الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأزمات تحاصر «عروس الدلتا»

الأزمات تحاصر «عروس الدلتا»
الأزمات تحاصر «عروس الدلتا»




تحقيق: سمرحسن - محمد السيد

انقطاع متكرر لمياه الشرب.. نقص مياه الرى.. ضعف الخدمات فى مستشفيات مديرية الصحة بالدقهلية.. فوضى التاكسى والميكروباص.. أزمة بحيرة المنزلة هذه أبرز المشكلات التى يعانى منها المواطن الدقهلاوى يوميا.. «روزاليوسف» فى جولة لمعرفة مشاكل أهالى المحافظة، بهدف توصيل أصوات الأهالى للمسئول الأول عن المحافظة المحاسب حسام الدين إمام والوقوف على الأسباب الحقيقية لها أملا فى إيجاد حلول على أرض الواقع لها.

 

الدقهلية العطشانة
منذ أكثر من شهر ويعانى أهالى محافظة الدقهلية انقطاع المياه المتكرر، خصوصًا القرى بها، ففى البداية كان الانقطاع يدوم لساعات، ثم دام الانقطاع ليوم كامل، حتى وصل الأمر إلى دوام الانقطاع لأكثر من يوم.
أبوبكر عويضة - 58 عاما محاسب - يستغيث من انقطاع المياه المتكرر، والذى يدوم لأيام، وأوضح أن المياه لا تأتى إليهم رغم أنه لديه «موتور كهربائى» لسحب المياه، وناشد محافظ الدقهلية بسرعة حل المشكلة فهم أشبه بالأموات بلا مياه.
ووافقه الرأى أحمد الظريف - 65 عاما موظف بالمعاش - أن انقطاع المياه المتكرر أرهقهم وحملهم أعباء مادية نظرًا لاضطرارهم شراء «جراكن» مياه والتى قد تصيبهم بالأمراض، نظرًا لعدم تأكدهم من سلامتها، علاوة على أن المياه «المعدنية» باهظة الثمن، وتكلفة زائدة عليهم.
الصرف الصحى
يعانى عدد من أهالى القرى التابعة لمحافظة الدقهلية «سلامون، دكرنس، بنى عبيد» من عدم وجود شبكة صرف صحى، إضافة إلى أن الموجودة متهالكة تمامًا بل وأضرارها أكثر من نفعها.
وأوضح أحمد عطية - موظف - أن مياه الصرف تحاصر منزله وكل المنازل المجاورة له، فشبكة الصرف الموجودة بالمنطقة متهالكة، وتهدد المنازل بالانهيار إن لم يتم صيانتها.
وقال محمد السيد - موظف - إنهم يعانون الأمراض بسبب مياه الصرف علاوة على الحشرات التى تهاجم المكان، ليس فقط وإنما وصلت إلى وجود الثعابين فى مياه الصرف.
ولم تقف مشكلة الصرف عند تهالكها فقط، وإنما معاناة قرى أخرى من عدم وجود شبكة صرف صحى من الأساس، حيث أكد «محمد عطية، فوزية السيد، محمد مهران، وعدد من أهالى قريتى الزاهيرة، وسلامون التابعة لمركز المنصورة» عدم وجود شبكة صرف صحى من الأساس فى هذه القرى، وطالبوا بسرعة الاستجابة لهم وإنشاء شبكة صرف صحى لهم، فهم يقضون حاجتهم فى الشوارع وعلى المصارف.
التاكسى والميكروباص
شكا الكثير من أهالى المحافظة من صعوبة الحصول على وسيلة مواصلات لعدة أسباب، بداية من رفع تعريفة الركوب بدون وجه حق وحتى امتناع السائق عن «التحميل»، وقالت نوال إبراهيم - 55 عاما ربة منزل - حجم المعاناة اليومية التى تعيشها فى محاولة البحث عن وسيلة مواصلات، وتابعت: التاكسى يفرض رسوما إضافية على تعريفة الركوب، ويتلاعب بها كيفما شاء، وعندما نعترض على هذه الزيادة يرد «لو مش عاجبكم اشتكوا فى المرور» لأنه يعلم جيدًا الإجراءات المعقدة للحصول على حقنا من خلال إدارة المرور.
أما ليلى حسن - 41 عاما موظفة - فتشتكى هى الأخرى من بلطجة سائقى الميكروباص، وتغيير خطوط السير، وتقسيم الخط على وصلات لابتزاز الركاب وفرض رسوم زائدة بدون وجه حق.
والتقط أطراف الحوار طارق سعيد - 48 عاما - واصفًا ما يواجهه من معاناة وضيق حتى يحصل على مركبة فى الإجازات الخاصة به للعودة إلى بلده، خصوصًا فى ظل وجود المواقف العشوائية، وما يحدث بها من تجاوزات، ووجود «قومسيونجية» يفرضون الإتاوات على السائقين فيقومون بزيادة تعريفة الركوب عوضًا عن الإتاوة.
«الهجرة غير الشرعية»
وصف عدد من أهالى قرية «نوسا الغيط» التابعة لمركز أجا، وقرية «ميت الكرما» مركز نبروه وجود سماسرة الهجرة غير الشرعية فى قراهم بأنهم شياطين، خاصًة بعد تسميمهم أفكار الشباب بالقرى حول مميزات السفر، والذى نتج عنه تحول شبابها لوجبات تتغذى عليها الأسماك.
طالب سيد أبو عارف - 53 عاما مزارع - مسئولى المحافظة بضرورة القضاء على سماسرة الهجرة غير الشرعية، الذين يصورون حلم الثراء للشباب، حتى وصل الأمر بهم لتحريض الشباب على بيع منقولات بيوتهم من أجل توفير ثمن تذكرة الموت على قوارب متهاكة.
أما محمد عبدالرحمن - 48 عاما جزار - فقال إن الهجرة غير الشرعية فيروس أصاب البلد، وتابع: فشلنا فى إقناع شبابنا عن العزوف عنها، وطالب المحافظة بإتاحة الفرصة للشباب للمشاركة فى بناء المجتمع، وتشديد الرقابة على السواحل لمنع الهجرة.
«القمامة»
اشتكى محمد أبوالسعود - 32 عاما - مدرب كرة قدم - من كثرة أكوام القمامة حول منازلهم بالمطرية دقهلية، ورغم ما يقوم به المجلس المحلى فى محاولة إزالتها إلا أنه مجهود ضعيف، وواصل: المجهود المقام هو الاهتمام بالشوارع الرئيسية وترك باقى القرية دون نظافة تذكر، وهذا هو حال مناطق كثيرة تلقينا منها الشكاوى حول نفس المشكلة.
المنزلة تشتعل
حينما يقع قوت مئات من الصيادين تحت سيطرة البلطجية فلابد من أن تتحرك كل الجهات المعنية لإنقاذهم، خصوصًا أنها أحد عوامل ازدهار الاقتصاد، فبها ثلث الثروة السمكية بمصر.. قال محمد شرويدة - 44 عاما صياد - نعانى فى بحيرة المنزلة من سيطرة البلطجية والمسجلين خطر، فهم يستولون على أقواتنا، ويسرقون أدوات الصيد، واستطرد: يفرضون علينا الإتاوات، وفى كثير من الأحيان يأخذوا منا ما نجمعه من السمك بالقوة وتحت تهديد السلاح.
وأوضح محمد الرفاعى - 41 عاما صياد - ضرورة عمل دفاتر دخول وخروج لتأمينها من البلطجية مثل بحيرة السويس وبورسعيد، فهى لا تقل أهمية وتأثيرا فى الاقتصاد عنهما.
وطالب السيد حامد - 55 عاما صياد - من محافظة الدقهلية بإزالة الكراكات من البحيرة لأنها تكلفة مالية دون جدوى، وغلق ممر بحر البقر لأن مياهه مختلطة بصرف صحى مما يتسبب فى القضاء على الثروة السمكية، والسماح بمرور مياه البوغاز.
حى المستشارين
أكد عدد من أهالى المنصورة أنه ليس من العدالة ترك حى بالكامل وهو «حى السيد خطاب» والمعروف بـ«حى المستشارين»، ليس هذا فقط ولكن توصيل المرافق له رغم أنه مبنى بالمخالف.
وقال محمود عبدالرحمن - 59 عاما - إن قريتهم تعانى من نقص شديد فى الخدمات، فهى خاوية بلا مياه، أو شبكة صرف صحى، أو إنارة جيدة وفى المقابل نجد حيا مبنيا مخالفا وله كل الصلاحيات نظرًا لأن معظم ملاك هذه المنطقة من المستشارين والقضاة، وتساءل: متى تتحقق العدالة الاجتماعية فى مصر؟
وتابع فريد فيصل - محاسب - حى المستشارين قائم، ورغم كل الشكاوى المقدمة ضده ما زال البناء مستمرا حتى إن أحد الأشخاص عرض عليه شقة للبيع بثمن أقل من الطبيعى للشقق الموجودة فى الأحياء المجاورة لأنها غير مرخصة.
رؤساء الأحياء
من أكثر الشكاوى التى نقلتها «روزاليوسف» عن أهالى محافظة الدقهلية هى سوء المعاملة من الأحياء، وتعطيل مصالحهم.. وقالت صفاء المُنجى - 51 عاما - «إن الأحياء اسم على غير مُسمى»، فالأولى أن يطلقوا عليهم أموات، وواصلت: القمامة تملأ الشوارع، والحدائق العامة مهملة، وبعضها مُؤجر للمقاهى دون ترك مكان للتنزه لأبناء المحافظة.
ووافقتها الرأى رابحة البنا - 55 عاما ربة منزل - أن من أساس مهام عمل الحى هو تنظيف الشوارع، لكن أكوام القمامة تملأ كل مكان، واهتمامهم بالشوارع الرئيسية فقط تاركين الفرعية مهملة، وطرقها مُهدمة.
وروى وليد عبدالعزيز - 35 عاما - ما حدث بينه وبين أحد رؤساء الوحدات المحلية بمركز نبروه، وأنه ذات يوم وجد جرارات نقل القمامة تقوم بتفريغها على شط النيل، فقام بتصوير هذه المهزلة وسأل العُمال الموجودين كيف لهم فعل ذلك؟، فأكدوا أن ذلك بناءً على أوامر رئيس الوحدة المحلية، وقام بنشر الصور على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وعندما علم رئيس الوحدة المحلية تواصل معه، وطلب منه حذفها واعدًا إياه بعدم تكرار هذه الواقعة وتنظيف وإزالة أى قمامة موجودة، وبمجرد إزالة الصور من موقع التواصل، عادت ريمة لعادتها القديمة، بل وزاد الأمر سوءا، ففى اليوم التالى قام بحرق القمامة الموجودة وإلقائها فى مياه النيل.
أزمة الصحة
واحدة من أكثر المشكلات التى تؤرق أهالى الدقهلية، حتى وصفوها بأنها «المعضلة التى عجز عن حلها المسئولون»، وأكد حمادة عبدالجليل - 28 عاما - على سوء المعاملة داخل المستشفيات الحكومية، فمثلا مستشفى دكرنس العام خاوٍ على عروشه، فالاطباء غير موجودين طوال الوقت، والمستلزمات الطبية لا تكف للمرضى، ولا تستطيع إسعاف المرضى حتى لو من وعكة صحية.
ووافقه الرأى سراج محمد - 44 عاما مدرس - أن المستشفيات التابعة لمديرية الصحة بالدقهلية متروكة للخريجين الجدد من الأطباء، وليس لديهم خبرة بل يتعلمون فى المرضى.
محمد شاندو - 33 عاما - انتقد وجود القطط والكلاب وغيرها داخل المستشفيات والوحدات الصحية، وتهالك الأسرة ومحدوديتها وافتقادها للآدمية.
مراكز الشباب
باسل الحلوانى - 35 عاما موظف - قال لا تتقدم أى أمة إلا بسواعد أبنائها، والإهتمام بالرياضة من خلال تفعيل دور مركز الشباب أحد العوامل الأساسية فى تنمية الشباب فكريًا وجسديًا ومن ثم النهوض بالوطن، ولكن ما نراه على أرض الواقع غير ذلك، فالشباب أمام أمرين إما النادى والذى أصبح حلما بعيد المنال بسبب سعر الاشتراك الفلكى والذى وصل إلى 100 ألف جنيه لأحد النوادى داخل المحافظة، أو مراكز الشباب، ففى كثير من القرى والمراكز تجد مركز الشباب عبارة عن مبنى خاوٍ وحوله قطعة أرض فضاء تسمى ملعب، فكيف للرياضة أن تقوم بدورها السامى فى تنمية النشء.
 تابع يحيى محمد - 27 عاما حاصل على ليسانس آداب - أن النوادى انتقلت من دور نشر الأخلاق، وغذاء الجسد، لوسيلة تفرقة اجتماعية، بحيث أصبحت محرمة على أبناء الطبقتين الوسطى، والفقيرة، ولا يجرؤ على المرور حتى من أمامها سوى الأغنياء، أما مراكز الشباب فتحولت لوسيلة تحقيق مصالح شخصية للعاملين بها، أو مقاهٍ.
التعدى على الأراضى
انتشرت هذه الظاهرة فى فترة الانفلات الأمنى أعقاب ثورة 25 يناير، حيث استغل عدد من البلطجية أزمة الدولة وقتها، وانقضوا على أراضى الدولة أو الأشخاص ووضعوا أياديهم عليها، كما قام الأهالى بالبناء على الأراضى الزراعية، وأوضح محمد الباز - 61 عاما مدرس بالمعاش - أنه بمجرد وصول حدود محافظة الدقهلية بداية من البوابة الموجودة قبل قرية «ميت العز» تجد كثيرا من الأراضى الزراعية مُجرفة، ومبنيا فوقها بيوتًا مكونة من عدة أدوار، وتابع: الغريب أن معظم من يقومون بهذا الجرم يبنون مسجدا فى أول دور للعقار المبنى وبعد ذلك يستكملون بناء الأدوار، وكأنهم يستغلون بيت الله للضغط على المسئولين حتى لا يُقبلوا على هدم المنزل.
واستكمل السيد مجاهد - 41 عاما - أن لديه قطعة أرض، وقام عدد من البلطجية بالاستيلاء عليها «وضع يد» منذ أكثر من سنة، ولم يستطع استرجاعها.
الأبنية التعليمية
عروس الدلتا تعانى من أزمة المبانى التعليمية المتهالكة، وخصوصًا فى القرى، ولا يقف انهيار الأبنية عند تهالكها فقط وإنما بعضها بلا سياج «سور»، والبعض الآخر يطل على «حظيرة مواشى»، وأوضح محمد الشحات - 52 عاما موظف - مدى معاناة الأطفال فى الحصول على جو ملائم لتلقى العلم، فمعظم القرى لا يوجد بها سوى مدرسة واحدة، وإن أصاب مبناها أى تلف تبقى على ما هى عليه، ففى قريته «تمى الأمديد» مبنى المدرسة متهالك، وشبه مُنهار وتهدد حياة الطلاب كل يوم، علاوة على أن الكثافة فى الفصول عالية جدًا.
واستكمل حسن سعد - عامل - مدرسة أولادى ليس بها سور، وأخشى عليهم من أن يلحق بهم أى أذى سواء من السيارات التى تسير فى الشارع، والموتوسيكلات، أو المواشى التى يتجول بها أصحابها فى الشوارع، وطالب من مسئولى المحافظة أن يولوا اهتماما لمشكلة الأبنية التعليمية فحياة أطفالهم فى خطر.
وأضافت منى الشامى - موظفة - أن مدرسة الأندلس الموجودة بمركز المنصورة يحاصرها الخطر، متسائلة: كيف يمكن وضع «كشك» كهرباء بجوار مدرسة ابتدائى، فقد يودى بحياة واحد من الأطفال فى أى لحظة، وطالب أولياء الأمور من المسئولين تأمين المدارس بصورة أفضل من ما هى عليه الآن.
مصيف جمصة
يذهب إليه معظم أهالى المحافظة لقربه منهم، ولأنه قديمًا كان يتميز بالهدوء، الجمال، والأسعار المناسبة، إلا أن الأهالى عزفت عن الذهاب إليه منذ عدة سنوات نظرًا للحالة السيئة التى وصل إليها، وعبر محمد مجدى - 25 عاما - موظف فى شركة تأمين عن استيائه الشديد من الحالة السيئة التى وصلت إليها جمصة، وتابع: تجد القمامة عائمة على سطح المياه مما يتسبب فى انتشار الأمراض، ولون المياه غامق ومُعكر من كثرة المخلفات الملقاة فيها، وتساءل: كيف للمسئولين ترك مكان هكذا بدلا من تحويله لمنطقة سياحية تضخ أرباحا ومكاسب مالية كثيرة للاقتصاد المصرى بالكامل.
وأضاف ياسين عبدالله - 37 عاما طبيب بشري - أن مدينة جمصة تعانى من نقص الخدمات، والشوارع مُهدمة، والبالوعات ليست مغطاة، ناهيك عن الأسلاك الكهربائية المكشوفة الخارجة من أعمدة الإنارة.