الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المحظورة.. من "خرم إبرة"!
كتب

المحظورة.. من "خرم إبرة"!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 03 - 10 - 2009

لماذا يتم إلقاء القبض على عناصر المحظورة؟


1


سيطرة رجال الدين على الحكم كارثة، التاريخ يقول ذلك، سواء فى اليهودية أو المسيحية أو الإسلام.. فالبشر حين يتصورون أنهم آلهة الأرض، يتحولون إلى سفاحين ليس فى قلوبهم رحمة.


التاريخ يقول إن الحروب الدينية هى الأخطر، خصوصاً إذا كانت بين أبناء الدين الواحد، والشاهد على ذلك مجازر الكاثوليك والبروتستانت فى المسيحية والسنة والشيعة فى الإسلام.
السفاح "ابن ملجم" قاتل الإمام على بن أبى طالب، فعل ذلك لأسباب سياسية دينية، وقال للإمام وهو يشج رأسه الطاهر بالسيف أثناء السجود فى صلاة الفجر "الملك لله وليس لك".. وشق قلب الإسلام.
2
التاريخ الحديث مازال يقطر دماً من أجساد الكاثوليك والبروتستانت فى الحروب التى اجتاحت أوروبا فى القرن ال 81، ووصلت المذابح الى حد اغتصاب القساوسة فى الأديرة وقتلهم وتعليقهم على الصلبان.
ويقول - أيضا - إن السنة والشيعة ارتكبوا ضد بعضهم جرائم رهيبة فى آخر بروفة للحروب الدينية فى العراق.. جرائم لا يرتكب مثلها سوى الذئاب الجائعة التى تنجح فى اصطياد فريسة ضعيفة.
التاريخ يقول إن كل الحروب تندمل جراحها بمرور الوقت، إلا الحروب الدينية التى تزداد نزفاً وإيلاماً كلما مر الوقت، وتظل الأحقاد البشرية كالنار المتقدة تحت الرماد.
3
لهذه الأسباب، فإن الخطر الداهم الذى يهدد مستقبل هذا الوطن هو الجماعة المحظورة التى تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. وإحياء فتنة الشيخ والسيف والسلطان.
لقد نجحوا فى تضليل الناس وتشتيت الانتباه عن القضية الأساسية، وهى مدنية الدولة، وشغلوا وسائل الإعلام بحكايات وروايات عن تضحياتهم واعتقالهم والقبض عليهم.
لم تعد القضية فى الصحف الخاصة والفضائيات هى تحصين الدستور والقانون والحفاظ على الدولة واستقرارها، وإنما الولوج إلى القضايا الفرعية التى تتيح لهذه الجماعة المحظورة التواجد السياسى، ولو من "خرم إبرة".
4
لست مع الأصوات التى تنادى بإلغاء المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، بل إن الإبقاء عليها هو الذى يقطع الألسنة ويكشف المتاجرين بالدين.
المسألة ليست إلغاء النص أو الإبقاء عليه، ولكن فى تثبيت أجندة الحوار الدائر فى المجتمع الذى يرسخ قواعد الممارسة الديمقراطية، فهذا هو السبيل الوحيد لحماية مدنية الدولة من سيوف التطرف.
لا يضير أحداً أبداً أن تكون القوانين والتشريعات متفقة مع الشريعة الإسلامية ومن مصادرها الحقيقية المتفق عليها عند جمهور الفقهاء، وليس من شيوخ التطرف وأمراء الأطماع السياسية.
5
الفصل بين الدين والسياسة، فيه إعلاء لتعاليم الإسلام السمحة وتحصين الأمة ضد المطامع والأهواء، وإبعاد المسلمين عن الفتن والحروب والصراعات التى أهلكت منهم اكثر من أعدائهم.
الدمج هو الذى جعل المسلم يقتل المسلم باسم الله، ويستبيح عرضه ودمه وماله باسم الله.. والله سبحانه وتعالى برىء من هؤلاء القتلة إلى يوم الدين.
الخلط بين الدين والسياسة هو الذى فتح أبواب جهنم للمتاجرة باسم الإسلام والمزايدة على المسلمين، والتضحية بمصالحهم، من أجل شهوة السلطة وسيف السلطان.
6
لماذا لا تعقد الجماعة المحظورة معاهدة سلام مع الدولة والمجتمع والناس، لتستريح وتريح، وتغسل نفسها من المطامع والغنائم التى تسعى للفوز بها، إذا كانت تعمل من أجل الإسلام فعلاً؟
هل هذه الجماعة تضحى من أجل الديمقراطية؟ بالتأكيد لا.. وألف لا؟ وهل هى تسعى إلى حياة سياسية أفضل أم إلى الإطباق على خناق الحكم والاستيلاء على السلطة؟
المؤكد - أيضا - أن مثل هذه الجماعات عندما تصل إلى الحكم بالديمقراطية، فأول شىء تفعله هو ذبح الديمقراطية.. ويا ويل الأمم والشعوب التى تقع فى براثن الديكتاتورية الدينية.
7
المسألة ليست كراهية الإخوان أو الخوف من شعبيتهم، لأن المصريين الحقيقيين فى القرى والمدن والنجوع هم الذين يعرفون حقيقتهم وينفرون منهم ويخافون من أطماعهم.
الذين يروجون لهم، يعلمون أن مصر لا يركب عليها حكم سلطان جائر ولا سياف متطرف، وأنها دولة تحيا بالتسامح والمحبة والسلام.
قبل أن تسألوا: لماذا يتم القبض على عناصر الإخوان؟ اسألوا أيضا: هل يجب أن نخرق الدستور والقانون من أجل المقامرات السياسية لجماعة دينية محظورة؟!


E-Mail : [email protected]