السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحرية والنقاب والدستور




أفزعنى ما نشر بالأمس ويقول إن عددًا من منظمات حقوق الإنسان قد وجدت فى قرار المجلس الأعلى للأزهر بمنع الدخول إلى المعاهد الدينية بالنقاب‮.. ‬وقرارات رؤساء الجامعات بمنع تسكين الطالبات المنتقبات فى المدن الجامعية‮.. ‬وجدت فيه نوعا من التعدى على الحرية الشخصية‮.

‬هذا الموقف من قبل تلك المنظمات خاطىء ولا‮ ‬يعبر إلا عن مزايدة فارغة‮.. ‬وضد القانون‮.‬

‮ ‬لا أعتقد أن أيًا من تلك المنظمات‮ ‬يمكن أن‮ ‬يبارز المستشار الراحل عوض المر رئيس المحكمة الدستورية فى انحيازه إلى الحرية الشخصية‮.. ‬مواقفه رحمه الله معروفة‮.. ‬وقد أصدر حكمًا تاريخيًا معروفًا فى مايو‮ ‬1996‮ ‬يوافق فيه على قرار وزير التعليم الأسبق الدكتور حسين كامل بهاء الدين بمنع دخول تلميذة منتقبة إلى مدرسة فى الإسكندرية عام‮ ‬1994‮.‬

الحكم كان محل نقاش بينى وبين السيد وزير الصحة حاتم الجبلى قبل نحو عامين حين كان‮ ‬يتصدى لحالة انتشار النقاب بين الممرضات‮.. ‬ولفت نظرى إليه زميلى مدير تحرير مجلة‮ ‬روزاليوسف‮ ‬محمد هانى قبل‮ ‬يومين‮ .. ‬ووجدت خلال البحث أن الكاتب خالد منتصر قد تطرق إليه فى أكثر من مقال‮.. ‬وأشرت إليه فى مقالى فى المجلة عدد الأمس‮.. ‬ولابد من التذكير به مجددًا لكى‮ ‬ينتبه المتحججون بالحرية الشخصية فى الدفاع عن النقاب‮.. ‬ولأنه فى ذات الوقت حكم تاريخى من حيث مضمونه والمبادىء التى أرسى عليها‮.‬

1 ‮- ‬قال الحكم‮ : (‬شريعة الله لا تمنح أقوال أحد الفقهاء قدسية تحول دون مراجعتها وإبداء النظر فيها بل وإبدالها‮).‬

2 ‮- ‬قال الحكم‮ : (‬الآراء الاجتهادية فى المسائل المختلف عليها لا‮ ‬يجوز اعتبارها شرعًا ثابتًا متقررًا لا‮ ‬يجوز أن‮ ‬ينقض‮).‬

3 ‮- ‬قال الحكم‮: (‬ليس متصوراً‮ ‬أن تموج الحياة بكل مظاهرها من حولها،‮ ‬وأن‮ ‬يطلب منها على وجه الاقتضاء أن تكون شبحاً‮ ‬مكسواً‮ ‬بالسواد أو بغيره بل‮ ‬يتعين أن‮ ‬يكون لباسها شرعاً‮ ‬قرين تقواها،‮ ‬وبما لا‮ ‬يعطل حركتها فى الحياة‮).‬

4 ‮- ‬قال الحكم‮: (‬لا دليل من النصوص القرآنية ولا من سنتنا الحميدة على أن لباس المرأة‮ ‬يتعين شرعاً‮ ‬أن‮ ‬يكون احتجاباً‮ ‬كاملاً،‮ ‬متخذاً‮ ‬نقاباً‮ ‬محيطاً‮ ‬بها منسدلاً‮ ‬عليها لا‮ ‬يظهر منها إلا عينيها ومحجريهما،‮ ‬فإن إلزامها إخفاء وجهها وكفيها وقدميها عند البعض لا‮ ‬يكون تأويلاً‮ ‬مقبولاً،‮ ‬ولا معلوماً‮ ‬من الدين بالضرورة‮).‬

5 ‮- ‬قال الحكم‮: (‬كشفها لوجهها أعون على اتصالها بأخلاط من الناس‮ ‬يعرفونها ويفرضون نوعاً‮ ‬من الرقابة على سلوكها،‮ ‬وهو كذلك أكفل لحيائها وغضها من بصرها وأصون لنفسيتها وأدعى لرفع الحرج عنها‮).‬

6 ‮- ‬قال الحكم‮: (‬معلقا على قرار منع تلميذة من دخول مدرسة منتقبة‮): (‬لا‮ ‬يناقض القرار نص المادة الثانية من الدستور،‮ ‬ذلك أن لولى الأمر فى المسائل الخلافية حق الاجتهاد بما‮ ‬ييسر على الناس شئونهم،‮ ‬ويعكس ما‮ ‬يكون صحيحاً‮ ‬من عاداتهم وأعرافهم،‮ ‬وبما لا‮ ‬يعطل المقاصد الكلية لشريعتهم التى لا‮ ‬ينافيها أن‮ ‬ينظم ولى الأمر فى دائرة بذاتها لباس الفتاة‮).‬

7 ‮- ‬قال الحكم‮ : (‬القرار المطعون فيه لا‮ ‬ينال من حرية العقيدة ولا‮ ‬يقوض أسسها أو‮ ‬يعطل شعائر ممارستها ولا‮ ‬يناهض جوهر الدين فى الأصول الكلية التى‮ ‬يقوم عليها،‮ ‬بل‮ ‬يعتبر اجتهاداً‮ ‬مقبولاً‮ ‬شرعياً‮ ‬لا‮ ‬يتوخى‮ ‬غير تنظيم رداء للفتاة‮.. . ‬يدخل فى دائرة تنظيم المباح ولا‮ ‬يعد افتئاتاً‮ ‬على حرية العقيدة‮).‬

‮٨ -  ‬قال الحكم‮: (‬القول بأن القرار المطعون فيه‮ ‬يخل بالحرية الشخصية مردود عليه بأنه حتى ولو جاز القول بأن مظهر الشخص من خلال الأزياء التى‮ ‬يرتديها‮ ‬يبلور إرادة الاختيار التى تمثل نطاقاً‮ ‬للحرية الفردية‮ ‬يرعى مقوماتها ويكفل جوهر خصائصها،‮ ‬إلا أن إرادة الاختيار هذه‮ ‬ينبغى قصر عملها على ما‮ ‬يكون لصيقاً‮ ‬بالشخصية،‮ ‬مرتبطاً‮ ‬بذاتية الإنسان فى دائرة تبرز معها ملامح حياته وقراراته الشخصية فى أدق توجهاتها،‮ ‬وأنبل مقاصدها،‮ ‬كالحق فى اختيار الزوج وتكوين الأسرة،‮ ‬وأن‮ ‬يتخذ الشخص ولداً،‮ ‬ولا‮ ‬يجوز بالتالى بسطها إلى تنظيم محدد‮ ‬ينحصر فى دائرة بذاتها،‮ ‬يكون الصالح العام ماثلاً‮ ‬فيها ضبطاً‮ ‬لشئون هؤلاء الذين‮ ‬يقعون فى محيطها،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعنى أن الحرية الشخصية لا‮ ‬ينافيها أن‮ ‬يفرض المشرع فى دائرة بذاتها قيوداً‮ ‬على الأزياء التى‮ ‬يرتديها بعض الأشخاص فى موقعهم من هذه الدائرة لتكون لها ذاتيتها،‮ ‬فلا تختلط أرديتهم بغيرها،‮ ‬بل‮ ‬ينسلخون فى مظهرهم عمن سواهم ليكون زيهم موحداً‮ ‬متجانساً‮ ‬ولائقاً،‮ ‬دالاً‮ ‬عليهم ومعرفاً‮ ‬بهم،‮ ‬وميسراً‮ ‬صوراً‮ ‬من التعامل  معهم‮).  
‬انتهت اقتباساتى من نص الحكم الذى‮ ‬يرد على كل مزايدة ويثبت أن ما اتخذه شيخ الأزهر والمجلس الأعلى للأزهر ورؤساء الجامعات هو قرار مع صحيح الدين ونصوص الدستور‮.‬
 
الموقع الإليكتروني‮:‬ ‮‬www.abkamal.net

البريد الإليكتروني: [email protected]