الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حيثيات الحكم على نظيف .. استغل وظيفته فى الحصول على شقق وهدايا وفيللات بـ 30٪ من ثمنها الحقيقى




أصدرت محكمة جنايات الجيزة حيثيات حكمها على أحمد نظيف رئيس وزراء مصر الأسبق بالسجن ثلاث سنوات فى قضية الكسب غير المشروع، وتغريمه 4 ملايين و586 ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ مساو، بالتضامن مع ولديه من زوجته المتوفاة شريف وخالد بقدر ما استفادا من كسب غير مشروع.
 
وقالت المحكمة إن وقائع القضية وفقا لما اطمأنت إلى صحتها من التحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة تمثلت فى استغلال المتهم أحمد محمود محمد نظيف الذى شغل منصب رئيس وزراء مصر فى الفترة من عام 2004 وحتى عام 2011، لمكانته هذه فى الخروج عن مقتضيات الوظيفة العامة وما توجبه من النزاهة والبعد عن المنافع والثراء بلا سبب مشروع إعتمادا على سلطات الوظيفة العامة، فتحصل لزوجته المرحومة منى السيد قبل وفاتها على شقة سكنية فى أبراج سان ستيفانو بثمن بخس قدره 154 ألف جنيه بأقل من سعرها الذى يباع به للناس بمقدار 69%، كما قبل لنفسه فى الفترة من 2006 حتى عام 2011 منافع مادية عديدة على صورة هدايا عينية من مؤسسة الأهرام متمثلة فى ساعات يد ورابطة عنق وغيرها بلغت قيمتها 4 ملايين و145 ألف جنيه، ما كان ليتحصل عليها لولا وظيفته وسلطاته التى تخولها له تلك الوظيفة.
 
وتحققت المحكمة من ثبوت تلك الوقائع من خلال مطالعة صورة العقد المقدمة من رئيس القطاع القانونى لشركة طلعت مصطفى للشقة ومقارنتها بغيره من عقود قدمها الخبراء المنتدبون لفحص موضوع الاتهامات، حيث سدد نظيف ثمن شقة زوجته المتوفاة خلال وجوده فى منصبه، بينما كانت جملة مرتبات زوجته مدرسة رياض الأطفال منذ عام 1986 وحتى عام 2006 تاريخ شراء الشقة لا تتجاوز 201 ألف جنيه، وثبت للمحكمة أنها باعت شقة كانت تمتلكها بمبلغ 450 ألف جنيه، ثم ساهمت مع ولديها شريف وخالد فى شراء أرض بمشروع وادى النخيل عام 2005 أقاموا عليها 3 فيلات، وقدرت المحكمة إجمالى راتب زوجة نظيف وما أنفقته على فيللات وادى النخيل، أنه ليس بإمكانها أن تدفع إلا مقدم ثمن شقة سان استيفانو فقط، بما يعنى أن المتهم قد تحمل سداد الأقساط من ماله، وأنه كان على بينة من السعر الحقيقى والثمن المتفق عليه لأنه سيتحمل الجزء الأكبر منه، وأنه لن يحصل على الشقة بسعر زهيد لتواضع وظيفة زوجته مدرسة رياض الأطفال، وأن نظيف قبل مجاملته فى السعر بأقل من السعر الذى يشترى به عامة الناس بنسبة 69%، دون تفسير لذلك سوى استمالته لمصالح الشركة فى ذلك الوقت مخالفا بذلك ما يقتضيه منصبه الخطر من الترفع عن المنافع المادية واستغلال منصبه فى قبول كسب بقيمة 3 ملايين و440 ألف جنيه، يمثل فارق الثمن بين السعر الحقيقى والسعر الذى اشترى به، وأنه بذلك قد ترخص فى التعامل والمساومة مع الشركات أو ممثليها اعتمادا على سلطات وظيفته، فى حين أنه ينتظر من أمثاله أن يكونوا قدوة ومثلا أعلى لغيره من رجال الحكم والإدارة فى التزام الجدة والبعد عن المطامع فلا يقبل استمالة أو ترغيبًا من أحد.
 
وأشارت المحكمة فى حيثياتها إلى أنها بذلك تبينت توافر الركن المادى فى جريمة قبول الكسب غير المشروع، يقتضى مساومة وتفاوض يصاحبها ترخص واستمالة تؤدى إلى الرضوخ، فى صورة سعى وطلب وقبول وغير ذلك من سلوك يؤدى إلى دخول المال ذمة موظف أو غيره على سبيل الكسب غير المشروع، وأنه من المعلوم أن المحكمة تتبين وقوع الجريمة بالأدلة المباشرة وغير المباشرة وبالقرائن والاستنتاجات الممكنة.
 
واستبانت المحكمة من كشف الهدايا الذى قدمته مؤسسة الأهرام، أن نظيف تحصل على هدايا تتمثل فى ساعات يد رجالى وكرفتات وبرفانات وأزرار وأطقم ذهب حريمى وشنط حريمى وبرفانات حريمى وأقلام، بلغت قيمتها 251 ألف جنيه فى 2006، و250 ألفًا فى العام التالى و 237 ألفاً فى عام 2008، ثم 308 آلاف جنيه فى العامين اللاحقين، بإجمالى مليون و145 ألف جنيه.
 
واستعرضت المحكمة فى حيثيات حكمها أقوال شهود الإثبات يتقدمهم محمد التهامى رئيس القطاع القانونى بمجموعة طلعت مصطفى، بأنه تم بيع الشقة لنظيف بخلاف المتبع بالرغم من أن شركة سان ستيفانو يساهم فيها شركات عامة مثل شركة مصر للتأمين والبنك الأهلى المصرى وشركة التأمين الأهلية، وكذلك أقوال أحمد السيد النجار عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام فى الفترة من 2005 حتى عام 2009 مؤكدا أن مجلس الإدارة دأب على الموافقة سنويا بإعطاء هدايا لكبار المسئولين فى الدولة بحجة تسهيل أعمال المؤسسة، فى حين اتضح للمحكمة أن  هذه الهدايا غير المشروعة تصب فى منفعة رئيس مجلس الإدارة وتمديد فترة توليهم إدارة الصحف القومية، كما هو الحال بالنسبة إلى أحد الأشخاص الذى استمر 12 عام  رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة صحفية بعد تجاوزه سن التقاعد، كما تؤدى هذه الهدايا إلى تغاضى المسئولين عن المخالفات التى تقع فى المؤسسة أو يرتكبها من يمثلوها، مثل عدم مراجعة الخلافات المالية المتمثلة فى مصاريفهم التى تؤخذ من رصيد المؤسسة بدون مستندات دالة على الصرف وأوجهه، وكان رئيس مجلس الإدارة ومدير مكتبه هما اللذان يتوليان شراء الهدايا وتوزيعها وكان المتهم نظيف من بين من تلقوا هذه الهدايا.
 
وردت المحكمة فى حيثياتها على دفوع محامى نظيف بأنه لا وجه لإقامة الدعوى ضد موكله لزوال صفته كموظف عام وقت تحريك الدعوى ضده، وقالت المحكمة إن قانون الكسب ينص على إحالة ما يثبت وجود شبهات قوية ضد رئيس الوزراء بالتحصل على كسب غير مشروع الى مجلس الشعب، باعتبار أن رئيس مجلس الوزراء يرأس التنظيم السياسي، وأنه فى حالة زوال صفته فإن التحقيق والاحالة تنعقد لهيئة الفحص والتحقيق المختصة وتصبح الولاية فى القضية لمحكمة الجنايات باعتبارها صاحبة الولاية العامة، وقالت المحكمة إن دفوع المتهمين بعدم دستورية المادتين 2و18 من قانون الكسب غير جدية وأنها غير مجدية فى نفى الاتهامات الثابتة فى حق المتهم، كما قالت المحكمة إن المتهم ودفاعه طالبا ببطلان أمر الإحالة دون سند ودليل يمكن النظر إليه.
 
ورفضت المحكمة الدعاوى المدنية ضد نظيف لعدم ثبوت وقوع ضرر شخصى مباشر على المدعين بالحق المدنى وفقًا لنص القانون.