سمير صبري
عبد الله كمال
قابلت سمير صبري.. فجاءت السيرة.
وأما سمير صبري فرغم تشابه أسماء آخرين معه.. فأنت تعرف أنني أقصد الفنان الكبير.. والمقابلة كانت في سحور رمضاني.. والسيرة التي جاءت كانت حول التليفزيون.. فهو كما تعرف أيضا تليفزيوني له تاريخ طويل من الخبرة.
تحدث سمير عن الأساليب التي يرفضها في (التوك شو) المعاصرة.. وكيف أنها تخالف القواعد المعروفة.. بل تتجاوز أبسط الأصول.. ليس فقط المهنية وإنما أيضا الأخلاقية.. وضرب أمثلة عديدة لا داعي لذكرها.. فلم أستأذنه في النشر.. ولا أريد أن أصنع له أزمات مع (قساة الشاشات) و(حواة الليل).
سمير كان له برنامج شهير جدا.. اسمه النادي الدولي.. وبعده برامج عديدة.. النادي كان بمقاييس عصر متطور جدا.. ولكنك لم تسمع فيه عن تجريح.. أو (تفضيح) إذا جاز التعبير.. وهو في كلامه علي السحور.. قال: لا أحب هذا النوع من المذيعين الذي يشمر عن ذراعيه ويرفع أكمامه ويبدأ في طعن ضيفه.. هذا ضد التقاليد.
وعاد بي، كما هو متوقع، إلي تاريخ أسماء مثل أماني ناشد وسلوي حجازي وليلي رستم.. وغيرهن من علامات الفن التليفزيوني المصري.. وكيف كان السؤال شديد القسوة يطرح بمنتهي الأدب.. وفي العمق.. وبدون حالة (الشرشحة ) الجارية الآن.. واتفقنا.. فكما هو معروف لي انتقادات ممتدة وطويلة حول تلك الظواهر.
وقد يعجبك كلام سمير صبري.. ولكنه قد لا يعجب آخرين.. وقد يمط أحدهم شفتيه ويصف هذا الكلام بأنه (موضة قديمة).. وأنه لم يعد مقبولا في العصر الحالي.. وتلك هي الحجة التي سوف يرددها الذين يمتهنون الأصول كل ليلة.. حتي في عز رمضان.. بل إن المعدل يزيد في الشهر الكريم لأن الدراما تضغط علي معدلات المشاهدة.. فتدفع مذيعي البرامج إلي أن يرفعوا من معدل الصراخ لكي يلفتوا الأنظار.
إذا أردت الحق فإن القواعد لا علاقة لها بالموضة.. القديمة أو الجديدة.. القواعد لا تتغير.. ومنها احترام الضيف أيا ما كان.. وحيادية المذيع.. والاحتماء بالسؤال.. فليس للمذيع أن يدلي علي الشاشة بمقال.. وإتاحة الفرصة للإجابة.. وعدم استخدام غريب اللفظ.. وألا تقترب من سيرة الناس الشخصية.. والالتزام بالموضوعية.
هذه هي القواعد.. وأما الموضة القديمة والجديدة فتتعلق بالأساليب الفنية.. والديكورات وعمليات الإنتاج وأداء المذيع دون أن يخالف القيم والأصول.. وبالتالي فإن التجديد لا يمكن أن يقترب من الثوابت.. إذ حين تجاوز هذا الخط الأحمر.. انهارت مهنة التليفزيون خصوصا في كثير من المحطات الخاصة.. وضج الناس.. وزهق المشاهدون.. وتراجعت المصداقية.
لا أعتقد أن أحدا ممن يتناثرون علي الشاشات الآن يمكن أن يعاد ذكرهم علي ألسنة الناس فيما بعد الآن بسنوات.. بل ربما بعد أن يختفوا من أي برنامج بشهر.. بينما نحن نردد حتي الآن أسماء عظيمة مثل تلك التي ذكرها سمير صبري.. فضلا عن سناء منصور.. ومحمود سلطان.. وغيرهما من الأسماء الكبيرة التي كان لها رصيد.. وخبرة.. وقد لا تعرفهم الأجيال الجديدة.
هذه الملاحظات لابد أن يراعيها العاملون في برامج (التوك شو).. لو تجاهلوها زمنا لن يمكنهم أن يواصلوا التغافل عنها لزمن آخر.. وإلا فإنهم يكونون يقومون بعمل آخر له أهداف غير تليفزيونية.. والقاعدة هي أنه لا يصح إلا الصحيح.. حتي لو كان الخطأ يجلب الملايين لمرتكبه.. وحتي لو كانت الجرائم التليفزيونية الليلية تحقق ثروات وشهرات لم يقترفوها كل يوم.
ليت مثل هذا الكلام يؤثر فيهم.. فيوقظهم من سكرة التشويه والتخريب التي استمرأوها.. وهناك مناسبة جيدة لبداية جديدة ندعوهم إليها.. إذ يبدأ بعد رمضان موسم جديد.. وربما كانت تلك فرصة لكي يرحموا بلدهم من خطاياهم.
الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net
البريد الإليكتروني: [email protected]