السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خلايا «المتسولين» فى رمضان تنتشر فى ميادين «دمياط»

خلايا «المتسولين» فى رمضان تنتشر فى ميادين «دمياط»
خلايا «المتسولين» فى رمضان تنتشر فى ميادين «دمياط»




دمياط ـ محيى الهنداوى


 ينشط المتسولون خلال شهر رمضان المبارك بطريقة لافتة للنظر، جعلت مشايخ المساجد يوجهون دروس رمضان، وخطب الجمعة، إلى التحذير من الانسياق أو التعاطف مع تلك الفئة التى جعلت التسول عملهم الذى يتربحون منه، ويستنزفون منه المواطنين، واستحلوا ما لم يكن من حقهم، بغض النظر عن المعاناة التى يعانيها الجميع فى الحصول على النقود فى ظل ارتفاع الأسعار والغلاء الذى ضرب جميع السلع.
وجرت العادة على أن ينتشر المتسولون عقب الإفطار مباشرة بأعداد كبيرة، حيث يخرجون من قرى بعينها - عزبة الشحاتين - فى ميكروباصات مملوءة بهم، يقوم السائق بانزال كل ميكروباص أمام قرية جديدة ـ أول مرة يقتحموها ـ لممارسة عملية التسول على المقاهى وطرق المنازل، حيث يستمرون خلال تلك الفترة فى الدوران فى الشوارع وعلى المقاهى فى تلك القرية طولًا وعرضًا وفى النهاية يتم تجميعهم فى نقطة معينة، على الطريق السريع دمياط – المنصورة، فى تمام الساعة 12 ليلًا، وفى اليوم التالى يتم تغيير القرية إلى قرية أخرى وهكذا.
ولعل أبرز المراكز التى يخرج منها المتسولون قرى مركز شربين المجاور لمركز كفر سعد دمياط، حيث تعد دمياط بلدًا جاذبًا للمتسولين لما تتميز به تلك المحافظة من رواج اقتصادى ملموس رغم ما تمر به البلاد من كساد تجارى، فضلًا عن إصرارهم وإلحاهم فى الحصول على المبالغ المالية ينفر المواطنين، ويدفعهم إلى العزوف عنهم، لكن سريعا ما يتذكرون أنها صدقة ونحن فى شهر كريم.
من جانبه يحذر الشيخ محمد عبدالشهيد، إمام المسجد الكبير بكفر سعد البلد، الأهالى من انتشار ظهور المتسولين المفاجئ فى هذا الشهر الذين يتخذونه موسما للحصاد بما يؤثر على من قال فيهم المولى عز وجل: «يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف»، مطالبا الجميع بالتحقق ممن يتصدق عليهم ومدى استحقاقهم من عدمة، فلا يصح أن يكون هناك بالكفر من يحتاجون إلى رغيف الخبز ونتصدق على الوافدين من الجوار.
ويوجه عدد من المشايخ الأهالى فى قرى كفر سعد من خلال خطبة الجمعة إلى توزيع الزكاوات على المنازل المعروفة لغير القادرين والأرامل واليتامى بعيدا عن إهدار أموالهم للمتسولين الذين جعلوها «شغلانة» يتربحون منها، حيث إن حينها سيكون الأجر عظيمًا، علاوة على أن لو كل منطقة قامت بالتصدق على فقرائها ما وجدنا بينهم جائع أو ظمأن أو عريان.
ويقول قال الشيخ محمد مسعد، إمام مسجد العتبانى ببندر دمياط: إن ظاهرة التسول المنتشرة خلال الأيام الكريمة يجب أن نتعامل معها بحذر حتى لا يضيع أهل الحاجة الحقيقيين الذين يلتزمون منازلهم كما قال تعالى: «لا يسألون الناس إلحافا»، أى لا يلحون فى المسألة ويكلفون الناس فوق طاقتهم، علما بأن أسرته وأهل بيته قد يكونون فى أمس الحاجة إلى كل «مليم».
أيضا يظهر من بين المتسولين العديد من النساء اللاتى يرتدين النقاب ويقفن على المقاهى فى وسط الشباب فى جرأة بلا خجل أو حياء لأن هناك ما يستر وجهوههن، فلا تعرف حقيقتهن ولا هويتهن، لتعلن لرواد المقهى، أن ابنها يعانى من الفشل الكلوى ويحتاج للغسيل اليومى، وهنا يظهر التعاطف المعروف عن الشعب المتدين ويقومون بالتعامل معها وجمع الأموال لها من كل مكان، بما يحرم المتعففين الجالسين فى منازلهم حياء من سؤال الناس.
وتأتى المتسولة الأخرى فى اليوم التالى برواية جديدة، وربما تكون شقيقتها أو زوجة ابنها فهم سلسلة يكونوا فيما بينهم خلايا للتسول الذى أصبح حرفة ومهنة لا يجيدها إلا من تأصل فيها واحترف التعامل فيها مع البشر، وهكذا المشهد يتكرر مرارا وتكرارًا، دون أن تجد سائلا ولا مسئولًا.
ونؤكد أن القدر وحده هو الذى يكشف هؤلاء المتسولين، حيث لا يخلو مكان من الباعة الجائلين الذين يتعاملون مع العديد من المواطنين، حيث إن شريف الشبولي، أحد الباعة الجائلين، فوجئ أثناء وجوده بإحدى المقاهى أن فتاة وقفت أمامه تطلب صدقة بقرية كفر سعد البلد، وبمجرد أن قال لها: هو انتي؟!، فهرولت من أمامه مسرعة وكأنها «فص ملح وداب»، وعندما سأله من على المقهى، فأجاب: إننى أعرفها وأنها تمتلك عمارة فى قرية الشحاتين بشربين دقهلية.
يشار إلى أن الأزمة لم تكن بدمياط فقط، حيث إنه منذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك، أخذت أعداد كبيرة من النساء والرجال والأطفال بالانتشار عند المساجد وحتى بين الأحياء السكنية وبينهم من يقرع أبواب المواطنين خاصة النساء اللاتى يحملن الأطفال الرضع بهدف التسول، علاوة على أن وزارة التنمية الاجتماعية والجهات الأخرى لم تنجح حتى الآن بالتخفيف من حدة ظاهرة التسول، والتى انتعشت مع العطلة الصيفية وموسم الزوار وعودة المغتربين وازدادت مع الشهر الكريم، ناهيك أن من تم إلقاء القبض عليهم من المتسولين تم الإفراج عنهم بعد فترة وجيزة، بل وعادوا إلى العمل بأساليب جديدة قد تكون أكثر خطرًا.