الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«هاربون من الموت» كتاب يرصد ملامح معركة السوريين ضد الموت المتربص بهم

«هاربون من الموت» كتاب يرصد ملامح معركة السوريين ضد الموت المتربص بهم
«هاربون من الموت» كتاب يرصد ملامح معركة السوريين ضد الموت المتربص بهم




نقلاً عن مقالة للكاتب / هيثم حسين


صدر حديثا عن دار العربى للنشر والترجمة كتاب « هاربون من الموت للكاتب فولفانج باور  وبترجمة من المترجم  جمال خليل صبح  ويستهل الألمانى فولفانج باور كتابه «هاربون من الموت» بالحديث عن تجربة اللجوء التى تكاد تكون ظاهرة عالمية بامتياز، مر بها كثير من الناس فى الشرق والغرب، وعلى مراحل تاريخية مختلفة، بحيث إن هذه التجربة غيرت تركيبة مجتمعات بأسرها، وساهمت فى خلق تنويعات اجتماعية مختلطة، فضلاً عن تسببها فى عدد من المشاكل التى وجد اللاجئون وأبناء البلد الأصلى أنفسهم فى معمعتها.
حكايات مجموعة من السوريين ومحاولاتهم عبور الطريق إلى أوروبا، وخوض مغامرات الإبحار من مصر وتركيا، وتعرضهم لابتزاز عصابات المتاجرة بالبشر وتعنيفهم، ووقوعهم بين أنياب مهربين ماتت ضمائرهم، ولا يرون فى الإنسان سوى كمية النقود التى يمكن سلبها منه.
يقرر باور خوض مغامرة الإبحار من جنوب المتوسط إلى شماله، ينضم لمجموعة اللاجئين التى تتفق مع المهربين لإيصالهم بحراً إلى إيطاليا، يخفى شخصيته الحقيقية عن المهربين والركاب جميعاً، لا يعرف بذلك إلا شخص سورى وحيد سهّل له الأمر وتعاون معه. يخبر باور الجميع أنه وصديقه المصور الصحافى التشيكى ستانيسلاف كروبر شخصان هاربان من دول القوقاز ويسعيان للوصول إلى أوروبا بدورهما.
يصف باور الضغوط التى يتعرض لها اللاجئون أثناء التفاوض مع المهربين وقبل الإبحار، وكيف أنها تبلغ أشدها فى قلب البحر وبين الأمواج الصاخبة، واضطرارهم للرضوخ للابتزازات المتتالية، وكيف ينشب أحياناً صراع بين المهربين أنفسهم على الركاب، ويحجزون عليهم فى عرض البحر كودائع أو بضائع لحين إتمامهم صفقاتهم المشبوهة على البر.
الهجرة غير النظامية تفاقمت خلال السنوات الماضية على خلفية الاضطرابات الواسعة فى كثير من بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا (الأوروبية)
يرصد الكاتب لحظات التيه فى البحار، ومعارك القراصنة الدموية، وحقيقة وجود عالم يبدو أنه خارج القوانين الإنسانية والدولية، وخارج نطاق السيطرة والتحكم، بل يبدو سوقاً للمتاجرة بالبشر، لبيع الرقيق وشرائهم، وكأنه يتحدث عن عالم لا يمت إلى القرن الحادى والعشرين بأية صلة، وينقل معاناة اللاجئين، وجوعهم وتشردهم وضياعهم وقهرهم واختطافهم، وحجزهم ومساومتهم والتنكيل بهم وإذلالهم.
يؤكد باور أنه كان يهدف من مغامرته إلى أن يوثق بالحس والخبرة والتجربة القريبة الملامسة للواقع ماذا يعنى بالضبط الهروب واللجوء. ويقول إنهم كانوا يمرون فى رحلتهم بلحظات كان الخوف فيها يتملكهم ويأخذ بأرواحهم ويذيب قوتهم ويجعلها خائرة تماماً.
وينوه إلى أنه وصديقه كانا يمتلكان ميزة لم تكن من نصيب أى من السوريين الذين كانوا معهم، وهى الإمكانية المفتوحة فى كل وقت للرجوع بشكل آمن.
يشير باور فى عمله لفشل سياسات الاتحاد الأوروبى فى منع الهجرة غير النظامية، وعدم القدرة على محاصرة المهربين والإيقاع بهم، رغم ما يتخذه الاتحاد من إجراءات صارمة على حدوده المتوسطية، وتجنيد مئات الآلاف من الجنود وكثير من المعدات العسكرية المتطورة لذلك، ويقول بمرارة وأسى إن «البحر المتوسط الذى كان مهد أوروبا وشهد مولدها صار المسرح الأكبر للخذلان والفشل».
«يعتمد باور تقنيات الكتابة السينمائية كأنه بصدد تقديم مشاهد متعاقبة، يتنقل بين الأمكنة من مصر وتركيا إلى اليونان وإيطاليا والنمسا وألمانيا والسويد. يعيش مع شخصياته الواقعية التى تبدو كأنها خارجة من عالم روائى متخيل».