوان "من أوجد مصطلح الوطن العربي"، قال أن المنطقة منذ القدم لم تشهد دولا عربية كما أنها لم تتعرف على أية حضارة عربية . ليعاود غض الطرف عن حضارة "بابل وآشور" فى العراق، وحضارة سبأ وحمير العربية فى اليمن، وعن الحضارة الفينيقية فى الشام، ليحصر المدنية والحضارة على الشعب اليهودى فقط دون غيره .
 
ووصف الفتوحات الإسلامية بـ"الاحتلالات الإسلامية" التى هدفت للهيمنة وقهر الشعوب، واغتصاب أراضيهم وبناء حضارة إسلامية على تراث هذه الأمم . ولكن فكرة القومية العربية قال إنه مصطلح ظهر أساسا لأغراض سياسية، حيث أطلقته بريطانيا لإسقاط الدولة العثمانية .
 
ويغوص أكثر فأكثر فى بحور التاريخ ليأتى الدور على مقال "الاحتلال العربى لأرض إسرائيل وأورشاليم العاصمة"، قائلا إن التوسع الإسلامى بدأ بعد موت "مؤسس الديانة"، ووصلت الفتوحات الإسلامية للشام، بزعم أن الهدف منها هو السيطرة على موارد الغذاء والدخل ومن أجل تأمين نفقات الجيش .